الهَبُّ والهُبُوبُ بالضم : ثَوَرَانُ الرِّيحِ كالهَبِيبِ . في المحكم : هَبَّت الرِّيحُ تَهُبُّ هُبُوباً وهَبِيباً : ثارَتْ وهاجَتْ . وقال ابْن دُرَيْد : هَبَّ هَبّاً وليس بالعَالى في اللغَة يعني : أَنّ المعروفَ إِنّما هو الهُبُوب والهَبِيبُ . قلتُ : فالمُصَنِّفُ قدّمَ غيرَ المعروف على ما هو مستعملٌ معروف . وفي بغية الآمال لأَبي جعفر اللَّبْلِىّ : أَنَّ القِيَاس في فَعَلَ المفتوحِ اللازم المُضَاعَف أَن يكونَ مُضَارِعُهُ بالكسر إِلاّ الأَفعالَ الثّمانيةَ والعشرينَ منها : هَبَّتِ الرِّيحُ . و الهَبّ والهُبُوبُ والهَبِيبُ : الانْتِباهُ مِنَ النَّوْمِ هَبَّ يَهُبُّ . وأَنشد ثعلبٌ :
" فَحَيَّتْ فحياها فهب فحلقت مَعَ النَّجْمِ رُؤْيَا في المَنَامِ كّذُوبُ وأَهَبَّ اللهُ الرِّيحُ وأَهَبَّهُ من نَوْمِه : نَبَّهَهُ وأَهْبَبْتُه أَنا . قال شيخُنَا : هَبَّ من نَوْمِهِ من الأَفعال التّي استعملَها العربُ لازِمَةً كما هو المشهور ومتعدِّيةً أَيضاً يقال : هَبَّ من نَوْمِهِ وهَبَّه غَيْرُهُ ؛ واستدلُّوا لذلك بقوله تعالَى في قراءَةٍ شاذَّةٍ : " قالُوا يا وَيْلَنَا مَنْ هَبَّنا من مَرْقَدِنا " بدل قوله تعالى في المُتواتِرةَ " مَنْ بَعَثَنَا " وقالوا : هَبَّنا معناه : أَيْقَظَنا وَبَعَثَنا وأَنّه يُقَال : هَبَّنا ثُلاثياًّ متعدّياً كأَهَبَّنا رُباعيَّاً والقراءَةُ نقلها البيضاويُّ وغيُره وجعوا الثُلاثَّي والمَزيدَ بمعنىً . ولكنَّ ابْنَ جِنَّى في المُحْتَسب أَنكر هذه القِراءَة وقال : لم أَرَ لهذا أَصْلاً إِلاّ أَن يكونَ على الحذف الإِيصال وأَصلُهُ هَبَّ بِنَا أَي : أَيقظنا . انتهى
وفي الأَساس ريحٌ هابَّةٌ وهَبَّت هُبُوباً وأَهَبَّها الله وأَسْتَهَبَّها . وجعل هَبَّ من نومه : انْتَبَه من المَجَاز
ومنه أَيضاً الهَبُّ : النَّشاطُ ما كانَ . ورَوَى النَّضْرُ بنُ شُمَيْل بإِسناده في حديثٍ رواه عن رَغْبَانَ قال : " لقد رأَيتُ أَصحابَ رسولِ الله صَلَّى الله عليه وسلَّم يَهُبُّون إِلَيْهِما كما يَهُبُّونَ إِلى المكتوبة " يعني : الرَّكْعَتَيْنِ قبل المَغْرِب . أَي : يَنْهَضُوَن إِليهما . قال النَّضْرُ : قولُهُ يَهُبُّونَ . أَي : يَسْعَوْن
وكُلُّ سائرٍ هَبَّ يَهِبّ بالكَسْرِ هَبّاً وهُبُوباً : نَشِطَ
وهُبُوبُه : سُرْعَتُه كالهِبابِ بالكَسْرِ : النَّشاط . وهَبَّتِ النّاقةُ في سَيرها تَهْبُّ بالضَّمّ هِبَاباً : أَسْرَعَت وحكى اللِّحْيَانّي : هَبَّ البعيرُ مثلُه أَي نَشِطَ قال لَبِيدٌ :
فَلَها هِبابٌ في الزِّمامِ كأَنَّها ... صَهْباءُ راحَ مع الجَنُوبِ جَهَامُها وإِنّه لَحَسَنُ الهِبَّة بالكَسْرِ يُرَادُ به الحالُ
الهِبَّةُ : القِطْعَةُ من الثَّوْبِ . والهِبَّة : الخِرْقَةُ . ج هِبَبٌ كعِنَبٍ ؛ قالَ أَبو زُبَيْدٍ :
غَذاهُمَا بِدمَاءِ القَوْمِ إِذْ شَدَنا ... فما يَزالُ لِوَصْلَىْ راكِبٍ يَضَعُ
على جَنَاجِنِهِ من ثَوْبِهِ هببٌ ... وفيه مِن صائكٍ مُسْتَكْرَهٍ دُفَعُ يَصِفُ أَسداً أَتي لِشِبْلَيْهِ بوَصْلَىْ راكبٍ والوَصْلُ : كلُّ مَفْصِل تامٍّ مثْل مَفْصِلِ العَجُزِ من الظَّهْر . والهاءُ في " جَنَاجِنِه " تعودُ إِلى الأَسد ؛ وفي " ثوبهِ " إِلى الرّاكب . ويَضَعُ : يَعْدُو . والصّائِكُ : اللاّصِقُ . من المَجَاز : الهِبَّةُ : مَضاءُ السَّيْفِ في الضَّرِيبَةِ وهِزَّتُهُ . وفي الصَّحاح : هَزَزْتُ السَّيْفَ والرُّمْحَ فهَبَّ هَبَّةً ؛ وهَبَّتُهُ : هِزَّتُهُ ومَضَاؤُه في الضَّرِيبَة . وحَكى اللِّحْيَانيُّ : اتَّقِ هَبَّةَ السَّيْفِ وهِبَّتَه
وسيف ذو هَبَّةٍ : أَي مضاءٍ في الضَّرِيبة ؛ قال :
جلا القَطْرُ عن أَطْلالِ سَلْمَى كأَنَّما ... جَلا القَيْنُ عن ذي هَبَّةٍ داثِرَ الغِمْدِ وإِنَّهُ لَذُو هَبَّةِ : إِذا كانت له وقعة شديدة
الهِبَّةُ أَيضاً : السّاعَةُ تَبْقَى من السَّحَرِ رواه الجوهريُّ عن الأَصمعيّمن المجاز : عِشنا بذلك هِبَّةً وهي الحِقْبَةُ من الدَّهْرِ كما يقال : سَبَّةً كذا في الصَّحاح وهو المَرْوِيُّ عن أَبي زيدٍ ويُفْتَحُ فِيهِما أَي في اللَّذَيْن ذُكِرَا قريباً . وهذا غيرُ مشهورٍ عندَ أَئمّةِ اللُّغَة وإِنّما الوَجْهَانِ في الهّبَّة بمعنى هَزِّ السَّيْف ومَضائِهِ كما أَسلفناه آنِفاً . وأَمّا ما عداه فلم يُذْكَرْ فيه إِلاّ الكسرُ فقط
وهَبَّهُ السَّيْفُ يَهُبّ هَبًّا وهَبًّةً بالفتح وهِبَّةً بالكسر . وهذا كلامه يؤيّد ما قلناه . وعن شَمِر : هَبَّ السَّيْفُ وأَهْبَبْتُ السَّيفَ : إِذا هَزَزْتَهُ فاهْتَبَّهُ وهَبَّهُ أَي : قَطَعَهُ . و من المَجَاز : الهِبَّةُ بالكسر : هيِاجُ الفَحْلِ
وهَبَّ التَّيْسُ يَهِبُ بالكسر وعليه أَقتصر الجَوْهَرِيُّ وهو القياس ويَهُبُّ بالضَّمِّ شُذُوذاً وهو غيرُ معروفٍ في دَواوينِ اللُّغَة ولكنّا أَسلفنا النّقل عن أَبي جعفرٍ اللَّبْلِيّ أَنّه من جملة الأَفعال الثّمانية والعِشْرِين وبه صرَّحَ ابْنُ مالك . ثمّ رأَيْتُ الصّاغانيَّ نقله عن الفَرَّاءِ . فقولُ شيخِنا : في كلام المصنف نَظَرٌ لا يخلُو من تَأَمُّلٍ . هَبِيباً وهِبَاباً وهِبَّةً بالكسر فيهما : هاجَ و نَبَّ لِلسِّفادِ كاهْتَبَّ وهَبْهَبَ . وقيلَ : الهَبْهَبَةُ : صوتُهُ عندَ السِّفاد . وفي المحكم : وهَبَّ الفَحْلُ من الإِبِل وغيرِها يَهِبُّ هبَاباً وهَبِيباً واهْتَبَّ : أَرادَ السِّفادَ
وهَبَّ السَّيْفُ يَهُبُّ هَبَّةً وهَباًّ اَهْتَزَّ . الأَخيرَةُ عن أَبي زيد . وأَهَبَّهُ : هَزَّهُ . عن اللّحيانيّ . وقال الأَزهريّ : السَّيْفُ يَهُبُّ إِذا هُزَّ هَبَّةً . وقد تقدَّمَ
ومن المَجَاز يقال : هَبَّ فُلانٌ حيناً ثمّ قَدمَ أَي غابَ دَهْراً ثمّ قَدمَ وهذا عن يُونُسَ . وناسٌ . وناس يقولون غابَ فلانٌ ثم هَبَّ وهو أَشْبَه قال الأَزهريّ : وكأَنّ الّذِي حُكِيَ عن يُونُسَ أَصلُه من هَبَّة الدَّهْرِ . قال ابن الأَعْرَابيّ : هُبَّ بالضَّمّ : إِذا نُبِّهَ وهَبَّ بالفتح في الحَرْبِ : إِذا انْهَزَمَومن المجاز : هَبَّ فلانٌ يَفْعَلُ كذا : كما تقولُ : طَفِقَ يَفعَلُ كذا . و وقع في بعض الأَحاديثِ " هَبَّ التَّيْسُ " أَي : هاجَ للسِّفادِ وقد تقدَّم . وهَبَبْتُ بِهِ : دَعَوْتُهُ لِيَنْزَوَ فَتَهَبْهَبَ : تَزَعْزَعَ وقَوْلُ الجَوْهَرِيُّ : هَبَبْتُهُ خَطَأَ . والّذي نقله المصنّف عن الصَّحاح هو الصَّحِيح ؛ ونَصُّه : هَبَبْتُهُ لأَهَبَبْتُ به و النُّسْخة الَّتِي نقلت منها هي بخطّ ياقوت صاحبِ المُعْجَم موثوقٌ بها ؛ لأَنَّها قُوبِلتْ على نسخة أَبي زَكَرِيّا التِّبْرِيزِىّ وأَبِي سَهْل الهَروِيّ . فقول شيخِنا : فيه نَظرٌ دلَّ على أَنّ كلامَهُ هو الخطأَ . فإِنّ هذا اللَّفظَ لم يَثْبُتْ في الصَّحاح ولا قاله الجوهريُّ وكأَنّ نُسخَتَهُ مُحرَّفةٌ فَبنَي على التَّحريف وخَطَّأَ بِناءً على التَّوْهِيم والجوهريّ هو العالم العَرِيف باَنواع التَّصْرِيف فإِنّه إِنَّما قال : هَبْهَبْته بهاءَيْنَ وباءَيْن وهو الصَّواب انتهى مَحَلُّ تَأَمُّلٍ ونَظَرٍ . فإِنّ الصَّحيحَ ما ذكرناه منقولاً على أَنِّي رأَيتُ الصّاغانيَّ حَّددَ سَهْمَ مَلامهِ على الجَوْهَرِيَّ ونقل عنه مثلَ ما ذهبَ إليه شيخُنا : وهَبْهبْته : دَعَوته هكذا في التكملة . والعجب من كلام شيخنا فيما بعد ما نَصُّه فالمصنف رمه الله تعالى زنّى فحدَّ . وإِلا فنسخنا المصححَة وغيرُها من نُسَخٍ راجعناها كثيرة كُلّها خالية عن دعواه انتهى وحَقيقٌ أَن ينشَد : فَكَمْ من عائِبٍ قولاً صَحيحاً وآفَتُه من النُّسَخِ العَّقيِمَهْ والهَبْهَبَة : السُّرْعةُ . و : تَرقْرُقُ السَّرَابِ أَي : لمعانُهُ وقد هبْهَبَ هَبْهَبَةْ . الهَبْهَبَة : الزجْرُ والفِعْلُ منه : هَبْ هبْ وبعضُهُم خَصَّهُ بالخَيْل وسيأَتي في : هاب وهو في روض السُّهيْليّ الّذي استدركه شيخنا ناقلاً عنه . وفي لسان العرب : وهَبْهَبَ : إِذا زَجَرَ فكيف يَدَّعى أَنّ المصنِّف غَفَلَ عنه تقصيراً ؟ يا لله لِلْعَجَبِ . الهَبْهَبْةُ : الانْتِبَاهُ من النَّوْم . الهَهَبَةُ : الذَّبْحُ يقال : هَبْهَبَ إِذا ذَبَحَ والهَبْهَبِيُّ : الرَّجَلَ الحَسَنُ الحُدّأَءِ . وهو أَيضاً : الحسَنُ الخِدْمَةِ وكُل مُحْسِنِ مهْنَةٍ : هَبْهَبِيُّ , وخصَّ بعضُهم به الطَّبّاخَ والشَّوَّاءَ . عن ابنِ الأَعْرَابِيَّ : الهْهَبِيُّ : القَصّاب وكذلك الفَعْفَعِيّ
الهَبْهَبِيُّ : السَّرِيعُ والاسمُ الهَبْهَبَةُ وتقدّم كالهَبْهَبِ والهَبْهَابِ بالفتحِ فيهما . الهَبْهَبِيُّ : الجَمَلُ الخَفيفُ وهي بهاءٍ يقال : ناقةٌ هَبهْبِيَّةٌ : سريعةٌ خَفِيفةٌ ؛ قال ابْنُ أَحْمَرَ :
تَمَاثِيلَ قِرطاسٍ علَى هَبْهَبِيَّةٍ ... نَضَا الكُورُ عن لَحْمٍ لها مُتَخَدِّدِ أَراد بالتّمَاثيل : كُتُباً يَكْتُبُونَها كذا في لسان العرب . في الصحاح : الهَبْهَبِيُّ : رَاعِي الغَنَمِ واقتَصر على ذلك أَوْ تَيْسُها وقد قدّمه ابْنُ منظور وأَنشد :
كَأَنَّهُ هَبْهَبِيٌّ نامَ عن غَنَمٍ ... مُسْتَأْوِرٌ في سَوادِ اللَّيْلِ مَذْؤَوبُوالهَبْهَابُ : الصَّيَّاحُ كَكَتَّان . الهَبْهابُ : اسْمٌ من أَسماءِ السَّرابِ وفي المحكم : الهَبْهَابُ : السَّرَابُ . وهَبْهَبَ السَّرابُ هَبْهَبَةً : إِذا تَرَقرقَ الهَبْهابُ : لُعْبَةٌ للصِّبْيانِ أَي لِصِبْيَانِ الأَعْرَابِ يُسَمُّونَها الهَبْاب . والهَبهَابُ كسَحَاب : الهَبَاءُ نقله الصَّاغانيّ . وتَهَبْهَبَ التَّيْسُ : إِذا تَزَعْزَعَ وقد تقدَّم أَنَّه مطاوعُ : هَبْهَبَ به . ذكرهُ الجوهريُّ وغيرُهُ . من المَجَاز : تَهَبَّبَ الثَّوْبُ : بَلِيَ . في الصَّحِاح : عن الأَصمعيّ يقالُ : ثَوْبٌ هَبايِبُ وخَبَايِبُ أَي : بلا همز وأْهَبابٌ وهِبَبٌ أَي : مُتَخَرِّق مُتَقَطِّعُ . وقد تَهَبَّبَ . وهُبَيْبٌ كزُبَيْرٍ ابنُ مَعْقِل هكذا في نسختنا بالميم والعين والقاف صَحَابِيٌّ له حديثٌ في خَبَرِ الإِزار . قلتُ : وهو حديثُ ابْن لَهيعَةَ عَنْ زَيْدِ بن أَبي حَبِيب : أَنَّ أَسْلَمَ أَبا عِمْرَانَ أَخبره عن هُبَيْب : وضبط ابْنُ فَهْدٍ والِدهُ مُغْفِل كمُحْسِن قال : لأَنّه أَغْفَلَ سمَةَ إِبلِهِ ونُسِبُ إِليه وادي هُبيْبٍ بِطَريِقِ الإِسكندَرِيَّةِ من جهة المَغْرِب نقله الصّاغانيّ . من المِجِاز تَيْسٌ مِهْبَابٌ أَي : كَثِيرُ النَّبِيبِ لِلسِّفادِ . وزاد في لسان العرب : وكذلك تَيْسٌ مهببٌ أَي : كمعظم . في الصَّحِاح : وهَبَّت الرِّيحُ هُبُوباً وهَبِيباَ : أَي هاجَتْ . والهَبِيبُ والهَبُوبُ والهَبُوبَةُ : الرِّيحُ المُثِيرَةُ لِلْغَبَرَةِ وتقولُ من ذلك : مِنْ أَيْنَ هَبَبْتَ يا فُلانُ ؟ كأَنّك قُلْتَ : مِنْ أيْنَ جِئْتَ ؟ ومن أَيْنَ انتَهيت لنا ؟ من قول يُونُسِ المتقدِّمِ ذِكرُهُ قولُهم : أَيْنَ هَبِبْتَ حَنَّا بالكَسْر : أَي أَينَ غِبْت عَنّا ؟ ثمّ إنَّ الذي في نسختنا : هببت حنا بالحاءِ المهملة بدل العين هو بعينه نَصُّ يُونُسَ . ورَأَيْته هبَّةً أَي : مَرَّةً واحدةً في العَمْر . وفي الحديث أَنّه قال لاِمْرأَةِ رِفاعَةَ " : " لا حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتهُ . قالت : فإِنَّه قد جاءَنِي هَبَّةً " أَي : مَرَّةً واحِدةً من هِبابِ الفحْلِ وهو سِفادُهُ . وقيل أَرادت بالهَبَّةِ الوَقْعَةَ من قولهم احْذرْ هَبَّةَ السَّيْفِ أَي وَقعتَه . هَبَّ السَّيْفُ . واهْتَبَّهُ : قَطَعَهُ . قد تَهَبَّبَ الثَّوْبُ . وهبَّبَهُ : خَرَّقَهُ عن ابْن الأَعْرَابيّ وأَنشد :
كَأَنَّ في قَميصهِ المُهَّبَّبِ ... أَشْهَبَ من ماءِ الحَدِيد الأَشْهَبِ ولا يَخفى أَنَّه لو ذكرهما في أَوَّل المادَّة في محلِّهما كان حسناً لطريقته . والهَبْهَبُ كجَعْفَر : الذِّئْبُ الخَفيفُ السَّرِيعُ وقد جاءِ في قول الأَخْطَل :
" على أَنَّها تَهْدِي المَطِيَّ إِذا عَوَيمن اللَّيْلِ مَمْشُوقُ الذِّراعَيْنِ هَبْهَبٌ وممّا يُستدرك عليه : هَبَّ النَّجْمُ إذا طَلَعَ وفي الحديث " إنَّ في جَهَنَّمَ وادياً يُقَالُ لَهُ هَبْهَبٌ يَسْكُنُه الجَبّارُونّ " . والهَبْهَبِيُّ : الطَّبّاخُ والشَّوّاءُ وقد تَقدَّم . وهُي : من هُبُوب الرِّيحِ هكذا في نوادر ثعلب وهو ليس بثَبتٍ
الهَيْبَةُ : الإجلالُ والمخافَةُ وعن ابنِ سِيدهْ : الهَيْبَةُ : التَّقِيَّةُ من كلَّ شيءٍ كالمَهابةِ . وقد هابَهُ يهابُهُ كخافَهُ يخافُهُ هَيْباً وهَيْبَةً ومهابَةً : خافَهُ وراعَهُ كاهْتابَهُ قال :
ومرْقَبٍ تَسْكُنُ العِقْبانُ قُلَّتَهُ ... أشْرَفْتُهُ مُسْفِراً والشَّمْسُ مُهْتابَهْ
وفي كتاب الأفعال : هابَه من باب تَعِبَ : حذِرَه ويُقال : هابَه يَهيبُه نقله الفيُّوميّ في المصباح . ونقل شيخُنا عن ابنِ قَيِّم الجَوْزِيَّةِ في الفرْق بين المَهابة و الكبْرِ ما نصُّه : إنّ المَهابةَ أثرُ امتلاءِ القلبِ بمهابةِ الرَّبّ ومحبَّته وإذا امتلأ بذلك حلَّ فيه النُّورُ ولَبِس رداءَ الهَيْبة فاكتسى وجهُهُ الحلاوةَ والمَهابَةَ فحنَّتْ إليه الأفْئدةُ وقرَّتْ بها العُيونُ . وأمّا الكِبْرُ فهو أثرُ العُجْبِ في قلْبٍ مملوءٍ جهلاً وظُلُمات رانَ عليه المَقْتُ فنَظَرُه شَزْرٌ ومِشْيتُهُ تَبخْتُرٌ لا يبْدأ بسلام ولا يَرى لأحدٍ حقاً عليه ويَرى حَقَّه على جميع الأنامِ فلا يزدادُ من اللهِ إلاّ بُعْداً ولا من النّاس إلا حَقاراً وبُغْضاً . انتهى . وهو هائِبٌ وهو أصلُ الوصْف . والأمْر فيه : هَبْ بفتح الهاءِ لأنّ الأصل فيه : هابْ سقطت الألفُ لاجتماع السّاكنَيْن . وإذا أخبرتَ عن نفسك قُلْتَ : هِبْتُ وأصلهُ : هَيِبْتُ بكسر الياءِ فلما سُكِّنت سقطت لاجتماع السّاكنين ونُقِلَتْ كسرتُها إلى ما قَبْلَها . فقِسْ عليه كذا في الصّحاح . رَجُلٌ هَيوبٌ كصَبورٍ : هو وما بَعْدَهُ يأتي للمُبالَغَة وفي حديثِ عُبَيْدِ بنِ عُميْر : " الإيمانُ هَيوبٌ " إي يُهابُ أهلُه فَعُولٌ بمعنى مفعول وهو مَجاز على ما في الأساس والنّاسُ يَهابون أهل الإيمان لأنّهم يَهابون الله ويخَافونَهُ . وقيلَ : هو فَعُولٌ بمعنى فاعلٍ أي : أنَّ المؤمنَ يَهابُ الذُّنوبَ و المَعاصِيَ فيَتَّقيها . ويُقالُ : هَبِ النّاسَ يَهابوكَ أي : وَقِّرْهُم يُوَقِّروكَ . وقد ذكر الوجْهينِ الأزهريُّ وغيرُه وهَيَّابٌ كشَدَّادٍ وهَيِّبٌ كسيّد وجُوِّز في التَّخفيف كبين وهيْبانٌ كشَيْبان وهَيِّبانٌ بكَسْرِ المُشَدَّدة مع فَتْحِها هكذا في النُّسَخ الصَّحيحة وسقط من بعضها وهَيَّابَةٌ بزيادة الهاءِ لتأْكيد المُبالغة كما في : عَلاّمة كُلُّ ذلك بمعنى يَخافٌ النّاسَ زاد في اللّسان : وهَيُّوبَةٌ . رجلٌ مَهوبٌ وكذلك مَكانٌ مَهوبٌ ويأْتي للمصنِّف رجل مَهيبٌ كَمَقيلِ وهَيوبٌ كصَبورٍ وهَيْبانٌ كَشَيْبان : إذا كان يَخافُه النّاسُ أمّا هَيُوب فقد يكونُ الهائبَ وقد يكون المّهِيب . ومَهِيبٌ واردٌ على القياس كَمَبيع . وأمّا هَيْبَان فلم يَذْكُرْهُ الجوهريُّ وبالغَ في إِنكاره شيخُنا وهو منه عجيبٌ فإنَّهُ قال ثعلب : الهَيَّبَانُ : الذي يُهابُ فإِذا كان ذلك كان الهَيَّبَان في مَعْنَى المفعول ونقله ابن منظورٍ وغيرُهُ فكيف يسوغُ لشيخنا الإنكارُ واللهُ حليمٌ سَتّار ؟ : و تَهَيَّبَني الشَّيءُ : بمعنى تَهَيَّبْتُه أنا . قال ابن سِيدُه : تَهَيَّبَني الشَّيْءُ وتَهَيَّبْتُهُ : خِفْتُهُ وخَوَّفَني ؛ قال ابن مُقْبِلٍ :
وما تَهَيَّبُني المَوْماةُ أرْكَبُها ... إذا تَجاوَبَتِ الأصْداءُ بالسَّحَرِ قال ثعلب : أي لا أتَهَيَّبُها أنا فنقل الفِعْلَ إليْها . وقال الجَرْمِيّ : لا تَهيَّبُني المَوْماةُ أي : لا تَمْلأُني مَهابَةً . والهَيَّبانُ مُشَدَّدَةً أي ياؤُه مع فَتْحِها كما نقله أقوامٌ عن سِيبَوَيْهِ في الصَّحيح وهو الذي في نسختنا ونَقَل قومٌ الكسرَ : الكَثيرُ من كُلِّ شَيْءٍ . الهَيَّبانُ : الجَبانُ المُتَهَيِّبُ الذي يَهابُ النّاس كالهَيوبِ . ورجلٌ هَيوبٌ : يَهابُ من كلِّ شيءٍ . قال الجَرْميّ : هو فَيْعَلان بفتح العين وضَبْطِ الجَوهَريِّ بِكَسْرها . وقال بعضُ العلماءِ : لا يجوز في الكسرُ لأنَّ فَيْعلان لم يجيء في الصَّحيح وإنّما جاء في فَيْعَلان كقَيْقَبَان . والوجْهُ أن يُقاسَ المُعْتَلّ بالصّحيح . قال شيخنا : هو قِياسٌ غيرُ صحيح ولا يُعْرفُ الفتحُ في المعتلِّ كما لا يُعرَفُ الكسر في الصَّحيح إلاّ في نَوادِرَ . الهَيَّبانُ : التَّيْسُ نقله الصّاغانيُّ . قيل : الهَيَّبانُ : الخَفيفُ النَّحِزُ . الهَيَّبانُ : الرّاعي عن السِّيرافيّ . الهَيَّبانُ : التُّرابُ أنشدَ :
أَكُلَّ يَوْمِ شعِرٌ مُسْتَحْدَثُ ... نحنُ إذاً في الهَيَّبانٍ نَبْحَثُالهَيَّبانُ : زَبَدُ أفْواهِ الإبِلِ . وفي سِفْر السّعادة : الزَّبَد الذي يَخرجُ من فَمِ البعيرِ ويسَمّى اللُّغامَ . وفي المُجْمَل : هو لُغامُ البعيرِ وأنشد الأزْهَرِيُّ لذي الرُّمَّةِ :
تَمُجُّ اللُّغامَ الهَيَّبانَ كَأَنَّهُ ... جَنى عُشَرٍ تَنْفيهِ أشداقُها الهُدْلُ وجَنى العُشَر يَخرُجُ مثلُ رُمّانةٍ صغيرةٍ فيَنْشَقُّ عن مثل القَزِّ شَبَّهَ لُغامَها به . والبَوادي يجعلونه حُرَّاقاً يُوقِدونَ به النّار كذا في اللّسان . هَيَّبانُ : صَحابِيٌّ أسْلَمِيٌّ يُرْوى عن ابنه عبدِ اللهِ عنهُ في الصَّدَقة كذا في المعجم . هكذا يقوله أهلُ اللُّغَة وقد يُخَفَّفُ وهو قولُ المُحَدِّثينُ . وقد يُقالُ هَيَّفانُ بالفاءِ وهو قولُ بعضهم أيضاً . من المَجاز المَهيبُ كمبيع والمَهوبُ والمُتَهَيَّبُ بتشديد الياءِ المفتوحة : الأَسدُ لٍما يَهابُه النّاسُ . من المجازِ أيضاّ : الهَابُ : الحَيَّةُ . الهابُ : زَجْرُ الإبِلِ عندَ السَّوْقِ بِهابْ هابْ وقد أهابَ بِها الرَّجُلُ : زَجَرَها وأهابَ بالخَيْل : دَعاها أو زَجَرها بِهابْ أو بِهَبْ الأخيرُ مَرَّتِ الإشارةُ إليه في هبّ . وقال الجوهَريُّ : أهابَ بالبعير وأنشد لِطَرَفَةَ :
تَريعُ إلى صَوْتِ المُهيبِ وتَتَّقي ... بذي خُصَل رَوْعاتِ أكْلَفَ مُلْبِدِ تَريعُ : أي تَرْجِعُ وتعودُ . وذي خُصَل أي ذَنَبٍ ذي خُصَل . ورَوْعات : فَزَعات . والأكْلَفُ : الفَحْلُ والمُلْبِد : صِفَتُه . يقال في زجْر الخيلِ : هَبي أي : أقْبِلي وأقْدِمي وهَلاً : أي قَرِّبي . قال الكميت :
نُعَلِّمُها هَبي وهَلاً وأرْحِبْ ... وفي أبْياتِنا ولنا افْتُليِنَا وقال الأعْشَى :
" ويَكْثُرُ فيها هَبِي واضْرَحِي قال الأزْهَريّ : وسمعتُ عُقُيْلِيَّا يقولُ لأَمَةٍ كانت تَرْعى رَوائد خيلٍ فجَفَلَتْ في يومٍ عاصفٍ فقال لها : ألا وأهيبي بها تَرِعْ إليكِ . فجَعَلَ دُعاءَ الخيل إهابَةً أيضاً قال : وأما هابِ فلم أسمَعْهُ إلا في الخَيْل دونَ الإِبِل . وأنشد بعضهم :
" والزَّجْرُ هابِ وهَلاً تَرَهَّبُهْ ومَكانٌ مَهَابٌ بالفَتْح ومَهوبٌ كقولك : رجلٌ مَهُوبٌ وقد تقدمتِ الإشارةُ إليه ولو ذُكِرا في محلٍّ واحِدٍ كان أرْعى لصَنْعَتِه ولكن لمّا قرَنَه بمَهابِ اقتضى الحالُ تأْخيرَه أي : مَهولٌ يُهابُ فيهِ وعلى الأول قولُ أُمَيةَ بنِ أبي عائذٍ الهُذلِيّ :
ألا يا لَقَوْمِ لِطَيْفِ الخَيالِ ... أَرَّقَ من نازِحٍ ذي دَلالِ
أجازَ إِلَيْنا على بُعْدِهِ ... مَهاوِيَ خَرْقٍ مَهابٍ مَهالِ قال ابنُ بَرّيّ : مَهابٌ : مَوضعُ هَيْبةِ . ومَهالٌ : مَوْضع هَوْلٍ . المَهاوِي : جمعُ مَهْوىً ومَهْوَاة لِما بَيْن الجَبَلَيْنِ ونحوهما . قلت : وهكذا في شرح ديوان الهُذَلِيّينَ لابن السُّكّرِيّ . وفي الصّحاح : رَجلٌ مهُوبٌ ومَكانٌ مُهوبٌ : بُنِيَ على قَوْلِهِم هُوبَ الرَّجُلُ حَيْثُ نَقلوا من الياءِ إلى الواوِ فيهما كذا في النُّسَخ وكأنَّه يعني مَهَاباً ومَهُوباً . والذي في الصّحاح : لمّا نُقِلَ من الياءِ إلى الواو فيهما لم يُسمَّ فاعِلُه ؛ وأنشد الكِسائيُّ :
ويَأْوي إلى زُغْب مَساكينَ دُونَهُمْ ... فَلاً لا تَخَطّاهُ الرِّفاقُ مهُوبُ قال ابنُ بَرِّي : صوابُ إنشادِه : وتَأْوي بالتّاءِ ؛ لأنه يَصفُ قَطاةً ووجدتُ في هامش النُّسخة ما نَصُّه : هو حُمَيْدُ بن ثَوْرٍ والمشهور في شعره :
" تَعيثُ بهِ زُغْباً مَساكينَ دونَهُمْوهذا الشّيءُ مَهْيَبَةٌ لك . وهَيَّبْتُه إلَيْهِ : إذا جَعَلْته مَهيباً عِنْدَهُ أي : مما يُهابُ منه . وهَيَّبْتُه إليهِ : إذا جَعَلْته مَهيباً عَنْدَهُ أي : مما يُهابُ منه . وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه : هابَهُ يَهابُه : إذا وَقَّرَهُ وإذا عَظَّمَهُ . والهَيبانُ : رَجُلٌ من أهلِ الشّامِ عالِمٌ بسَبَبِهِ أسْلَمَ بنو سعيةَ قاله شيخُنا . ومن المجاز : أهابَ بصاحِبه : إذا دَعاهُ وملُه : أهَبْتُ به إلى الخَيْر وأصلُه في الإبِل . وهو في تهذيب ابن القَطَّاع . وفي حديث الدُّعاءِ : " وقَوَّيْتني على ما أهَبْتَ بي إليه من طاعتِك " ومنه حديثُ ابنِ الزُّبَيْرِ في بِناءِ الكعبةِ : " وأهابَ الناسَ إلى بَطْحِه " أي : دَعاهُمْ إلى تَسويَته . وأهابَ الرَّاعي بغَنَمِه : صاحَ لِتَقِفَ أو لِتَرْجِعَ وذا في الصَحاح . والإهابَةُ : الصَّوْتُ بالإبِل ودُعاؤُها كذلك قال الأصمعيُّ وغيرُهُ ومنه قولُ ابن أحْمَرَ :
إِخالُها سَمِعَتْ عَزْفاً فتَحْسَبُهُ ... إهابةَ القَسْرِ لَيْلاً حينَ تَنْتَشِرُ وقَسْرٌ : اسمُ راعي إبلِ ابن أحْمَرَ قائلِ هذا الشِّعْرِ وسيأتي في الراءِ . وهابُ : قَلْعَةٌ عظيمة من العَواصِم . كذا في المُعْجم . وبئرُ الهابِ : بالحَرَّةِ ظاهِر المَدينةِ المُنَوَّرةِ بَصَق فيه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وقال الفَرّاءُ : هو يَخيبُ ويَهيِبُ : لُغَةٌ مُنْكَرة إلا أنْ تكونَ إتْباعاً كما نقله الصاغانيُّ
فصل الياء