الأَدَبُ مُحَرَّكَةً : الذي يَتَأَدَّبُ به الأَديبُ من الناس سُمّيَ به لأَنه يَأْدِبُ الناسَ إلى المَحَامدِ وَيَنْهَاهُم عن المَقَابِحِ وأَصلُ الأَدَبِ : الدُّعَاءُ وقال شيخنا ناقلاً عن تقريراتِ شيوخه : الأَدَبُ مَلَكَةٌ تَعْصِمُ مَنْ قامت به عمَّا يَشِينُه وفي المصباح : هو تَعَلُّم رِيَاضَةِ النَّفْسِ ومَحَاسِن الأَخْلاَقِ . وقال أَبو زيد الأَنصاريّ : الأَدبُ يَقَع على كل رِيَاضَةِ مَحْمُودَةٍ يَتَخَرَّجُ بها الإِنسانُ في فَضِيلَةِ من الفَضَائِلِ ومثله في التهذيب وفي التوشيح : هو استعمالُ ما يُحْمَدُ قَوْلاً وفِعْلاً أَو الأَخْذُ أَو الوُقُوفُ مع المُسْتَحْسَنَات أَو تَعْظِيمُ مَنْ فوقَك والرِّفْق بمَنْ دُونَكَ ونَقَل الخَفَاجِيُّ في العِنَايَة عن الجَوَالِيقي في شرحِ أَدَبِ الكَاتِبِ : الأَدَبُ في اللغة : حُسْنُ الأَخلاق وفِعْلُ المَكَارِم وإِطلاقُه على عُلُومِ العَرَبِيَّة مُوَلَّدٌ حَدَثَ في الإِسلام وقال ابنُ السِّيدِ البَطَلْيَوْسِيُّ : الأَدَبُ أَدَبُ النَّفْسِ والدَّرْسِ . والأَدَبُ : الظَرْفُ بالْفَتْح وحسْنُ التَّنَاوُلِ وهذا القَوْلُ شَاملٌ لغَالبِ الأَقْوَالِ المذكورة ولذا اقْتَصَرَ عليه المُصَنِّف وقال أَبو زيد : أَدب الرَّجُلُ كَحسُنَ يَأْدُبُ أَدَباً فهو أَديبٌ ج أُدباءُ وقال ابنُ بُزُرْج : لَقَدْ أَدُبْت آدُبُ أَدَباً حسَناً وأَنْت أَدِيبٌ وأَدَّبَه أَي عَلّمه فَتَأَدَّب تعلّم واستَعْمَلَهُ الزجَّاجُ في الله عزَّ وجَلَّ فقال : والحَقُّ في هذا ما أَدَّبَ اللهُ تعالى به نَبِيَّه صلى الله عليه وسلم
وفُلاَنٌ قَدِ اسْتَأْدَبَ بمعْنى تَأَدَّبَ ونقل شيخنا عن المصباح : أَدَبْتُه أَدْباً مِنْ بابِ ضَرَب : عَلَّمْتُه رِيَاضَةَ النَّفْسِ ومَحَاسِن الأَخلاق وأَدَّبْتُه تَأْدِيباً مُبَالَغَةٌ وتَكْثِيرٌ ومنه قيل : أَدَّبْتُه تَأْدِيباً إذا عَاقَبْتَه على إِسَاءَته لأَنه سبَبٌ يدعو إلى حَقِيقَةِ الأَدَبِ وقال غيرُه : أَدَبَه كضَرَبَ وأَدَّبَه : راضَ أَخْلاَقَه وعَاقَبَه على إِساءَته لِدُعَائِه إِيَّاهُ إلى حَقِيقَةِ الأَدَب ثم قال : وبه تَعْلَمُ أَنَّ في كلام المصنف قُصُوراً من وَجْهَيْنِ . والأُدْبَةُ بالضَّمِّ والمَأْدُبَةُ بضم الدال المهملة كما هو المشهور وصَرَّح بأَفْصَحيَّته ابنُ الأَثِير وغيرُه وأَجَازَ بعضُهم المَأْدَبَة بفتحها وحكى ابن جنى كَسْرَها أيضاً فهي مُثَلَّثَةُ الدالِ ونصُّوا على أَن الفَتْحَ أَشْهَرُ من الكَسْرِ : كلُّ طَعَام صُنِعَ لِدُعْوَة بالضم والفتح أَوْ عُرْس وجَمْعُه المآدِبُ قال صَخْرُ الغَيِّ يصف عُقَاباً :
" كَأَنَّ قُلُوبَ الطَّيْرِ في قَعْرِ عُشِّهَانَوَى القَسْب مُلْقًى عِنْدَ بَعْضِ المَآدبِ قال سيبَوَيْه : قَالُوا : المَأْدَبَةُ من الأَدَب وفي الحديث عن ابن مسعودٍ " إنَّ هذَا القُرْآنَ مَأْدَبَةُ اللهِ في الأَرْضِ فَتَعَلَّمُوا مِنْ مَأْدَبَتِهِ " يَعْني مَدْعَاتَه قال أَبُو عُبَيْدٍ يُقَالُ : مَأْدُبَةٌ ومَأْدَبَةٌ فمَنْ قال مَأْدُبَةٌ أَرَادَ بِه الصَّنِيعَ يَصْنَعُهُ الرَّجُلُ فَيَدْعُو إليه النَّاسَ شَبَّهَ القُرْآنَ بصَنِيعٍ صَنَعَه اللهُ للنَّاس لهم فيه خَيْرٌ وَمَنَافِعُ ثم دَعَاهم إليه . ومَنْ قَالَ مَأْدَبَةٌ جَعَلَه مَفْعَلَةً من الأَدَبِ وكَان الأَحْمَرُ يَجْعَلُهَا لُغَتَيْنِ مَأْدُبَة ومَأْدَبَة بمَعْنًى وَاحدٍ وقال أَبو زيد : آدَبْتُ أُودِبُ إيدَاباً وأَدَبْتُ آدِبُ أَدْباً والْمَأْدُبَةُ للطعام فرّقَ بينَها وبين المَأْدَبَة للأَدَب
وآدَبَ البلاَدَ يُؤدِبُ إِيدَاباً : مَلأَهَا قِسْطاً وعَدْلاً وآدَبَ القَوْمَ إلى طَعَامِه يُؤْدِبُهُمْ إِيدَاباً وأَدَبَ : عَملَ مَأْدَبَةً
والأَدْبُ بالفَتْح : العَجَبُ مُحَرَّكَةً قال مَنْظُورُ بنُ حَبَّةَ الأَسَديُّ يَصِفُ نَاقته :
" غَلاَّبَة للنَّاجِيَاتِ الغُلْبِ
" حَتَّى أَتَى أُزْبِيُّهَا بِالأَدْبِ الأُزْبِيُّ : السُّرْعَةُ والنَّشَاطُ قال ابن المُكَرَّمِ : وَرَأَيْتُ في حاشِيَةٍ في بَعْضِ نُسَخ الصَّحَاح : المَعْرُوفُ " الإِدْب " بِكَسْرِ الهَمْزَةِ وُجِدَ ذلك بخَطِّ أَبِي زَكَريَّا في نُسْخَته قال : وكذلك أوردَه ابنُ فارس في المُجْمَلِ وعن الأَصمعيّ جَاءَ فُلاَنٌ بِأَمْر أَدْبٍ مَجْزُوم الدَّالِ أَي بأَمْرٍ عَجيبٍ وأَنشد :
" سَمعْت منْ صَلاَصلِ الأَشْكَالِ
" أَدْباً علَى لَبَّاتهَا الحَوَالِي قُلْتُ : وهذا ثَمَرَةُ قولِه : بالفَتْحِ إشَارَة إلى المُخْتَارِ من القولينِ عنده وغَفَلَ عنه شيخُنا فاسْتَدْرَكَهُ على المُصَنِّف وقال : إِلاّ أَنْ يكونَ ذَكَره تَأْكيداً ودَفْعاً لما اشْتَهَرَ أَنه بالتَّحْرِيكِ وليس كذلك أَيضاً بَلْ هو في مقابلةِ ما اشتهر أَنه بالكَسْرِ كما عرفت كالأُدْبَة بالضَّمّ
والأَدْبُ بفَتْحٍ فسُكُونٍ أَيضاً مَصْدَرُ أَدَبَهُ يَأْدِبُهُ بالكَسْر إذا دَعَاهُ إلى طَعَامهِ والآدِبُ : الدَّاعِي إلى الطَّعَام قال طَرَفَةُ :
نَحْنُ فِي المَشْتَاة نَدْعُو الجَفَلَى ... لاَ تَرَى الآدِبَ فينَا يَنْتَقِرْ والمَأْدُوبَةُ فِي شِعْرِ عَدِيٍّ : الَّتِي قَدْ صُنِعَ لَهَا الصَّنِيعُ . ويُجْمَعُ الآدِبُ على أَدَبَةٍ مِثَالُ كَتَبَةٍ وكَاتِبٍ . وفي حَدِيثِ عَلِيٍّ : " أَمَّا إخْوَانُنَا بَنُو أُمَيَّةَ فَقَادَةٌ أَدَبَةٌ " . كآدَبهُ إلَيْه يُؤْدِبُهُ إيدَاباً نقلها الجوهريُّ عن أَبي زيد وكَذَا أَدَبَ القَوْمَ يَأْدِبُ بالكسْرِ أَدَباً مُحَرَّكَةً أَي عَمِلَ مَأْدُبَةً وفي حديث كَعْبٍ : " إِنَّ للهِ مَأْدُبَةً مِنْ لُحُومِ الرُّوم بِمَرْجٍ عَكَّا " أَراد أَنهم يُقْتَلُونَ بها فَتَنْتَابُهُمُ السِّبَاعُ والطَّيْرُ تأْكُلُ من لُحُومِهِموأَدَبُ البَحْرِ بالتحريك كَثْرَةُ مَائِهِ عن أَبي عمرو يقال : جَاشَ أَدَبُ البَحْرِ وأَنشد :
" عَنْ ثَبَجِ البَحْرِ يَجِيشُ أَدَبُهْ وهو مَجَازٌ
وأَدَبِيٌّ كعَرَبِيّ وغلط من ضَبَطَهُ مَقْصُوراً قال في المَرَاصِدِ : جَبَلٌ قُرْبَ عُوَارِضٍ وقيل : في ديار طيّئ حِذَاءَ عُوَارِض وأَنشد في " المعجم " للشمّاخ :
" كَأَنَّها وقَدْ بَدَا عُوَارِضُ
" وأَدَبِيٌّ في السَّرَابِ غَامِضُ
" واللَّيْلُ بَيْنَ قَنَوَيْنِ رَابِضُ
" بجِيزَةِ الوَادِي قَطاً نَوَاهِضُ وقَالَ نَصْرٌ : أَدَبِيٌّ جَبَلٌ حِذَاءَ عُوَارِضٍ وهُوَ جَبَلٌ أَسْوَدُ في دِيَارِ طَيِّئٍ ونَاحِيَةِ دَارِ فَزَارَة
وممَّا يُسْتَدْرَكُ عليه : جَمَلٌ أَدِيبٌ إذَا رِيضَ وذُلِّلَ وكَذَا مُؤَدَّبٌ وقال مُزَاحِمٌ العُقَيْلِيُّ :