شِئْتُه أَي الشَّيْءَ أَشاؤُه شَيْأً ومَشِيئَةً كخَطيئة ومَشَاءةً ككَراهة ومَشائِيَةً كعَلانية : أَردته قال الجوهريّ : المَشِيئَة : الإرادة ومثله في المصباح والمُحكم وأَكثرُ المتكلِّمين لم يُفرِّقوا بينهما وإن كانتا في الأَصل مُختلِفَتَيْنِ فإنَّ المَشِيئَة في اللُّغة : الإيجاد والإرادة : طَلَبٌ أَومأَ إليه شيخنا ناقلَّ عن القُطْب الرَّازي وليس هذا محلُّ البسْطِ والاسمُ منه الشِّيئَة كشِيعة عن اللحيانيّ ومثله في الرَّوض للسُّهيليّ وقالوا : كلُّ شَيْءٍ بشِيئَةِ الله تعالى بكسر الشين أَي بمَشِيئَته وفي الحديث : أَنَّ يهوديًّا أَتى النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم فقال : إنَّكم تُنْذِرونَ وتُشْرِكون فتقولون : ما شاءَ اللهُ وشِئْتُ فأَمرهم النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم بأَن يقولوا : " ما شَاءَ اللهُ ثمَّ شِئْتُ " وفي لسان العرب وشرح المُعلَّقات : المشِيئَةُ مهموزة : الإرادة وإِنَّما فرق بين قوله : ما شَاءَ اللهُ وشِئْتُ " وما شَاءَ اللهُ ثمَّ شِئْتُ " لأنَّ الواو تُفيد الجمعَ دون الترتيب وثمَّ تَجْمَعُ وتُرَتِّب فمع الواوِ يكون قد جمعَ بين الله وبينَه في المَشِيئَةِ ومع ثمَّ يكون قد قدَّم مَشِيئَةَ اللهِ على مشِيئَتِه . والشَّيْءُ م بين النَّاسِ قال سيبويه حين أَراد أَن يجعل المذكَّر أَصلاً للمؤنَّث : أَلا ترى أَنَّ الشَّيْءَ مذكَّرٌ وهو يقع على كلِّ ما أُخْبِرَ عنه قال شيخنا : والظاهر أَنَّه مصدر بمعنى اسمِ المفعول أَي الأَمر المَشِيئُ أَي المُراد الذي يتعلَّق به القَصْدُ أَعمُّ من أَن يكون بالفِعْلِ أَو بالإمكانِ فيتناولُ الواجِبَ والمُمْكِنَ والمُمْتَنِعَ كما اختاره صاحبُ الكشَّاف وقال الراغبُ : الشَّيْءُ : عبارة عن كلِّ موجودٍ إمَّا حسًّا كالأَجسام أَو معنًى كالأَقوالِ وصرَّح البيضاوِيُّ وغيرُه بأنَّه يختصُّ بالموجود وقد قال سيبويه : إنَّه أَعمُّ العامَّ وبعض المتكلِّمينَ يُطلِقه على المعدوم أيضاً كما نُقِلَ عن السَّعْدِ وضُعِّفَ وقالوا : من أَطلقَه مَحجوجٌ بعدم استعمال العرب ذلك كما عُلِم باستقراءِ كلامِهم وبنحْوِ " كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاَّ وَجْهَ " إذْ المعدومُ لا يَتَّصِفُ بالهَلاكِ وبنحْوِ " وإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بحَمْدِهِ " إِذ المعدومُ لا يُتَصَوَّرُ منه التسبيحُ . انتهى . ج أَشياءُ غير مصروف وأَشْياواتٌ جمعُ الجمعِ لشِيءٍ قاله شيخنا وكذا أَشاواتٌ وأَشاوَى بفتح الواو وحُكي كَسْرُها أيضاً وحكى الأَصمَعِيّ أَنَّه سمع رجلاً من أَفصح العرب يقول لخَلَف الأَحمر : إنَّ عندكَ لأَشَاوِي وأَصله أَشَايِيٌّ بثلاث ياءاتٍ خُفِّفت الياءُ المشدَّدة كما قالوا في صَحارِيّ صَحارٍ فصار أَشَايٍ ثمَّ أُبدل من الكسرة فتحة ومن الياءِ ألف فصار أَشَايا كما قالوا في صَحارٍ صَحارى ثمَّ أَبدلوا من الياءِ واواً كما أَبدلوا في جَبَيْتُ الخَراجَ جبايةً وجِباوَةً كما قاله ابن بَرِّيّ في حواشي الصحاح وقول الجوهريّ إنَّ أَصله أَشَائِيٌّ بياءين بالهمز أَي همز الياء الأولى كالنُّون في أَعناق إِذا جمعته قلت أَعانيق والياءُ الثانية هي المُبدلة من أَلف المدّ في أَعناقٍ تُبدل ياءً لكسر ما قبلها والهمزةُ هي لامُ الكلمة فهي كالقاف في أَعانيق ثمَّ قُلبت الهمزةُ لتطَرُّفِها فاجتمعت ثلاثُ ياءاتٍ فتوالت الأَمثالُ فاستُثْقِلت فحُذفت الوُسطى وقُلبت الأَخيرةُ أَلفاً وأُبْدِلت من الأُولى واواً كما قالوا : أَتيتُه أَتْوَةً هذا ملخَّص ما في الصحاح قال ابن بَرِّيّ : وهو غَلَطٌ منه لأنَّه لا يصِحُّ همزُ الياءِ الأُولى لكونِها أَصلاً غير زائدة وشرطُ الإبدال كونها زائدة كما تقولُ في جمع أَبياتٍ أَباييتُ ثَبتت ياؤُها لعدم زيادتها وكذا ياءُ مَعايِشَ فلا تهمز أَنت الياءَ التي بعد الألف لأصالتها هذا نصُّ عبارة ابن بَرِّيّ . قال شيخنا : وهذا كلام صحيح ظاهر لكنَّه ليس في كلام الجوهريّ الياءُ الأُولى حتَّى يردّ عليه ما ذكر وإِنَّما قال : أَصله أَشَائيّ فقُلبت الهمزة ياء فاجتمعت ثلاث ياءات . قال : فالمراد بالهمزة لام الكلمة لا الياء التي هي عين الكلمة إلى آخر ما قال . قلت : وبما سقناه من نص الجوهريّ آنفاً يرتفع إيراد شيخنا الناشئْ عن عدم تكرير النظر في عبارته مع ماتَحامل به على المصنِّف عفا الله وسامح عن جسارته ويُجمع أيضاً على أَشَايا بإِبقاء الياء على حالها دون إبدالها واواً كالأُولى ووزنه على ما اختاره الجوهريّ أَفائِلُ وقيل أَفايا وحُكي أَشْيَايا أَبدلوا همزَته ياء وزادوا ألفاً فوزنه أَفعَالاَ نقله ابنُ سيده عن اللحيانيّ وأَشَاوِهُ بإبدال الهمزة هاءً وهو غريبٌ أَي نادر وحكَى أنَّ شيخاً أَنشد في مجلس الكسائيِّ عن بعض الأَعراب : ل به على المصنِّف عفا الله وسامح عن جسارته ويُجمع أيضاً على أَشَايا بإِبقاء الياء على حالها دون إبدالها واواً كالأُولى ووزنه على ما اختاره الجوهريّ أَفائِلُ وقيل أَفايا وحُكي أَشْيَايا أَبدلوا همزَته ياء وزادوا ألفاً فوزنه أَفعَالاَ نقله ابنُ سيده عن اللحيانيّ وأَشَاوِهُ بإبدال الهمزة هاءً وهو غريبٌ أَي نادر وحكَى أنَّ شيخاً أَنشد في مجلس الكسائيِّ عن بعض الأَعراب :
وذلكَ ما أُوصِيكِ يا أُمَّ مَعْمَرٍ ... وبعضُ الوَصايا في أَشَاوِهَ تَنْفَعُقال اللحيانيُّ : وزعم الشيخ أَنَّ الأَعرابي قال : أُريد أَشَايا وهذا من أشذِّ الجمعِ لأنَّه ليس في الشَّيْءِ هاءٌ وعبارة اللحيانيّ لأنَّه لا هاءَ في الأَشياء وتصغيره شُيَيءٌ مضبوط عندنا في النسخة بالوجهين معاً أَي بالضَّمِّ على القياس كفلْسٍ وفُلَيْسٍ وأَشار الجوهريّ إلى الكَسر كغيرهِ وكأَنَّ المُؤَلِّف أَحال على القياس المشهور في كلِّ ثُلاثِيِّ العينِ قال الجوهريّ ولا تقل شُوَيّ بالواو وتشديد الياء أَو لُغيَّةٌ حكيت عن إدريسَ بنِ موسى النَّحْوِيِّ بل سائر الكوفيين واستعملها المُولَّدون في أَشعارهم قال شيخنا : وحكايَةُ الإمام أَبِي نصر الجوهريّ رحمه الله تعالى عن إمام المذهب الخَليل بن أَحمد الفراهيديّ أَنَّ أَشياءَ فَعْلاءُ وأَنَّها معطوف على ما قبله جمعٌ على غير واحده كشاعرٍ وشُعراءَ كون الواحد على خلاف القياس في الجمع إلى آخره أَي آخر ما قال وسَرَد حكايةٌ مختلَّة وفي بعض النُّسخ بدون لفظ حكاية أَي ذات اختلالٍ وانحلالٍ ضَرَبَ فيها أَي في تلك الحكاية مذهَبَ الخليل على مذهب أَبِي الحسن الأَخفش ولم يُمَيِّزْ بينهما أَي بين قولَي الإمامين وذلك أنَّ أبا الحسن الأَخفش يرى ويذهب إلى أنَّها أَي أَشياءَ وزْنُها أَفْعِلاء كما تقول هَيْنٌ وأَهْوِناء إِلاَّ أنَّه كانَ في الأَصل أَشْيِئَاء كأَشْيِعَاع فاجتمعت همزتان بينهما ألف فحُذِف الهمزة الأُولى وفي شرح حُسام زادَه على منظومةِ الشافِيَة : حُذِفت الهمزةُ التي هي اللام تخفيفاً كراهة همزتين بينهما أَلف فوزنها أَفْعاء انتهى . قال الجوهريّ : وقال الفَرَّاء : أَصلُ شَيْءٍ شَيِّئٌ على مثال شَيِّعٍ فجُمع على أَفْعِلاءَ مثل هَيِّنٍ وأَهْيِناءَ وليِّنٍ وأَلْيِناءَ ثمَّ خُفِّفَ فقيل شَيْءٌ كما قال : هَيْنٌ ولَيْنٌ فقالوا أَشْياءَ فحذفوا الهمزةَ الأُولى وهذا قول يدخل عليه أن لا يُجمع على أشاوَى وهي جمعٌ على غير واحِدِه المُستعملِ المَقيس المُطَّرِد كشاعرٌ وشُعَراء فإنَّه جُمِعَ على غير واحده قال شيخنا : هذا التَّنظيرُ ليس من مذهب الأَخفش كما زعم المصنف بل هو من تنظير الخليل كما جزم الجوهريّ وأَقرَّه العلم السَّخاوِيُّ وبه صرَّح ابنُ سيده في المُخصَّص وعزاه إلى الخليل . قلت : وهذا الإيراد نصّ كلام ابن بَرِّيّ في حواشيه كما سيأتي وليس من كلامه فكان ينبغي التنبيهُ عليه لأنَّ فاعِلاً لا يُجمع على فُعَلاءَ لكن صرَّح ابن مالكٍ وابنُ هشامٍ وأبو حيَّان وغيرُهم أنَّ فُعَلاءَ يطَّرِد في وصفٍ على فَعيلٍ بمعنى فاعِلٍ غير مُضاعفٍ ولا معتلٍّ ككَريم وكُرَماء وظَريف وظُرَفاء وفي فاعل دالٍّ على معنًى كالغريزة كشاعرٍ وشُعَراء وعاقِل وعُقَلاء وصالح وصُلَحاء وعالِم وعُلَماء وهي قاعدةٌ مطَّرِدة قال شيخنا : فلا أَدري ما وجه إقرار المصنِّف لذلك كالجوهريّ وابن سيده وأَمَّا الخليلُ بن أَحمد فيرَى أَنَّها أَي أَشْياءَ اسمُ الجمع وزنَها فَعلاءُ أَصلُه شَيْئَاءُ كحمراء فاستُثقل الهمزتان فقلبوا الهمزة الأُولى إلى أوَّل الكلمة فجُعِلت لَفْعاء كما قلبوا أَنْوق فقالوا أَيْنُق وقلبوا أَقْوُس إلى قِسِيٍّ قال أَبو إسحاق الزجَّاج : وتصديقُ قول الخليل جمعهم أَشْياء على أَشاوَى وأَشَايا وقول الخليل هو مذهب سيبويه والمازنيّ وجميع البصريِّينَ إِلاَّ الزّياديّ منهم فإنَّه كانَ يميل إلى قول الأَخفش وذُكر أنَّ المازنيّ ناظر الأَخفش في هذا فقطع المازنيّ الأَخفش قال أَبو منصور : وأَمَّا الليث فإنَّه حكى عن الخليل غير ما حكى عنه الثِّقات وخلَّط فيما حكى وطوَّل تطويلاً دلَّ على حَيْرَتِه قال : فلذلك تركته فلم أَحكِه بعَيْنِه . نائبةٌ عن أَفْعالٍ وبدلٌ منه قال ابنُ هشامٍ : لم يرِد منه إِلاَّ ثلاثةُ أَلفاظٍ : فَرْخٌ وأَفْراخ وزَنْد وأَزْناد وحَمْل وأَحْمال لا رابع لها وقال غيره : إنَّه قليل بالنسبة إلى الصحيح وأَمَّا في المعتل فكثير وجمعٌ لواحدها وقد تقدَّم من مذهب سيبويه أنَّا اسمُ جمعٍ لا جمعٌ فليُتَأَمَّل المستعمل المطَّرد وهو شيءٌ وقد عرفت أَنَّه شاذٌّ قليلٌ وأَمَّا الكسائيُّ فيرى أَنَّها أَي أَشْياءَ أَفْعالٌ كفرْخ وأَفْراخ أَي من غير ادِّعاء كُلفةٍ ومن ثمَّ استحسن كثيرون مذهبَه وفي شرح الشافِية لأنَّ فَعْلاًمعتلَّ العين يُجمع على أَفْعال . قلت : وقد تقدَّمت الإشارة إليه فإن قلت : إِذا كانَ الأَمرُ كذلك فكيف مُنِعت من الصَّرف وأَفْعال لا موجب لمنعِه . قلت : إِنَّما تُرِك صرفُها لكثرة الاستعمال فخفَّت كثيراً فقابلوا خفَّتها بالتثقيل وهو المنع من الصَّرف لأنَّها أَي أَشْياءَ شُبِّهَت بفَعْلاءَ مثل حمراءَ في الوزن وفي الظاهر وفي كونها جُمِعت على أَشْياوَات فصارت كخَضْراءَ وخَضْراواتٍ وصَحْراءَ وصَحْراوات قال شيخنا : قوله : لأنَّها شُبِّهت إلخ من كلام المصنِّف جواباً عن الكسائي لا من كلام الكسائي . قلت : قال أَبو إسحاق الزجَّاج في كتابه في قوله تعالى " لا تَسْأَلوا عن أَشْياءَ " في موضع الخَفْض إِلاَّ أنَّها فُتِحت لأنَّها لا تنصرف قال : وقال الكسائيُّ : أَشبه آخرها آخر حَمْراءَ وكثُر استعمالها فلم تُصرف انتهى . فعُرف من هذا بُطلان ما قاله شيخنا وأنَّ الجوهريّ إِنَّما نقله من نصِّ كلام الكسائي ولم يأتِ من عنده بشَيْءٍ فحينئذ لا يلزمه أَي الكسائيّ أَن لا يصرِف أَبْناءَ وأَسْماءَ كما زَعِمَ الجوهريّ قال أَبو إسحاق الزجَّاج : وقد أَجمع البصريُّون وأَكثر الكوفيِّين على أنَّ قول الكسائيّ خطأٌ في هذا وأَلزموه أن لا يصرف أَبْناءً وأَسْماءً . انتهى . فقد عرفت أنَّ في مثل هذا لا يُنْسب الغَلَطُ إلى الجوهريّ كما زعم المُؤَلِّف لأنَّهم لم يَجمعوا أَبْناءً وأَسْماءً بالألف والتَّاء فلم يحصل الشَّبهُ . وقال الفَرَّاء : أَصلُ شَيْئٍ شَيِّئٌ على مثال شَيِّعٍ فجُمع على أَفْعِلاء مثل هيِّنْ وأَهْيِناء وليِّنْ وأَلْيِناء ثمَّ خُفِّف فقيل : شَيْئٌ كما قاولا هَيْنٌ ولَيْنٌ فقالوا أَشْياء فحذفوا الهمزة الأُولى هكذا نصُّ الجوهريّ ولمَّا كانَ هذا القولُ راجِعاً إلى كلام أَبِي الحسن الأَخفش لم يذْكُرْهُ المُؤَلِّف مستقِلاًّ ولذا ترى في عبارة أَبِي إسحاق الزجَّاج وغيره نسبَةَ القَوْلِ إليهما معاً بل الجارَبَرْدي عَزا القولَ إلى الفَرَّاء ولم يذكر الأَخفش فلا يُقال : إنَّ المُؤَلِّف بقِيَ عليه مذهب الفَرَّاء كما زعِمَ شيخنا وقال الزجَّاج عند ذِكر قول الأَخفش والفرَّاء : وهذا القولُ غَلَطٌ لأنَّ شَيْئاً فَعْلٌ وفَعْلٌ لا يُجمع على أَفْعِلاء فأمَّا هَيْن فأَصله هَيِّن فجُمع على أَفْعِلاء كما يجمع فَعيلٌ على أَفْعِلاء مثل نَصيب وأَنْصِباء انتهى . قلت : وهذا هو المذهب الخامس الذي قال شيخنا فيه إنَّه لم لتعرَّض له اللُّغوِيُّون وهو راجِعٌ إلى مذهب الأَخفش والفرَّاء قال شيخنا في تتمَّات هي للمادة مُهِمَّات : فحاصِلُ ما ذُكر يرجع إلى ثلاثة أَبنية تُعرف بالاعتبار والوزنِ بعد الحذفِ فتَصير خمسَةَ أَقْوالٍ وذلك أَنَّ أَشْياء هل هي اسمُ جمعٍ وزنُها فَعْلاء أَو جمع على فَعْلاء ووزنِه بعد الحذْفِ أَفْعاء أَو أَفْلاء أَو أَفْياء أَو أَصلها أَفْعال وبه تعلم ما في القاموس والصحاح والمُحكم من القصور حيث اقتصر الأَوَّل على ثلاثة أَقوال مع أنَّه البحر والثاني والثالث على أَربعة انتهى . وحيث انجرَّ بنا الكلام إلى هنا ينبغي أَن نعلم أيُّ المذاهب منصورٌ ممَّا ذُكِر . فقال الإمام علم الدِّين أَبو الحسن عليّ بن محمد بن عبد الصمد السَّخاويّ الدمشقيّ في كتابه سِفْر السعادة وسَفير الإفادة : وأَحسن هذه الأقوالِ كلِّها وأَقربُها إلى الصَّواب قول الكسائيّ لأنَّه فَعْلٌ جُمع على أَفْعال مثل سيْفٍ وأَسْياف وأمَّا منع الصَّرف فيه فعلى التشبيه بفَعْلاء وقد يُشبَّه الشَيْءُ بالشَيْءِ فيُعطى حُكْمه كما أنَّهم شبَّهوا ألف أَرْطى بأَلف التأْنيث فمنعوه من الصَّرف في المعرفة ذكر هذا القول شيخنا وأَيَّده وارتضاه . قلت : وتقدَّم النقل عن الزجَّاج في تخطِئة البصريِّين وأَكثر الكوفيِّين هذا القول وتقدَّم الجوابُ أيضاً في سِياق عبارة المؤلف وقال الجاربَرْدي في شرح الشافية : ويلزم الكسائيّ مُخالفةُ الظاهرِ من وجهين : الأوَّل منع الصَّرف بغير علَّة الثاني أنَّها جُمِعت على أَشَاوى . وأَفْعال لا يُجمع على أَفاعِل . قلت : الإيراد الثاني هو نصُّ كلام الجوهريّ وأَمَّا الإيراد الأوَّل فقد عرفت جوابه . وذكر الشِّهاب الخفاجيّ في طراز المجالس أنَّ شِبْهَ العُجْمَ وشبه العَلَمِيَّة وشِبْه الألف ممَّا نصَّ النُّحات علىأنَّه من العِلل نقله شيخنا وقال : المُقرَّر في علوم العربية أَنَّ من جملة موانع الصَّرف أَلِفَ الإلحاق لشَبَهِها بأَلف التأْنيث ولها شرطان : أن تكون مقصورةً وأَمَّا ألِفُ الإلحاق الممدودَةُ فلا تُمنع وإن ضُمَّت لعلَّةٍ أُخرى الثاني أن تقع الكلمَةُ التي فيها الأَلف المقصورَةُ علماً فتكون فيها العَلَمِيَّة وشِبْه أَلف التأْنيث فأَمَّا الألف التي للتأنيث فإنَّها تمنع مطلقاً ممدودةً أَو مقصورةً في معرفةٍ أَو نكرةٍ على ما عُرف . انتهى . وقال أَبو إسحاق الزجَّاج في كتابه الذي حوَى أَقاويلهم واحتجَّ لأَصوبها عنده وعزاه للخليل فقال : قوله تعالى " لا تَسْأَلوا عن أَشْياءَ " في موضعِ الخَفْضِ إِلاَّ أنَّها فُتِحت لأنَّها لا تَنْصرف . ونصُّ كلام الجوهريّ : قال الخليل : إِنَّما تُرِك صَرْفُ أَشياءَ لأنَّ أَصلَه فَعْلاء جُمِعَ على غير واحدِه كما أَنَّ الشُّعَراء جُمع على غير واحدِهِ لأنَّ الفاعل لا يُجمع على فُعَلاء ثمَّ استثْقَلوا الهمزتَيْنِ في آخِره نَقَلوا الأُولى إلى أَوَّل الكلمة فقالوا أَشْياء كما قالوا أَيْنُق وقِسِيّ فصار تقديره لَفْعاء يدُلُّ على صِحّة ذلك أَنَّه لا يُصْرَف وأَنَّه يُصَغَّرُ على أَشَيَاء وأنَّه يُجمع على أَشَاوَى انتهى . وقال الجاربدي بعد أن نقل الأَقوال : ومذهب سيبويه أَوْلى إذْ لا يلزمه مُخالفَةُ الظاهِرِ إِلاَّ من وَجْهٍ واحدٍ وهو القَلْبُ مع أَنَّه ثابِتٌ في لُغتهم في أَمثِلة كثيرةٍ . وقال ابن بَرِّيّ عند حكاية الجوهريّ عن الخليل إنَّ أَشْياء فَعْلاء جُمع على غير واحده كما أنَّ الشُّعَراء جُمع على غير واحده : هذا وَهَمٌ منه بل واحدها شَيئٌ قال : وليست أَشْياء عنده بجمعٍ مكسَّر وإِنَّما هي اسمٌ واحدٌ بمنزلَةِ الطَّرْفاءِ والقَصْباءِ والحَلْفاءِ ولكنَّه يجعلها بدلاً من جمعٍ مُكسَّرٍ بدلالة إضافة العدد القليل إليها كقولهم : ثلاثةُ أَشْياءَ فأمَّا جمعُها على غير واحدِها فذلك مذهبُ الأَخفش لأنَّه يرى أنَّ أَشْياءَ وزنها أَفْعِلاء وأَصلها أَشْيِئَاء فحُذِفت الهمزةُ تخفيفاً قال : وكان أَبو عليٍّ يُجيز قولَ أَبِي الحسن على أن يكون واحدها شَيْئاً ويكون أَفْعِلاء جمعاً لفَعْلٍ في هذا كما جُمع فَعْلٌ على فُعَلاءُ في نحوِ سَمْحٍ وسُمَحاء قال : وهو وَهَمٌ من أَبِي عليٍّ لأنَّ شيئاً اسمٌ وسَمْحاً صفة بمعنى سَميح لأنَّ اسم الفاعل من سَمُحَ قياسه سَميح وسَميح يُجمع على سُمَحاء كظَريف وظُرَفاء ومثله خَصْمٌ وخُصَماء لأنَّه في معنى خَصيم والخليل وسيبويه يقولان أَصلُها شَيْئاء فقُدِّمت الهمزة التي هي لامُ الكلمة إلى أَوَّلها فصارت أَشْياء فوزنُها لَفْعاء قال : ويدُلُّ على صِحَّة قولهما أَنَّ العرب قالت في تصغيرها أُشَيَّاء قال : ولو كانت جمعاً مُكَسَّراً كما ذهب إليه الأَخفش لقيل في تصغيرها شُيَيْئات كما يُفعل ذلك في الجُموع المُكَسَّرة كجِمال وكِعاب وكِلاب تقول في تصغيرها جُمَيْلات وكُعَيْبات وكُلَيْبات فتردّها إلى الواحد ثمَّ تجمعها بالألف والتَّاء . قال فخر الدِّين أَبو الحسن الجاربردي : ويلزم الفَرَّاء مُخالفَةُ الظاهِرِ من وجوهٍ : الأوَّل أنَّه لو كانَ أَصلُ شَيْءٍ شَيِّئاً كبَيِّن لكان الأَصلُ شائعاً كثيراً ألا ترى أنَّ بَيِّناً أَكثرُ من بَيْنٍ ومَيِّتاً أَكثرُ من مَيْت والثاني أنَّ حذف الهمزة في مثلها غير جائزٍ إذْ لا قياس يُؤدِّي إلى جواز حذف الهمزة إِذا اجتمعَ همزتان بينهما أَلف . الثالث تصغيرها على أُشَيَّاء فلو كانت أَفْعِلاءَ لكانت جمعَ كثرةٍ ولو كانت جمعَ كثرةٍ لوجَبَ ردُّها إلى المُفرد عند التصغير إذْ ليس لها جمعُ القِلَّة . الرابع أنَّها تُجمع على أَشَاوى وأَفْعِلاء لا يُجمع على أفاعِل ولا يلزمُ سيبويه من ذلك شَيْءٌ لأنَّ منعَ الصَّرفِ لأجلِ التأْنيث وتصغيرها على أُشَيَّاء لأنَّها اسمُ جمعٍ لا جمعٌ وجمعها على أَشَاوى لأنَّها اسمٌ على فَعْلاء فيُجمع على فَعَالى كصحارٍ أَو صَحارى . انتهى . قلت : قوله ولا يلزم سيبويه شَيْءٌ من ذلك على إطلاقه غير مسلّم إذْ يلزمه على التقدير المذكور مثل ما أَورد على الفَرَّاء من الوجه الثاني وقد تقدَّم فإنَّ اجتِماع همزتين بينهما أَلف واقعٌ في كلام الفُصَحاءقال الله تعالى " إنَّا بُرَآءُ منكم " وفي الحديث " أَنا وأَتْقِياءُ أُمَّتي بُرَآءُ من التَكَلُّف " قال الجوهريّ : إنَّ أبا عثمان المازنيّ قال لأبي الحسن الأَخفش : كيف تُصَغِّر العرب أَشْياءَ ؟ فقال : أُشَيَّاءَ فقال له : تركتَ قولك لأنَّ كلَّ جمع كُسِّرَ على غيرِ واحده وهو من أَبنية الجمعِ فإنَّه يُرَدُّ بالتصغير إلى واحده قال ابن بَرِّيّ : هذه الحكاية مُغَيَّرة لأنَّ المازنيّ إِنَّما أَنكرَ على الأَخفش تصغير أَشْياء وهي جمعٌ مُكَسَّرٌ للكثير من غير أن يُرَدَّ إلى الواحد ولم يقل له إنَّ كلَّ جمع كُسِّر على غير واحده لأنَّه ليس السَّببُ الموجبُ لردّ الجمع إلى واحده عند التصغير هو كونه كُسِّر على غير واحده وإِنَّما ذلك لكونه جمعَ كثرةٍ لا قلَّة . وفي هذا القَدْرِ مَقْنَع للطالِبِ الراغِبِ فتأَمَّل وكُنْ من الشاكرين وبعد ذلك نعود إلى حلّ ألفاظ المَتْنِ قال المُؤَلِّف : والشَّيِّآنُ أَي كشَيِّعان تقدَّم ضبطه ومعناه أَي أَنَّه واوِيُّ العَيْنِ ويائِيُّها كما يأتي للمؤلِّف في المعتلّ إيماء إلى أنَّه غير مهموز قاله شيخنا ويُنعت به الفَرَسُ قال ثعلبَةُ بن صُعَيْرٍ : تعالى " إنَّا بُرَآءُ منكم " وفي الحديث " أَنا وأَتْقِياءُ أُمَّتي بُرَآءُ من التَكَلُّف " قال الجوهريّ : إنَّ أبا عثمان المازنيّ قال لأبي الحسن الأَخفش : كيف تُصَغِّر العرب أَشْياءَ ؟ فقال : أُشَيَّاءَ فقال له : تركتَ قولك لأنَّ كلَّ جمع كُسِّرَ على غيرِ واحده وهو من أَبنية الجمعِ فإنَّه يُرَدُّ بالتصغير إلى واحده قال ابن بَرِّيّ : هذه الحكاية مُغَيَّرة لأنَّ المازنيّ إِنَّما أَنكرَ على الأَخفش تصغير أَشْياء وهي جمعٌ مُكَسَّرٌ للكثير من غير أن يُرَدَّ إلى الواحد ولم يقل له إنَّ كلَّ جمع كُسِّر على غير واحده لأنَّه ليس السَّببُ الموجبُ لردّ الجمع إلى واحده عند التصغير هو كونه كُسِّر على غير واحده وإِنَّما ذلك لكونه جمعَ كثرةٍ لا قلَّة . وفي هذا القَدْرِ مَقْنَع للطالِبِ الراغِبِ فتأَمَّل وكُنْ من الشاكرين وبعد ذلك نعود إلى حلّ ألفاظ المَتْنِ قال المُؤَلِّف : والشَّيِّآنُ أَي كشَيِّعان تقدَّم ضبطه ومعناه أَي أَنَّه واوِيُّ العَيْنِ ويائِيُّها كما يأتي للمؤلِّف في المعتلّ إيماء إلى أنَّه غير مهموز قاله شيخنا ويُنعت به الفَرَسُ قال ثعلبَةُ بن صُعَيْرٍ :
ومُغِيرَةٍ سَوْمَ الجرادِ وَزَعْتُها ... قبلَ الصَّباحِ بشَيِّآنٍ ضامِرِ وأَشاءهُ إليه لغة في أَجاءهُ أَي أَلجأَه وهو لغة تميمٍ يقولون : شَرٌّ ما يُشِيئُكَ إلى مُخَّةِ عَرْقوبٍ أَي يُجيئُك ويُلْجِئُك قال زُهير بن ذؤيب العدوِيُّ :
فيَا لَتَميمٍ صابِرُ قد أُشِئْتُمُ ... إليهِ وكُونوا كالمُحَرِّبَةِ البُسْلِ والمُشَيَّأُ كمُعَظَّم وهو المُختلفُ الخلقِ المُختلُّه القَبيحُ قال الشاعر :
" فَطَيِّئٌ ما طَيِّئٌ ما طَيِّئُ
" شَيَّأَهُمْ إِذا خَلَقَ المُشَيِّئُ وما نقله شيخنا عن أُصول المُحكم بالباء الموحَّدة المشدَّدة وتخفيف اللام فتَصحيفٌ ظاهرٌ والصحيح هو ما ضبطناه على ما في الأُصول الصحيحة وجدناه وقال أَبو سعيد : المُشَيَّأُ مثلُ المُوَبَّنِ قال الجعديُّ :
زَفِيرَ المُتِمِّ بالمُشَيَّإِ طَرَّقَتْ ... بكاهِلِهِ ممَّا يَرِيمُ المَلاقِيَا ويا شَيْئَ كلمةٌ يُتَعَجَّبُ بها قال :
يا شَيْءَ مالي مَنْ يُعَمَّرْ يُفْنِهِ ... مَرُّ الزَّمانِ عليهِ والتَّقْليبُومعناه التأَسُّفُ على الشَيْءِ يفوتُ وقال لي اللحيانيُّ : معناه : يا عَجَبي وما في موضع رفعٍ تقول : يا شَيْءَ مالي كَياهَيْءَ مالي وسيأتي في باب المعتل إن شاء الله تعالى نظراً إلى أنَّهما لا يهمزان ولكن الذي قال الكسائيّ يا فَيَّ مالي ويا هَيَّ مالي لا يهمزان ويا شَيْءَ مالي ويا شيَّ مالي يُهمز ولا يُهمز ففي كلام المُؤَلِّف نظرٌ وإِنَّما لم يذكر المُؤَلِّف يا شيَّ مالي في المعتلّ لما فيه من الاختِلاف في كونه يُهمز ولا يُهمز فلا يرِد عليه ما نسبه شيخنا إلى الغفلة قال الأَحمر : يا فَيْءَ مالي ويا شَيْءَ مالي ويا هَيْءَ مالي معناه كلّه الأَسف والحُزن والتلهُّف قال الكسائيّ : وما في كلِّها في موضع رفعٍ تأويله يا عَجَباً مالي ومعناه التلهُّف والأَسف وقال : ومن العرب من يقول شَيْءَ وهَيْءَ وفَيْءَ ومنهم من يزيد ما فيقول يا شَيْءَ ما ويا هَيْءَ ما ويا فَيْءَ ما أَي ما أَحسن هذا . وشِئْتَهُ كجِئْتُه على الأَمرِ : حمَلْتُهُ عليه هكذا في النسخ والذي في لسان العرب شَيَّأْتُهُ بالتشديد عن الأَصمَعِيّ وقد شَيَّأَ الله تعالى خلقَه ووجْهَهُ أَي قبَّحَهُ وقالت امرأَةٌ من العرب :
" إِنِّي لأَهوَى الأَطْوَلينَ الغُلْبَا
" وأُبْغِضُ المُشَيَّئِينَ الزُّغْبَا وتَشَيَّأَ الرجُل إِذا سكَنَ غَضَبُه وحكى سيبويه عن قول العرب : ما أَغفَلَهُ عنكَ شيئاً أَي دعْ الشَّكَّ عنك قال ابنُ جِنِّي : ولا يجوز أَن يكون شيئا هنا منصوباً على المصدر حتَّى كأَنَّه قال ما أَغفَلَه عنك غُفُولاً ونحو ذلك لأنَّ فعل التعجُّب قد استغنى بما حصل فيه من معنى المُبالغة عن أَن يُؤَكَّد بالمصدر قال وأَمَّا قولهم : هو أَحسنُ منكَ شَيْئاً فإنَّه منصوب على تقدير بشَيْءٍ فلمَّا حُذِف حرف الجرّ أُوصِلَ إليه ما قبله وذلك أنَّ معنى : هو أَفْعَل منه في المُبالغة كمعنى ما أَفْعَله فكما لم يَجُز ما أَقْوَمَه قِياماً كذلك لم يَجُز هو أَقْوَمُ منه قِياماً كذا في لسان العرب وقد أغفله المصنف . وحُكِي عن الليث : الشَيْءُ : الماءُ وأَنشد :
" تَرَى رَكْبَهُ بالشَيْءِ في وَسْطِ قَفْرَةٍ قال أَبو منصور : لا أَعرف الشَيْءَ بمعنى الماء ولا أَدري ما هو ولا أَعرف البيتَ وقال أَبو حاتم : قال الأَصمَعِيّ : إِذا قال لك الرجُلُ ما أَردْتَ ؟ قلت لا شَيْئاً وإن قال لك لم فَعَلْتَ ذلك ؟ قلت : للا شَيْءٍ وإن قال لك : ما أَمْرُكَ ؟ قلت : لا شَيْءٌ يُنَوَّنُ فيهنّ كلهنّ . وقد أَغفله شيخنا كما أَغفله المُؤَلِّف
فصل الصاد المهملة مع الهمزة