" الدَّلَجُ مُحَرَّكَةً والدَّلْجَةُ بالضّمّ والفَتْحِ : السَّيْرُ مِن أَوَّلِ اللَّيْلِ وقد أَدْلَجُوا " كأَخْرَجُوا . " فإِن سَارُوا مِن آخِرِه فادَّلَجُوا بالتّشديد " من باب الافتعال وهذه التَّفرقةُ قَولُ أَهلِ الُّلغةِ جميعاً إِلاَّ الفارسيَّ إِنه حَكَى أَدْلَجْت وادَّلَجْت لُغتانِ في المَعْنَيَيْنِ جميعاً وإِلى هذا يَنبغِي أَن يُذْهَب في قولِ الشّمَّاخِ الآتي ذِكْرُه وفي الحديث " عليكم بالدُّلْجَة " . قال ابن الأَثير هو سَيْرُ اللَّيْلِ ومنهم من يَجْعَل الإِدْلا اجَ لِلَّيْلِ كلِّه قال : وكأَنَّه المرادُ في هَذَا الحدِيثِ لأَنَّه عَقَّبَه بقولِه " إِن الأَرْضَ تُطْوَى باللَّيْلِ " ولم يُفَرّق بين أَوَّلهِ وآخرِه . قال الأَعشى :
وادِّلاَجٍ بَعْدَ المَنَامِ وتَهْجِي ... رٍ وقُفٍّ وسَبْسَبٍ ورِمَال وقال زُهَيْر :
بَكَرْنَ بُكُوراً وادَّلَجْنَ بِسحْرَةٍ ... فَهُنَّ لِوَادِى الرَّسِّ كالْيَدِ لِلْفَمِ
قال ابنُ دُرُسْتَوَيْهِ : احْتَجَّ بهما أَئمَّةُ اللُّغةِ على اختصاصِ الادِّلاج بسَيْرِ آخرِ الليلِ . انتهى . فبينَ الإِدلاجِ والادِّجِ العُمُومُ والخُصُوص من وَجْهٍ يَشْتَرِكَانِ في مُطْلَقِ سَيْرِ الّليلِ ويَنْفَرِدُ الإِدلاجُ المخفَّفُ بالسّيرِ في أَوَّله وينفرِدُ الادَّلاجُ المشدَّد وبالسّيرِ في آخرِه . وعند بعضِهم أَنّ الإِدْلاج المخفَّفَ أَعمُّ من المشدَّد فمعنى المخفَّفِ عندهم سَيْرُ اللَّيْلِ كلِّه ومعنى المشدَّدِ السَّيْرُ في آخرِه وعليه فبَيْنَهما العُمُومُ المُطلَق إِذ كلّ إِدْلاجٍ بالتخفيف ادِّلاجٌ بالتشديد ولا عَكْسَ وعلى هذا اقتصَر الزُّبَيْدِيّ في مُختصرِ العَين والقاضي عياضٌ في المشارِق وغيرُهما المصنّف ذَهَبَ إِلى ما جرى عليه ثعلبٌ في الفصيح وغيرُه من أَئمَّةِ اللُّغةِ وجعلوه من تحقيقاتِ أَسرارِ العرب . وقال بعضُهم : الإِدْلاج : سيرُ اللّيلِ كلِّه والاسم منه الدُّلْجَة بالضّمّ . وقال ابنُ سِيده : الدَّلْجَة بالفتح والإِسكان : سَيْرُ السَّحَرِ والدَّلْجَةٌ أَيضاً : سَيْرُ اللَّيْلِ كُلِّه والدَّلْجَة والدُّلْجَة بالفتح والضّمّ مع إِسكان اللام والدَّلَجُ والدَّلَجَةُ بالفتح والتحريك فيهما : الساعةُ من آخرِ الليلِ وأَدْلَجوا : سَارُوا مِن آخرِه وادَّلَجُوا : ساروا اللَّيْلَ كُلَّه . وقيل : الدَّلَجُ : اللَّيْلُ كُلُّه من أَوَّلهِ إِلى آخرِه حكاه ثعلبٌ عن أَبي سُليمانَ الأَعْرَابيِّ وقال : أَيَّ ساعةٍ سِرْتَ من أَوّلِ اللّيلِ إِلى آخرِه فقد أَدْلَجْتَ على مِثالِ أَخْرَجْتَ . وأَنكر ابنُ دُرُسْتَوَيهِ التَّفْرِقَةَ من أَصلِهَا وزعمَ أَنَّ معناهما معاً سَيرُ اللّيلِ مُطلقاً دونَ تخصيصٍ بأَوَّلِه أَو آخرِه وغَلَّطَ ثَعلباً في تَخْصيصه المُخفَّفَ بأَوّلِ الّليلِ والمشدَّدَ بآخرِه وقال : بل هُما جميعاً عندنا سيرُ اللّيْلِ في كلِّ وَقتِ من أَوّلِه ووَسَطه وآخرِه وهو إِفْعَال وافْتِعَال من الدَّلَجِ والدَّلَجُ : سَيْرُ الّليلِ بمنزلَة السُّرَى وليس واحدٌ مِن هذين المِثالَيْنِ بدليل على شَىْءٍ من الأَوقَات ولو كان المِثال دَليلاً على الوَقْتِ لكانَ قوْلُ القائلِ الاسْتدْلاَج على الاستفعالِ دَليلاً أَيضاً لِوَقْتٍ آخَرَ وكان الانْدِلاج لوقتٍ آخرَ وهذا كلُّه فاسدٌ . ولكنّ الأَمثلةَ عندَ جَمِيعهم موضوعَةٌ لاختلاف معَانِي الأَفعالِ في أَنْفسنا لاَ لاِختلاف أَوقاتَها . قال : فأَمَّا وَسَطُ الليلِ وآخِرُه وأَوَّلُه وسَحَرُه وقَبْلَ النَّوْمِ وبعْدَه فممّا لا تَدُلُّ عليه الأَفعالُ ولا مصادِرُهَا ولذلك احتاجَ الأَعْشَى إِلى اشتراطه بعدَ المهامِ وزُهَيْرٌ إِلى سَحَرهِ وهذا بمنزلة قولِهم : الإِبْكارُ والابْتِكَارُ والتَّبكيرُ والبُكورُ في أَنَّه كُلَّه العملُ بُكْرَةً ولا يَتَغَيَّرُ الوقتُ بتغْيِيرُ هذه الأَمثلةِ وإِن اخْتفلتْ مَعانِيهَا واحتجاجُهم ببيتِ الأَعشى وزُهَيْرٍ وَهَمٌ وغَلَطٌ وإِنما كلّ واحدٍ من الشاعريْنِ وَصَفَ ما فَعَلَه دونَ ما فَعَلَه غيرُه ولولا أَنّه يكونُ بسُحْرَة وبِغَيْرِ سُحْرَة لما احتاجَ إِلى ذِكرْ سُحْرةٍ فإِنه إِذا كان الادِّلاَجُ بسُحْرَة وبَعْدَ المَنَامِ فقد استغنَى عن تقييده قال : ومما يُوضِّح فَسادَ تَأْوِيلِهم أَنّ العَرَب تُسَمِّى القُنْفُذَ مُدْلِجاً لأَنّه يَدْرُج باللَّيْلِ ويَتَرَدَّدُ فيه لا لأَنه لا يَدْرُج إِلاّ في أَوَّلِ الليل أَو في وَسَطِه أَو في آخِرِه أَو في كُلِّه ولكنّه يَظهَرُ باللَّيلِ في أَيِّ أَوقاتِه احتاجَ إِلى الدُّرُوجِ لِطَلَبِ عَلَفٍ أو ماءٍ أَو غيرِ ذلك قال شيخُنَا قال أَبو جعفر اللَّبْلِىُّ في شَرْح نظمِ الفصيحِ : هذا كلامُ ابنِ دُرُسْتَوَيْهِ في رَدِّ كَلامِ ثَعلبٍ ومَن وافقَه من اللُّغِوييّن . قلت وأَنْشَدُوا لعَلِىٍّ رضى الله عنه
" اصْبِرْ عَلَى السَّيْرِ والإِدْلاجِ فِي السَّحَرِوفِي الرَّوَاحِ عَلَى الحَاجَاتِ والبُكَرِ فجَعَلَ الإِدْلاجَ في السَّحَر ويُنْظَر هذا مع قولِ المُصَنِّف : الإِدْلاجُ في أَوَّلِ اللّيلِ : وأَما قولُ الشَّمَّاخِ :
وتَشْكُو بِعَيْنٍ مَا أَكَلَّ رِكَابَها ... وقيلَ المُنَادِى : أَصْبَحَ القَوْمُ أَدْلِجِىفَتَهَكُّمٌ وتَشنِيعٌ كما يقول القائل : أَصبحْتُم كيفَ تنامون قاله ابنُ قُتَيبةَ . قال شيخُنا : والصَّوَابُ في الفَرْق أَنَّه إِن ثَبَتَ عن العربِ عُموماً أَو خُصوصاً فالعَمَلُ على الثابِت عنهم لأَنّهم أَئمّة اللّسانِ وفُرْسَانُ المَيْدَانِ ولا اعتدادَ بما تَعلَّق بهِ ابنُ دُرُستَوَيْهِ وَمن وافَقَه مِن الأَبحاثِ في الأَمثلة فالبحث فيها ليس من دأْبِ المُحقِّقين كما تَقَرَّرَ في الأُصول وإِن لم يَثْبُتْ ذلك ولا نُقِل عنهم وإِنما تَفقَّه فيه بعضُ النّاظرِين في أَشعارِ العَربِ اعتماداً على هذه الشّواهدِ فلا يُلْتَفَتُ إِلى ذلك ولا يُعْتَدُّ به في هذه المَشاهِدِ . دَلَجَ السَّاقِي يَدْلِجُ ويَدْلُج بالضّمّ دُلُوجاً : أَخذَ الغَرْبَ مِن البِئرِ فجاءَ بها إِلى الحَوْض قال الشاعر :
لَهَا مِرْفَقَانِ أَفْتَلاَنِ كأَنَّمَا ... أُمِرَّا بِسَلْمَىْ دَالِجٍ مُتَشَدِّدِ و " الدَّالِجُ : الّذي " يَتَرَدَّدُ بينَ البِئر والحَوْضِ بالدَّلْوِ يُفْرِغُها فيه قال الشاعر :
" بَانَتْ يَدَاهُ عَنْ مُشَاشِ وَالِجِ
" بَيْنُونَهَ السَّلْمِ بِكَفِّ الدَّالِجِ وقيل : الدَّلْجُ : أَن يَأْخُذَ الدُّلْوَ إِذا خَرَجَتْ فيَذْهَبَ بها حيثُ شاءَ قال :
" لَوْ أَنَّ سَلْمَى أَبْصَرَتْ مَطَلِّى
" تَمْتَحُ أَو تَدْلِجُ أَوْ تُعَلِّى التَّعْلِيَة : أَن يَنْتَأَ بعْضُ الطَّىِّ في أَسفَلِ البِئرِ فيَنْزِلَ رَجلٌ في أَسفلِها فيُعَلِّىَ الدَّلْوَ عن الحَجَرِ النَّاتئِ . وفي الصّحاح : والدّالِجُ : الذي " يَأْخُذُ الدَّلْوَ ويَمْشِى بِها مِنَ رَأْسِ البِئرِ إِلى الحَوْضِ لِيُفَرِّغَها فيه " . " وذلِك المَوْضِعُ مَدْلَجٌ ومَدْلَجَةٌ " ومن سجعاتِ الأَساس : وبَاتَ يَجُولُ بينَ المَدْلَجَةِ والمَنْحَاةِ . المَدْلَجَةُ والمَدْلَجُ : ما بَيْنَ البِئر والحَوْضِ . والمَنْحَاةُ مِنْ البئرِ إِلى مُنْتَهى السانِيَة . قال عَنْتَرَةُ :
كأَنَّ رِمَاحَهُمْ أَشْطَانُ بِئرٍ ... لَهَا فِي كُلِّ مَدْلَجَة خُدُودُ الدَّالِجُ أَيضاً " : الذي يَنْقُلُ اللَّبَنَ إِذا حُلِبَتِ الإِبِلُ إِلى الجِفَانِ وقَدْ دَلَجَ " السَّاقِى يَدْلِجُ ويَدْلُجُ بالضّمٍ " دُلُوجاً " بالضّمّ . " والمُدْلِجُ كمُحْسِنٍ وأَبو مُدْلِجٍ : القُنْفُذُ " لأَنّه يَدْلُج ليلَتَه جَمْعاءَ كما قال :
فَبَاتَ يُقَاسِي لَيْلَ أَنْقَدَ دَائِباً ... ويَحْذَرُ بِالقُفِّ اخْتلاَفَ العُجَاهِنِ وسُمِّىَ القُنْفُذُ مُدْلِجاً لأَنَّه لا يَهْدَأُ باللَّيْلِ سَعْياً قال رُؤبَةُ :
قَوْمٌ إِذَا دَمَسَ الظَّلامُ عَلَيْهُمُ ... حَدَجُوا قَنَافِذَ بِالنَّمِيمَةِ تَمْزَعُ كذا في اللسان . وفي الأَساس : ومن الإِدْلاجِ قيل للقُنْفُذ : أَبو مُدْلجٍ . فلا يُلْتَفَتُ إِلى إِنكار شيخنا وتَمَسُّكِه بكلامِ ابن دُرُسْتَوَيْهِ السابِقِ أَنه مُدْلِجٌ بغير كُنْيَةٍ . " وبَنُو مُدْلِجٍ قَبِيلَةٌ مِن كِنَانَةَ " . في التوشيح : هو مُدْلِجُ بنُ مُرَّةَ بنِ عبْدِ مَنَاةَ بنِ كِنَانَةَ . زاد الجَوْهَريُّ : ومنهم القَافَةُ . قلُت : وكُحَيْلاَتُ بنِى مُدْلِجٍ من أَعْرَقِ الخُيُولِ . المِدْلَجَةُ " كمِكْنَسَة : العُلْبَةُ الكَبِيرَةُ " الّتي " يُنْقَلُ فيها اللَّبَنُ " . المَدْلَجَةُ " كمَرْتَبَةٍ : " كِنَاسُ الوَحْشِ " يَتَّخِذه في أُصولِ الشَّجَر " كالدَّوْلَجِ " والتَّوْلَجِ الأَصْلُ وَوْلُجٌ فقِلبت الواوُ تاءً ثم قُلِبت دَالاً . قال ابنُ سِيده : الدّال فيها بدَلٌ عن التاءِ عند سيبويه والتّاءُ بدلٌ عن الواو عنده أَيضاً قال ابن سيدَه : وإِنما ذكرته في المكانِ لغَلَبةِ الدَّال عليه وأَنه غيرُ مستعملٍ على الأَصل قال جَرِيرٌ :
" مُتَّخِذاً فِي ضَعَوَاتٍ دَوْلَجَاويروى " تَوْلَجَا " وقد سَبق ذِكْرُهّ في حرف التاءِ وفي حديثِ عُمر " أَنّ رَجُلاً أَتاه فقال : لَقِيَتْني امرأَةٌ أُبايِعُها فأَدْخَلْتُها الدَّوْلَجَ " الدَّوْلَجُ : المَخْدَعُ وهو البَيتُ الصغيرُ داخلَ البيتِ الكبيرِ وأَصلُه وَوْلَجٌ وقد جاءَ ذكْرُه في حديث إِسلامِ سَلْمَانَ وقالُوا هو الكِنَاسُ مَأْوَى الظِّبَاءِ . " والدَّلَجَانُ كرَمَضَانَ : الجَرَادُ الكَثِيرُ " . إِنّما هو الدَّيَحَانُ بالمثنَّاة التّحتيّة بدل اللاّم حكاه أَبو حنيفةَ ولعلّهَ تصحَّفَ على المُصنِّف . " ومُدَّلِجٌ كمُطَّلِبٍ ابنُ المِقْدَامِ مُحَدِّثٌ . دُلَيْجٌ " كزُبَيْرٍ و " دَلاَّجٌ مثل " كَتَّانٍ اسْمَانِ " وكذلك دَلْجَةُ ودَلَجَةُ مُسكّناً ومحرَّكاً ودَوْلَجٌ ومُدْلِجٌ أَسماءٌ . " والدَّوْلَجُ : السَّرَبُ " فَوْعَلٌ عن كُراع وتَفْعَلٌ عند سيبويه
ومما يستدرك عليه : الدَّلِيجُ الاسمُ مِن دَلَجَ قال مُلَيْحٌ :
" بِه صُوىً تَهْدِى دَلِيجَ الوَاسِقِ كذا في الصّحاح وفي اللسان . ودَلَجَ بِحِمْلِه يَدْلِجُ دَلْجاً ودَلُوجاً فهو دَلُوجٌ : نَهَضَ به مُثْقَلاً قال أَبو ذُؤَيب :
وذلِكَ مَشْبُوحُ الذِّرَاعَيْنِ خَلْجَمٌ ... خَشُوفٌ بِأَعْرَاضِ الدِّيَار دَلُوجُ وأَبُو دُلَيْجَةَ : كُنْيَةٌ قال أَوْسٌ :
أَبَا دُلَيْجَةَ مَنْ تُوصِى بِأَرْمَلَةٍ ... أَمْ مَنْ لأَشْعَثَ ذِي طِمْرَيْنِ ممْحَالِ ودُلَيْجَانُ قَرْيَةٌ بأَصْبَهَانَ يقال لهُا دُلَيْكَانُ منها أَبو العباس أَحمدُ بن الحُسين بنِ المُظَفَّر . يُعْرَف بالخَطِيب وبنتاه أُمُّ البَدْرِ لامِعَةُ وضَوْءُ الصَّباح وسَمِعتا الحَدِيث وَرَوتاه . وحُبَيْش بنُ دُلَجَةَ كَهُمَزَة أَوّلُ أَميرٍ أَكَلَ على المِنْبر وحديثه مشهورٌ وقُتِل بالرَّبَذَةِ أَيَّامَ ابنِ الزُّبَيْرِ . ودُلَجَةُ بن قَيْسٍ تابعيُّ ذَكَرَهَ ابنُ حِبَّانَ في الثِّقاتِ . والتُّلَجُ كصُرَدٍ : فَرْخُ العُقَابِ أَصْلُه دُلَجٌ وقد تقدم في ت ل ج فراجِعْه . ودَوْلَجُ بالجيم اسمُ امرأَةٍ في رواية الفَرَّاءِ وذَكره المُصَنِّف في الحاءِ المهملة على ضبط ابنِ الأَعرابيّ . ودَلجَةُ محرّكةً قريةٌ بمصر