الأَياسِقُ : القَلائِدُ وقال ابنُ سِيدَه والأَزْهَرِيُّ : لم نَسمَع لها بواحِد وأَنْشَدَ اللّيثُ :
وقُصِرنَ في حِلقِ الأَياسِقِ عِنْدَهُم ... فجَعَلْنَ رَجْعَ نُباحِهِنَّ هَرِيرَا أَورَدَهُ الصّاغانيُّ وصاحبُ اللّسانِ والعَجَبُ من المُصَنّفِ كيفَ أَغْفَلَه
ومما يُستَدْرَكُ عليه :
يَساق كسَحاب ورُّبما قِيلَ يَسَق بحَذْفِ الأَلِفِ والأَصلُ فيهِ يَساغُ بالغَيْنِ المعجمة وربما خُفِّفَ فَحُذِف وربما قُلِبَ قافاً وهي كلمة تركية يُعَبَّرُ بها عن وَضْعِ قانونِ المُعامَلَةِ كذا ذَكَرَه غيرُ واحد . وقَرأْتُ في كتابِ الخِطَطِ للمَقْرِيزِيّ أَنْ جَنْكزخانَ القائِمَ بدَوْلةِ التَّتَرِ في بلادِ المَشْرِقِ لمّا غَلَبَ على المُلْكِ قَرَّرَ قواعدَ وعُقوباتٍ أَثْبتَها بكتابٍ سَمّاه ياسا وهو الذي يُسَمَّى يَسَق . ولما تم وَضْعُه كتب ذلك نَقْشًا في صَفَائِحِ الفُولاذِ وجَعَلَه شَريعَةً لقَوْمِه فالتَزَمُوه بعدَه قال : وأَخْبَرني العَبدُ الصالِحُ أَبو الهاشِمِ أَحمَدُ بنُ البرهانِ أَنَّه رَأى نُسخَةً من الياسَا بخِزانَةِ المَدْرَسَةِ المُستَنْصِريَّة بِبَغْدادَ قالَ : ومن جُملَةِ شَرعه في الياسَا أَنَّ من زَنَى قُتِلَ ولم يُفَرِّقْ بينَ المُحْصَنِ وغيرِ المُحْصَنِ ومن لاطَ قُتِلَ ومن تعَمَّدَ الكَذِبَ أَو سَحَر أَحداً أَو دَخَلَ بين اثْنَيْنِ وهُما يَتَخاصَمانِ وأَعانَ أَحَدَهُما على الآخَرِ قُتِلَ ومن بالَ في الماء أَو الرَمادِ قُتِلَ ومَنْ أعْطِىَ بِضاعَةً فَخَسِرَ فيها فإِنَّهُ يُقْتَلُ بعدَ الثّالِثَةِ ومَنْ أَطْعَمَ أَسِيرَ قومٍ أَو كَساهُ بغير إِذْنِهم قُتِلَ ومن وَجَد عَبداً هارِباً أَو أَسيراً قد هَرَب ولم يَرُدَّهُ على من كانَ بيَدِه قُتِل وأَنَّ الحَيوانَ تُكَتَّفُ قَوائِمُه ويُشَقُّ بَطْنُه وُيمْرَسُ قلبُه إلى أَنْ يموتَ ثُمّ يؤْكَل لحمُه وأَنَّ من ذَبَحَ حَيَواناً كذَبِيحَةِ المُسلِمينَ ذُبِحَ وشَرَطَ تَعْظيمَ جميعِ المِلَلِ مِن غيرِ تَعَصّب لمِلَّة على أخْرى وأَلْزَم أَلاَّ يَأْكُلَ أَحَدٌ من أَحَد حَتّى يَأْكُلَ المُناوِلُ منه أَوَّلاً ولو أَنّه أَمِيرٌ ومن تَناوَلَه أَسِيرٌ وألا يَتَخَصَّصَ أَحَدٌ بأَكلِ شيءٍ وغيرُه يَراهُ بَلْ يُشْرِكه معه في أَكْلِه ولا يَتَمَيَّزُ أَحدٌ منهم بالشِّبَعِ على صاحبِه ولا يتَخَطَّى أَحدٌ ناراً ولا مائِدَةً ولا الطَّبَقَ الذي يُؤْكَلُ عليه وإِنْ مَرَّ بقومٍ وهم يَأْكُلُونَ فَلَهُ أَنْ يَنْزِلَ ويَأْكُلَ معهم من غيرِ إِذْنِهم وليس لأَحدٍ مَنْعُه وألاّ يُدْخِلَ أَحَدٌ منهم يَدَه في الماءِ حَتّى يَتناوَلَ بِشَيءٍ يَغْتَرِفُه به ومَنَعَهُم من غَسلِ ثِيابِهم بل يَلْبَسُونَها حتى تَبلَى ومَنَع أَنْ يُقالَ لشيء إِنَّه نَجِس وقال : جَمِيعُ الأَشياءِ طاهِرَةٌ ومَنَعَهُم من تَفْخِيمِ الأَلْفاظِ وَوَضْعِ الأَلْقابِ وإِنّما يُخاطَبُ السُّلْطانُ ومن دُونَه باسْمِه فَقَط وأَمَرَ القائِمَ معه بعَرضِ العَساكِرِ إِذا أَرادَ الخُروجَ للقِتالِ ويَنْظُر حتى الإِبْرة والخَيط فمَنْ وَجَدَه قد قَصَّرَ في شيءٍ مما يُحْتاجُ إِليهِ عند عَرضِهِ إِيّاه عاقَبَه وأَلْزَمَهُم على رَأْسِ كُلِّ سنة بِعَرضِ بناتِهمُ الأبْكار على السُّلْطانِ ليَخْتارَ منهنّ لِنَفْسِه ولأَولادِه وشَرَعَ أَنَّ أَكبرَ الأُمراءِ إِذا أَذَنَبَ وبَعَثَ إليهِ المَلِكُ بأَحْسَن من عِنْدَه حتّى يُعاقِبَه يَرمي نفسَه إِلى الأَرْضِ بينَ يَدَي المَرسُولِ له وهو ذليلٌ خاضِعٌ حتى يُمْضِيَ فِيه ما أَمَر به المَلِكُ من العُقوبةِ ولو بذَهابِ نَفْسِه وأَمَرَهُم أَلاَّ يَتَرَدَّدَ الأمراءُ لغيرِ المَلِكِ فمن تَرَدَّدَ لغَيرِه قُتِلَ ومن تَغَيَّرَ عن مَوْضِعِه الذي رُسِمَ له من غيرِ إِذْنٍ قُتِلَ وأَلْزَم بإِقامَةِ البَريدِ حتّى يَعرِفَ خَبَرَ المَمْلكةِ . هذا آخِرُ ما اخْتَصَرتُه من قَبائِحِه ومُخْزِياتِه قَبَّحَه الله تَعالَى وكانَ لا يَتَدَيَّنُ بِشَيء من أَدْيانِ أَهْلِ الأَرْض . وفيهِ أَنّه جَعَل حُكم الياسَا لوَلَدِه جُفْتاي خانَ فلمّا ماتَ الْتَزَمَهُ مِنْ بعدِه أَوْلادُه وَتمَسَّكُوا به . قلتُ : وجُفْتاي هذا هو جَدُّ مُلوكِ الهنْدِ الآنَ
وسَقَه يسِقُه وسْقاً ووُسوقاً : ضمّه وجمَعَه وحمَله . ومنه قولُه تَعالى : ( وباللّيْلِ وما وَسَق ) أي وما جمَع وضمّ قاله الفَرّاءُ . وقال أبو عُبَيْدة : أي وما جمَع من الجِبالِ والبِحار والأشْجارِ كأنّه جمَعها بأنْ طلَع عليها كُلّها فإذا جلّل اللّيلُ الجِبالَ والأشجارَ والبِحارَ والأرضَ فاجتَمَعت له فقد وسَقَها . وأنشد الجوهريّ لضابِئِ بنِ الحارِثِ البُرْجُميّ :
فإنّي وإيّاكُم وشَوْقاً إليكُمُ ... كقابِضِ ماءٍ لم تسِقْهُ أنامِلُهْ أي : لم تحْمِلْه . يقول : ليس في يَدي شيءٌ من ذلِك كما أنّه ليس في يدِ القابِضِ على الماءِ شيءٌ . وسَقه يسِقه وسْقاً : طرَده . ومنه سُمّيَت الوَسيقَة وهي منَ الإبِلِ والحَميرِ كالرُّفْقَةِ من النّاس وقد وسَقَها وسْقاً فإذا سُرِقَت طُرِدَت مَعاً . قال الأسودُ بنُ يعْفُر :
كذَبْتُ عليكَ لا تزال تَقوفُني ... كما قافَ آثارَ الوَسيقةِ قائِفُ هو إغراءٌ أي : عليْك بي . وقال الأزهريّ : الوَسيقَة : القَطيعُ من الإبل يطرُدها الشّلاّل وسُمّيت وسيقَة ؛ لأنّ طارِدَها يجْمَعُها ولا يدَعُها تنتَشِر عليه فيلحَقُها الطّلَبُ فيردّها . وهذا كما قيل للسّائق : قابِضٌ ؛ لأنّ السائِقَ إذا ساقَ قَطيعاً من الإبِل قبَضها أي : جمَعَها ؛ لئلا يتعذّرَ عليه سوقُها ولأنّها إذا انتَشَرت عليه لم تتتابع ولم تطّرِد على صوْبٍ واحد . والعَرَبُ تقول : فلانٌ يسوقُ الوَسيقَة وينْسُل الوَديقة ويَحْمي الحَقيقةَ . وقد مرّ شاهِدُه من قوْل الهُذَليّ في وَدَق قريباً . ووَسَقَت النّاقَةُ وغيرُها وسْقاً ووُسوقاً : حمَلَت وأغْلَقَت على الماءِ رحِمَها فهيَ ناقةٌ واسِقٌ من نوق وِساقٍ بالكسْر مثل نائِم ونِيام وصاحِب وصِحاب . قال بِشْر بنُ أبي خازِم :
ألَظَّ بهِنّ يحْدوهُنّ حتّى ... تبيّنَتِ الحِيالُ من الوِساقِ ويُقال أيضاً : نوقٌ مواسِقُ ومَواسيقُ جمْع على غيْرِ قِياس كما في الصِّحاح . قال ابنُ سيدَه : وعِندي أنّهما جمْعُ مِيساق ومَوْسِق . ومن المَجاز قولُهم : لا آتيكَ ما وسَقَت العيْنُ الماءَ أي : ما حمَلَتْه . وفي المُحيطِ واللّسان : الوَسيقُ كأميرٍ : السَّوْقُ . ومنه قولُ الشاعِر :
" قرّبَها ولم تكَدْ تُقَرَّبُ
" من آلِ نَسْيان وَسيقٌ أجْدَبُ وفي المُحيط : الوسيق : المَطَر لأنّ السّحابَ يسِقُهُ أي يطرُده . والوَسْقُ بالفَتْح كما ضبَطه غيرُ واحد وهو المشْهور وفيه لُغة أخرى بكسرِ الواو . نقَلَهُ ابنُ الأثير وعِياضٌ وابنُ قُرْقول والفَيّوميّ وهو مِكْيلَةٌ معْلومة وهو سِتّون صاعاً بصاعِ النّبي صلى الله عليه وسلم وهو خمْسَةُ أرْطال وثُلُث . فالوَسْقُ على هذا الحِساب مائَةٌ وستّون مَنّاً . وقال الزّجّاجُ : كُلُّ وسْقٍ بالمُلَجَّم ثَلاثةُ أقفِزة . قال : وستّون صاعاً : أربعةٌ وعشْرون مَكّوكاً بالمُلجَّم وذلِك ثلاثَةُ أقفِزة . وفي التّهذيب : الوسْقُ بالفَتْح : ستّون صاعاً وهو ثَلثمائة وعشرون رِطْلاً عند أهلِ الحِجاز وأرْبَعمائة وثمانون رِطْلاً عند أهلِ العِراقِ على اختِلافِهم في مِقدار الصّاعِ والمُدّ . والجمع أوسُقٌ ووُسوق . قال أبو ذُؤيب :
ما حُمِّلَ البُختيُّ عامَ غِيارِه ... عليه الوُسوقُ بُرُّها وشَعيرُها
وفي الحديث : ليس فيما دونَ خمْسةِ أوْسُقٍ من التّمرِ صدَقَةٌ . قال عَطاء : خمْسَةُ أوْسُق هي ثَلثمائة صاعٍ وكذلك قال الحسَنُ وابنُ المُسَيّب . أو الوَسْق : حِمْلُ البعير والوِقْرُ : حِمْلُ البَغْل أو الحِمار هذا قولُ الخَليل . وقال غيره : الوَسْق : العِدْل وقيل : العِدْلانِ وقيل : الحِمْلُ عامّةً . وجمع الزّمخشريّ بيْن القوْلَين فقال : الوَسْقُ : ستّون صاعاً وهو حِمْلُ بعير وأنشد غيرُه :
" أينَ الشِّظاظانِ وأينَ المِرْبَعَهْ
" وأينَ وسْقُ الناقَةِ الجَلَنْفَعَهْ ووسّقَ الحِنْطَةَ توْسيقاً : جعلَها وفي بعض نُسَخ الصحاح : حمَلَها وسْقاً وسْقاً . وأوسَقَ البَعيرَ : أوْقَرَه وفي الصحاح : حمّلَه حِمْلَه . ويُقال : وسّقَت النّخلَةُ : إذا حمَلت فإذا كثُر حَمْلُها فقد أوْسَقَت أي : حمَلت وسْقاً . قال لَبيد :
يومَ أرْزاقُ من يُفضِّلُ عُمٌّ ... موسَقاتٌ وحُفَّلٌ أبْكارُ واستَوْسَقَت الإبِل أي اجتَمَعت . وأنشدَ الجوهريّ للعَجّاج :
" إنّ لنا قلائِصاً حَقائِقا
" مُسْتَوسِقاتٍ لو يجِدْنَ سائِقا ومن المَجاز : اتّسَقَ أمرُه أي : انْتَظَم . ومن المجاز : واسَقَه مُواسَقَةً ووِساقاً : عارَضَه فكان مثلَه ولم يكُن دونَ . قال جَنْدَلٌ :
" فلسْتَ إنْ جاريْتَني مُواسِقي
" ولستَ إن فرَرْتَ منّي سابِقي وواسَقَه أيضاً : إذا ناهَدَه مُواسَقَةً ووِساقاً . قال عديُّ بنُ زيْدِ العِباديّ :
ونَدامَى لا يبْخَلونَ بما نا ... لُوا ولا يُعسِرونَ عندَ الوِساقِ وقال أبو عُبيد : المِيساقُ : الطائِر الذي يُصفِّقُ بجَناحَيْه إذا طار ج : مَياسِيقُ هكذا نقلَه الجوهريّ . وقال الأزهريّ : مآسيقُ . قال : هكذا سمِعْتُه بالهَمْز . ومما يُستَدْرَكُ عليه : الوَسْق بالفَتْح لا غيرُ : وِقْرُ النّخلَةِ نقلَه ابنُ برّي عن أبي عُبيد ذكَره في باب طلْع النّخْل . يُقال : حمَلَتْ وسْقاً أي : وِقْراً زاد شمِرٌ : وهي لُغةُ العرَب والجمْع الأوْساقُ والوُسوقُ . وقد وسَقَتْ وسْقاً أي : حمَلت وِقْراً . ووَسَقت الأتانُ : حمَلَت ولداً في بطْنِها وكذلك الشّاةُ . والميساقُ من الحَمام : الوافِرُ الجَناح وقيل : هو على التّشْبيهِ جعلوا جَناحَيْهِ له كالوَسْق جمعُه : مآسيقُ بالهَمْز . وقد ذُكِر في الهَمْزِ . وكلّ ما انضَمّ فقد اتّسَق . والطّريق يأْتَسِقُ ويتّسِقُ أي : ينْضَمّ حكاه الكِسائيّ . وقولُه تعالى : ( والقَمَرِ إذا اتّسَقَ ) أي : استَوى . واتِّساقُ القَمَر : امتلاؤه واجْتِماعُه واستِواؤُه ليلَة ثَلاثَ عشْرةَ وأربَعَ عشْرَةَ . وقال الفرّاءُ : الى سرَّ عشْرةَ فيهِنّ امتلاؤُه واتّساقه . وقال أبو عمْرو : من أسْماءِ القَمَر : الوَبّاصُ والطَّوْس والمُتَّسِق والجَلَمُ والزِّبْرِقانُ والسِّنِمار . والوَسْقُ : ضمُّ الشّيءِ الى الشّيء . واستَوسَقوا : استَجْمَعوا وانْضَمّوا . وفي حديث النّجاشيّ : واسْتَوسَقَ عليه أمْر الحَبَشة أي : اجتَمعوا على طاعَتِه واستقرّ المُلْكُ فيه . ووسّقَ الإبلَ فاسْتَوسَقَت أي : طرَدَها فأطاعت عن ابنِ الأعرابيّ . واستَوْسَقَ لك الأمر : أمكنَك . واتّسَقَت الإبِلُ : اجتَمَعت . وناقةٌ وسيقَةٌ : حامِل . واستَوْسَق أمْرُه : انْتَظَم وهو مجاز . وطردَ الحِمارُ وَسيقَتَه أي : عانَتَه وهو مَجازٌ . وهو لا يُواسِقُ فُلاناً أي : لا يُعادِلُه وهو مَجاز . وتقول العربُ : إنّ اللّيلَ لطَويلٌ ولا أسِقُ بالَه ولا أسِقْهُ بالاً بالرّفع والجزْم من قوْلك : وسَقَ : إذا جمَع أي : وُكِلتُ بجَمْع الهُمومِ فيه . وقال اللِّحياني : معْناه لا يجْتَمِعُ له أمْرُه قال : وهو دُعاءٌ . قال الأزهريّ : ومثلُه : إنّ اللّيلَ طويلٌ ولا يَطُلْ إلا بخيْرٍ أي : لا طالَ إلا بخَيْر . وقال الأصمعيّ : فرسٌ مِعْتاقُ الوَسيقة وهو الذي إذا طُرِد عليه طَريدةٌ أنجاها وسَبَق بها وأنشد :