وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ. 5. "جَرَحَ الرَّجُلُ لِعِيَالِهِ" : اِكْتَسَبَ لَهُمْ.
" أَلَمْ تَعْلَمِي يا عَصْم كَيفَ حَفِيظَتِيإِذا الشَّرُّ خَاضَتْ جَانِبَيْه المَجادِحُ جرح
" جَرَحَه كمَنعَه " يَجْرَحُه جَرْحاً : أَثَّرَ فيه بالسِّلاحِ هكذا فسَّره ابنُ منظور وغيرُه . وأَمّا قول المصنّف : " كَلَمَةُ " فقد رَدّه شيخُنا بقوله : الجَرْحُ في عُرْف النّاس أَعْرَفُ وأَشْهَرُ من الكَلْم وشَرْطُ المُفسِّرِ الشارحِ أَن يكون أَعْرَفَ من المَشْروحِ . ولو قال : قَطَعَه أَو شَقَّ بعضَ بَدَنِه . أَو أَبقاه وأَحالَه على الشَّهرة كالجَوْهريّ لكن أَوْلَى . قلت : وعبارة الأَساس : جَرَحَه كقَطَعه ولا يَخْفَى ما فيه من المُناسبة . " كجَرَّحَه " تَجْريحاً : إِذا أَكْثَرَ ذلك فيه . قال الحُطَيئة :
مَلُّوا قِراهُ وهَرَّتْهُ كِلابُهمُ ... وجَرَّحوهُ بأَنْيابٍ وأَضْراسِ " والاسم الجُرْح بالضّمّ " و " ج جُرُوحٌ " وأَجراحٌ وجِرَاحٌ . قيل : " قَلَّ أَجْراحٌ " إِلاّ ما جاءَ في شِعْرٍ . ووجَدْت في حَواشي بعضِ نُسخ الصّحاح الموثوقِ بها : عَنَى به قَوْلَ عَبْدَةَ بنِ الطَّبِيب :
وَلَّى وصُرِّعْنَ مِنْ حَيْثُ الْتَبَسْنَ به ... مُضرَّجَاتٍ بأَجراحٍ ومَقْتولٍ وهو ضَرورةٌ من جِهة السَّماع . قال شيخنا : وقال بعضُ فُقهاءِ اللُّغة : الجُرْح بالضمّ : يكون في الأَبدانِ بالحَديد ونَحْوِه ؛ والجَرْحُ بالفتح : يكون باللّسان في المَعانِي والأَعراضِ ونحوِها . وهو المُتداوَلُ بينهم وإِن كانا في أَصلِ اللُّغة بمعنىً واحد . " والجِرَاحُ بالكسر : جَمْع جِرَاحَةٍ " من الجَمْع الّذي لا يُفارِق واحِدَه إِلا بالهاءِ . وفي التّهذيب : قال اللّيث : الجِراحةُ : الواحِدَةُ من طَعْنَةٍ أَو ضَرْبةٍ . قال الأَزهريّ : وقولُ اللّيث : الجرَاحَةُ : الواحِدَةُ خَطَأٌ ولكن جُرْحٌ وجِراحٌ وجِرَاحَة كما يقال : حِجَارَةٌ وجِمَالَةٌ وحِبَالَةٌ لجمع الحَجَرِ والجَمَلِ والحَبْل . " ورَجلٌ " جَريحٌ " وامرأَةٌ جَرِيحٌ ج جَرْحَى " . يقال : رِجالٌ جَرْحَى ونِسْوَة جَرْحَى ولا يُجْمَع جَمْع السّلامة لأَن مؤنّثة لا يَدخُلُه الهاءُ . في التنزيل : " وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ " " جَرَحَ " الشَّيْءَ " كَمنع : اكْتَسَبَ " وهو مجازٌ " كاجْتَرَحَ " . يقال : فُلان يَجْرَحُ لعِيالِه ويَجْتَرِحُ ويَقْرِشُ ويَقْتَرِش بمعنىً . وفي التنزيل : " أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ " أَي اكْتَسبوا . وفي الأَساس : وبِئْسَما جَرَحَتْ يَداك واجْتَرَحَتْ أَي عَمِلتَا وأَثَّرَتَا . وهو مُستعار من تأَثيرِ الجَارِح . وفي العِناية للخُفاجيّ أَن صارَ استعارةً حَقِيقَةً فيه من المجاز جَرَحَ " فلاناً " بلِسانه . إِذا " سَبَّه " . وفي نُسخةٍ : سَبَعَه " وشَتَمه " . ومن ذلك قولهم :
" جَرَّحُوه بأَنياب وأَضراسِشَتَموه وعابُوه . من المَجاز : جَرَحَ الحاكمُ " شاهِداً " : إِذا عَثَرَ منه على ما " أَسْقَطَ " به " عَدالَتَه " من كَذِبٍ وغيرِه . وقد قيل ذلك في غيرِ الحاكم فقيل : جَرَحَ الرَّجُلَ : غَضَّ شَهادَته . وفي الأَساس : ويُقال : للمشهود عليه : هل لك جُرْحَة ؟ وهي ما تُجْرَح به الشّهادةُ . وكان يقولُ حاكمُ المدينةِ للخَصْم إِذا أَراد أَنْ يُوجِّه عليه القَضاءَ : أَقْصَصتُك الجُرْحَةَ فإِنْ كان عندك ما تَجْرَحُ به الحُجَّةَ الّتي تَوجَّهتْ عليكَ فهَلُمَّها : أَي أَمكنْتُك من أَن تَقُصَّ ما تَجْرَحُ به البَيِّنةً . يقال : جَرِحَ الرّجلُ " كسَمعَ : أَصابَتْه جِرَاحةٌ . و " جَرِحَ الرَّجلُ أَيضاً : إِذا " جُرِحَتْ شَهادتُه " وكذا رِوايَته أَي رُدَّتْ ووُجِّهَ إِليه القَضَاءُ . " والجَوارِحُ : إِناثُ الخَيْلِ " . واحدتُها جَارِحةٌ لأَنّها تُكْسِب أَرْبابَها نِتاجَها قاله أَبو عَمرٍو كذا في التهذيب . من المجاز : الجَوارِحُ : " أَعْضاءُ الإِنسانِ التي تَكْتَسِبُ " وهي عَوامِلُه من يَدَيْهِ ورِجْليه واحدتُها جارِحةٌ لأَنهنّ يَجْرَحن الخيرَ والشّرَّ أَي يَكْسِبْنَه . قلت : وهو مأَخوذٌ من جَرَحَتْ يَداه واجْتَرَحَت . الجَوارِح : " ذَواتُ الصَّيْدِ من السِّباع والطَّيْرِ " والكِلاب لأَنّها تَجْرَحُ لأَهلِها أَي تَكْسِبُ لهم الواحدة جارِحَةٌ . فالبازِي جارِحَةٌ والكَلْب الضّاري جارِحةٌ . قال الأَزهريّ : سُمِّيتْ بذلك لأَنها كَوَاسِبُ أَنْفُسِها من قولك : جَرَحَ واجْتَرَحَ . وفي التنزيل : " يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم منَ الجْوَارِحِ مُكَلِّبِينَ " أَراد : وأُحِلّ لكم صَيْدُ ما عَلَّمْتم من الجَوارحِ فحذفَ لأَنّ في الكلام دليلاً عليه . ويُقال : ماله جارِحةٌ أَي مالَه أُنْثَى ذَاتُ رَحِمٍ تَحْمِلُ ؛ وماله جارِحةٌ أَي ماله كاسِبٌ . جَوارِحُ المالِ : ما وَلَد . يقال : " هذه " الفَرسُ و " النَّاقَةُ والأَتان مِن جَوارِحِ المالِ أَي " أَنّها " شابّةٌ مُقْبِلةُ الرَّحِمِ " والشَّبَابُ يُرْجَى وَلَدُها . من المجاز : قد اسْتَجْرَحَ الشّاهدُ . " الاسْتِجْراحُ " : النُّقصانُ و " العَيْبُ والفَسادُ " وهو منه حكاه أَبو عُبيدٍ . واسْتَجْرَحَ فلانٌ : اسْتَحَقّ أَن يُجْرَحَ ؛ كذا في الأَساس . وفي خطبة عبد الملك : " وَعَظْتكُم فلم تَزْدَادُوا على المَوْعظةِ إِلا اسْتِجْراحاً " أي فسَاداً . وقيل : معناه إِلا ما يُكْسِبُكم الجَرْحَ والطَّعْنَ عليكم . وقال ابنُ عون : اسْتجْرَحَتْ هذه الأَحاديثُ . قال الأَزهريّ : ويُرْوَى عن بعضِ التّابعين أَنه قال : كَثُرَتْ هذه الأَحاديثُ واسْتَجْرَحت أَي فَسَدَتْ وقَلَّ صِحَاحُها وهو اسْتَفْعَل من جَرَحَ الشَّاهِدَ : إِذا طَعَنَ فيه ورَدَّ قَوْلَه ؛ أَراد أَنّ الأَحاديثَ كَثُرَتْ حتى أَحْوَجَتْ أَهْلَ العِلْم بها إِلى جَرْحِ بَعْضِ رُوَاتِها ورَدَّ رِوَايتِه كذا في اللِّسان والأَساس . جَرّاحٌ " كشَدّاد : عَلَمٌ " وكَنَوْا بأَبِي الجَرّاحِ . والجَرَّاحُ : قَرْية من إِقلِيم المَنصورة . ومما يستدرك عليه : خاتَمٌ مَرِحٌ وسِوارٌ جَرِحٌ وهو القَلِق . وسِكِّينُ جَرِحُ النِّصابِ به جُرْح ؛ كذا في الأَساس . وأَنا أَخشَى أَن يكون مَرِجاً وجَرِجاً بالجيم وقد تقدّم . وفي الحديث : " العَجْماءُ جَرْحُها جُبَارٌ " بفتح الجيم لا غيرُ على المصدر . وجَرَح له من مالِه : قَطَعَ له منه قِطْعَةً عن ابن الأَعرابيّ . وردَّ عليه ثَعلبٌ ذلك فقال : إِنما هو : جَزَحَ بالزاي . وكذلك حكاه أَبو عُبيدٍ