نَاءَ بحِمْله يَنوءُ نَوْأً وتَنْواءً بفتح المُثنَّاة الفوقية ممدودٌ على القياس : نهَضَ مُطلقاً وقيل : نَهَضَ بجَهْدٍ ومَشَقَّةٍ قال الحارِثيُّ :
فقلنا لهمْ تِلْكمْ إذاً بعد كَرُّةٍ ... تُغادِرُ صرعى نَوؤُها مُتخاذِلُ ويقال : نَاءَ بالحِمْلِ إذا نَهَضَ به مُثْقَلاً ونَاءَ به الحِمْلُ إذا أَثقلَهُ وأَمالَهُ إلى السقوط كأَنَاءهُ مثل أَناعه كما يقال : ذهبَ به وأَذهبَه بمعنًى والمرأة تَنوءُ بها عَجيزَتُها أَي تُثْقِلُها وهي تَنوءُ بعَجيزَتِها أَي تنهض بها مُثْقَلَةً . وقال تعالى " مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بالعُصْبَةِ أُولي القُوَّةِ " أَي تُثْقِلهم والمعنى أنَّ مفاتِحَه تَنوءُ بالعُصْبَةِ أَي تُميلُهم من ثِقْلِها فإذا أَدخَلْت الباءَ قلتَ تَنوءُ بهم وقال الفرَّاء : لَتُنِيءُ العُصْبَةَ : تُثْقِلُها وقال :
إِنِّي وجَدِّك لا أَقْضي الغَريم وإِنْ ... حانَ القَضاءُ وما رَقَّتْ لهُ كَبِدِي
إِلاَّ عَصَا أَرْزَنٍ طارَتْ بُرايَتُها ... تَنُوءُ ضَرْبَتُها بالكَفِّ والعَضُدِ
أَي تُثْقِلُ ضَرْبَتُها الكفَّ والعَضُدَ . وقيل : نَاءَ فلانٌ إذا أُثْقِلَ فسَقَط فهو ضِدٌّ صرَّح به ابنُ المُكرَّم وغيرُه وقد تقدَّم في س و أ قولهم ما ساءَك وناءَك بإِلقاءِ الألف لأَنَّه متبع لساءَك كما قالت العرب : أَكلتُ طعاماً فهَنَأَني ومَرَأَني ومعناه إذا أُفْرِد : أَمْرَأَني . فحُذف منه الألف لمَّا أُتْبِع ما ليس فيه الأَلف ومعناه ما ساءَك وأَناءَك . وقالوا : له عندي ما سَاءهُ ونَاءهُ . أَي أَثقله وما يَسوءهُ وما يَنوءهُ وإنَّما قال ناءهُ وهو لا يتعدَّى لأَجل ساءه وليَزْدَوِجَ الكلامُ كذا في لسان العرب . والنَّوْءُ : النَّجْم إذا مالَ للغُروبِ وفي بعض النُّسخ : للمَغيب ج أَنْواءٌ ونُوآنٌ مثل عَبْد وعُبْدان وبَطْن وبُطْنان قال حسَّان بن ثابتٍ رضي الله عنه :
ويَثْرِبُ تَعْلَم أَنَّا بها ... إذا أَقْحَطَ الغَيْثُ نُوآنُهَا أَو هو سُقوطُ النَّجْمِ من المَنازِل في المَغْرِب مع الفَجْرِ وطُلوعُ رَقيبه وهو نجم آخر يُقابِلُه من ساعَتِه في المَشْرِق في كلِّ ليلةٍ إلى ثلاثةَ عَشَرَ يوماً وهكذا كلُّ نَجْمٍ منها إلى انْقِضاءِ السَّنة ما خلا الجَبْهَةَ فإنَّ لها أَربعَةَ عشرَ يوماً فتَنْقَضي جميعُها مع انقِضاءِ السَّنة وفي لسان العرب : وإنَّما سمِّي نَوْءاً لأَنَّه إذا سقط الغاربُ نَاءَ الطالِعُ وذلك الطُّلوعُ هو النَّوْءُ وبعضُهم يَجعلُ النَّوْءَ هو السُّقوط كأَنَّه من الأَضدادِ قال أبو عبيدٍ : ولم يُسمع في النَّوْءِ أَنه السُّقوط إِلاَّ في هذا الموضع وكانت العربُ تُضيفُ الأَمطارَ والرِّياحَ والحَرَّ والبَرْدَ إلى السَّاقط منها . وقال الأَصمعيّ : إلى الطالع منها في سُلْطانِه فتقول : مُطِرْنا بنَوْءِ كذا وقال أبو حَنيفةَ : نَوْءُ النَّجْمِ : هو أَوَّل سُقوطٍ يُدْرِكُه بالغَداةِ إذا همَّت الكواكبُ بالمُصُوحِ وذلك في بَياض الفَجْر المُسْتَطِير . وفي التهذيب : نَاءَ النجمُ يَنوءُ نَوْءاً إذا سقَط . وقال أبو عبيد : الأَنواءُ ثمانيةٌ وعشرون نجماً واحدُها نَوْءٌ وقد نَاءَ الطالع بالمَشْرِق يَنوءُ نَوْءاً أَي نهضَ وطلَع وذلك النُّهوضُ هو النَّوْءُ فسمِّيَ النَّجمُ به وكذلك كلُّ ناهضٍ بثِقَلٍ وإِبْطاءٍ فإنَّه يَنوءُ عند نُهُوضه وقد يكون النَّوْءُ السُّقوطَ قال ذو الرُّمَّةِ :
تَنوءُ بِأُخْراها فَلأْياً قِيامُها ... وتَمْشي الهُوَيْنى عن قَريبٍ فَتَبْهَرُ أُخْراها : عَجيزَتُها تُنيئُها إلى الأَرضِ لضِخَمِها وكَثرة لحمِها في أَردافها . وقد نَاءَ النجمُ نَوْءاً واسْتَناءَ واسْتَنْأَى الأَخيرةُ على القَلْبِ قال :
يَجُرُّ ويَسْتَنْئِي نَشَاصاً كأَنَّهُ ... بِغَيْقَةَ لمَّا جَلْجَلَ الصَّوْتَ حَالِبُقال أبو حَنيفَةَ : اسْتَناءوا الوَسْمِيَّ : نظروا إليه وأَصله من النَّوْءِ فقدَّمَ الهَمْزةَ . وفي لسان العرب : قال شِمَرٌ : ولا تَسْتَنِيءُ العربُ بالنُّجوم كلِّها إنَّما يُذكرُ بالأَنواءِ بعضُها وهي معروفةٌ في أَشعارِهم وكلامِهم وكان ابنُ الأَعرابيّ يقول : لا يكون نَوْءٌ حتَّى يكون معه مَطَرٌ وإلاَّ فلا نَوْءَ . قال أَبو مَنصور : أَوَّل المطرِ الوَسْمِيُّ وأَنْواؤُه العَرْقُوَتانِ المُؤَخَّرَتانِ هما الفَرْغُ المُؤَخَّرُ ثمَّ الشَّرْطُ ثمَّ الثُّرَيَّا ثمَّ الشَّتَوِيّ وأَنْواؤُه الجَوْزاءُ ثمَّ الذِّراعانِ ونَثْرَتُهما ثمَّ الجَبْهَةُ وهي آخِر الشَّتَوِيّ وأوَّل الدَّفَئِيِّ والصَّيْفِيِّ ثمَّ الصَّيْفِيُّ وأَنْواؤُه السِّماكانِ الأَعزلُ والرَّقيبُ وما بين السِّماكَيْن صَيْفٌ وهو نحوُ أَربعينَ يوماً ثمَّ الحَميمُ وليس له نَوْءٌ ثمَّ الخَريفيُّ وأَنواؤُه النَّسْرانِ ثمَّ الأَخضر ثمَّ عَرْقُوْتا الدَّلْوِ الأُولَيان وهما الفَرْغُ المُقَدَّم قال : وكلُّ مطرٍ من الوَسْمِيِّ إلى الدَّفَئِيِّ رَبيعٌ . وفي الحديث " من قالَ سُقِينا بالنَّجْمِ فقد آمَنَ بالنَّجْمِ وكَفَرَ بالله " قال الزجَّاجُ : فمن قال مُطِرْنا بنَوْءِ كذا وأَراد الوقتَ ولم يقصِدْ إلى فِعْلِ النَّجْمِ فذلك - والله أعلم - جائزٌ كما جاءَ عن عمر رضي الله عنه أَنَّه اسْتَسْقى بالمُصَلَّى ثمَّ نادى العبَّاسَ : كم بقي من نَوْءِ الثُّرَيَّا ؟ فقال : إنَّ العلماءَ بها يَزْعمونَ أنَّها تعتَرِضُ في الأُفُقِ سَبْعاً بعد وُقُوعِها . فوالله ما مضتْ تلك السَّبْعُ حتَّى غِيثَ النَّاسُ . فإنَّما أَراد عمر : كم بقيَ من الوقتِ الذي جرتْ به العادَةُ أَنه إذا تَمَّ أَتى الله بالمَطَرِ ؟ قال ابنُ الأَثير : أَمَّا من جعل المَطَر من فِعْلِ الله تعالى وأَراد بقوله مُطِرْنا بنَوْءِ كذا أَي في وقت كذا وهو هذا النَّوْءُ الفلانيّ فإنَّ ذلك جائزٌ أَي أَنَّ الله تعالى قد أَجْرى العادَةَ أَن يأتيَ المطرُ في هذه الأَوقاتِ . ومثلُ ذلك رُوِي عن أبي منصور . وفي بعض نسخ الإصلاح لابن السكِّيت : ما بالبادِيَةِ أَنْوَأُ منه أَي أَعلمُ بالأَنْواءِ منه ولا فعل له . وهذا أَحدُ ما جاءَ من هذا الضَّرْبِ من غير أَن يكون له فعلٌ وإنَّما هو كأَحْنَكِ الشَّاتَيْنِ وأَحْنَكِ البَعيرَيْن على الشُّذوذ أَي من بابِهما أَي أَعظَمُهما حَنَكاً . ووجه الشُّذوذِ أَنَّ شرطَ أَفْعَل التفضيلِ أَن لا يُبْنى إِلاَّ من فِعْلٍ وقد ذكر ابن هشامٍ له نظائرَ قاله شيخُنا . ونَاءَ بصدْرِه : نهض . ونَاءَ إذا بَعُدَ كَنَأَى مقلوبٌ منه صرَّح به كثيرون أَو لغة فيه أَنشد يعقوب :
أَقولُ وقد ناءتْ بهم غُرْبَةُ النَّوَى ... نَوًى خَيْتَعُورٌ لا تَشِطُّ دِيارُكِ وقال ابن بَرِّيّ : وقرأَ ابنُ عامرٍ " أَعْرَضَ وناءَ بجانِبِه " على القلب وأَنشد هذا البيت واسْتَشْهَد الجوهرِيّ في هذا الموضع بقول سَهْمِ بن حَنْظَلَةَ :
مَنْ إِنْ رَآكَ غَنيًّا لانَ جانِبُهُ ... وإنْ رَآكَ فَقيراً ناءَ واغْتَرَبَا قال ابنُ المُكَرَّم : ورأَيت بخطِّ الشيخ الصَّلاح المُحَدِّث رحمه الله أَنَّ الذي أَنشده الأصمعي ليس على هذه الصُّورة وإنَّما هو :
إذا افْتَقَرْتَ نأَى واشْتَدَّ جانِبُه ... وإِنْ رَآكَ غَنِيًّا لانَ واقْتَرَبَا ونَاءَ الشَّيءُ واللَّحمُ يَنَاءُ أَي كيَخاف والذي في النهاية والصّحاح والمِصباح ولسان العرب يَنيءُ مثل يَبيع نَيْئاً مثل بَيْعٍ فهو نِيءٌ بالكسر مثل نِيعٍ بيِّنُ النُّيُوءِ بوزن النُّيوعِ والنُّيُوأَةِ وكذلك نَهِئَ اللحمُ وهو بيِّن النُّهوءِ أَي لم يَنْضَج أَو لم تَمَسَّه نارٌ كذا قاله ابن المكرَّم هذا هو الأَصل وقيل إنَّها يائِيَّةٌ أَي يُترك الهمزُ ويُقلب ياءً فيقال نِيٌّ مشدَّداً قال أبو ذؤيب :
عُقارٌ كَمَاءِ النِّيِّ ليستْ بخَمْطَةٍ ... ولا خَلَّةٍ يَكْوي الشُّرُوبَ شِهابُهاشِهابُها : نارُها وحِدَّتُها وذِكرُها هنا وَهَمٌ للجوهريّ قال شيخُنا : لا وَهَم للجوهريّ لأنَّه صرَّح عياضٌ وابن الأَثير والفَيُّومي وابنُ القطَّاع وغيرُهم بأَنَّ اللام همزةٌ وجَزَموا به ولم يذكروا غيره ومثلُه في عامّة المُصَنَّفات وإن أُريد أَنه يائيَّة العَيْنِ فلا وَهَم أيضاً لأَنَّه إنَّما ذكره بعد الفراغ من مادَّة الواو . قلت : وهو صَنيع ابنِ المُكَرَّم في لسان العرب . واسْتَناءهُ : طَلَبَ نَوْأَهُ كما يقال سام بَرْقَه أَي عطاءه وقال أبو منصور : الذي يُطلب رِفْدُه ومنه المُسْتَناءُ بمعنى المُسْتَعْطى الذي يُطلب عَطاؤُه قال ابنُ أَحمر :
الفاضِلُ العادِلُ الهَادِي نَقِيبَتُهُ ... والمُسْتَناءُ إذا ما يَقْحَط المَطَرُ وناوَأَه مُناوَأَةً ونِواءً ككِتاب : فاخَرَه وعاداه يقال : إذا ناوَأْتَ الرِّجالَ فاصْبِرْ وربَّما لم يُهمز وأَصلُه الهَمْز لأنَّه من نَاءَ إليك ونُؤْتَ إليه أَي نهضَ إليك ونَهَضْتَ إليه قال الشاعر :
إذا أَنْتَ ناوَأْتَ الرِّجالَ فلمْ تَنُؤْ ... بقَرْنَيْنِ غَرَّتْكَ القُرُونُ الكَوامِلُ
ولا يَسْتَوي قَرْنُ النِّطَاحِ الَّذي بهِ ... تَنُوءُ وقَرْنٌ كُلَّما نُؤْتَ مائِلُ والنِّواءُ والمُناوَأَةُ : المُعاداةُ وفي الحديث في الخيل " ورَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْراً ورِياءً ونِواءً لأَهلِ الإسلام " أَي مُعاداةً لهم وفي حديث آخر : " لا تَزالُ طائِفةٌ من أُمَّتي ظاهِرين على مَنْ ناوَأَهُمْ " أَي ناهَضَهُمْ وعاداهم ونقل شيخنا عن النهاية أَنَّه من النَّوَى بالقصر وهو البُعد وحكى عيَّاض فيه الفتح والقصر والمعروف أَنَّه مهموز وعليه اقتصر أبو العبَّاس في الفصيح وغيرُه ونقل أيضاً عن ابن درستويه أَنَّه خَطَّأَ من فسَّرَ ناوَيْت بعادَيْت وقال : إنَّما معناه مانَعْت وغالَبْت وطالَبْت ومنه قيل للجارية المُمْتَلِئة اللَّحيمَةِ إذا نَهَضَت قد نَاءَت وأَجاب عنه شيخُنا بما هو مذكورٌ في الشرح . والنَّوْءُ : النَّبات يقال : جفَّ النَّوْءُ أَي البَقْلُ نقله ابنُ قتيبة في مُشْكِل القرآن وقال : هو مستعارٌ لأنَّه من النَّوْءِ يكون