ومما يستدرك عليه هنا : ذكر الأَنْبِجَانِيَّةَ في الحديثِ : " ايتُونى بأَنْبِجَانِيَّةِ أَبِي جَهْمٍ " قال ابنُ الأَثِيرِ : قيل هي منسوبَةُ إِلى مَنْبِجَ المدينةِ المعروفةِ وقيل : إِلى موضعٍ اسمه أَنْبِجانُ وهو أَشْبَهُ : لأَن الأَوّل فيه تَعَسُّفٌ قال : والهمزة فيه زائدةٌ وسيأْتي في نبج مستوفىً إن شَاءَ الله تعالى
" النَّبّاج : الشَّديدُ الصَّوْتِ " وقد نَبَجَ يَنْبِج نَبيجاً . نَبَجَ إِذا خَاضَ سَوِيقاً أَو غيرَه . قَال المفضَّل : العرب تقول للمِخْوَض " المِجْدَحُ " والمِزْهَف والنَّبَّاجُ " للسَّوِيق " وغيرِه . وفي " كتاب ليس " لابن خالَوَيْه يقال : نَبَجْتُ اللَّبَنَ الحَليبَ : إِذا جَدَحْتَه بعُودٍ في طَرَفِه شِبْهُ فَلْكَةٍ حتى يُكَرْفِئ ويَصير ثُمالاً فيُؤكَل به التَّمْرُ يُجْتَحف اجْتِحافاً . قال : ولا يَفعل ذلك أَحدٌ من العرب إِلاَّ بنو أَسد . يقال : لَبَنٌ نَبيجٌ ومَنبوحٌ واسم ما يُنْبَحُ به النَّبَّاجةُ . النَّبّاجة : " بهاءٍ : الاسْتُ " . والنَّبْج : ضَرْبٌ من الضَّرْط . يقال كَذَبَتْ نَبّاجَتُك إِذا حَبَقَ . النِّبَاجُ " ككِتَابٍ : ة بالبادية " على طريقِ البَصْرةِ يقال له نِبَاجُ بني عامِر بنِ كُرَيزٍ وهو بحِذاءٍ فَيْدٍ . وفي المعجم : قال أَبو عُبيدِ الله السَّكونِيّ : النِّبَاجُ : من البَصرة على عَشرةِ مَراحلَ به يومٌ من أَيّام العَرب مشهورٌ لتميم على بكرِ ابن وائلٍ . قال : والنِّبَاجُ هذا استنبطَ ماءَه عبدُ الله بنُ عامرِ بن كُرَيزٍ شَقَّقَ فيه عُيوناً وغَرَسَ نَخْلاً ووَلَدُه به وساكَنَه رَهْطُه بنو كُرَيزٍ ومن انضَمَّ إِليهم من العَرب ومِنَ وراءِ النِّبَاجِ رِمالٌ أَقْوازٌ صِغارٌ يَمْنةً ويَسْرةً على الطَّرِيق والمَحَجَّة فيها أَحياناً لمَنْ يُصعِدُ إِلى مَكَّة رَمْلٌ وقِيعانٌ منها قاعُ بَوْلاَنَ والقَضيم . قال أَعرابيّ :
أَلاَ حَبَّذَا رِيحُ الأَلاءِ إِذا سَرَتْ ... به بعد تَهْتانٍ رِياحٌ جَنائِبُ
أَهُمُّ بُبغْضِ الرَّملِ ثُمَّتَ إِنَّني ... إِلى الله مِن أَن أُبْغِضَ الرَّملَ تائبُ وإِني لَمَقْدورٌ ليَ الشَّوْقُ كُلَّما بَدا ليَ مِن نَخْلِ النِّبَاحِ العَصائبُ " منها الزّاهِدانِ : يَزيدُ بنَ سعيدٍ " سمِع مالكَ بنَ دِينارٍ وعنه رَجاءُ بنُ محمَّد بنِ رَجاءِ البَصْريّ ذكرَه ابنُ الأَثير ؛ أَبو عبد الله " سَعيدُ بنُ بُرَيدٍ كزُبَير " ذكرَه الأَمير . " و : ة أَخرَى " وتُعرَف بِنِبَاج بني سَعْدٍ بالقَرْيَتينِ بينه وبين اليَمامةِ غِبّانِ لبكر بن وائل والغِبّ : مَسيرةُ يَومَينِ . وقولُ البُحْتُريّ :
إِذا جُزْتَ صَحراءَ النِّباجِ مُغرِّباً ... وجازَتْك بَطْحاءُ السَّواجِيرِ يا سَعْدُ
" فقُلْ لِبَني الضَّحّاكِ مَهْلاً فإِنّنيأَنا الأُفْعُوانُ الصِّلُّ والضَّيْغَمُ الوَرْدُقال في المعجم : السَّواجِيرُ : نَهْرُ مَنْبِجَ فيقتَضِي ذلك أَن يكون النِّبَاجُ بالقُرْبِ منها ويبعد أَن يُريدَ نِبَاجَ البَصْرةِ وبين مَنْبِجَ وبينها أَكثرُ من مَسيرةِ شَهرينِ . النُّبَاجُ " كغُرَابٍ : الرُّدَامُ " . قال أَبو تُرابٍ : سأَلت مُبتكِراً عن النُّبَاج فقال : لا أَعرِف النُّبَاجَ إِلا الضُّراطَ . " ونُبَاجُ الكَلْبِ ونَبِيجُه : نُباحُه " لُغة فيه . يقال : " كَلْبٌ نَبّاجٌ " بالتشديد " ونُبَاجِيّ " بالضّمّ : " نَبَّاجُ " ضَخْمُ الصَّوْتِ ؛ عن اللِّحْيانيّ . " ومَنْبِجُ كمَجْلِس : ع " قال اليَعقوبيّ : من كُوَرِ قِنِّسْرِينَ . وقال غيره : بعُمانَ . وفي المعجم : هو بلدٌ قديمٌ وما أَظنُّه إِلاّ رُوميّاً إِلاّ أَن اشتقاقه في العربيّة يُجَوِّز أَن يكون من أَشياءِ فذَكَرها . وذكر بعضُهم أَنّ أَوّل مَن بناها كِسْرَى لمّا غلَب على الشام وسمّاها " مَنْ بَه " أَي أَنا أَجود فعُرِّبت . والرَّشيد أَوّلُ من أَفْردَ العَواصِمَ وجعلَ مدَينتهَا مَنْبِجَ وأَسْكَنها عبدَ الملك بنَ صالحِ بن عليّ بن عبدِ الله بنِ عبَّاسٍ . وقال بطليموس : بينها وبين حَلَبَ عَشْرَةُ فَراسِخَ وإِلى الفراتِ ثَلاثةُ فراسِخَ . وبخطّ ابن العَطَّار : مَنْبِجُ بَلْدَةُ البُحتُريّ وأَبي فِراسٍ . ويُنسَب إِليها جَماعةٌ : عُمَرُ بنُ سَعيدِ بن أَحمدَ بنِ سِنانٍ أَبو بَكرٍ الطائيّ وأَبو القاسم عَبْدانُ بنُ حُمَيدِ بن رَشِيدٍ الطائيّ وأَبو العبّاس عبد الله بن عبد المَلك بن أَبي الإِصبع المَنبِجِيُّون مُحدِّثون ؛ كذا في المعجم . في الصّحاح واللِّسان : قال سيبويه : الميم في مَنْبِجَ زائدةٌ بمنزلةِ الأَلفِ لأَنّها إِنّما كَثُرَتْ مَزيدةً أَوّلاً فمَوصِعُ زيادتِها كمَوضع الأَلف وكَثْرتُها ككَثْرَتِها إِذا كانت أَوَّلاً في الاسم والصفة . فإِذا نَسَبْتَ إِليه فتحت الباءَ قلت : " كِساءٌ مَنْبَجانيّ " أَخوجوه مُخْرَج مَخْبَرَانيّ ومَنْظَرانيّ . زاد المصنّف " أَنْبَجانيّ بفَتحِ بائِهما نِسبةٌ " إِلى مَنْبِجَ " على غيرِ قياسٍ " ومثله في كتاب المحيط . وقال ابنُ قُتَيبة في أَدب الكاتبِ : كساءٌ مَنْبَجانيٌّ ولا يقال : أَنْبَجانيّ لأَنه منسوب إِلى مَنْبِج وفُتحت باؤه لأَنه أُخْرِجَ مُخْرَجَ مَنْظَرانِيّ ومَخْبَرَانِيّ . قال ياقوت : قال أَبو محمَد البَطَلْيَوْسيّ في تفسيره لهذا الكتاب : قد قيل أَنَبجانيّ وجاءَ ذلك في بعض الحديث . وقد أَنشد أَبو العبّاس المُبرّد في الكامل في وصف لحية :
كالأَنْبَجانيّ مَصْقولاً عَوارِضُها ... سَوْدَاءَ في لِينِ خَدِّ الغَادَةِ الرُّودِولم يُنكِر ذلك . وليس مَجيئُه مخالفاً لِلَفْظ مَنْبِجَ ممّا يُبْطِل أَن يكون مَنسوباً إِليها لأَنّ المنسوبَ يَرِدُ خارجاً عن القياس كثيراً كَمرْوَزِيّ ودَرَا وَرْدِيّ ورازِيّ . قلت : دَرَاوَرْديّ منسوب إِلى دَارَبْجِرْد . والحديث الذي أَشار إِليه هو " ائْتُوني بأَنْبَجَانِيّةِ أَبي جَهْمٍ . " قال ابنُ الأَثير : المحفوظ بكسر الباءِ ويُروَى بفتْحها . يقال : كساءٌ أَنْبَجانيّ منسوبٌ إِلى مَنْبِجَ فُتِحت بالباءُ في النّسب وأَبدِلت الميمُ هَمزةً وقيل منسوبةٌ إِلى مَوضعٍ اسمه أَنْبِجَان وهو أَشْبَهُ لأَنّ الأَوّل فيه تَعسُّفٌ وهو كِساءٌ من الصُّوف له خَمْلٌ ولا عَلَمَ له وهي من أَدْوَنِ الثِّيابِ الغَليظةِ . قال : والهَمزةُ فيها زائدةٌ في قولٍ . انتهى . يقال أَيضاً : " ثَرِيدٌ أَنْبَجانيّ " بفتح الباءِ : أَي " به سُخونةٌ " . يقال : " عَجِينٌ أَنْبَجَانٌ " بفتح الباءِ : أَي " مُدْرِكٌ مُنتِفخٌ " حامِضٌ . قال : الجوهريّ : وهذا الحرف في بعض الكتب بالخاءِ معجمةً . وسماعي بالجيم عن أَبي سعيدٍ وأَبي الغَوث وغيرهما " ومالِها أَختٌ سِوَى أَرْوَنانٍ " يقال : يَوْمٌ أَرْوَنَانٌ ؛ وسيأَتي . المِنْبَجُ " كمِنْبَرٍ : المُعْطِي بِلسانِه ما لا يَفعلُه " . قال أَبو عَمْرٍو : نَبَجَ إِذا قَعَد على " النَّبَجَة " وهي " مُحرَّكةً : الأَكمَةُ " ومنهم مَن جعلَ مَنْبِجاً مَوضِعاً من هذا قياساً صحيحاً ورُدّ بأَنّها على بَسيط من الأَرضِ لا أَكَمةَ فيه . " والنابِجَة : الدَّاهِيَةُ " والصَّواب أَنه البائِجة وقد تقدّم في الموحَّدة فإِني لم أَجِدْها في الأَمَّهات فتَصحَّف على المصنّف . عن أَبي عمرٍو : هو " طعامٌ جاهِليٌّ كان " يُتَّحذ في أَيّام المَجاعةِ " يُخاضُ الوَبَرُ باللَّبَن فيُجْدَعُ " ويُؤكَل " كالنَّبِيج " . قال الجَعْدَيّ يَذكر نساءً :
تَرَكْنَ بَطَالةً وأَخَذْنَ جِذّاً ... وأَلْقَيْنَ المَكاحِلَ للنَّبيجِ قال ابن الأَعرابيّ : الجِذّ : طَرَفُ المِرْوَدِ . " والأَنْبَجُ كأَحْمَدَ وتُكْسَر باؤه : ثَمَرةُ شَجرةٍ هِنديّة " يُربَّب بالعَسَل على خِلْقَةِ الخَوْخِ مُحرَّفُ الرأَسِ يُجلَب إِلى العراق في جَوْفِه نَواةٌ كنَواةِ الخَوْخِ فمن ذلك اشتَقُّوا اسمَ الأَنْبجات الّتي تُربَّب بالعَسل من الأُتْرُجّ والإِهْلِيلَجِ ونحوِه ؛ كذا في اللّسان والأَساس وهو " مُعرَّب أَنْبَ " . قال أَبو حنيفةَ : شَجرٌ الأَنْبَجِ كثيرٌ بأَرضِ العربِ من نَواحي عُمَانَ يُغْرَس غَرْساً وهو لَوْنانِ : أَحدُهما ثَمرتُه في مثلِ هَيْئةِ اللَّوْزِ لا يزال حُلْواً من أَوّلِ نَباتِه وآخرُ في هَيْئة الإِجّاصِ يَبدو حامِضاً ثم يَحْلُو إِذا أَيْنَعَ ولهما جميعاً عَجْمَةٌ ورِيحٌ طَيِّبة ويُكبَس الحامض منهما وهو غَضٌّ في الجِبَابِ حتّى يُدْرِكَ فيكون كأَنَه المَوْزُ في رائحته وطَعمِه ويَعظُم شَجرُه حتّى يكون كشَجَرِ الجَوْزِ وورَقُه كوَرقِه وإِذا أَدرَك فالحُلْوُ منه أَصفَرُ والمُرّ منه أحمر . " وأَنْبَجَ " الرَّجلُ : إِذا " خَلَّطَ في كَلامه " . أَنْبَجَ : " قَعَدَ على النِّبَاج " اسْم " للآكامِ " العالِيَة ؛ وهذا عن ابن الأَعرابيّ . " والنُّبُجَ بضمّتين : الغَرَائرُ السُّودُ " كالنِّبَاج كما في المعجم لياقوت . " ونَبَجَت القَيْحَةُ " هكذا في سائر النُّسخ الموجودة بأَيدِينا بالقاف والتّحتيّة وهو غَلطٌ والصّواب " القَبْجَةُ " بالموحّدة وهو ذَكَرُ الحَجَلِ : " خَرَجَت " من جُحْرها . وقد تقدّم مثل هذا أَيضاً في ب ن ج فلا أَدري أَيّهما أَصحّ فليُنظَر . " وتَنبَّجَ العَظْمُ : تَورَّمَ كانْتَبَجَ " " والنَّبَجَانُ محرَّكةً : الوَعيدُ " " والنّبْجُ " بفتح فسكونٍ : " البَرْدِيّ يُجعَل بين لَوْحَيْنِ من أَلواحِ السَّفينةِ " . " ونَابَاجُ : لَقَلُ عبدِ الله بنِ خالدٍ ولَقَلُ والدِ عليِّ بنِ خَلَفٍ " . ومما يستدرك عليه : إِنّه نَفّاجٌ نَبّاجٌ : ليس معه إِلاّ الكلامُ . والنَّبّاجُ : المُتكلِّمُ بالحُمْق . والنَّبّاجُ : الكَذَّابُ ؛ وهذه عن كُراع . والنَّبْج : نَباتٌ ؛ قاله ابن منظور وأَنا أَخشَى أَن يكون مُصحَّفاً عن البَنْجِ ؛ وقد تقدّم