الرَّسُّ : ابْتِدَاءُ الشَّيْءِ ومنه رَسُّ الحُمَّى ورَسِيسُهَا عن أَبي عُبَيْدٍ وهو بَدْؤُهَا وأَوَّلُ مَسِّهَا وذلِك إِذا تَمَطَّى المَحْمُومُ مِن أَجْلِها وفَتَر جِسْمهُ وتَخَثَّر قال الأَصْمَعِيُّ : أَوَّلُ ما يَجِدُ الإِنْسَانُ مَسَّ الحُمَّى قَبْلَ أَنْ تَأْخُدَه وتَظْهَرَ فذلك الرَّسُّ والرَّسِيسُ أَيْضاً
وقال الفَرَّاءُ : أَخَذَتْه الحُمَّى بِرَسٍّ إِذا ثَبَتَتْ في عِظَامِه . والرَّسُّ : البِئْرُ المَطْوِيَّةُ بالحِجَارَةِ وقيل : هي القَدِيمَةُ سواءٌ طُوِيَتْ أَم لا ومنه في الأسَاس : وَقَعَ في الرَّسِّ أَي بِئْرٍ لم تُطْوَ والجَمْعُ : رِسَاسٌ . قالَ النّابِغَةُ الجَعْدِيُّ :
" تَنابِلَةً يَحْفِرُونَ الرِّسَاسَا
والرَّسُّ : بِئْرٌ لثَمُودَ وفي الصّحاح : كَانَتْ لِبَقِيَّةٍ مِنْ ثَمُودَ ومنه قَولُه تَعَالَى : " وأَصْحَاب الرَّسِّ " وقالَ الزَّجَّاجُ : يُرْوَى أَنَّ الرَّسَّ : دِيارٌ لطائفةٍ مِنْ ثَمُودَ قال : ويُرْوَى أَنّ الرَّسَّ قَرْيَةٌ باليَمَامَةِ يقال لَها : فَلْجٌ . ويُرْوَى اَنَّهُمْ كذَّبُوا نَبِيَّهُمْ ورَسُّوهُ فِي بِئْرٍ أَي دَسُّوه فِيهَا حتَّى ماتَ . والرَّسُّ : الإِصْلاحُ بَيْنَ الناسِ والافْسَادُ أَيْضاً وقد رَسَسْتُ بَيْنَهُم وهو ضِدَّ قال ابنُ فارِسٍ : وأَيّ ذلِكَ كانَ فإِنَّه إِثْبَاتُ عَدَاوَةٍ َأو مَوَدَّةٍ . والرَّسُّ : وَادٍ بِأَذْرَبيجَانَ يُقَال : كَانَ عَلَيْهِ أَلْفُ مَدِينَةٍ . والرَّسُّ : الحَفْرُ وقد رَسَسْتُ أَي حَفَرْتُ بِئْراً . والرَّسُّ : الدَّسُّ وَقَدْ دَسَّهُ في رَسٍّ أَي دَسَّهُ في بِئْرٍ . ومنه سُمِّيَ دَفْنُ المَيِّتِ في القَبْرِ : رَسًّا وقد رَسَّ المَيِّتَ أَي قَبَرَهُ . والرَّسُّ في القَوَافِي : حَرَكَةُ الحَرْفِ الذِي بَعْدَ أَلفِ التَّأْسِيسِ نحو حَرَكَةِ عينِ فاعِل في القَافِيَةِ كيْفَما تحرَّكَتْ حَرَكَتُهَا جازَتْ وكانَ رَسًّا للأَلِفِ قالَهُ اللَّيْثُ أَو الرَّسُّ : حَذْفُ الحَرْفِ الذي قَبْلَه أَو هو فَتْحَةُ الحَرْفِ الذِي قَبْلَ حَرْفِ التَّأْسِيسِ وقد ذَكَرَها الخَلِيلُ والأَخْفَشُ وكان الجَرْمِيُّ يقول : لا حَاجَةَ إِلى ذِكْرِ الرَّسِّ ؛ لأَنَّ ما قَبْلَ الأَلِفِ لا يَكُونُ إِلاّ مَفْتُوحاً وهذا قولٌ حَسَنٌ إِذْ كانُوا إِنّمَا أَوْقَعُوا التَّشْبِيهَ على ما تَلْزَمُ إِعادَتُه فإِذا فُقِدَ أَخَلَّ وهذِه حَرَكَةٌ لا يَجُوزَ عنْدَهُمْ أَنْ تكونَ غيرَ الفتحةِ فلا حاجَةَ إلى ذِكْرِها فيما يَلْزَم . والرَّسُّ : تَعَرُّفُ أُمُورِ القُوْمِ وخَبَرِهِمْ يُقَال : رَسَّ فُلانٌ خَبَرَ القَوْمِ إِذا لَقِيَهُم وتَعَرَّق أُمُورَهُم ومِنْ ذلِكَ قولُ الحَجَّاجِ للنُّعْمَانِ بنِ زُرْعَةَ : أَمِنْ أَهْلِ الرَّسِّ والنَّسِّ والرَّهْمَسَةِ والبَرْجَمَةِ أَو مِنْ أَهْلِ النَّجْوَى والشَّكْوَى أَو مِنْ أَهْل المَحَاشِدِ والمَخَاطِبِ والمَرَاتِبِ ؟ . وأَهْلُ الرَّسِّ : هم الَّذِينَ يَبْتَدِئُون الكَذِبَ ويُوقِعُونَه في أَفْوَاهِ النّاسِ . وقال الزَّمْخْشَرِيُّ : هو مِنْ : رَسَّ بَيْنَ القُوْمِ أَي أَفْسَدَ ؛ لأَنَّه إِثْباتٌ للعَدَاوَةِ . وقالَ غيرُه : هو مِنْ : رَسَّ الحَدِيثَ في نَفْسِه إِذا حَدَّثَهَا بهِ وأَثْبَتَهُ فِيهَا . والرَّسُّ لُغَةٌ في الرَّزِّ بالزّايِ وقد ذُكِرَ في مَوْضِعِه . أَبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ إِبراهِيمَ بنِ إِسْمَاعِيلَ بنِ تَرْجُمَانِ الدِّين أَبِي مُحَمَّدٍ القَاسِمِ بنِ إِبْرَاهِيمَ بنِ إِسْمَاعِيلَ بنِ إِبرَاهِيمَ بنِ الحَسَنِ المُثَنَّى الرَّسِّيُّ مِن العَلَوِيِّينَ بل هو نَقِيبُ الطّالِبِيِّينَ بمِصْرَ وتَرْجَمَه الذَّهَبِيُّ في التَّارِيخِ قالَ فيه : عن ابنِ يونُسَ وهو يَرْوِي عن آبائِه . تُوُفِّيَ بمِصْرَ في شعْبَانَ سنة 315 . قلتُ : وكان وَالدُه رَئِيساً مُمَدَّحاً وجَدَّهُ أَبو محَمَّدٍ أَوَّل من عُرِفَ بالرَّسِّي ؛ لأَنَّه كانَ يَنْزِلُ جَبَلَ الرَّسِّ وكانَ عَفِيفاً زاهِداً وَرِعاً وله تَصَانِيفُ . وهو جِمَاعُ بَنِي حَمْزَةَ وبَنِي الهادِي وبَنِي القاسِم . وأَعْقَبَ مُحَمَّدٌ هذا سادَةً نُجَبَاءَ تقدَّموا بمِصْرَ منهم : القَاسمُ وعِيسَى وجَعْفَرٌ وعليٌّ وإِسماعِيلُ ويَحْيَى وأَحْمَدُ . الأَخِيرُ يكْنَى أَبا القَاسِمِ تَرْجَمَه الذَّهَبِيُّ في التارِيخ وتَوَلَّى النِّقَابَةَ بمِصْرَ وله شِعْرٌ جَيِّدٌ في الغَزَلِ والزُّهْدِ وله البَيْتَانِ المَشْهوران
" خَلِيلَيَّ إِنِّي لِلثُّرَيَّا لَحَاسِدُإلى آخِرِه ومِنْ وَلِدِه أَبو إِسْمَاعيلَ إِبراهِيمُ بنُ أَحمدَ نقيبُ الأَشراف بمِصْرَ في أَيَّام العَزِيز تُوُفِّي بها سنة 365 ، وولداه الحسينُ وعليٌّ تَوَلَّيَا النِّقَابَةَ بَعْدَ أَبيهما وقد أَوْرَدْتُ نَسَبَهم وأَنْسَابَ بَنِي عَمِّهم مَبْسوطاً في المُشَجِّرَات . والرَّسِيسُ كأَمِيرٍ : الشَّيْءُ الثَّابِتُ الذِي لَزِمَ مَكَانَه وقال أَبو عَمْرو : الرَّسِيسُ : العَاقِلُ الفَطِنُ كلاهما عن أَبي عَمْرو . وقال أَبو زَيْد : أَتانا مِنْ خَبَر ورَسِيسٌ مِنْ خَبَرٍ وهو الخَبَرُ الذِي لم يَصِحَّ . والرَّسِيسُ : ابْتِداءُ الحُبِّ وقيل : بَقِيَّتُه وآخِره . وقال أَبو مالِكٍ : رَسِيسُ الهَوَى أَصْلُه . وأَنْشَد لِذِي الرُّمَّةِ :
" إِذَا غَيَّرَ النَّأْيُ المحِبِّينَ لَمْ أَجِدْرَسِيسَ الْهَوَى مِنْ حبِّ مَيَّةَ يَبْرَحُ وكذلِك رَسِيسُ الحُمَّى حِينَ تَبْدَأُ كالرَّسِّ ولا يَخْفَى أَنَّ هذا قَدْ تَقَدَّم في أَوَّلِ المادَّةِ فإِعَادَتُه هنا ثَانِياً تَكْرَارٌ . وقال ابنُ الأَعْرَابِيّ : الرَّسَّةُ بالفَتْحِ : السَّارِيَةُ المحْكَمَةُ . والرُّسَّةُ بالضَّمِّ : القَلَنْسُوَةُ وأَنْشَدَ :
أَفْلَحَ مَنْ كَانَتْ لَهُ ثِرْعَامَهْ ... ورُسَّةٌ يُدْخِلُ فيها هَامَهْ كالأَرْسُوسَةِ بالضَّمِّ أَيْضاً وهذِه عن ابنِ عَبَّادٍ . والرُّسَّي كالْحُمَّى : الهَضْبَةُ لارْتِساسِهَا . و الرماحس بن والرُّسَارِسِ بالضَّمِّ فيهما في جُمْهُور نَسَبِ كِنَانَةَ . والرُّسَارِسُ : هو ابنُ السَّكْرَانِ بنِ وَافِدِ بنِ وُهَيْبِ بنِ هَاجِرِ بنِ عُرَيْنَةَ بنِ وَائِلَةَ بنِ الفاكِهِ بنِ عَمْرِو ابنِ الحارِث بنِ مالك بن كِنَانَةَ . وذَكَرَ ابنُ الكَلْبِي عبدَ الرَّحْمنِ بنَ الرُّماحِسِ هذا وساق نسبَهَ هكذا . ورَسْرَسَ البَعِيرُ لغةٌ في رَصْرَصَ وذلِك إِذا ثَبَّتَ رُكْبَته وتَمَكَّنَ للنُّهُوضِ ويُقال : رَسَّسَ ورَصَّصَ
والتَّرَاسُّ : التَّسَارُّ وهُمْ يَتَرَاسُّون الخَبَرَ ويَتَرَهْمَسُونَه أَي يَتَسارُّونَه . ورَسَّ له الخَبَرَ في النّاسِ إِذا جَرَى وفَشَا فيهم
والمُرَاسَّةُ المُفاتَحَةُ ومِنْهُ حديثُ ابنِ الأَكْوَع : إِنَّ المُشْرِكِين رَاسُّونَا الصُّلْحَ وابْتدَءُونا في ذلكِ أَي فاتحُونَأ . ويُرْوَى : وَاسُونَا بالواو أَي اتفقوا معنا عليه والواو فيه بدل من همزة الأُسْوَة
ومما يُسْتَدرَكُ عَلَيْه : رَسَّ الهَوَى في قلْبِه والسَّقُم في جِسْمِه رَسّاً ورَسِيساً وأَرَسَّ : دَخَلَ وثَبَتَ
ورَسُّ الحُبِّ ورَسِيسُه : بَقِيَّتُه وأَثَرُه
ورَسَّ الحَدِيثَ في نَفْسِه يَرُسُّه رَسّاً : حَدَّثَها بِه
وبَلَغَنِي رَسٌّ مِن خَبَرٍ أَي طَرَفٌ منه أَو شيءٌ منه أَو أَوَّلُه . ورَسَّ له الخَبَر : ذَكَرَه له قال أَبو طالِبٍ :
" هُمَا أَشْرَكَا فِي المَجْدِ مَنْ لاَ أَبَالَهُمِنَ النَّاسِ إِلاَّ أَنْ يُرَسَّ لَهُ ذِكْرُ أَي إِلاَّ أَنْ يُذْكَر ذِكْراً خَفِيّاً ورِيحٌ رَسِيسٌ : لَيِّيَةُ الهُبُوبِ رُخَاءٌ : قالَه أَبو عَمْرٍو وأَنْشَدَ :
كَأَنَّ خُزَامَى عَالِجٍ طَرَقَتْ بِهَا ... شَمَالٌ رَسِيسُ المَسِّ بَلْ هِيَ أَطْيَبُ وقال المازِنِيُّ : الرَّسُّ : العَلاَمَةُ . وأَرْسَسْتُ الشَّيْءَ : جَعلتُ له عَلامةً . ورَسَّ الشَّيْءَ : نَسِيَه لِتَقادُمِ عَهْدِه . قال :
" يَا خَيْرَ مَنْ زَانَ سُرُوجَ الْمَيْسِ
" قَدْ رُسَّتِ الحَاجَاتُ عِنْدَ قَيْسِ
" إِذْ لاَ يَزَالُ مُولَعاً بِلَيْسِ والرَّسُّ : المَعْدِنُ والجَمْعُ الرِّسَاسُ . والرَّسُّ والرُّسَيْس كزُبَيْرٍ : وَادِيانِ بِنَجْدٍ أَو مَوْضِعانِ وقيل : هما ماءَانِ في بِلادِ العَرَبِ مَعْروفانِ . قلتُ : الرَّسُّ : لِبَنِي أَعْيَا بنِ طَرِيف والرُّسَيْس لِبَنِي كاهِلٍ . وقال زُهَيْرٌ :
" لِمَنْ طَلَلٌ كَالُوَحْي عَفٌّ مَنَازِلُهْعَفَا الرَّسُّ مِنْهَا فَالرُّسَيْسُ فَعَاقِلُهْ وفي الصّحاح : والرَّسُّ : اسمُ وادٍ في قول زُهَيْر :
" بَكَرْنَ بَكُوراً وَاسْتَحَرْنَ بِسُحْرَةٍفَهُنَّ لِوَادِي الرَّسِّ كَالْيَدِ لِلْفَمِورَسَّ الحَدِيثَ في نَفْسِه إِذا عَاوَدَ ذِكْرَه ورَدَّدَه . وقالَ أَبو عُبَيْدة : إِنَّكَ لَتَرُسُّ أَمْراً ما يَلْتَئِم أَي تُثَبِّتُ أَمْراً ما يَلْتَئِم