رَهِقَهُ كفَرِحَ : غَشِيَهُ ولَحَقَه يَرْهَقُه رَهَقاً ومنه قولُ اللهِ تعالَى : " ولا يَرْهَقُ وُجُوهَهُم قتَرٌ ولا ذِلَّةٌ " وفي الحَدِيثِ : " إِذا صَلّى أحَدُكُم إِلى شَيْءً فلْيَرْهَقْهُ " أي : فليُغَشِّهِ . أو رَهِقَه رَهَقاً : إِذا دَنا مِنْهُ ويُقال : رَهِقَ شُخُوصُ فُلانٍ أي : دنا وأزِفَ وطلَبْتُ فُلاناً حَتّى رَهِقْتُه أَي : حَتّى دَنَوْتُ منه سواءٌ أخَذَه أَو لَمْ يَأْخُذْه . واخْتُلِفَ في قولهِ تَعالى : " فزادُوهُمْ رَهَقاً " قيلَ : الرَّهقُ مُحَركَة هو السَّفَهُ . وقِيلَ : هو النَّوْكُ والخِفةُ والعَرْبَدَةُ ورُكُوبُ الشَّرِّ عن أبِي عمَروٍ وأنْشَدَ في وَصْفِ كَرْمَة وشَرابِها :
لها حَلِيبٌ كَأَن المِسْكَ خالَطَهُ ... يَغْشَى النَّدامَى عليه الجُودُ والرهَقُ وقالَ الفَرّاءُ - في قَوْلِه تَعالَى - " فلا يَخافُ بَخْساً ولا رَهَقاً " . إن الرَّهَقَ هو الظُّلْمُ
وقِيلَ : هو " غِشْيانُ المَحارِم " . قالَ الأَزْهَرِىُّ : الرَّهَقُ : اسم من الإِرْهاقِ وهو أَن تَحْمِلَ الإِنْسانَ على مالا يُطِيقُه . والرَّهَقُ أيْضاً : الكَذِبُ وبه فُسِّرَ قولُ الشاعِرِ :
حَلَفَتْ يَمِيْناً غيرَ ما رَهَقٍ ... باللهِ رَبِّ مُحَمَّدٍ وبِلالِ قالَهُ النَّضْرُ . والرَّهَقُ أيضاً : العَجَلَةُ قال الأَخْطَلُ :
صُلْبُ الحَيازِيم لا هَذْرُ الكَلام إِذا ... هَزَّ القَناةَ ولا مُسْتَعْجِل رَهِقُ وفي الحَدِيثِ : " إنَّ في سَيْفِ خالِدٍ رَهَقاً " وقد رَهِقَ كفَرِحَ في الكلِّ رَهَقاً . ويُقال : هُوَ يغدو الرَّهقَى كجَمَزَى أي : يُسْرِعُ في مَشيِه وفي المُحْكَم : في عَدْوِه حَتّى يُرْهِقَ طالِبَهُ قال ذُو الرمَّةِ :
" حَتّى إِذا هاهَى بهِ وأَسَّدَا
" وانْقَضَّ يَعْدُو الرَّهقَى واسْتَأسَدَا والرَّهِيقُ كأَمِيرٍ : لُغَةٌ في الرَّحِيقِ بمَعْنَى الخَمْر كالمَدْح وِالمَدْهِ . والرَّهُوقُ كصَبُورٍ : الناقَةُ الوَساعُ الجَوادُ التي إِذا قدْتَها رَهِقَتْكَ حَتّى تَكادَ تَطَؤُكَ بخُفيْها قالَهُ النَّضْر وأَنْشَدَ :
وقُلْتُ لها أرْخِى فأَرْخَتْ برَأسِها ... غَشَمْشَمَةٌ للقائِدِينَ رَهُوقُ والرَّيْهُقان بضَمِّ الهاءَ : الزَّعفرانُ نَقَلَه ابنُ درَيْدٍ وأنشدَ :
" التّارِك القِرْنَ على المِتانِ
" كأَنَّما عُسل برَيْهُقانِ وأنْشَدَ ابنُ بَرِّىّ والصّاغانيُّ لحُمَيْدِ ابنِ ثَوْرٍ - رَضِيَ اللهُ عنه - :
فأَخْلَسَ منها البَقْلُ لَوْناً كأَنَّه ... عَلِيل بماءَ الريْهُقانِ ذَهِيبُ
وقالَ أَبو حَنِيفَةَ : زعمَ بعضُ الرواةِ أَنّ الزَّعفْرانَ يُقالُ لهُ : الرَّيْهُقانُ ولم أَجِدْ ذلِكَ مَعْرُوفاً . قُلْتُ : ولا عِبْرَةَ إِلى إِنْكاره هذا فقد أَثْبَتَه غَيْرُ واحِدٍ من الأئِمَّةِ . ويُقال : القَوْمُ رُهاقُ مائَةٍ كغُرابٍ وكِتاب أي : زُهاؤُها ومِقْدارُها حكاهُ ابنُ السِّكِّيتِ عن ابْن دُرَيدٍ . وأَرْهَقَه طُغْياناً أي : أَغشاهُ إِيّاهُ وأَلْحَق ذلِك به يُقال : أرْهَقَنِي فُلانٌ إِثْماً حَتَّى رَهِقْتُه أي : حَمَّلَنِي إِثْماً حَتّى حَمَلْتُه وقالَ أَبو خِراشٍ الهُذَلِي :
ولَوْلا نَحْنُ أَرْهَقَهُ صُهَيْبٌ ... حُسامَ الحَدِّ مَطْرُورًا خَشِيبَا أَي : أَغْشاهُ إِيّاه . وقالَ أبُو زَيْد : أرْهَقَه عُسْرًا أَي : كَلَّفَه إِياهُ ومنه قولُه تَعالى : " ولا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً " وقيلَ : معناهُ لا تُغْشِنِي شَيئاً . ومن المَجازِ : أَرْهَقَ الصَّلاةَ : إِذا أَخَّرَها حَتّى كادَتْ أنْ تَدْنو من الأُخرَى عن الأَصْمَعِيِّ ومنه حَدِيث ابنِ عُمَرَ : " وقد أَرْهَقْنا الصُّلاةَ ونَحن نَتَوَضَّأُ فقالَ : وَيْلٌ للأعْقابِ من النّارِ " . وأرْهَقْتُه أَنْ يُصَلِّيَ أَي : أَعجَلتُه عَنْها ويُقال : لا تُرْهِقْني لا أرْهَقَكَ اللّهُ أَي : لا تُعْسِرْنِي لا أَعْسَرَكَ اللهُ وهي تَتِمَّةٌ لقَوْلِ أَبِى زَيْدٍ السابِقِ
والمُرْهَقُ كمُكْرَم : مَنْ أدْرِكَ زادَ الصاغانِيُّ : ليُقْتَلَ وأَنشدَ :
ومُرْهَقٍ سالَ إمْتاعاً بأُصدَتِه ... لَمْ يَسْتَعِنْ وحَوامِي المَوْتِ تَغْشاهُ
فَرَّجْتُ عنه بِصَرْعَيْنَا لأَرْمَلَةٍ ... أَو بائِسٍ جاءَ مَعْناهُ كمَعْناهُ قالَ ابنُ بَرِّي : أنْشَدَه أَبو عَلِيّ الباهِلِيُّ غَيْثُ بن عَبْدِ الكَرِيم لبَعْض العَرَب يَصِفُ رَجُلاً شَرِيفاً ارْتُثَّ في بَعْضِ المَعارِكِ فسَألَهُم أَن يُمتِعُوهُ بأُصْدَتِه وهِيَ ثَوْبٌ صَغيرٌ يُلْبَسُ تحْتَ الثِّياب أي : لا يُسْلَبُ وقوله : لَمْ يَسْتَعِنْ أَي : لم يَحْلِقْ عانَتَه وهو في حالِ المَوْتِ والصَّرْعانِ : الإِبِلان تَرِدُ إحْداهُما حِينَ تَصْدُرُ الأُخرىَ لكَثْرَتِها يَقُولُ : افتَدَيْته بصَرْعَيْن من الإبلِ فأَعْتَقْتُه بِهما وإِنّما أعْدَدْتُهما للأرامِلِ والأَيْتام أفْدِيهِم بهِما . قُلْتُ : ورَوَى أَبو عُمَرَ في اليَواقِيتِ صَدْرَ البَيْتِ الأَول :
" مثل البِرام غَدا في أُصْدَةٍ خَلَقٍ وقد مَرَّ الإيماءُ إِلى ذلك في " ص ر ع " أَيضاً وقالَ الكُميْتُ :
تَنْدَى أَكفهمُ وفي أَبْياتِهِم ... ثِقَةُ المُجاوِرِ والمُضافِ المُرْهَقِ والمُرَهَّقٌ كمُعَظَّم : هو المَوْصُوفُ بالرَّهَقِ مُحَرَّكَةً وهو الجَهْلُ والخِفَّةُ في العَقْل قاله اللَّيْثُ وأَنشَدَ :
إِنّ في شُكْرِ صالِحِينا لَمَا يَدْ ... حَضُ قَوْلَ المُرَهّقِ المَوْصُومِ وقِيلَ : المُرَهَّقُ : مَن يُظَن به السُّوءُ أَو يُتَّهَم ويُؤَبَّنُ بشَرٍّ أَوْسَفَه ومنه الحَدِيثُ : " أَنَّهُ صَلَّى على امْرَأَة كانَتْ تُرَهَّقُ "
والمُرَهَّقُ : مَنْ يَغْشاهُ الناسُ كَثِيراً وتَنْزِلُ به الأَضيافُ قالَ زُهَيْرٌ يَمْدَحُ هَرِمَ بنَ سِنان :
ومُرَهَّقُ النِّيرانِ يُطْعِمُ في ال ... لأْواءِ غَيْرُ مُلْعَّنِ القِدْرِ وقالَ ابنُ هَرْمَةَ :
خَيْرُ الرِّجالِ المُرَهقُونَ كما ... خَيْرُ تِلاع البِلادِ أوْطَؤُها وراهَقَ الغُلامُ مُراهَقَةً : قارَبَ الحُلُمَ فهو مُراهِق والجارِيَةُ مُراهِقَةٌ . وفي حَدِيثِ سَعْدٍ - رضِيَ اللهُ عنه : " أَنّه كانَ إِذا دَخَلَ مَكةَ مُراهِقاً خَرَج إِلى عَرَفَةَ قبلَ أَنْ يَطُوفَ بالبَيْتِ وبَيْنَ الصَّفا والمَرْوَةِ ثم يَطُوف بعدَ أَنْ يَرْجعَ " أَي : مُقارِباً لآخِرِ الوَقْتِ كأَنّه كانَ يَقْدُمُ يومَ التَّرْوِيَةِ أَو يَوْمَ عَرَفَةَ فيَضِيقُ عليه الوَقتُ حَتّى كادَ يَفوتُه التَّعْرِيفُ كذا في النِّهاية والعُبابِ وهو مَجازٌ
ومما يسُتدْرَكُ عليه :الرَّهَقُ مُحَرَّكَةً : التُّهمَةُ والإِثْمُ عن قَتادَةَ . ورَجُلٌ مُرَهَّقٌ كمُعَظم : موصوفٌ بهِ ولا فِعْلَ له . والمُرَهَّقُ أَيضاً : الفاسِدُ ومَنْ بهِ حِدَّة وسَفَهٌ . والمُتَّهَمُ في دِينِه . وقالَ ابنُ الأَعْرابِيِّ : إِنَّهُ لرَهِقٌ نَزِلٌ أَي : سَرِيعٌ إِلى الشَّرِّ قال الكُمَيْتُ :
و لايَة سِلَّغْد أَلَفَّ كأَنَّهُ ... من الرَّهَقِ المَخْلُوطِ بالنَّوْكِ أَثْوَلُ والرَّهَقُ مُحَرَّكةً : التهَمَة والإثْمُ عن قَتادَةَ والذِّلَّةُ والضَّغفُ عن الزَّجاجُ والغَيُّ عن ابنِ الكَلْبِي والفَسادُ والعَظَمَةُ والكِبْرُ والعَنَتُ واللَّحاقُ والهَلاكُ ومن الأخِيرِ قولُ رُؤْبَةَ يصِفُ حُمُرًا وَرَدَت الماء : " بَصْبَصْنَ واقْشَعْرَرْنَ من خَوْفِ الرَّهَقْ " أَي : من خَوْفِ الهَلاكِ . والرَّهَقُ أَيضاً : الهَلاكُ . والرَّهقَةُ : المَرْأةُ الفاجِرَةُ
ورَهِقَ فُلان فُلاناً : إِذا تَبِعَهُ وقارَبَ أَنْ يَلْحَقَهُ . وأَرْهَقناهُم الخَيْلَ : أَلْحَقْناهُم إيّاها . وبه رَهقَةٌ شَدِيدَةٌ وهي العَظَمَةُ والفَسادُ . وأَرْهَقَكُم اللَّيْلُ فأَسْرِعُوا أَي : دَنا وهو مَجازٌ . ورَهِقَتْنا الصَّلاةَ رَهَقاً أي : حانَت وهو مَجازٌ . وأَتَيْنا في العُصيْرِ المُرْهَقة وهو مَجازٌ أَيضاً . ويُقال : جارِيَةٌ راهِقَةٌ وغلامٌ راهِقٌ وذلِكَ ابنُ العَشَرِة إِلى إِحْدَى عَشَرَة ومنه قَوْلُ الشاعِرِ :
وفَتاةٍ راهِقٍ عُلِّقْتُها ... في عَلالِيّ طِوالٍ وظُلَلْ ورَجُل رَهِقٌ ككَتِفٍ : مُعْجِبٌ ذو نَخوَةٍ . ورَهِقَهُ الدَّيْنُ : غَشِيَة ورَكِبَهُ وهو مَجازٌ . ويُقال : صَلَّى الظهْرَ مُراهِقاً أَي : مُدانِياً للفَواتِ وهو مَجازٌ أَيضاً