هذَبَهُ يَهْذِبُه هَذْباً قَطَعهُ كَهَدبَهُ بالدّال الُمهْملة ولم يذكُرْه ابْنُ منظور والجوْهَرِيُّ وهو في الأَساس هَذَبَه : نَقَّاهُ في الصَّحِاح : التَّهْذيبُ كالتَّنقية وأَخْلَصَهُ وقيل : أَصْلَحَهُ هذَبَهُ يَهْذِبُهُ هَذْباً كهَذَّبَهُ تَهذيباً . هَذَبَ النَّخْلَةَ : نَقَّيَ عَنْها اللِّيفِ . قال شيخُنا نقلاً عن أَهل الاشتقاق : أَصلُ التَّهْذيبِ والهَذْبِ : تَنْقيَةُ الأَشجارِ بقَطْع الأَطراف لتَزيدَ نُمُوّاً وحُسْناً ثمّ استعملوه في تنقيةِ كلّ شَيٍّ وإِصلاحه وتخليصه من الشّوَائب حتَّى صار حقيقةً عُرْفيَّةً في ذلك ثُمّ استعملوه في تَنْقيحِ الشِّعْرِ وتَزْيينه وتَخْلِيصه ممّا يَشينُهُ عندَ الفُصَحاء وأَهْل اللِّسَان . انتهى . قلتُ . والصحيح ما في اللِّسَان : أَنّ أَصلَ التَّهْذيب تنقيةُ الحنظَل من شَحْمه ومعَالَجَةُ حَبِّه حتى تَذهَبَ مَرارتُه ويَطيبَ ؛ ومنه قولُ أَوْس :
أَلَمْ تَرَيا إِذْ جِئتُمَا أَنَّ لَحْمَها ... بهِ طَعْمُ شَرْيٍ لَمْ يُهّذَّبْ وحَنْظَلِ
هَذَبَ الشَّيْءُ يَهْذِبُ هَذْباً : سالَ هَذَبَ الرَّجُلُ في مَشْيِه وغَيْرُهُ كالفَرَس في عَدْوِه والطَّائر في طَيرانه يَهْذِبُ هَذْباً بفتح فسكون وهَذَابَةً كسَحابَة : أَسْرَعَ كأَهْذَبَ إِهْذَاباً وهَذَّبَ تَهْذِيباً كلّ ذلك في الإِسْرَاع . وفي حديث سرِيَّة عبد الله بْنِ جَحْش : " إِنِّي أَخْشّي عليكم الطَّلَبَ فهَذِّبُوا " أَي : أَسْرعُوا السَّيْرِ وفي حديث أَبي ذَرٍّ : " فجَعَلَ يُهْذبُ الرُّكُوعَ " أَي : يُسْرِعُ فيه ويُتَابعُهُ . أَمّا قولُه : هاذَبَ فقد حكاه يعقوبُ قالَ : الطَّيْرُ يُهاذِبُ في طَيَرانه : أَي يَمُرُّ مَرّاً سريعاً ؛ وهكذا أَنشدَ بيتَ أَبي خِراش :
يُبادِرُ جَنْحَ اللَّيْلِ فهْوَ مُهاذِبٌ ... يَحُثُّ الجَنَاحَ بالتَّبَسُّط والقَبْضِ والَّذي قرأَتُ في ديوانه شعره : فهو مُهابِذٌ . قال لي الأَصمعيُّ : سَمِعْتُ ابْنَ أَبي طَرَفة يُنْشِدُ : مُهابِذٌ وإِنَّما أَرادَ : مُهاذبُ فَقَلَبَهُ فقال : مُهابِذٌ يُقال : هاذبَ يُهاذِبُ إِذا عدا عَدْواً شديداً . وقد سَمعْتُ غيرَه يقول : مُهابِذٌ أَي : جادٌّ . انتهى . والإِهذاب والتَّهْذْيبُ : الإِسراعُ في الطَّيَرَانِ والعَدْوِ والكلامٍ ؛ قال امرُؤُ القَيْس :
فلِلسّاق أَلْهُوبٌ وللسَّوطْ دِرَّةٌ ... وللزَّجْر منهُ وقْعُ أَخْرَجَ مُهْذِبِ ووَجدْتُ في الهامش : كان في المَتْن بخطِّ أَبي سَهْل :
وللزَّجْر منه وَقْعُ أَخْرجَ مُهذبِ ... وقد كتبه بالحمرة على الحاشية :
" فللزَّجْرِ أَلْهُوبٌ وللسّارِق درَّةٌ وللسَّوْط منه...
كَأَنَّهُ رَدٌّ على الجوهريّ
هَذَبَ القَوْمُ : كَثُرَ لَغَطُهُمْ وأَصواتُهم نقله الصّاغانيُّ . قال الأَزهريّ : يقالُ : أَهْذَبَت السَّحابَةُ ماءَهَا : إِذا أَسالَتْهُ بسُرْعَة وأَنشدَ قولَ ذي الرُّمَّة :
ديارٌ عَفَتْهَا بَعْدَنَا كُلُّ دِيمَةٍ ... دُرورٍ وأَخْرَى تُهْذبُ الماءَ ساجرُ يُقَال : إِبلٌ مَهَاذيبُ : أَي سِرَاعٌ في سَيرها وقال رُؤْبَةُ :
" صَوَادقَ العَقْب مَهاذِيَب الوَلَقْ يقال : ما في مَوَدَّتِه هَذَبٌ الهَذَبُ مُحَرَّكَةً : الصَّفاءُ والخُلُوصُ قال الكُمَيْتُ :
مَعْدنُكَ الجَوْهَرُ المُهَذَّبُ ذُو الإِبْ ... ريز بَخٍّ ما فَوْقَ ذا هَذَبُ والهَيْذَبَي : الهَيْدَبَي وهو ضَرْبٌ من مَشْيِ الخَيْل . اسمٌ من هَذَبَ يَهْذِبُ : إِذا أَسرعَ في السَّيْر وقد تقدمَ . هكذا أَورده الأَزهريُّ في التهْذيب بالذّال المجمة كما هو صَنيعُ الجوهريّ وأَقتصر ابْنُ دُرَيْد في الجمهري على ذكْرِهما في الدّالِ المُهْمَلَة وذكرهما في الموضعين ابْنُ فارس في المُجْمَل وابْنُ عَبّاد في المُحِيطِ وإِيّاهُمَا تَبِعَ المُصنِّفُ . وقال ابْنُ الأَنْبَارِيّ : الهَيْذَبَي : أَنْ يَعْدُوَ في شِقٍّ وأَنشدَ :
" مَشَى الهَيْذَبَي في دَفِّهِ ثُمَّ فَرْفَرَا ورواهُ بعضُهم : مَشَى الهِرْبِذَي وهو بمنزلة الهَيْذَبَي . من المَجَاز : رَجُلٌ مُهَذَّبٌ أَي مُطَهَّرُ الأَخْلاقِ . وفي اللِّسان : المُهَذَّبُ من الرِّجال : المُخَلَّصُ النَّقيُّ من العُيوب . وقد تقدَّم بيانُ أَصل التَّهْذِيب . ومما يُستدرَكُ عليه : التَّهْذِيبُ في القدْح : العَمَلُ الثانِي والتَّشْذيبُ : الأَوَّلُ قاله أَبو حَنيفةَ وقد تقدَّمَتِ الإِشارة إِليه في ش ذ ب . وحَمِيمٌ هَذِبٌ : هو علَى النَّسَب أَي : ذُو أَهْذابٍ وقد جاءَ في قول ابي العِيال . وعن الفَرَّاءِ : المُهْذِبُ : السَّرِيعُ . وهو من أَسماءِ الشَّيْطَانِ ويُقالُ له : المُذْهِبُ أَي المُحَسِّن للمعاصي وقد تقدّم في موضعه . وهَذَّبَ عنها : فَرَّقَ قاله السُّكَّريَ وأَنشدَ لبعضِ الهُذَلِيِّينَ :