" وَرِثَ أَبَاهُ و " وَرِثَ الشّىْءَ " منه بكسرِ الرّاءِ " - قال شيخُنَا : احتاجَ إِلى ضَبْطِه بلِسان القَلَم دون وَزْنٍ ؛ لأَنّه مِن مَوازِينه المشهورة وهو أَحد الأَفْعَال الواردة بالكسرِ في ماضِيها ومُضَارِعها وهي ثَمَانِيَةٌ : وَرِثَ ووَلِىَ ووَرِمَ ووَرِعَ ووَقِفَ ووَفِقَ ووَثِقَ ووَرِىَ المُخُّ لا تاسعَ لها على ما حَقَّقَه الشيخُ ابنُ مالِكٍ وغيرُه وإِلاّ فإِن القياسَ في مكسورِ الماضي أَن يكونَ مضارِعُه بالفتح كفَرِحَ ووردت أَفعالٌ أَيضاً بالْوَجْهَيْن : الفَتْح على القِيَاس والكسر على الشُّذُوذ وهي تِسْعَةٌ لا عاشِرَ لها أَوردهَا ابنُ مالِكٍ أَيضاً في لامِيَّته وهي : حَسِب إِذا ظَنّ ووَغِرَ ووَحِرَ ونَعِمَ وَبَئِسَ ويَئِسَ ويَبِسَ ووَلِهَ ووَهِلَ " يَرِثُه كيَعِدُهُ " قال الجوهرىّ : وإِنّمَا سَقطت الواوُ من المُسْتَقْبَلِ ؛ لوقوعها بين ياءٍ وكسرة وهُمَا مُتجانِسَانِ والواوُ مُضّادَّتُهمَا فحُذِفَت ؛ لاكْتنافهِما إِيّاها ثم جُعِل حُكمُها مع الأَلفِ والتّاءِ والنّونِ كذلك ؛ لأَنّهن مُبدلاتٌ منها والياءُ هي الأَصلُ يَدُلُّكَ على ذلك أَنّ فَعِلْتُ وفَعِلْنَا وفَعِلْتَ مَبْنيّاتٌ على فَعِلَ ولم تَسقُطِ الواوُ من يَوْجَلُ ؛ لوقُوعها بين ياءٍ وفتحة ولم تسقط الياءُ من يَيْعِرُ ويَيْسِرُ لتَقَوِّى إِحدَى الياءَينِ بالأُخْرَى وأَما سُقُوطُهَا من يَطَأُ وَيَسَعُ فِلعِلَّةٍ أُخرَى مذكورةٍ في باب الهمز . قال : وذلك لا يُوجِبُ فسادَ ما قُلناه ؛ لأَنه يَجوزُ تَماثلُ الحُكْمَيْنِ مع اختلافِ العِلَّتين كذا في اللسان ونقله شيخنا مختصراً . وقرأْت في بُغْيةِ الآمال لأَبِي جعفر اللَّبْلِىّ - قُدِّس سِرُّه - في باب المعتلّ : فإِن كان علَى وزن فَعِلَ بكسر العين فإِن مضارِعَه يَفْعَلُ بفتح العين مع ثُبوتِ الواو ؛ لعدم وُجُود العِلّة نحو قولهم : وَهِلَ في الشَّىءِ يَوْهَلُ وَولِهَت المرأَةُ تَوْلَه وقد شَذَّت أَفعالٌ من هذا الباب فجاءَ المضارعُ منها على يَفْعِلُ بالكسر وحذف الواو مثل : وَرِم يَرِمُ ووَرِثَ يَرِثُ ووَثِقَ يَثِقُ وغيرها . وجاءَتْ أَيضاً أَفعالٌ من هذا الباب في مضارِعِها الوجهانِ : الكسرُ والفتح مع ثبوتِ الواو وحذفها مثال الثُّبوت : وَحِرَ يَحِرُ وَوَهِنَ يَهِنُ ووَصِبَ يَصِبُ فالأَجْود في مضارعها يَوْحَرُ وَيَوْهَنُ ويَوْصَبُ ومِثالُ الحذْف مِثل : وَزَعَ يَزَعُ . وربما جاءَ الفَتْحُ والكسر في ماضِى بعض أَفعالِ هذا الباب تقول : وَلَعَ ووَلِعَ وَوَبَقَ ووَبِقَ ووَصَبَ ووَصِبَ . وإِنما حُذِف الواوُ من يَسَعُ ويَضَعُ مع أَنها وقعتْ بين ياءٍ وفتحة لا كسرة ؛ لأَن الأَصل فيهن الكسر فحُذِفت لذلك ثم فُتِح الماضي والمُضَارِع لوجُود حَرفِ الحَلْق وحُذفت من يَذَرُ لأَنه مَبنىّ على يَدَعُ : لشبهها به في إِماتَةِ ماضِيهما . انتهى . وقد استطردنا هذا الكلامَ في كتابِنَا التّعْرِيف بضَرُورِىّ قواعِد التَّصْرِيف " فمن أَراد الإِحاطةَ بهذا الفنّ فعلَيْهِ به . " وِرْثاً ووِرَاثَةً وإِرْثاً " الأَلف منقلبة من الواو " ورِثَةً " الهاءُ عوضٌ عن الواو وهو قياسيٌّ " بكسرِ الكُلِّ " . ويُقَال : وَرِثْتُ فُلاناً مالاً أَرِثُه وِرْثاً ووَرْثاً إِذا ماتَ مُوَرِّثُكَ فصار مِيراثُه لك . ووَرِثَهُ مالَه ومَجْدَه ووَرِثَه عنه وِرْثاً ورِثَةً ووِرَاثَةً وإِرَاثَةً . " وأَوْرَثَه أَبُوهُ " إِيراثاً حَسَناً . وأَوْرَثَه الشئَ أَبُوهُ وهم وَرَثَةُ فلانٍ . " ووَرَّثَه " تَورِيثاً أَي أَدخَلَه في مالِه على وَرَثَتِه أَو " جَعَلَه من وَرَثَتِه " . ويقال : وَرَّثَ في مالِه : أَدخَلَ فيه مَنْ ليس مِنْ أَهلِ الوِرَاثَة . وفي التهذيب وَرَّثَ بنى فلانٍ مالَه تَوْرِيثاً وذلك إِذا أَدخلَ على وُلْدِه ووَرَثَتِه في مالِه من ليس منهم فجعل له نَصِيباً . وأَوْرَثَ وَلَدَه : لم يُدْخِلْ أَحداً معه في مِيراثِه هذا عن أَبي زيد . ويقال : وَرَّثْتُ فلاناً من فُلانٍ أَي جَعلتُ مِيرَاثَه له . وأَوْرَثَ المَيِّتُ وَارِثَه مالَه : تَرَكَهُ له . قال شيخنا : إِذا قِيل : وَرِثَ زيدٌ أَباهُ مالاً فالمالُ مفعولٌ ثانٍ إِن عُدِّىَ إِلى مفعولينِ أَو بَدَلُ اشتِمَالٍ كسَلَبتُ زَيداً ثَوْبَه واقتصرالزَّمَخْشَرِيّ في قوله تعالى : " ونَرِثُهُ ما يَقُولُ " على تعْدِيَته إِلى مفعولين وأَقَرَّه بعضُ أَربابِ الحَوَاشِى . " والوارِثُ صِفةٌ من صِفات اللهِ تعالَى وهو " البَاقي " الدَّائِمُ " بعدَ فَنَاءِ الخَلْقِ " وهو يَرِثُ الأَرْضَ ومَنْ عَلَيْهَا وهُوَ خَيْرُ الوَارِثِينَ أَي يَبقَى بعد فناءِ الكُلِّ ويَفنَى من سِوَاه فيَرجعُ ما كان مِلْكَ العِبَادِ إِليه وَحدَه لا شريكَ له . في التنزيل العزيز " يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ " أَي يَبْقَى بعدِى فيصيرُ له مِيراثي وقرئَ أُوَيْرِثٌ بالتّصْغِير . و " في الدعاءِ " النبوىّ وهو في جَامِعِ التِّرْمِذِيّ وغيره : اللّهُمّ " أَمْتِعْنِي " هكذا في سائر الرِّوايات وفي أُخرى : مَتِّعْنِى " بسَمْعِى وبَصَرِى واجْعَلْهُ " كذا بإِفرادِ الضّمير أَي الإِمتاعَ المفهومَ مِن أَمتع ورُوِىَ : واجْعَلْهُما " الوَارِثَ مِنّى " فعلى رواية الإِفراد " أَي أَبْقِهِ مَعى حَتّى أَمُوتَ " وعلى رواية التّثنية أَي أَبْقِهِما معي صَحِيحَيْنِ سالِمَيْن حتى أَمُوتَ . وقيل : أَرادَ بقاءَهُما وقُوَّتَهما عند الكِبَرِ وانْحِلالِ القُوَى النّفسانيّة فيكونُ السمعُ والبصرُ وارِثَىْ سائرِ القُوَى والباقِيَيْن بعدَهَا قاله ابنُ شُمَيْل . وقال غيره : أَرادَ بالسَّمْع : وَعْىَ ما يَسْمَعُ والعَمَلَ به وبالبَصَرِ : الاعتبارَ بما يَرَى ونُورَ القَلْبِ الذي يَخْرُجِ بهِ من الحَيْرَةِ والظُّلْمَة إِلى الهُدَى . وَرَّثَ النّارَ لغةٌ في أَرَّثَ وهي الوِرْثَةُ وتَوْرِيثُ النّارِ : تَحْرِيكُها لتَشْتَعِلَ " وقد تقدّم . " ووَرْثَانُ كسَكْرَانَ : ع " قال الرّاعِي : ْشَرِيّ في قوله تعالى : " ونَرِثُهُ ما يَقُولُ " على تعْدِيَته إِلى مفعولين وأَقَرَّه بعضُ أَربابِ الحَوَاشِى . " والوارِثُ صِفةٌ من صِفات اللهِ تعالَى وهو " البَاقي " الدَّائِمُ " بعدَ فَنَاءِ الخَلْقِ " وهو يَرِثُ الأَرْضَ ومَنْ عَلَيْهَا وهُوَ خَيْرُ الوَارِثِينَ أَي يَبقَى بعد فناءِ الكُلِّ ويَفنَى من سِوَاه فيَرجعُ ما كان مِلْكَ العِبَادِ إِليه وَحدَه لا شريكَ له . في التنزيل العزيز " يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ " أَي يَبْقَى بعدِى فيصيرُ له مِيراثي وقرئَ أُوَيْرِثٌ بالتّصْغِير . و " في الدعاءِ " النبوىّ وهو في جَامِعِ التِّرْمِذِيّ وغيره : اللّهُمّ " أَمْتِعْنِي " هكذا في سائر الرِّوايات وفي أُخرى : مَتِّعْنِى " بسَمْعِى وبَصَرِى واجْعَلْهُ " كذا بإِفرادِ الضّمير أَي الإِمتاعَ المفهومَ مِن أَمتع ورُوِىَ : واجْعَلْهُما " الوَارِثَ مِنّى " فعلى رواية الإِفراد " أَي أَبْقِهِ مَعى حَتّى أَمُوتَ " وعلى رواية التّثنية أَي أَبْقِهِما معي صَحِيحَيْنِ سالِمَيْن حتى أَمُوتَ . وقيل : أَرادَ بقاءَهُما وقُوَّتَهما عند الكِبَرِ وانْحِلالِ القُوَى النّفسانيّة فيكونُ السمعُ والبصرُ وارِثَىْ سائرِ القُوَى والباقِيَيْن بعدَهَا قاله ابنُ شُمَيْل . وقال غيره : أَرادَ بالسَّمْع : وَعْىَ ما يَسْمَعُ والعَمَلَ به وبالبَصَرِ : الاعتبارَ بما يَرَى ونُورَ القَلْبِ الذي يَخْرُجِ بهِ من الحَيْرَةِ والظُّلْمَة إِلى الهُدَى . وَرَّثَ النّارَ لغةٌ في أَرَّثَ وهي الوِرْثَةُ وتَوْرِيثُ النّارِ : تَحْرِيكُها لتَشْتَعِلَ " وقد تقدّم . " ووَرْثَانُ كسَكْرَانَ : ع " قال الرّاعِي :
فَغَدا مِنَ الأَرْضِ الّتي لم يَرْضَها ... واخْتَارَ وَرْثَاناً عليها مَنْزِلاً ويُروَى أَرْثاناً على البَدَلِ المُطَّرِد في هذا الباب . من المجاز : " الوَرْثُ : الطَّرِىّ من الأَشْيَاءِ " . يقال : أَوْرَثَ المَطَرُ النَّبَاتَ نَعْمَةً . " وبَنُو الوِرْثَةِ بالكسر : بَطْنٌ " من العرب " نُسِبُوا إلى أُمِّهِمْ " نقله ابنُ دُريدومما يستدرك عليه : قال أَبو زيد : وَرِثَ فلانٌ أَباه يَرِثُه وِرَاثَةً ومِيرَاثاً . قال الجوهريّ : المِيرَاثُ أَصله مِوْراثٌ انقلبت الواوُ ياءً لكسرةِ ما قبلها . والتُّرَاثُ : أَصلُ التّاءِ فيه واوٌ . وفي المحكم : الوِرْثُ والإِرْثُ والتُّرَاثُ والمِيرَاثُ : ما وُرِثَ . وقيل : الوِرْثُ والمِيرَاثُ في المالِ والإِرْثُ في الحَسَبِ . وقال بعضهم : وَرِثْتُه مِيراثاً قال ابنُ سِيدَه : وهذا خطأٌ ؛ لأَنّ مِفْعَالاً ليس من أَبنية المصادر ولذلك رَدّ أَبو علىٍّ قَوْلَ من عَزا إِلى ابنِ عبّاسٍ أَنَّ المِحَال من قوله عزّ وجل : " وَهُوَ شَدِيدُ المِحَالِ " من الحَوْلِ قال لأَنَّه لو كان كذلك لكان مِفْعَلاً ومِفْعَلٌ ليس من أَبنيةِ المَصَادِر فافْهَمْ . وفي الحديث : " اثْبُتُوا على مَشَاعِرِكُمْ هذِه ؛ فإِنَّكُم على إِرْث من إِرْثِ إِبْرَاهِيم " قال أَبو عُبَيْد : إِرثٌ أَصلُه من المِيرَاثِ إِنما هو وِرْثٌ قلبت الواو أَلفاً مكسورةً ؛ لكسرةِ الواو كما قالوا للوِسادَةِ : إِسَادَة وللوِكاف : إِكافٌ فكأَنَّ معنَى الحديثِ : إِنَّكُم عَلَى بَقِيَّةٍ من وِرْثِ إِبْرَاهِيمَ الذي تَرَكَ الناسَ عليه بعد مَوْته وهو الإِرثُ وأَنشد :
فإِنْ تَكُ ذا عِزٍّ حديثٍ فإِنّهُمْ ... لَهُمْ إِرْثُ مَجْدٍ لم تَخُنْهُ زَوافِرُهْ وهو مَجَازٌ وقد تقدَّم . ومن المجاز أَيضاً : تَوَارَثُوه كابِراً عن كابِرٍ . والمَجْدُ مُتَوارَثٌ بينَهُم . وقول بَدْرِ بنِ عامِرٍ الهُذَلِيّ :
ولقد تَوَارَثُنِى الحوادِثُ واحِداً ... ضَرَعاً صَغِيراً ثُمَّ لا تَعْلُونِي أَراد أَنّ الحوادِثَ تَتَدَاوَلُه كأَنّها تَرِثُه هذه عن هذه . ومن المجاز : وأَوْرَثَه الشْئَ : أَعْقَبَه إِيّاه وأَورَثَه المرضُ ضَعْفاً وأَوْرَثَهُ كَثْرَةُ الأَكْلِ التُّخَمَ وأَوْرَثَه الحُزْنُ هَمَّا كلُّ ذلك على الاستعارة والتّشبيه بوِراثَةِ المالِ والمَجْدِ . وَوَرَثَانُ محرّكةً من قُرى أَذْرَبِيجانَ وبينها وبين بَيْلَقَانَ سبعةُ فَراسخَ وقال ابنُ الأَثير : أَظُنُّهَا من قُرَى شِيرَازَ . ووَرْثِينُ : من قُرَى نَسَفَ . وقد نُسِبَ إِليهما جماعةٌ من أَئِمَّة الحديث