معَ بفَتْحِ المِيمِ والعَيْنِ : اسمٌ قالَ مُحَمَّدُ بنُ السَّرِيِّ : و الّذِي يَدُلُّ على أنَّه اسمٌ حَرَكَةُ آخِرِه مع تَحَرُّكِ ما قَبْلَه وقَدْ يُسَكَّنُ ويُنَوَّنُ تَقُول : جاءُوا معاً
أو حَرْفُ خَفْضٍ وهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ
أو كَلِمَةٌ تَضُمُّ الشَّيءَ إلى الشَّيءِ وأصْلُهَا مَعاً وهُوَ قُوْلُ الأزْهَرِيِّ
أوْ هِيَ للمُصاحَبَةِ نَقَلَهُ الأزْهَرِيُّ أيْضاً فيَكُونُ اسُماً وأوْرَدَه في المُعْتَلِّ لأنَّ أصْلَها معا وقيلَ : إنَّ معَ المُتَحَرِّكَةَ تَكُونُ اسْماً وحَرْفاً ومَعْ الساكِنَةَ العَيْنِ حَرْفٌ لا غَيْرُ وأنْشَدَ سِيبَويْهِ :
ورِيشي مِنْكُم وهَوَايَ مَعْكُمْ ... وإنْ كانَتْ زِيارَتُكُمْ لِمامَا
وحَكَى الكِسائِيُّ عن رَبِيعَةَ وغَنْمٍ أنَّهُمْ يُسَكِّنُونَ العَيْنَ منْ مَعَ فيَقُولُونَ : مَعْكُم ومَعْنَا قالَ : فإذا جاءَت الألِفُ واللامُ وألفُ الوَصْلِ اخْتَلَفُوا فيها فَبْعضُهم يَفْتَحُ العَيْنَ وبَعْضُهم يَكْسِرُها فيَقُولونَ : معَ القَومِ ومعَ ابنِكَ وبَعْضُهُم يَقُولُ : معِ القَوْمِ ومَعِ ابْنِكَ أما منْ فَتَحَ العَيْنَ معَ الألِفِ واللامِ فإنَّهُ بضناهُ على قَوْلِكَ : كُنّا مَعاً ونَحْنُ معاً فلمّا جَعَلَها حَرْفاً وأخْرَجَها منْ الاسْمِ حَذَفَ الألفَ وتَرَكَ العَيْنَ على فَتْحِها فقالَ : مَعَ القَوْمِ ومَعَ ابْنِكَ قالَ : وهُوَ كَلامُ عامَّةِ العَرَبِ يَعْنِي فَتْحَ العَيْنِ مَعَ الألِفِ واللامِ ومَعَ ألِفِ الوَصْلِ قالَ : وأمّا مَنْ سَكَّنَ فقالَ : مَعْكُم ثُمّ كَسَر عِنْدَ ألِفِ الوَصْلِ فإنَّه أخْرَجَه مُخْرَجَ الأدَوَاتِ مِثْلَ : هَلْ وبَلْ وقَدْ وكَمْ فقالَ : مَعِ القَوْمِ كقَوْلِكَ : كَمِ القَوْمُ ؟ وقَدْ يُنَوَّنُ فيُقَال : جاءُونِي مَعاً
وقالَ الرَّاغِبُ في المُفْرداتِ : مَعَ : يَقْتَضِي الاجْتِماعَ إمّا فِي المَكَانِ نَحْو : هُما مَعاً في الدّارِ أو في الزَّمانِ نحو : وُلِدَا مَعاً أو في المَعْنَى كالمُتَضَايِفَيْنِ نَحْو الأخِ والأبِ فإنَّ أحَدَهُما صارَ أخاً للآخَرِ في حالِ ما صارَ الآخَرُ أخاه وإمّا في الشَّرَفِ والرُّتْبَةِ نَحْو : هُما معاً في العُلُوِّ ويقْتَضِي مَعْنَى النُّصْرَةِ فإنَّ المُضَافَ إليْهِ لَفظُ مَعَ هُو المنْصُورُ نَحْو قَوْلِه عَزَّ وجَلَّ إنَّ اللهَ معَنا وإنَّ مَعِيَ رَبِّي سيَهْدِينِ وإنَّ اللهَ معَ الذينَ اتَّقَوْا ونَظَائِرُ ذلكَ
وقالَ أبو زَيْدٍ : كَلِمَةُ مَعْ قدْ تَكونُ بمعْنَى عِنْدَ تَقُول : جِئْتُ منْ مَعِ القَوْمِ أي : مِنْ عِنْدِهِمْ
قُلْتُ : وقَرَأْتُ في كِتَابِ المُحْتَسب في الشَّواذِّ لابْنِ جَنِّي في سُورَةِ الأنْبِياءِ ما نَصُّ : قِراءَةُ يَحْيَى بنِ يَعْمَر وطَلَحَةَ بن مُصَرِّفٍ هذا ذِكْرٌ منْ مَعِيَ وذِكْرٌ منْ قَبْلي بالتَّنْوينِ في ذِكْرٍ وكَسْرِ المِيمِ منْ مِنْ قالَ : هذا أحَدُ ما يَدُّلُ على أنَّ معَ اسمٌ وهو دُخُولُ مِنْ عَليْهَا حَكى سِيبويْهِ وأبوُ زَيْدٍ ذلكَ عَنْهُم : جِئتُ منْ مَعِهِمْ أي : منْ عِنْدِهم فكأنّه قالَ : هذا ذِكْرٌ من عِنْدِي ومنْ قَبْلِي أي : جِئتُ أنا بهِ كما جاءَ بهِ الأنْبِياءُ منْ قَبْلِي
وتَقولُ : كُنّا مَعاً أي : جَميعاً قالَهُ اللَّيْثُ وقال ابنُ بَرِّيّ : معاً يُسْتَعْمَلُ للاثْنَيْنِ فصاعِداً يُقَالُ : هُمْ مَعاً قِيامٌ وهُنَّ معاً قِيامٌ قالَ أُسامَةُ الهُذَلِيُّ :
فسامُونَا الهِدَانَةَ منْ قَرِيبٍ ... وهُنَّ معاً قِيامٌ كالشُّجُوبِ وقالَ آخرُ :
" لا تُرْتَجَى حينَ تُلاقِي الذّائِدَا
" أسَبْعَةً لاقَتْ مَعاً أم واحِدَا وقالَ ابنُ الأعْرَابِيّ : المعُّ : الذَّوبَانُ
وفي الصِّحاحِ : المَعْمَعُ : المَرْأَةُ الّتِي أمْرُهَا مُجْمَعٌ لا تُعْطِي أحَداً منْ مالِهَا شَيْئاً
وفي كلامِ بَعْضِهِم في صفَةِ النِّسَاءِ : منْهُنَّ مَعْمَعَ لها شَيْؤُها أجْمَع انْتَهَى
قلتُ : هو في حَديثِ أوْفَى بنِ دَلْهَمٍ : النِّسَاءُ أرْبع : فمِنْهُنَّ مَعْمَع لها شَيْؤُها أجْمَع وهِيَ المُسْتَبِدَّةُ بمالِها عَنْ زَوْجِهَا لا تُواسِيهِ منْهُ قالَ ابنُ الأثِيرِ : هكذا فُسِّرَ
وقالَ ابنُ عَبّادٍ : يُقَالُ : هُوَ ذُو مَعْمَعٍ أي : ذو صَبْرٍ على الأُمُورِ ومُزَاوَلَةٍ
والمَعْمَعِيُّ : الرَّجُلُ الّذِي يكُونُ مَعَ منْ غَلَبَ يُقَالُ : مَعْمَعَ الرَّجُلُ : إذا لَمْ يَحْصُلُ على مَذْهَبٍ كأنَّهُ يَقُولُ لكُلِّ : أنا مَعَكَ ومنْهُ قِيلَ لمِثْلِه : رَجُلٌ إمَّعٌ وإمَّعَةٌ وقد تَقَدَّمَ
ودِرْهَمٌ مَعْمَعِيٌّ : كُتِبَ عَلَيْهِ مَعَ معَ نَقَلَه ابنُ بَرِّيّ والصّاغَانِيُّ
والمَعْمَعَانُ : شِدَّةُ الحَرِّ قالَ ذُو الرُّمَّةِ :
حتى إذا مَعْمَعانُ الصَّيْفِ هَبَّ لهُ ... بأجَّةٍ نَشَّ عنْهَا الماءُ والرُّطَبُوالمَعْمَعَانُ : الشَّديدُ الحَرِّ يُقَالُ : يَوْمٌ مَعْمَعَانٌ كالمَعْمَعانِيِّ ولَيْلَةٌ مَعْمَعَانَةٌ و مَعْمَعَانِيَّةٌ كذلك ومنهُ حديثُ ابنِ عُمَرَ أنه كانَ يَتَتَبَّعُ اليَوْمَ المَعْمَعَانِيَّ فيَصُومُه
والمَعْمَعَةُ : صَوْتُ الحَرِيقِ فيُ القَصَبِ ونَحْوِهِ وقيلَ : هُوَ حِكَايَة صَوْتِ لَهَبِ النّارِ إذا شَبَّتْ بالضِّرامِ ومِنْهُ قولُ امْرِئ القَيْسِ :
" كمَعْمَعَةِ السَّعَفِ المُوقَدِ وقالَ كَعْبُ بنُ مالكٍ :
منْ سَرَّهُ ضَرْبٌ يُرَعْبِلُ بَعْضُه ... بَعْضاً كمَعْمَعَةِ الأباءِ المُحْرَقِ
فَلْيأتِ مَأْسَدَةً تُسَنُّ سُيُوفُهَا ... بَيْنَ المَذادِ وبيْنَ جِزْعِ الخَنْدَقِ والمَعْمَعَةُ : السَّيْرُ في شِدَّةِ الحَرِّ وقدْ مَعْمَعُوا
وقال ابنُ الأعْرَابِيّ : المَعْمَعَةُ الدَّمْشَقَةُ وهُوَ العَمَلُ في عَجَلٍ
والمَعْمَعَةُ : الإكْثَارُ منْ قَوْلِ : معْ وقدْ مَعْمَعَ فهُوَ مُمَعْمِعٌ
ويُقَالُ للحَرْبِ والقِتَال : مَعْمَعَةٌ وله مَعْنيانِ : أحَدُهُمَا : صَوْتُ المُقَاتَلَةِ والثّانِي : اسْتِعارُ نارِهَا
وقالَ ابنُ عَبّادٍ : المَعْمَعَةُ : أنْ تَحْلُبَ السَّمَاءُ المَطَرَ على الأرْضِ فتَقْشِرَهَا وذلك إذا كانَ المَطَرُ دُفْعَةً واحِدَةً
وفي الحديثِ : لا تَهْلِكُ أُمَّتِي حتى يَكُونَ بيْنَهُم التَّمَايُلُ والتَّمَايُزُ والمَعامِعُ وهي : شِدَّةُ الحُرُوب والجِدُّ في القِتَالِ و : هَيْجُ الفِتَن والعَظائِم ومَيْلُ بَعْضِ النّاسِ على بَعْضٍ وتَظَالُمُهُمْ وتَمَيُّزُهُم منْ بَعْضٍ وتَحَزُّبُهُم أحْزَاباً لوُقُوعِ العَصَبِيَّةِ والأصْلُ فيهِ مَعْمَعَةُ النّارِ وهِيَ سُرْعَةُ تَلَهُّبِها وهذا مِثْلُ قَوْلِهِمْ : الآنَ حَمِيَ الوَطِيسُ ثُمَّ إنَّ الّذِي ذَكَرَه المُصَنِّف إنَّمَا يَصْلُحُ أنْ يَكُونَ تَفْسِيراً للحَديثِ المَذْكُورِ لا للمَعَامِعِ فقَط فتأمَّلْ
وممّا يُسْتَدْرَكُ عليْهِ : المَعْمَعَةُ : شِدَّةُ الحَرِّ قالَ لَبيدٌ :
" إذا الفَلاةُ أوْحَشَتْ في المَعْمَعَهْ ويومٌ مَعْماعٌ كمَعْمَانِيٍّ قال :