وَيْحٌ لزيدٍ بالرفْع ووَيْحاً له بالنّصب كَلمةُ رَحْمَةٍ وويْلٌ كلمةُ عَذَابٍ وقيل هما بمعنىً واحدٍ . وقال الأَصمعيّ : الوَيل قُبُوحٌ والوَيْح تَرحُّمٌ ووَيْسٌ تَصغيرُها أَي هي دونها . وقال أَبو زيد : الوَيْلُ هَلَكةٌ والويْحُ قُبُوحٌ والوَيْس ترَحُّمٌ . وقال سيبويه : الوَيْلُ يقال لمن وَقَعَ في الهَلَكَةِ والوَيْحُ زَجْرٌ لمن أَشرَف في الهَلَكةِ . ولم يذْكر في الوَيس شيئاً . وقال ابن الفَرج : الوَيْحُ والوَيْلُ والوَيْس واحدٌ . وقال ابن سيده : وَيْحَه كوَيْله وقيل : وَيْحٌ تقبيحٌ . قال ابن جنّي : امتنعوا من استعمال فِعْل الويحِ لأَنّ القياس نَفاه ومَنَع منه وذلك لأَنّه لو صُرِّف الفِعْلُ من ذلك لوجبَ إِعلالُ فائِه كوَعَد وعَينه كباع فتحامَوا استعمالَه لِمَا كان يُعقِب من اجتماع إِعلالين . قال ولا أَدرِي أَأُخل الأَلفُ واللاّم على الوَيْح سَمَاعاً أَم تَبسُّطاً وإِدلالاً . وقال الخليل : وَيْسٌ كلمةٌ في موضع رأْفةٍ واستملاحٍ كقَولك للصّبي وَيْحَه ما أَملَحَه ووَيْسَه ما أَمَحَه . وقال نصرٌ النَّحوِيّ : سمعْت بعضَ مَن يَتنطَّع يقول : الوَيْح رَحمةٌ وليس بينه وبين الوَيْل فُرقَانٌ إِلاّ أَنّه كان أَلْيَنَ قليلاً . وفي التهذيب : قد قال أَكثرُ أَهلِ اللُّغَةِ إِنّ الوَيلَ كلمةٌ تقال لكلّ مَن وَقَع في هَلَكةٍ وعَذاب والفرْقُ بين وَيْح ووَيْل أَنّ وَيْلاً تقال لمن وَقَعَ في هَلَكةٍ أَو بَلِيّة لا يُترحَّمُ عليه ووَيْح تُقال لكلِّ مَن وَقَعَ في بَلِيّة يُرْحَم ويُدعَى له بالتخلُّص منها . أَلا ترَى أَنَّ الوَيْل في القرآن لمتحِقيِّ العذابِ بجرائِمهم وأَمّا وَيْح فإِنّ النّبيّ صلَّى اللّه عليه وسلّم قالها لعمّار : " وَيْحَك يا ابنَ سُميّةَ بُؤساً لك تَقتُلكَ الفِئةُ اباغِية " كأَنّه أُعلِمَ ما يُبتلَى به من القَتْل فتوجَّعَ له وتَرحَّمَ عليه ورَفْعُه على الابتداءِ أَي على أَنه مبتدَأٌ والظرْف بعده خبَرُهُ . قال شيخنا : والمسوّشغ للابتداءِ بالنكرة التعظيمُ المفهومُ من التنوين أَو التنكير أَو لأَنَّ هذه الأَلفاظَ جَرتْ مَجْرَى الأَمثال أَو أُقيمَت مُقامَ الدُّعَاءِ أَو فيها التعجُّبُ دائماً أَو لوُضوحه أَو نحو ذلك مما يُبديه النّظَرُ وتَقتضِيه قواعدُ العربيّة . ونَصْبُه بإِضمارِ فعْل وكأَنك قلت : أَلْزمَه اللّهُ وَيْحاً كذا في الصّحاح واللّسان . وفي الفائق للزّمخشريّ أَي أَتَرحَّمه تَرحُّماً . وزاد في الصّحاح : وأَما قولهم : فَتعساً لهم وبُعْداً لثَمود وما أَشبه ذلك فهو منصوبٌ أَبَداً لأَنّه لا تَصِحُّ لإِضافتُه بغير لامٍ لأضنّك لو قلْتَ فتعسَهم أَو بُعْدَهم لم يَصلُح فلذلك افترقَا . ولك أَن تقول : وَيْحَ زيدٍ ووَيْحَه ووَيْلَ زَيْدِ ووَيْلَه . بالإِضافَة نَصْبُهما به أَي بإِضمار الفِعْل أَيضاً كذا في الصّحاح وربما جُعِل مع ما كلمةً واحدةً . وقيل : ويْحمَا زيدٍ بمعْناهُ أَي هي مثلُ وَيْح كلمة ترحُّم قال حُميدُ ابنُ ثورٍ :
أَلاَ هَيَّمَا مِمّا لَقِيتُ وهَيَّمَا ... ووَيْحٌ لمن لم يَدْرِمَاهُنّ ويْحَمَا
ووجدْت في هامش الصّحاح ما نصُّه : لم أَجِدْه في شعْره . أَو أَصلُه أضي أَصلُ وَيْح ويْ وكذلك ويْس ووَيْل وُصِلَت بحاءٍ مَرَةً فقيل وَيْل وستأْتي وبباءٍ مرّةً فقيل وَيْب وقد تقدّم وبسِينٍ مرّة فقيل وَيْس كما سيأْتي وسيأْتي الكلام عليها في محلِّهَا . وكذا ويْك ووَيْه وويْح . قال سيبويه : سأَلتُ الخليلَ عنها فزعم أَنّ كلّ مَن نَدِم فأَظهر نَدَامَتَه قال : وَيْ ومعناها التَّنديمُ والتَّنبيه . قال ابن كَيْسَان : إِذا قالوا وَيْلٌ له ووَيْحٌ له ووَيْسٌ له فالكلام فيهنّ الرَّفعُ على الابتداءِ واللام في موضع الخبر فإِن حذفت اللام لم يكن إِلاّ النصب كقوله : وَيْحَه ووَيْسَه
فصل الياءِ التحتية مع الحاءِ المهملة