الإرْسُ بالكسر : الأَصلُ الطَّيِّبُ . هكذا وقع في سائر الأُصول هذا الحرفُ مكتوباً بالسَّواد وهو الصَّواب . وفي التكملة : أَهمله الجوهريُّ وكأَنه سَبْقُ قلَمٍ فإنَّه مَوجودٌ في نُسَخ الصِّحاح . قال ابن الأَعرابيِّ : الأَريسُ والإرِّيسُ كجَلِيس وسِكِّيت : الأَكَّارُ . والأَخير عن ثعلب أَيضاً . فالأَوَّل ج أَريسُونَ والثاني جمعه إرِّيسُونَ وأَرارِسَةٌ وأَراريسُ وأَرارِسُ وأَرارِسَةٌ تَنْصَرِفُ وأَرارِسُ لا تَنصرِف . والفِعْلُ منهما : أَرَسَ يأْرسُ أَرْساً وأَرَّسَ يؤَرِّسُ تَأْريساً . وفي حديث معاوية : أَنَّه كتب إلى ملك الرُّوم : لأَرُدَّنَّكَ إرِّيساً منَ الأَرارِسَةِ تَرْعَى الدَّوابِلُ . وفي حديث آخَرَ : فعليكَ إثْمُ الإرِّيسِيِّينَ مَجموعاً مَنسوباً والصحيح بغير نسَبٍ ورَدَّه عليه الطّحاوِيُّ وحُكِيَ عن أَبي عُبيد أَيضاً أَنَّ المُرادَ بهم الخَدَمُ والخَوَلُ يعني بصَدِّه لهم عن الدِّين . وقال الصَّاغانِيّ : وقولهم للأَرِيسِ أَريسِيٌّ كقول العجّاج :
" والدَّهْرُ بالإنسان دوّارِيُّ
أَي دَوَّارٌ . قال الأَزْهَرِيّ : وهي لغةٌ شامِيَّةٌ وهم فلاّحو السَّوادِ الذين لا كتابَ لهم . وقيل : الأَرِيسِيُّونَ : قَوْمٌ من المَجوسِ لا يَعبدون النَّارَ ويَزعُمونَ أَنَّهم على دين إبراهيمَ عليه السَّلام وعلى نبيِّنا . وفيه وَجهٌ آخَر هو أَنَّ الإِرِّيسينَ هم المَنسوبونَ إلى الإِرِّيس مثل المُهَلَّبينَ والأَشْعَرِينَ المنسوبين إلى المُهَلَّب والأَشْعَر فيكون المعنى : فعليك إثْمُ الذين هم داخِلونَ في طاعتِكَ ويُجيبونَكَ إذا دعَوْتَهُم ثمَّ لمْ تَدْعُهُم للإسلام ولو دعَوْتَهُم لأَجابوك فعليكَ إثْمُهُم لأَنَّكَ سَبَبُ مَنْعِهِم الإسلامَ . وقال بعضُهم : في رَهْطِ هِرَقْلَ فِرْقَةٌ تُعرَفُ بالأَرُوسِيَّة فجاءَ على النَّسَبِ إليهِم . وقيل : إنَّهم أَتباعُ عَبْد الله بن أَرِيسَ رَجُلٍ كان في الزَّمَن الأَوَّل قتلوا نبيَّاً بعثه الله إليهم . والفِعْلُ منهُما : أَرَسَ يَأْرِسُ أَرْساً من حَدِّ ضرَبَ أَي صارَ أَرِيساً وأَرَّسَ يُؤَرِّسُ تَأْرِيساً : صارَ أَرِيساً أَي أَكّاراً . قاله ابنُ الأَعرابيِّ . الإِرِّيسُ كسِكِّيت : الأَميرُ عن كُراع حكاهُ في باب فِعِّيل وعَدَلَه بإبِّيل والأَصل عنده فيه رِئِّيسُ على فِعِّيل من الرِّياسَةِ فقُلِبَ . وأَرَّسَه تَأْرِيساً : استعملَه واسْتَخْدَمَه فهو مُؤَرَّسٌ كمُعَظَّمٍ وبه فُسِّرَ الحديث السَّابق وإليه مال ابنُ بَرِّيّ في أَماليه حيث قال بعد أَنْ ذَكَر قولَ أَبي عبيدة الذي تقدَّمَ : والأَجْوَدُ عندي أَن يُقال : إنَّ الإرِّيسَ كبيرُهُم الذي يُمْتَثَلُ أَمْرُه ويُطيعونَه إذا طلَبَ منهمُ الطَّاعةَ ويَدُلُّ على ذلك قولُ أَبي حزام العُكْلِيِّ :
لا تُبِئْنِي وأَنتَ لي بِكَ وَغْدٌ ... لا تُبِئْ بالمُؤَرَّسِ الإِرِّيسا يريد : لا تُسَوِّني بكَ وأَنتَ لي وَغْدٌ أَي عَدُوٌّ ولا تُسَوِّ الإرِّيسَ وهو الأَميرُ بالمُؤَرَّسِ وهو المَأْمُورُ . فيكون المعنى في الحديث : فعليكَ إثْمُ الإرِّيسين : يريد الذين هم قادرون على هداية قومِهم ثم لم يَهدوهم . وأَنتَ إرِّيسُهم الذي يُجيبونَ دَعْوَتَكَ ويَمتَثِلونَ أَمْرَكَ وإذا دعَوْتَهم إلى أَمْرٍ طاوَعُوكَ فلو دَعَوْتَهُم إلى الإسلام لأَجابوكَ فعليكَ إثْمُهُم . في حديث خاتم النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلَّم : فسَقَطَ من يَدِ عُثمانَ في بئر أَرِيس . كأَمير وهي مَعروفةٌ بالمدينة قريباً من مَسجِدِ قُباءٍ وهي التي وقعَ فيها خاتَمُ النبِيِّ صلّى الله عليه وسلَّم من عثمان رضي الله تعالى عنه . ويَريس بالياءِ لغةٌ فيه كما سيأْتي . قال شيخُنا : وسُئِلَ الشيخُ ابنُ مالِكٍ عن صَرْفِه فأَفْتَى بالجَواز . ومما يُستدرَك عليه : الأَرِيسُ كأَمِير : العَشَّارُ قيل : وبه فَسَّرَ بعضُهُم الحديثَ . وأَرْسَةُ بنُ مُرٍّ زادَ الصَّاغانِيّ : هو أَخو تميم بن مُرٍّ . قال الأَصمعيُّ : لا أَدري من أَيِّ شيءٍ اشتِقاقُه . قال الصَّاغانِيّ في العُباب : اشتقاقه مما تقدَّمَ من قول ابن الأَعرابيِّ : الأَرْسُ : الأَصْلُ الطَّيِّبُ . والأَرارِيسُ : الزَّارِعونَ وهي شاميَّةٌ . وقال ابن فارس : الهَمزَةُ والرَّاءُ والسِّينُ ليست عربِيَّةً
التُّرْسُ بالضَّمِّ من السِّلاح : المُتَوَقَّى بها م مَعروفٌ ج أَتْراسٌ وتِرَسَةٌ كعِنَبَةٍ وتِراسٌ بالكسْر وتُرُوسٌ بالضَّمّ قال يعقوب : ولا تَقُل : أَتْرِسَةٌ قال الشَّاعِر :
كأَنَّ شَمْساً نازَعَتْ شُمُوسا ... دُرُوعَنا والبِيضَ والتُّرُوسَا والتَّرَّاسُ كشَدَّادٍ : صاحبُه وصانِعُه . والتِّراسَةُ بالكسْرِ صَنعَتُه وإنَّما أَطْلَقَه لشُهْرَتِه قِياساً على صِيَغِ الحِرْفَةِ . والتَّتْرِيسُ والتَّتَرُّسُ : التَّسَتُّرُ به أَي بالتُّرْسِ يقال : تَتَرَّسَ بالتُّرْسِ أَي تَوَقَّى . والمِتْرِسُ ضبطوه كمِنْبَرٍ وظاهره أنه بالفتح كمَقْعَدٍ وقد وقعَ في الحديث الصحيح الذي أَخرجَه البخاريُّ واختلفوا في ضَبطِه فقيل : كمِنْبَرٍ وقيل كمَقْعَدٍ وقيل بتشديد المُثَنَّاة كما في التَوشيحِ : خَشَبَةٌ تُوضَعُ خَلْفَ البابِ قاله الجَوْهَرِيُّ والصحيح في ضبطِه أَنَّه بفتحِ الميمِ والتَّاءِ وسُكونِ الرَّاءِ كما ضبطَه الحافظ بن حَجَر في حديث البُخاريّ وهي فارسيَّةٌ وفي التَّهذيبِ المَتَّرَسُ : الشِّجارُ الذي يوضَعُ قِبَلَ البابِ دِعامَةً وليس بعَربيٍّ ومَعناهُ مَتَرْسُ أَي لا تَخَفْ معها وليس في نَصِّ التَّهذيبِ لفظة معها ويُقال : إنَّ اسمَ هذه الخَشَبَةِ بالعَربيَّةِ التُّرْسُ بالضَّمِّ وهي بالفارسيَّة مَتَرْسُ فعلى هذا لا وَهْم في عبارة المصنِّف كما زعمَه شيخُنا إلاّ أَنَّه أَطْلَقَ الضَّبْطَ فأَخَلَّ وأَمّا لَفظُ البخاريِّ فمعناه لا تَخَفْ بالاتِّفاقِ والصَّحيح في ضَبطِه ما مَرَّ عن الحافِظِ بن حَجَر كما جَزَمَ به جَماعَةٌ ووافقَه أَهلُ اللسانِ فإنَّ الميمَ عندَهم علامَةُ النَّهْيِ وتَرْسُ معناه : خَفْ فإذا قيل : مَتَرْس : فمعناه : لا تَخَفْ . وكُلُّ ما تَتَرَّسْتَ به فهو مِتْرَسَةٌ لَكَ هكذا ضبطَه بكسْر الميم وهذا يُشْعِرُ أَنَّه المِتْرَسُ الذي ذُكِرَ قبل ذلكّ وفي الأَساس : هو مَتْرَسَةٌ لك وهو مَجازٌ أَي كأَنَّه يُتَوَقَّى به في النَّوائبِ . قال ابنُ عَبَّاد : التُّرْسُ بالضَّمِّ من جَلَدِ الأَرضِ : الغليظُ منها كأنه على التَّشبيه ويقال : هو القاعُ المَستديرُ الأَملَسُ كما قاله الزّمخشريُّ ومنه قولُهم : واجَهْتُ تُرْساً من الأَرضِ قال ابنُ مَيَّادَة :
سَفَيْنَ تُرابَ الأَرضِ حَتَّى أَبَدْنَه ... ووَاجَهْنَ تُرْساً من مُتُونِ صَحَارِي
ومما يستدرَكُ عليه : رَجُلٌ تارِسٌ : ذو ترس تقول : لا يستوي الرَّاجِلُ والفارِسُ والأَكْشَفُ والتَّارِسُ . وحَكَى سيبويه : اتَّرَسَ الرَّجُلُ اتِّراساً من باب الافتِعالِ إذا تَوَقَّى بالتُّرْسِ . والمِتْرَسَةُ : ما تُتُرِّسَ بهِ . والتُّرْسُ بالضَّمِّ : هو المِتْرَسُ خلْفَ البابِ هذا هو الأَصلُ ثمَّ استُعمِلَ في غَلْقِ البابِ كيف كانَ يقولونَ : تَرَسَ البابَ وباب مَتْرُوسٌ والعامَّةُ تقولُه بالشِّين المُعْجَمَة . وفي الأَساس : تسَتَّرْتُ بك من الحَدثَان وتَتَرَّسْت من نِبال الزَّمان . وأَخذَتْ إبِلِي سِلاحَها وتَتَرَّسَتْ بتُرْسِها إذا سَمِنَتْ وحَسُنَتْ ومَنَعَتْ بذلكَ صاحبَها من العَقْرِ . وتُرْسُ الشَّمسِ : قُرْصُها وكلُّ ذلك مَجازٌ . وتِرْسا بالكَسرِ : اسمٌ لِثلاث قُرى بمِصْرَ : في الشَّرقيّة والجِيزِيَّة والفَيُّومِ فمِن الجِيزِيَّة وقد دَخَلْتُها ثلاثَ مِرارٍ : أَبو البقاء مُحَمَّد بن عليِّ بنِ خلَفٍ الشَّافِعِيُّ التِرْساوِيُّ وُلد بها سنة 841 وسَمِعَ على الدِّيميّ والسَّخاوِيِّ . وأَبو تُرَيْسٍ كزُبَيْرٍ : جَمَلَةُ بنُ عامِرٍ تابِعِيٌّ روَى عن عُمَرَ قاله الحافظُ . وتَرَّسَه بفتح وتشديد راءٍ : قَريَةٌ بالأَندَلُسِ منها عَبْد الله بنُ إدريسَ التَّرَّسِيُّ هكذا ضبطَه الحافظ . وإتْرِيسُ كإدْريس : قريةٌ بمصرَ من أَعمال حَوْفِ رَمسيس . والتُّرْسُ بالضَّمِّ : خشَبَةٌ تَشَبَّه به قال جالينوس إنَّها تَنفَعُ من عَضَّةِ الكَلْبِ الكَلِبِ هكذا في المِنهاج . وتِراسُ الخليجِ بالكَسْرِ : قريةٌ في الدَّقَهْلِيَّةِ بمِصْرَ بالقرب من دِمياط وقد دخلْتُها مِراراً والعامَّةُ تقولُ : رأْسُ الخليج . ونُصَيْر بن تَرْوَس من قسطة كجَعْفَر من شيوخِ الشَّرفِ الدِّمْياطِيِّ