الجِنْسُ بالكَسْرِ : أَعَمُّ من النَّوْعِ ومنه المُجانَسَةُ والتَّجْنيسُ وهو كلُّ ضَرْبٍ من الشيءِ ومن النّاس ومن الطَّيرِ ومن حُدودِ النَّحْوِ والعَروضِ ومن الأَشياء جُمْلَةً قال ابن سِيدَه : وهذا على موضوعِ عِباراتِ أَهلِ اللُّغَةِ وله تَحديدٌ فالإبلُ : جِنْسٌ من البهائم العُجْمِ فإذا والَيْتَ سِنّاً من أَسنانِ الإبلِ على حِدَة فقد صَنَّفْتَها تَصنيفاً كأَنَّكَ جعلتَ بناتِ المَخاضِ منها صِنْفاً وبناتِ اللَّبون صِنفاً والحِقاقِ صِنْفاً وكذلك الجَذَعُ والثَّنِيّ والرُّبَع . والحَيوانُ أَجناسٌ فالنّاسُ جِنْسٌ والإبِلُ جِنْسٌ والبَقَرُ جِنْسٌ والشَّاءُ جِنْسٌ . ج أَجناسٌ وجُنُوسٌ الأَخيرةُ عن ابن دُرَيد قال الأَنصارِيُّ يَصِفُ نَخلاً :
تَخَيَّرْتُها صالِحاتِ الجُنُو ... سِ لا أَسْتَمِيلُ ولا أَسْتَقِيلُ
ومن سَجَعاتِ الأَساسِ : النَّاسُ أَجْناس وأَكثَرُهم أَنْجاس . الجَنسُ بالتَّحريك : جُمودُ الماءِ وغيرِه عن ابن الأَعرابيّ نقله الأَزْهَرِيُّ عنه وليس عندَه وغَيرِه . وقال أَيضاً : الجُنُسُ بضَمَّتينِ : المِياهُ الجَامِدَةُ . وكأَنَّه لغةٌ في الجُمُسِ بالميمِ وقد تقدَّم . والجَنِيسُ كأَمير : العَريقُ في جِنْسِه نقلَه ابنُ عَبّادٍ . الجِنِّيسُ كسِكِّيتٍ : سمكَةٌ بينَ البَياضِ والصُّفْرَةِ نقاه الصَّاغانِيّ أَيضاً . والمُجانِسُ : المشاكِلُ يُقال : هذا يُجانِسُ هذا أَي يُشاكِلُه وفُلانٌ يُجانِسُ البَهائِمَ ولا يُجانِسُ النّاسَ إذا لم يكن له تَمْييزٌ وعَقْلٌ . وجَنَسَتِ الرُّطَبَةُ إذا نَضِجَ كلُّها فكأَنَّها صارَت جِنساً واحِداً أَو أَنَّها مثلُ جَمَسَتْ بالميم إذا رَطُبَتْ وهي صُلْبَةٌ كما تقدَّم . والتَّجْنيسُ تَفعِيلٌ من الجنسِ وكذلك المُجانَسَةُ مُفاعَلَةٌ منه وقول الجَوْهَرِيِّ عن ابنِ دُرَيد : إنَّ الأَصمعِيَّ كان يقول : الجِنْسُ المُجانَسَةُ من لُغات العامَّةِ غلَطٌ لأَنَّ الأَصمعيَّ واضِعُ كتابِ الأَجناسِ وهو أَوَّلُ من جاءَ بهذا اللَّقَبِ . قلتُ : هذا التَّغليطُ هو نَصُّ ابنِ فارِس في المُجْمَلِ الذي نقَلَ عن الأَصمعِيِّ أَنَّه كان يَدفَعُ قولَ العامَةِ : هذا مُجانِسٌ لهذا إذا كان من شكلِه ويقول : ليس بعربيٍّ صحيح يعني لفظة الجِنْسِ ويقولُ : إنَّه مُولّدٌ وقولُ المُتَكَلِّمينَ : الأَنواعُ مَجنوسَةٌ للأجناسِ كلام مولّد لأَنَّ مثلَ هذا ليس من كلام العربِ وقولُ المُتكَلِّمينَ : تَجانَسَ الشَّيْئانِ : ليس بعَرَبِيٍّ أَيضاً إنَّما هو تَوَسُّعٌ هذا الذي نقله صاحب اللسان وغيرُه فقولُ المُصَنِّفِ : كان يقول : إلى آخِرِه مَحَلُّ نَظَر إذ ليس هذا من قولِه ولا هو ممن يُنكِرُ عرَبيَّة لفظِ المُجانَسَةِ والتَّجنيس لغير مَعنى المُشاكَلَة وإذا فُرِضَ ثُبوتُ ما ذكرَه المُصَنِّف فلا يَلزَمُ من نَفيِ الأَصمعِيِّ لذلك نفيُه بالكُلِّيَّةِ فقد نقله غيرُهُ ولا يَخفَى أَنَّ الجَوْهَرِيَّ ناقِلٌ ذلكَ عن ابنِ دُرَيْدٍ وقد تابعَه على ذلكَ ابنُ جِنِّيّ عن الأَصمعِيِّ فهو عندَ أَهلِ الصِّناعَةِ كالمتواتر عنه فكيفَ يُنسَبُ الغَلَطُ إلى النّاقِلِ وهو بهذه المَثابَةِ ؟ وأَيُّ جامِعٍ بينَ نَفيِ المُجانَسَةِ والجِناسِ وبينَ إثباتِ الأَجناسِ وأنَّه أَلّف فيها ؟ وكيفَ يكونُ أَنَّه أَوَّلُ من جاءَ بهذا اللَّقَبِ وقد ثبتَ ذلكَ من غيرِه من أئِمَّة اللُّغَةِ المُتَقَدِّمينَ ؟ وعل كُلِّ حالٍ فكلامُ المُصَنِّف مع قُصورِه في النَّقْلِ لا يَخلو عن النَّظَرِ من وُجوهٍ شَتّى فتأَمَّلْ تَرْشُدْ . ومِمّا يُستَدرَك عليه : قولُهُم : جِئْ بهِ من جِنسِك أَي من حيثُ كانَ والأَعرَفُ من حَسِّك والجِناسُ الذي يذكرُه البيانِيُّونَ مُوَلَّدٌ . وعليُّ بنُ سَعادَةَ بنِ الجُنَيْسِ كزُبَيْرٍ الفارِقِيُّ العطّارِيُّ مات سنة 602 . ولأَهل البديع كلامٌ في الجِناسِ وتعريفِه لا يَسَعُ المَحَلُّ إيرادَه وقَسَّموه وجَعلوا له أَنواعاً فمنها الجِناسُ المُطْلَقُ والمُماثِلُ والتّامُّ والمَقلوبُ والمُطَرَّفُ والمُذَيَّلُ واللَّفظِيُّ واللاحِقُ والمَعنَوِيُّ والمُلَفَّقُ والمُحَرَّفُ ولو أَردْنا ذِكْرَ شَواهِدِ كلٍّ منها لخَرَجْنا عن المَقصودِ وقد تضَمَّن بيانَ ذلك كلِّه المولى الفاضِلُ بديعُ زمانِه عليُّ بنُ تاجِ الدِّينِ القلعيّ الحَنَفِيُّ المَكِّيُّ في كتابه : شرح البديعيَّة له رحمه الله تعالى فراجِعْهُ إن شِئْتَ . ومُجانِس بالضَّمّ قَريَةٌ من أَعمال قُوص
النَّجْسُ بالفتح وبه قَرَأَ بَعْضُهُم . إِنّما قَيَّدَه لِجَمْعِ اللُّغَاتِ الَّتِي يَذْكُرها بَعْدُ وهي النِّجْسُ بالكسرِ قالَ أَبو عُبَيْدٍ : زعم الفَرَّاءُ أَنَّهُم إِذَا بَدَءُوا بالنَّجَسِ ولم يَذْكُرُوا الرِّجْسِ فَتَحُوا النُّونَ والجِيمَ وإِذا بَدءَوا بالرِّجْسِ ثُمَّ أَتْبَعُوا بالنّجس كَسَرُوا النونَ فهُمْ إِذا قالُوه مع الرِّجْسِ أَتْبَعُوه إِيّاه وقالُوا : رِجْسٌ نِجْسٌ كَسَرُوا لمَكانِ رِجْس وثَنَّوْا وجَمَعُوا كما قالُوا : جاءَ بالطِّمِّ والرِّمِّ فإِذا أَفْرَدُوا قالُوا : بالطَّمِّ ففَتَحُوا . قالَ ابنُ سِيدَه : وكذلِكَ يَعْكِسُونَ فيَقُولُونَ : نِجْسٌ رِجْسٌ فيَقُولُونها بالكسرِ لمَكانِ رِجْسٍ الذي بَعْدَه فإِذا أَفْرَدُوه قالُوا : نَجَسٌ وأَمّا رِجْسٌ مُفْرَداً فمَكْسُورٌ على كُلِّ حالٍ هذا على مَذْهَبِ الفَرّاءِ . قال شَيْخُنا : وإعْتَمدَ الحَرِيرِيُّ في دُرَّةِ الغَوَّاصِ أَنه لا يَجِيءُ إِلاّ إِتْبَاعاً لِرِجْسٍ والحَقُّ أَنَّه أَكْثَريٌّ لقرَاءَةِ ابنِ حَيْوَةَ به في " إِنَّمَا المُشْركُونَ نجسٌ " . قلتُ : وهو أَيْضاً قراءَةُ الحَسنِ بنِ عِمْرَانَ ونُبَيْحٍ وأَبِي وَاقِدٍ والجَرّاحِ وابنِ قُطَيْبٍ كما صَرَّح به الصّاغانِيُّ في التَّكْمِلَة والعُبَابِ والمُصَنِّف في البَصَائِر . والنَّجَسُ بالتَّحْرِيك . والنَّجِسُ ككَتِفٍ وبه قَرَأَ الضَّحَاكُ قِيلَ : النَّجَسُ بالتَّحْرِيكِ يكونُ للواحِدِ والإثْنين والجَمْعِ والمؤنَّثِ بلُغةٍ وَاحدَةٍ رجُلٌ نَجَسٌ ورجُلانِ نَجَسٌ وقَوْمٌ نَجَسٌ . قال الله تعالى : " إِنَّما المُشْرِكُونَ نَجَسٌ " فإِذا كَسَرُوا ثَنَّوْا وجَمَعُوا وأَنَّثُوا فقالُوا : أَنْجَاسٌ ونَجِسَةٌ . وقال الفَرّاءُ : نَجَسٌ لا يُجْمَع ولا يُؤَنَّث . وقال أَبو الهَيْثَمِ في قَوْلِه تَعالَى : " إِنَّمَا المُشْرِكُونَ نَجَسٌ " أَي أَنْجَاسٌ أَخْبَاثٌ . والنَّجُسُ مثْلُ عَضُدٍ قال الشِّهَابُ الخَفَاجيُّ كما وُجِدَ بخَطِّه بَعْدَ ما سَاقَ عِبَارَةَ المُصَنِّف هذه أَقول : بَيَّنَ أَنَّ نُونَه تُفْتَح وتُكْسَر مع سُكُونِ الجِيم بقَرِينَةِ قولِه بالتَّحْرِيك أَي تَحْرِيكِ الجيمِ بفَتْحٍ لأَنّ التَّحْرِيك المُطْلَقَ ينصرفُ للفَتْحِ عنْدَ اللُّغَويِّينَ والقُرَّاء وإسْتَغْنَى عن التَّصْرِيح بالسُّكُون لِدَلالَة مَفْهُومِ التَّحْرِيك مع أَنّه الأَصْلُ فحاصِلُه أَنَّ فيه خَمْسَ لُغَاتٍ : فَتْح النُّون وكَسْرهَا مع سُكُونِ الجيم والحَرَكَات الثَّلاث في الجِيم مع فَتْحِ النُّون . وتَوْضِيحُه ما في العُبَاب وعبارته : النَّجَسُ بفتحتين والنَّجِسُ بفتحٍ فكسرٍ والنَّجُسُ بفتحٍ فضَمٍّ والنَّجْسُ بفتحٍ فسُكونٍ والنِّجْسُ بكسرٍ فسُكُون : ضِدُّ الطاهِرِ وقد نَجُسَ ثَوْبُه كسَمِعَ وكَرُمَ نَجْساً ونَجَاسَةً . وقال الرّاغبُ في المُفْرَدات وتَبِعَه المصنِّفُ في البَصّائِر : النَّجاسَةُ ضَرْبَانِ : ضَرْبٌ يُدْرَكُ الحَاسَّةِ وضَرْبٌ يُدْرَك بالبَصِيرَةِ وعلى الثّانِي وَصَفَ اللهُ به المُشْرِكِينَ في الآيَة المُتَقّدِّمة . قلْتُ : وذكرَ الزَّمَخْشَرِيُّ أَنَّه مَجَازٌ . وأَنْجَسَهُ غَيْرُه ونَجَّسَه تَنْجِيساً فتَنَجَّسَ والفُقَهَاءُ يُفَرِّقُون بَيْنَ النَّجِسِ والمُتنَجِّسِ كما هو مُصَرَّحٌ به في مَحَلِّه . وفي الحَدِيثِ عن الحَسَنِ في رَجُلٍ زَنَى بامْرَأَةٍ تَزَوَّجَهَا فقال : هُو أَنْجَسَهَا وهو أَحَقُّ بِهَا . ودَاءٌ نَاجِسٌ ونَجِيسٌ ككَرِيم وكذا داءٌ عُقَامٌ إِذا كان لا يُبْرَأُ منه . وقال الزَّمْخْشَرِيُّ : أَعْيَا المُنَجِّسِين . قال الشاعِر :
" وداءٍ قَدَ أَعْيَا بالأَطباءِ ناجِسُ وقال ساعِدَةُ بنُ جُؤَيَّةَ :
والشَّيْبُ دَاءٌ نَجِيسٌ لا شِفَاءَ لَهُ ... للْمَرْءِ كَانَ صَحِيحاً صائِبَ القُحَمِوتَنَجَّسَ : فَعَلَ فِعْلاً يَخْرُجُ به عِنِ النَّجَاسَةِ كما قيل : تَأَثَّمَ وتَحَرَّجَ وتَحَنَّثَ إِذا فَعَل فِعْلاً يَخْرُجُ به عن الإِثْمِ والحَرَجِ والحِنْثِ . والتَّنْجِيسُ : اسمُ شَيْءٍ كانَت العَرَبُ تَفْعَلُه : وهو تَعْلِيقُ شيْءٍ من القَذَرِ أَوْ عِظَام المَوْتَى أَو خِرْقَةِ الحائضِ كان يُعَلَّقُ علَى مَن يُخَافُ عَلَيْه من وَلُوعِ الجِنِّ بِه كالصِّبْيَان وغيرِهم ويَقُولُون : الجِنُّ لا تَقْرَبُهَا . وعِبَارَة الصّحاحِ : والنَّنْجِيسُ : شْيءٌ كانَت العربُ تفعلُه كالعُوذَةِ تَدْفَعُ بها العِيْنَ ومنه قَولُ الشاعر :
" وعَلَّقَ أَنْجاساً عَلَىَّ المُنَجِّسُ قلْتُ : وصَدْرُه :
" ولو كانَ عِنْدِي كاهِنَانِ وحَارِسٌ وقال ابنُ الأَعْرَابيّ : من المَعَاذَاتِ : التَّميمَةُ والجُلْبَةُ والمُنَجّسَة . ويقال : المُعَوَّذُ مُنَجَّسٌ قال ثَعْلَبٌ : قلت له : لِمَ قِيلَ للمُعّوَّذِ : مُنَجَّسٌ وهو مأْخُوذٌ من النَّجَاسَة ؟ فقالَ : لأَنَّ للعَرَبِ أَفْعَالاً تُخَالِفُ مَعانِيهَا أَلْفَاظَهَا يُقَال : فُلانٌ يَتَنَجَّسُ إِذا فَعل فِعْلاً يَخْرُج به مِن النَّجَاسَة وسَاقَ العِبَارَةَ الَّتي سُقْنَاهَا آنِفاً . قلتُ : وسَبَقَ أَيضاً إِنْشَادُ قولِ العَجّاج في ح م س :
" وَلَمْ يَهَبْنَ حُمْسَةً لأَحْمَسَا
" ولاَ أَخَاً عَقَدٍ ولا مُنَجِّساً ومن سَجَعَاتِ الأَسَاس : إِذا جاءَ القَدَرُ لَم يُغْنِ المُنَجِّمُ ولا المُنَجِّسُ ولا الفَيْلَسُوفُ ولا المُهَنْدِس . قالَ وهو الَّذِي يُعَلِّقُ على الَّذِي يُخافُ عليه الأَنْجَاسَ مِن عِظَامِ المَوْتَى ونَحْوِهَا لِيَطْرُدَ الجنَّ : لنُفْرَتِهَا من الأَقْذَارِ . ومِمّا يُسْتَدْرَك عليه : النَّجْسُ بالفَتْحِ وككَتِفٍ : الدَّنِسُ القَذِرُ مِن النّاسِ . ودَاءٌ نَجِسٌ ككَتِفٍ : عَقِيمٌ وقد يُوصَفُ به صاحِبُ الداءِ وكذلِكَ في أَخَواتِه الِّتي ذَكَرَها المصنِّف . والنَّجْسُ بالفَتْح : إتِّخَاذُ عُوِذَةِ الصَّبِيِّ وقد نَجَسَ له ونَجَّسه : عَوَّذَه . والنِّجَاسُ بالكَسْرِ : التَّعْوِيذُ عن ابنِ الأَعْرَابِيِّ قالَ : كأَنَّهُ الإسْمُ من ذلِكَ . قالَ : والنُّجُسُ : بضَمَّتَيْنِ : المُعَوِّذُون وفي بعض النُّسَخِ : المُعَقِّدُون والمَعْنَى وَاحِدٌ : وهم الّذِين يَرْبِطُون على الأَطْفَالِ ما يَمْنَع العيْنَ والجِنَّ . ومِن المجازِ : نَجَّسَتْه الذُّنُوبُ . والنَّاسُ أَجْنَاسٌ وأَكثَرُهم أَنْجَاس . وتقول : لا تَرَى أَنْجَسَ من الكافِر ولا أَنْحَسَ من الفاجِر كما في الأَساس . والمَنْجَسُ : جُلَيْدَةٌ تُوضَعُ على حَزِّ الوَتَرِ