القُنُوعُ بالضَّمِّ السُّؤالُ وقيلَ : التَّذَلُّلُ في المَسْألَةِ كذا في الصِّحاحِ ثمّ قالَ : وقالَ بَعْضُ أهْلِ العِلْمِ : إنَّ القُنُوعَ قَدْ يَكُونُ بمَعْنَى الرِّضا أي : بالقِسْمِ واليَسيِر من العَطَاءِ فهو ضِدٌّ قالَ ابنُ بَريِّ : المُرادُ ببَعْضِ أهْل العِلْمِ هُنَا أبو الفَتْحِ عُثْمَانُ بنَ جِنِّي
قلتُ : ونَصُّه : وقد اسْتُعمِلَ القُنُوع في الرِّضا وأنْشَدَ :
أيَذْهَبُ مالُ اللهِ في غَيْرِ حَقِّه ... ونَعْطَشُ في أطْلالِكمْ ونَجُوعُ
أنَرْضَى بهذا مِنْكُمُ لَيْسَ غَيْرَه ... ويُقْنِعُنا ما لَيْسَ فيهِ قُنُوعُ وأنْشَدَ أيضاً :
وقالُوا قَدْ زُهِيتَ فقُلْتُ : كَلاّ ... ولكنّي أعَزَّنِيَ القُنُوعُ وقالَ ابنُ السِّكِّيتِ : ومن العَرَبِ مَنْ يُجِيزُ القُنوع بمَعْنَى القَنَاعَة وكَلامُ العَرَبِ الجَيِّدُ هُو الأوّلُ ويُرْوَى : مِنَ الكُنُوع وهو التَّقَبُّضُ والتَّصاغُر
ومن دُعَائِهِم : نَسْألُ اللهَ القَنَاعَة ونَعُوذُ بهِ من القُنُوعِ أيْ من سُؤَال النّاسِ أو منَ الذُّلِّ لَهُمْ فيه وقالَ الأصْمَعِيُّ : رأيْتُ أعْرَابياً يَقُولُ في دُعَائِه : اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ من القُنُوعِ والخُنُوعِ والخُضُوعِ وما يَغُّضُ طَرْفَ المَرْءِ ويُغْرِى به لِئامَ النّاسِ
وفي المَثلِ : خَيْرُ الغِنَى القُنُوعُ وشَرُّ الفَقْر الخُضُوعُ فالقُنُوع هُنَا هُوَ الرِّضَا بالقِسْمِ وأوَّلُ منْ قالَ ذلكَ أوْسُ بنُ حارِثَةَ لابْنِهِ مالِكِ
ورَجُلٌ قانِعٌ وقَنِيعٌ وفي التَّنْزِيلِ العَزيزِ : وأطْعِمُوا القَانِعَ والمُعْتَر فالقَانِعُ : الّذِي يَسْألُ والمُعْتَرُّ : الّذِي يَتَعرَّضُ ولا يَسْألُ وقِيلَ : القانِعُ هُنَا : المُتَعَفِّفُ عن السُّؤَالِ وكُلٌّ يَصْلُحُ قالَ عدِيُّ بنُ زَيْدِ :
وما خُنْتُ ذا عَهْد وأيْتُ بعَهْدِه ... ولَمْ أحْرِمِ المُضْطَرَّ إذ جاءَ قَانِعَا أي سائِلاً وقالَ الفَرّاءُ : هُوَ الّذِي يَسْألُكَ فما أعْطَيْتَهُ قَبِلَهُ
والقَنَاعَةُ : الرِّضا بالقِسْمِ كالقَنَعِ مُحَرَّكَةً والقُنُعَانِ بالضَّمِّ زادَهُمَا أبو عُبيَدةَ والفِعْلُ كفَرِحَ يُقَالُ قَنِعَ بنَفْسِه قَنَعاً وقَناعَةً وقُنْعاناً الأخِيرُ على غَيْرِ قِياسٍ فهو قَنِعٌ مِثْلُ كَتِفٍ وقانِعٌ وقَنُوعٌ وقَنِيعٌ من قَوْم قَنِعينَ وقُنَّعٍ وقُنَعاءَ وامْرَأةٌ قَنِيعٌ وقَنيعَةٌ ومن نِسْوَةٍ قَنائِعَ قالَ لَبِيدٌ :
فَمِنْهُمْ سَعِيدٌ آخِذٌ بنَصِيبِه ... ومِنْهُمْ شَقِيٌّ بالمَعِيشَةِ قانِعُ وفي الحَديثِ : القَناعَةُ كَنْزٌ لا يَفْنَى لأنَّ الإنْفاقَ مِنْهَا لا يَنْقَطِعُ كُلَّما تَعَذَّر عَلَيْهِ شَيءٌ من أمُورِ الدُّنْيَا قنِعَ بما دُونَه ورَضيَ وفي حَديثٍ آخر : عَزَّ منْ قَنعَ وذَلَّ منْ طَمِعَ لأنَّ القانِعَ لا يُذِلُّه الطَّلَبُ فلا يَزالُ عَزِيزاً ونَقَلَ الجَوْهَرِيُّ عن ابنِ جنيٍّ قالَ : ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ السّائِلُ سُمِّيَ قانِعاً لأنَّهُ يَرْضَى بِما يُعْطَى قَلَّ أو كَثُرَ ويَقْبَلُه ولا يَرُدُّه فيكُونُ مَعْنَى الكَلِمَتَيْنِ راجِعاً إلى الرِّضا
وشاهِدٌ مَقْنَعٌ كمَقْعَد أيْ عَدْلٌ يُقْنَعُ بهِ ورَجُلٌ قُنْعانٌ بالضَّمِّ وامْرَأةٌ قُنْعانٌ ويَسْتَوي في الأخِيرةِ المُذَكَّرُ والمُؤَنَّثُ والواحِدُ والجَمْعُ أي رِضاً يُقْنَعُ بهِ وبِرَأيِه أو بحُكْمِه وقَضَائِه أوْ بشَهَادَتِهِ
وحَكَى ثَعْلَبٌ : رَجُلٌ قُنْعانٌ : مَنْهاةٌ يُقْنَعُ برَأيه ويُنْتَهى إلى أمرِه
قُلْتُ : وأمّا مَقْنَعٌ فإنّه يُثَنَّى ويُجْمَعُ قالَ البَعِيثُ :
وبايَعْتُ لَيْلَى بالخَلاءِ ولَمْ يكُنْ ... شُهُودِي على لَيْلَى عُدُولٌ مَقَانِعُ وفي التَّهْذيبِ : رِجَالٌ مَقَانِعٌ وقُنْعانٌ : إذا كانُوا مَرْضِييِّنَ وفي الحَديثِ : كانَ المَقَانِعُ من أصحابِ مُحَمَّدِ صلى الله عليه وسلم يَقُولونَ كذَا وقالَ ابنُ الأثِيرِ : وبَعْضُهُم لا يُثَنِّهِ ولا يَجْمَعُه لأنَّه مَصْدَرٌ ومن ثَنَّى وجَمَعَ نَظَرَ إلى الاسْمِيَّةِ
وقَنِعَت الإبِلُ والغَنَمُ كسَمِعَ : مالَتْ للمَرْتَع وكَمَنعَ : مالَتْ لمَأْواهَا وأقْبَلَتْ نَحْوَ أهْلِهَا نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ عن ابنِ السِّكِّيتِ هكذا وقالَ غَيْرُه : قَنَعَتِ الإبِلُ والغَنَمُ بالفَتْحِ : رَجَعَتْ إلى مَرْعَاها ومالَتْ إليْه وأقْبَلَتْ نَحْوَ أهْلِهَا وأقْنَعَتْ لمَأوَاهَا
وفي العُبابِ : قَنَعَت الإبِلُ بالفَتْحِ قُنُوعاً : خَرَجَتْ من الحَمْضِ إلى الخُلَّةِ ومَالتْ والاسْمُ القَنْعَةُ بالفَتْحِ وأقْنَعْتُهَا أنا
وقَنَعَتِ الإبِلُ قُنوعاً أيْضاً : صَعِدَتْ وأقْنَعْتُهَا أناوقَنَعَ الإداوَةَ أو المَزادَةَ قَنْعاً بالفَتْحِ : خَنَثَ رأسَها لِجَوْفِها فهِيَ مَقْنُوعَةٌ وكذلِكَ قَمَعَهَا فهِي مقْمُوعَةٌ وقد تَقَدَّمَ
وقَنَعَتِ الشّاةُ : ارْتَفَعَ ضَرْعُها وليسَ في ضَرْعِهَا تَصَوُّبٌ ويُقَالُ أيْضاً : قَنَعَتْ بضَرْعِها كأقْنَعَتْ فهي مُقْنِعَةٌ واسْتَقْنَعَتْ وفي الحَدِيثِ : ناقَةٌ مُقْنِعَةُ الضَّرْع الّتِي أخْلافُها تَرْتَفِعُ إلى بَطْنِها
والمِقْنَعُ والمِقْنَعَةُ بكَسْرِ مِيمِهما الأُولَى عن اللِّحْيَانِيِّ : ما تُقَنِّعُ به المَرْأةُ رأْسَهَا ومَحَاسِنَها أيْ تُغَطِّي وكذلِكَ كُلُّ ما يُسْتَعْمَلُ به مَكْسُورُ الأوّلِ يأتِي على مِفْعَل ومِفْعَلَة
والقِناعُ بالكَسْر : أوْسَعُ مِنْهَا هكذا في النُّسَخِ أي منَ المِقْنَعَةِ كما في اللِّسانِ وفي العُبَابِ : مِنْهُمَا بضَمِيرِ التَّثْنِيَّة وقالَ الأزْهَرِيُّ : لا فَرْقَ عِنْدَ الثِّقَاتِ بينَ القِنَاعِ والمِقْنَعَةِ وهُوَ مِثْلُ اللِّحَافِ والمِلْحَفَةِ
والقِنَاعُ : الطَّبَقُ مِنْ عُسُبِ النَّخْلِ يُوضَعُ فيه الطَّعَامُ والفَاكِهَةُ وفي حديثِ عائشَةَ رضيَ الله عنها : إنْ كانَ ليُهْدَى لَنا القِنَاعُ فيه كَعْبٌ منْ إهَالَة فنَفْرَحُ بهِ جَمْعُه قُنُعٌ بضَمَّتَيْنِ ككِتَابٍ وكُتُبٍ وحَكَى ابنُ بَرِّيّ عن ابنِ خالَوَيْه : القِناعُ : طَبَقُ الرُّطَبِ خاصَّةً وقالَ ابنُ الأثِيرِ : وقِيلَ : إنًَّ القِناعَ جَمْعُ قُِنْعٍ
ومن المَجَازِ القِنَاعُ : غِشاءُ القَلْبِ قالَ الأصْمَعِيُّ : هو الجِلْدَةُ الّتِي تَلْبَسُ القَلْبَ فإذا انْخَلَعَتْ ماتَ صاحِبهُ ومنه حَديثُ بَدْرٍ : فأمّا ابنُ عَمّي فانْكَشَفَ قِنَاعُ قَلْبِه فماتَ أي حِينَ سَمِعَ قائِلاً يَقُولُ : أقْدِمْ حَيْزُومُ
ومن المَجَازِ القِناعُ : السِّلاحُ يُقَالُ أخَذَ قِنَاعَهُ أي : سِلاحَه ومنه قَوْلُ المُسَيَّبِ بنِ عَلَسٍ :
إذْ تَسْتَبِيكَ بأصْلَتِيٍّ ناعِمٍ ... قامَتْ لتَقْتُلَه بِغَيْرِ قِنَاعِ ج : قُنُعٌ بضمَّتَيْنِ وأقْنِعَةٌ
والنَّعجَةُ تُسَمَّى قِنَاعَ مَمْنُوعَةً مِنَ الصَّرْف كما تُسَمَّى خِمارَ ولَيْسَ هذا بوَصْف نَقَله الصّاغَانِيُّ
والقانِعُ : الخارِجُ منْ مَكَانٍ إلى مَكَانٍ
والقَنُوعُ كصَبُورٍ : الهَبُوطُ بِلُغَةِ هُذَيْلٍ وهِيَ مُؤَنَّثَةُ وهِيَ بمَنْزِلَةِ الحَدُورِ مِنْ سَفْحِ الجَبَلِ
والقَنُوعُ أيضاً : الصَّعُودُ فهُوَ ضِدٌّ
وقَنَعَةُ الجَبَلِ والسَّنامِ مُحَرَّكَةً : أعْلاهُمَا وكذلكَ القَمَعَةُ بالمِيمِ كما تَقَدَّم
والقَنَعُ مُحَرَّكَةً مِنَ الرَّمْلِ ما أشْرَف هكَذا في النُّسَخِ وهو غَلَطٌ وصَوَابُه : ما اسْتَرَقَّ كما هُوَ نَصُّ ابنِ شُمَيْلٍ ونَقَلَه الصّاغَانِيُّ وصاحِبُ اللِّسانِ أو : هُوَ ما اسْتَوَى أسْفَلُه من الأرْضِ إلى جَنْبِه وهُوَ اللَّبَبُ أيضاً وقَدْ ذُكِرَ في مَوْضِعِه القِطْعَةُ منْه قَنَعَةٌ
والقَنَعُ أيضاً : ماءٌ بينَ الثَّعْلَبِيَّة وحَبْلِ مُرْبخٍ بفَتْحِ الحاءِ المُهْمَلَةِ وسُكُونِ المُوَّحَّدَةِ ومُرْبِخٌ كمُحْسِنٍ من رَبَخَ بالرّاءِ والمُوَحَّدَةِ ثم الخّاءِ المُعْجَمَةِ وهو رَمْلٌ مُسْتَطِيلٌ بيْنَ مَكَّة والبَصْرَةِ ذُكِرَ في مَوْضِعِه
والقِنْعُ بالكَسْرِ : السِّلاحُ كالقِنَاعِ وهو مجازٌ ج : أقْنَاعٌ كخْدْنٍ وأخْدَانٍ
والقِِنْعُ أيضاً : جَمْعُ قِنْعَة وهيَ مُسْتَوىً بين أكَمَتَيْنِ سَهْلَتَيْنِ وقِيلَ : القِنْعُ : مُتَّسَعُ الحَزْن حَيْثُ يَسْهُلُ أو مُسْتَدارُ الرَّمْلِ وقِيل : أسْفَلُه وأعْلاهُ وقيلَ : القِنْعُ : أرْضٌ سَهْلَةٌ بينَ رِمالِ تُنْبِتُ الشَّجَرَ وقِيلَ هُوَ خَفْضٌ من الأرْضِ له حَواجِبُ يَحْتَقِنُ فيه الماءُ ويُعْشِبُ وقِيل : القِنْعَةُ من القِنْعانِ : ما جَرَى بينَ القُفِّ والسَّهْلِ من التُّرَاب الكَثيرِ
وقال ذُو الرُّمَّة يَصِفُ الحُمُرَ كما في الصِّحاحِ وفي العُبابِ : يَصِفُ الظُّعُنَ :
وأبْصَرْنَ أنَّ القِنْعَ صارَتْ نِطافُه ... فَرَاشاً وأنَّ البَقْل ذاوٍ ويابِسُجج أي جَمْعُ الجَمْع : قِنْعانٌ بالكَسْرِ وقِيلَ : بَلِ القِنْعُ مُفْرَدٌ وجَمْعُه قِنَعَةٌ كعِنَبَة وقِنْعَانٌ
وأقْنَعَ الرَّجُلُ : صادَفَهُ أي القِنْعَ وهو الرَّمْلُ المُجْتَمِعُ وفي بَعْضِ النُّسَخِ : صارَ فيهِ والأُولَى الصَّوابُ
والقِنْعُ : الأصْلُ يُقَالُ إنَّه للَئيمُ القِنْعِ
والقِنْعُ : ماءٌ باليَمَامَةِ على ثلاثِ لَيَال من جَوِّ الخَضَارِم قال مُزاحِمٌ العُقَيْلِيُّ :
أشاقَتْكَ بالقِنْعِ الغَدَاةَ رُسُومُ ... دَوارِسُ أدْنَى عَهْدِهِنَّ قَدِيمُ كما في العُبابِ
قُلتُ : هو جَبَلٌ فيه ماءٌ لبَنِي سَعْدِ بنِ زَيْدِ مَناةَ
والقِنْعُ : الطَّبَقُ مِنْ عُسُبِ النَّخْل يُؤْكَلُ عليهِ الطَّعَامُ وقِيلَ : يُجْعَلُ فِيهِ الفاكِهَةُ وغَيْرُها ويُضَمُّ حَكَى الوَجْهَيْنِ ابنُ الأثِيرِ والهَرَوِيُّ وجَمْعُه أقْناعٌ كبُرْدٍ وأبْرَادِ نَقَلَه الهَرَوِيُّ وعلى رِوَايَةِ الكَسْرِ كسِلْك وأسْلاكِ
والقُنْعُ : بالضَّمِّ : الشَّبُّورُ وهُوَ بُوقُ اليَهُودِ وسِياقُ المُصَنِّف يَقْتَضِي أنَّه بالكَسْرِ وليسَ هو بالكَسْرِ بال بالضَّمِّ كما ضَبَطْناهُ وليسَ بتَصْحِيفِ قُبْعٍ بالمُوحَّدَةِ ولا قٌثْعٍ بالمُثَلَّثَةِ بَلْ هِيَ ثَلاثُ لُغاتِ : النُّونُ روايَةُ أبي عُمَرَ الزّاهدِ والثّالثَةُ نَقَلَها الخَطّابِيُّ وأنْكَرَها الأزهَرِيُّ وقد رُوِيَ حَدِيثُ الأذان بالأوْجُهِ الثَّلاثَةِ كما تَقَدَّمَ تَحْقِيقُه في مَوْضِعِه وقد رُوِيَ أيضاً بالتاء المُثَنّاةِ الفَوْقِيَّةِ كما تَقَدَّمَ
قال الخَطّابِيُّ : سألْتُ عنه غَيْرَ واحِدٍ من أهْلِ اللُّغَةِ فَلَمْ يُثْبِتُوه لِي على شَيءٍ واحِدٍ فإنْ كانَتْ الرِّوَايَةُ بالنُّونِ صَحِيحَةً فلا أُراهُ سُمِّي إلاّ لإقْنَاعِ الصَّوْتِ بهِ وهو رَفْعُهُ ومَنْ يُرِيدُ أنْ يَنْفُخَ في البُوقِ يَرْفَعُ رَأسَه وصَوْتَه وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ : أوْ لأنَّ أطْرَافَهُ أُقْنِعَتْ إلى داخلِهِ أي عُطِفَتْ
وقُنَيْعٌ كزُبَيْرٍ : ماءٌ بيْنَ بَنِي جَعْفَرٍ وبَيْنَ بَنِي أبي بَكْرِ بنِ كِلابٍ كما في العُبَابِ
قُلْتُ : هوَ لِبَنِي قُرَيْطٍ بأقبالِ الرَّمْلِ قَصْدَ الضُّمْرِ والضّائِنِ قال جَهْمُ بنُ سَبَلٍ الكِلابِيُّ يَصِفُ السُّيُوفَ :
صَبَحْناها الهُذَيْلَ على قُنَيْعٍ ... كأنَّ بُظورَ نِسْوَتِها الدَّجَاجُ الهُذَيْلُ : من بَنِي جَعْفَرِ بن كلابٍ
والقُنَيْعَةُ كجُهَيْنَةَ بِرْكَةٌ بَيْنَ الثَّعْلَبيَّة والخُزْيمِيَّةِ
وقالَ ابن عَبّاد : يُقَالُ أعُوذُ باللهِ من مَجَالسِ القُنْعَةِ بالضَّمِّ أي : السُّؤالِ وفي الأساسِ : شَرُّ المَجَالِسِ مَجْلِسُ قُنْعَةِ ومَجْلِسُ قُلْعَةِ
وجَمَلٌ أقْنَعُ : في رَأسِه شُخُوصٌ وفي سالِفَتِه تَطامُنٌ كما في المُحِيطِ
وأقْنَعَهُ الشَّيءُ : أرْضَاهُ يُقَالُ فلانٌ حَرِيصٌ ما يُقْنِعُه شيءٌ أيْ : ما يُرْضِيهِ
وأقْنَعَ رَأسَه : نَصَبَهُ وكذا عُنُقَهُ أو نَصَبَه لا يَلْتَفِتُ يَمِيناً وشِمَالاً وجَعَل طَرْفَهُ مُوَازِياً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ قالَهُ ابنُ عَرَفَةَ قالَ : وكذلِكَ الإقْنَاعُ في الصَّلاة وفي التَّنْزيلِ العَزِيزِ : مُهْطِعينَ مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ أي : رافِعِي رُؤُسهِمْ يَنْظُرُونَ في ذُلٍّ
والمُقْنِعُ : الرّافِعُ رَأسَهُ في السَّمَاءِ قال رُؤْبَةُ يَصِفُ ثَوْرَ وَحْشٍ :
" أشْرَفَ رَوْقاهُ صَلِيفاً مُقْنَعَا يَعْنِي عُنُقَ الثَّوْرِ لأنَّ فيهِ كالانْتِصَابِ أمامَه
وأقنَعَ الرّاعِي الإبِلَ والغَنَم : أمَرَّها وفي الصِّحاحِ أمالَها للمَرْتَعِ وكَذا لِمَأْواها
وأقْنَعَ فُلاناً : أحْوَجَهُ وسَألَ أعْرَابِيُّ قَوْماً فَلَمْ يُعْطُوهُ فقالَ : الحَمْدُ للهِ الّذِي أقْنَعِني إليْكُم أي : أحْوَجَنِي إلى أنْ أقْنَعَ إلَيْكم وهُو ضِدٌّ
ويُقَالُ فَمٌ مُقْنَعٌ كمُكْرَمٍ : أسْنانَهُ مَعْطُوفَةٌ إلى داخِلِ يُقَالُ رَجُلٌ مُقْنَعُ الفَمِ قالَ الأصْمَعِيُّ : وذلكَ القَويُّ الّذِي يُقْطَعُ لَهُ كُلُّ شَيءٍ فإذا كان انْصِبابُهَا إلى خَارِج فهُوَ أرْفَقُ وذلكَ ضَعيفٌ لا خَيرَفيهِ قالَ الشَّماخُ يَصِفُ إِبلاً :
يُبَاكِرْنَ العِضاةَ بمُقْنَعاتِ ... نَوَاجِذُهُنَّ كالحِدأ الوَقيعِ وقالَ ابنُ ميّادَةَ يصِفُ الإبِلَ أيضاً :
" تُباكِرُ العِضاةَ قَبْلَ الإشْراقْ
" بِمُقْنعاتٍ كقِعابِ الأوْرَاقْ يَقُولُ : هيَ أفْتَاءٌ فأسْنانُهَا بِيضٌ
وأمّا قَوْلُ الرّاعِي النُّمَيْريِّ وهُوَ مِنْ بَنِي قَطَنِ بنِ رَبِيعَةَ بنِ الحَارِثِ بن نُمَيْرِ :
زجِلَ الحُدَاءِ كأنَّ في حَيْزُومِه ... قَصَباً ومُقْنِعَةَ الحَنِينِ عَجُولا فإنَّهُ يُرْوَى بفَتْحِ النُّونِ ويُرَادُ بِهَا النّايُ لأنَّ الزّامِرَ إذا زَمَرَ أقْنَعَ رَأسَه هكذا زَعَمَ عُمَارَةُ بنُ عَقيل فقِيل له : قَدْ ذَكَرَ القَصَبَ مَرَّةً فقال : هيَ ضُروبٌ ورَوَاهُ غيرُه بكَسْرِها ويُرَادُ بها ناقَةٌ رَفَعتْ حَنِينَها أرَادَ وصَوْتَ مُقْنِعَة فحذَفَ الصَّوْت وأقام مُقْنِعَةَ مُقَامَه وقِيلَ : المُقْنِعَةُ : المَرْفُوعَةُ والعَجُولُ : الّتِي ألْقَتْ وَلَدَها بغير تَمام
وقَنَّعَهُ تَقْنِيعاً : رَضَّاهُ ومنه الحَديث : طُوبَى لِمَنْ هُدِيَ للإسْلامِ وكانَ عَيْشُه كفَافاً وقُنِّعَ به كذا رَوَاهُ إبْراهِيمُ الحَرْبِيُّ
قلتُ : ومنه أيضاً حديثُ الدُّعَاءِ : اللَّهُمَّ قَنِّعْنِي بما رَزَقْتَنِي
وقَنَّعَ المَرْأَةَ : ألْبَسَها القِنَاعَ نَقَله الجَوْهَرِيُّ وقَنَّعَ رَأْسَه بالسَّوطِ : غَشّاهُ بهِ ضَرْباً نَقَله الجَوْهَرِيُّ وكذا بالسَّيفِ والعَصَا ومنه حَديثُ عُمرَ رضيَ اللهُ عنهُ : أنَّ أحَدَ وُلاتِه كَتَبَ إليْهِ كِتَاباً لَحَنَ فيهِ فكَتَبَ إليْهِ عُمَرُ : أنْ قَنِّعْ كَاتِبَك سَوْطاً وهو مجازٌ
وقَنَّعَ الدِّيكُ : إذا رَدَّ بُرائِلَه إلى رأْسِه نَقَله الجَوْهَرِيُّ وأنْشَدَ :
" ولا يَزالُ خَرَبٌ مُقَنَّعُ
" بُرَائِلاهُ والجَنَاحُ يَلْمَعُ قلتُ : وقد تَبِعَ الجَوْهَرِيُّ أبا عُبَيْدَة في إنْشَادِه هكَذا وهو غَلَطٌ والصَّوابُ أنَّه منْ أُرْجُوَزَةِ مَنْصُوبَةِ أنْشَدَها أبو حاتِمٍ في كتابِ الطَّيْرِ لغَيْلانَ بنِ حُرَيْثِ من أبْياتٍ أوَّلُهَا :
" شَبَّهْتُه لَمّا ابْتَدَرْنَ المَطْلَعَا ومِنْهَا :
" فلا يَزَالُ خَرَبُ مُقَنِّعَا
" بُرَائِلَيْهِ وجَناحاً مُضْجَعَا وقد أنْشَدَه الصّاغَانِيُّ في العُبَاب على وَجْهِ الصَّوابِ
ومن المَجَازِ رَجُلٌ مُقَنَّعٌ كمُعَظَّمٍ : مُغَطى بالسِّلاحِ أو عَلَيْهِ أي على رَأْسِه مِغْفَرٌ وبيْضَةُ الحَدِيدِ وهِيَ الخُوذَةُ : لأنَّ الرَّأسَ مَوْضِعُ القِنَاعِ وفي الحَدِيثِ : أنَّه صلى الله عليه وسلم زارَ قَبْرَ أُمِّه في ألْفِ مُقَنَّعٍ أي في ألفِ فارِس مُغَطّىً بالسِّلاحِ
وتَقَنَّعَتِ المَرْأَةُ : لَبِسَتِ القِنَاعَ وهُوَ مُطَاوِعُ قَنَّعْهُا
ومن المَجَازِ : تَقَنَّعَ فُلانٌ أيْ : تَغَشَّى بثَوْبٍ ومنهُ قوْلُ مُتمِّمِ بنِ نُوَيْرَةَ رضيَ الله عنه يصِفُ الخَمْرَ :
ألْهُوا بها يَوْماً وأُلْهِي فِتْيَةً ... عَنْ بَثِّهِمْ إذْ أُلْبِسُوا وتَقَنَّعُوا قالَ الصّاغَانِيُّ في آخِرِ هذا الحَرْفِ : والتَّرْكِيبُ يَدُلُّ على الإقْبالِ على الشَّيءِ ثُمَّ تَخْتَلِفُ مَعَانِيه مَعَ اتِّفاقِ القِياس وعلى اسْتِدَارَةِ في شَيءٍ وقد شَذَّ عن هذا التَّرْكِيبِ الإقْناعُ : ارْتِفاعُ ضَرْعِ الشّاةِ ليسَ فيه تَصَوُّبٌ وقد يُمكِنُ أنْ يُجْعَلَ هذا أصْلاً ثالِثاً ويُحْتَجُّ فيهِ بقَوْلِه تعالَى : مُهْطِعينَ مُقْنعِي رُؤُسِهِمْ قالَ أهْلُ التَّفْسيرِ : أي رافِعي رُؤُسهِم
وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه : رَجُلٌ قُنْعَانِيٌّ بالضَّمِّ كقُنْعَانٍ : يُرْضَى برأيِه
وهو قُنْعانٌ لَنا منْ فُلانِ أي : بَدَلٌ مِنْهُ يكونُ ذلكَ في الذَّمِّ وفي غَيْرِهِ قالَ الشاعِرُ :
" فقُلْتُ له : بُؤْ بامْرئِ لَسْتَ مِثْلَهُوإنْ كُنْتَ قُنْعاناً لِمَنْ يَطْلُبُ الدَّما ورَجُلٌ قُنْعَانٌ : يَرْضَى باليَسير
والقُنُوعُ بالضَّمِّ : الطَّمَعُ والمَيْلُ وبه سُمِّيَ السّائِلُ قانِعاً لِمَيْلِه على النّاسِ بالسُّؤالِ كما قِيلَ : المِسْكِينُ لسُكُونِه إليْهِمويُقَالُ من القَناعَةِ أيْضاً : تَقَنَّعَ واقْتَنَعَ قالَ هُدْبَةُ :
" إذا القَوْمُ هَشُّوا للِفَعالِ تَقَنَّعا وقَنِعْتُ إلى فُلانِ بكَسْرِ النُّونِ : خَضَعْتُ لهُ والْتَزَقْتُ بهِ وانْقَطَعْتُ إليْه عنةابنُ الأعْرَابِيّ
والقَانِعُ : خادِمُ القَوْمِ وأجيرُهُم
وحَكَى الأزْهَرِيُّ عن أبي عُبَيْد : القَانِعُ : الرَّجُلُ يَكُونُ مَعَ الرَّجُلِ يَطْلُبُ فَضْلَه ولا يَطْلُبُ مَعْرُوفَه
وأقْنَعَ الرَّجُلُ بيَدَيْهِ في القُنُوت : مَدَّهُمَا واسْتَرْحَمَ رَبَّه مُسْتَقْبِلاً بِبُطُونِهِمَا وجْهَه ليَدْعُوَ
وأقْنَع فُلانٌ الصَّبِيِّ فقَبَّلَه وذلكَ إذا وَضَعَ إحْدَى يَدَيْه على فَأْسِ قَفَاهُ وجَعَلَ الأخْرَى تَحْتَ ذَقَنِه وأمالَه إلَيْهِ فقَبَّلَهُ
وأقْنَعَ حَلْقَه وفَمَه : رَفَعَهُ لاسْتِيفَاءِ ما يَشْرَبُه مِنْ ماءٍ أوْ لَبَنٍ أو غَيْرِهِمَا قالَ الشاعِرُ :
يُدَافِعُ حَيْزُومَيْهِ سُخْنُ صَرِيحها ... وحَلْقاً تَرَاهُ للثُّمالَةِ مُقْنَعَا والإقْناعُ : أنْ يُقْنِعَ البَعِيرُ رَأْسَه إلى الحَوْضِ للشُّرْبِ وهو مَدُّ رَأسِه
قالَ الزَمَخْشَرِيُّ : وقيل : الإقْناعُ من الأضْدادِ يكونُ رَفْعاً ويكُونُ خَفْضاً
وفي العُبابِ : الإقْناعُ أيْضاً : التَّصْويبُ ومنه رِوَايَةُ مَنْ رَوَى : أنَّه كان إذا رَكَعَ لم يُشْخِصْ رَأْسَه ولَمْ يُقْنِعْه والمُقْنَعُ من الإبِلِ كمُكْرَمٍ : الّذِي يَرْفَعُ رَأْسَه خِلْقَةً قالَ :
" لمُقْنَعٍ في رَأْسِه جُحَاشِرِ ونَاقَةٌ مُقْنَعَةُ الضَّرْعِ : الّتِي أخْلافُهَا تَرْتَفِعُ إلى بَطْنِها
وأقْنَعْتَ الإنَاءَ في النَّهْرِ : اسْتَقْبَلتَ به جَرْيَتَه ليَمْتَلِئَ أوْ أمَلْتَه لتَصُبَّ ما فيهِ
ويُقَالُ قَنَعْتُ رَأْسَ الجَبَلِ وقَنَّعْتُه : إذا عَلَوْتَه
والقَنَعَةُ : مُحَرَّكَةً : ما نَتَأ مِن رَأْسِ الإنْسَانِ
والقِنْعُ بالكَسْرِ : ما بَقِيَ من الماءِ في قُرْبِ الجَبَلِ والكافُ لُغَةٌ
وأقْنَعَ الرَّجُلُ صَوْتَه : رَفَعَه وهو مجازٌ
ويُقَالُ ألْقَى عَنْ وَجْهِه قِناعَ الحَيَاءِ على المَثَلِ
وكذا : قَنَّعَهُ الشَّيْبُ خِمَارَهُ : إذا عَلاهُ الشَّيْبُ وقالَ الأعْشَى :
" وقَنَّعَهُ الشَّيْبُ مِنْخ خِمَارَا ورُبَّما سَمَّوا الشَّيْبَ قِنَاعاً لكَوْنِه مَوْضِعَ القِناعِ من الرَّأسِ أنْشَدَ ثَعْلَبٌ :
" حَتّى اكْتَسَى الرَّأسُ قِناعَاً أشْهَبَا
" أمْلَحَ لا آذَى ولا مُحَبَّبَا ومِنْ كَلامِ السّاجِعِ : إذا طَلَعَتِ الذِّراع حَسَرَتِ الشَّمْسُ القِنَاع وأشْعَلَتْ في الأُفْقِ الشُّعَاع وتَرَقْرَقَ السَّرابُ بكُلِّ قاع
والمُقْنَّعُ كمُعَظَّم : المُغَطَّى رَأْسُه وقولُ لَبِيد :
" في كُلِّ يوم هامَتِي مُقَرَّعَهْ
" قانِعَةٌ ولم تَكُنْ مُقَنَّعَهْ يَجُوزُ أنْ يكونَ مِنْ هذا وقولُه : قانِعَةٌ يجوزُ أنْ يكُونَ على تَوَهُّم طَرْحِ الزّائدِ حَتَّى كأنَّه قِيلَ : قَنَعَتْ ويَجُوزُ أنْ يَكونَ على النَّسَبِ أي : ذاتُ قِناع وأُلحِقَ فِيها الهاءُ لتَمَكُّنِ التَّأْنِيثِ
والقِنْعَانُ بالكَسْرِ : العَظيمُ من الوُعولِ عن الكِسَائِيِّ كما في العُبَابِ واللِّسانِ
ودَمْعٌ مُقَنَّعٌ كمُعَظَّمِ : مَحْبُوسٌ في الجَوْفِ أو مُغَطَّى في شُؤُونِه كامِنٌ فِيها وهو مجازٌ
والقُنْعَةُ بالضَّمِّ : الكُوَّةُ في الحائِط
والقُنْعُ بالضَّمِّ القَنَاعَةُ عامِّيّةٌ والقِياسُ التَّحْرِيكُ أو يَكُونُ مُخَفَّفاً عن القُنُوعِ
وأقْنَعَتِ الغَنَمُ لِمَأْوَاها : رَجَعَتْ وأقْنَعْتُها أنا لازِمٌ مُتَعَدٍّ
ويُقَالُ سَألْتُ فُلاناً عَنْ كذا فلَمْ يأْتِ بمَقْنَعٍ كمَقْعَدِ أي : بما يُرْضِي وجَوابٌ مَقْنَعٌ كذلك
ويُقَالُ قَنَّعَهُ خَزْيَةً وعاراً وتَقَنَّعَ منها وهو مَجازٌ قالَ الشاعِرُ :
وإنّي بحَمْد اللهِ لا ثَوْبَ غادِرٍ ... لَبِسْتُ ولا مِنْ خَزْيَةِ أتَقَنَّعُ وتَقَنَّعُوا في الحَدِيدِ وهو مَجازٌ أيضاً
وقد سَمَّوْا قُنَيْعاً كزُبَيْرٍ وقانِعاً ومُقْنِعاً كمُحْسِنٍ والأخيرُ اسمُ شاعِرٍ قالَ جَريرٌ :سيَعْلَمُ ما يُغْنِي حُكَيْمٌ ومُقْنِعٌ ... إذا الحَرْبُ لم يَرْجِعْ بصُلْحٍ سَفِيرُهَا وكمُعَظَّمٍ : لَقَبُ مُحَمَّدِ بنِ عُمَيْرةَ بن أبي شَمِر شاعِرٌ وكانَ مُقَنَّعاً الدَّهْرَ وقد ذُكِرَ في فرع وأيضاً شاعِرٌ آخَرَ اسمُه ثَوْرُبنُ عُمَيْرَةُ من بَنِي الشَّيْطانِ بن الحارثِ الوَلاّدَة خَرَجَ بخُراسان وادَّعَى النُّبُوةَ وأراهُمُ قَمَراً يَطْلُعُ كُلَّ لَيْلَةٍ ففُتن به جَماعَةٌ يُقَالُ لهُم : المُقَنَّعِيَّةُ نُسِبُوا إليهِ ثم قُتِل واضْمَحَلَّ أمْرُهُ وكان في وَسَطِ المائَةِ الثانيَةِ
قلتُ وقد تَقَدَّمَ ذِكْرُه في قمر وأنْشَدْنا هَنَاكَ قَوْلَ المَعَرِّيِّ :
أفِقْ إنَّمَا البَدْرُ المُقَنَّعُ رَأْسُه ... ضَلالُ وغَيٌّ مِثْلُ بَدْرِ المُقَنَّعِ وكانَ واجِباً على المُصَنِّف أنْ يَذْكُرَه هنا وإنّمَا اسْتَطْرَدَه في حَرْفِ الرّاءِ فإذا تَطَلَّبَه الإنْسانُ لَمْ يَجِدْهُ
وأبو مُحَمَّد الحَسَنُ بنُ عَليِّ بنِ مُحمّدِ بن الحَسَنِ الجَوْهَرِيُّ وكانَ أبُوه يَتَطَيْلَسُ مُحَنَّكاً فقِيلَ له : المُقَنَّعِيُّ حَدَّثَ أبُوه عن الهُجَيْمِيِّ
ذَكَرَه ابنُ نُقْطَةَ
والفَضْلُ بنُ مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيُّ المُقَنَّعِيُّ عن عِيسَى بنِ أحْمَدَ العَسْقَلانِيِّ وعنه أبو الشَّيْخِ ضَبَطَه أبو نُعَيْمٍ
وبالتَّخْفيفِ : علِيُّ بنُ العَبّاسِ المَقْنَعِيُّ نِسْبَةً إلى عَمَلِ المَقَانِعِ وضَبَطَه السّمْعَانِيُّ بكسرِ المِيمِ
وابنُ قانِعٍ صاحِبُ المُعْجَمِ مَشْهُورٌ
وأبو قِنَاعٍ : من كُناهُمْ
" سَبَحَ بالنَّهْرِ وفيه كمَنَع " يَسْبَح " سَبحاً " بفتح فسكون " وسِباحَةً بالكسر : عَامَ " وفي الاقْتطاف : ويقال : العَوْمُ عِلْمٌ لا يُنْسَى . قال شيخُنا : وفرَّقَ الزَّمَخْشَرِيّ بين العَوْمِ والسِّبَاحَةِ فقال : العَوْمُ : الجَرْيُ في الماءِ مع الانغماسِ والسِّباحَةُ : الجرْيُ فَوْقَه من غير انغماسٍ . قلت : وظاهرُ كلامِهم التَّرادُف . وجاءَ في المَثَل : " خِفَّ تَعُمْ " . قال شيخنا : وذِكْرُ النَّهْر ليس بقَيْدٍ بل وكذلك البَحْر والغَدير وكل مُسْتَبْحر من الماءِ . ولو قال : سبَحَ بالماءِ لأَصابَ . وقوله : بالنّهْر وفيه إِنّما هو تكرارٌ فإِن الباءَ فيه بمعنَى " في " لأَن المُرَاد الظَّرْفيّة . قُلتُ : العِبارة الّتي ذكرَهَا المُصنِّف بعينِها نصُّ عبارة المُحكم والمخصّص والتّهذيب وغيرِهَا ولم يأْتِ هو من عندِه بشيْءٍ بل هو ناقِلٌ . " وهو سابِحٌ وسَبُوحٌ من سُبحاءَ وسبَّاحٌ من " قَومٍ " سَبّاحِينَ " ظاهِرُه أَنّ السُّبَحَاءَ جمعٌ لسابِحٍ وسَبُوحٍ وأَمّا ابنُ الأَعرابيّ فجعل السُّبحاءَ جَمْعَ سَابِحٍ وبه فسَّر قول الشاعر :
وماءٍ يَغْرَقُ السُّبَحَاءُ فيه ... سَفِينتُه المُوَاشِكَةُ الخَبُوبُ قال : السُّبَحاءُ جمعُ سابِحٍ وعَنَى بالماءِ السَّرَابَ جَعَلَ النّاقَةَ مِثْلَ السّفينةِ حين جعَلَ السَّرابَ كالماءِ . قال شيخنا : والسَّبُوح كصَبورٍ جمْعُهُ سُبُحٌ بضمتين أَو سِبَاحٌ بالكسر الأَوّل مَقِيسٌ والثاني شَاذٌّ . من المجاز " قولُه تعالى " في كتابه العزيز : " " وَالسَّابِحَاتِ " سَبْحاً فَالسَّابِقَاتِ سَبْقاً " قال الأَزهريّ : " هنّ " وفي نسخة : هي " السُّفُن " والسّابقات : الخَيْلُ " أَو " أَنّها " أَرْوَاحُ المؤمنينَ " تَخرج بسُهولة . وقيل : الملائكة تَسْبَح بين السّماءِ والأَرْضِ . " أَو " السّابحات : " النُّجوم " تَسْبَح في الفَلَك أَي تَذهَب فيه بَسْطاً كما يَسْبَح السابحُ في الماءِ سبحاً . " وأَسْبَحه " في الماءِ : " عوَّمه " . قال أُمَيَّةُ
والمُسْبِحِ الخُشْبَ فوق الماءِ وسخَّرَها ... في اليَمِّ جَرْيَتُهَا كأَنَّها عُوَمُمن المجاز : فرسٌ عُوَمُ وسَبُوحٌ . و " السَّوابِحُ : الخَيْلُ لسبْحِهَا بيَدَيْهَا في سَيْرِهَا " وهي صِفَة غالبةٌ وسَبْحُ الفَرسِ : جَرْيُه . وقال ابن الأَثير : فَرسٌ سابِحٌ إِذا كان حَسنَ مَدِّ اليَدينِ في الجَرْي . التَّسْبِيحُ : التَّنْزِيهُ . وقولهم : " سُبْحانَ اللهِ " بالضَّمّ : هكذا أَوردوه فإِنكار شيخِنا هذا القيدَ على المصنِّف في غير مَحَلِّه . وقيل : تَنْزِيهُ اللهِ تَعَالَى عن كلِّ ما لا يَنْبَغِي له أَن يُوصَفَ به . وقال الزَّجّاج : سُبْحَان في اللُّغَةِ تنزيهُ الله عزّ وجلّ عن السُّوءِ " مَعْرِفةٌ " . قال شيخنا : يريد أَنه عَلَمٌ على البِرِّ ونَحْوِه من أَعْلاَم الأَجْنَاس المَوضوعةِ للمَعانِي . وما ذَكَره من أَنه عَلَمٌ هو الّذي اختارَه الجماهيرُ وأَقرَّه البَيْضَاوِيّ والزّمخشريّ والدَّمامِينيّ وغيرُ واحد . قال الزّجّاج في قوله تعالى : " سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى " " نُصِب على المصْدَر " أَي على المَفْعوليَّة المُطْلَقة ونَصْبُه بفِعْلٍ مُضْمَر متروكٍ إِظهارُه تقديرُه : أُسَبِّحُ اللهَ سُبْحانَه تَسْبِيحاً . قال سيبويهِ : زعم أَبو الخَطّابِ أَنّ سُبْحان اللهِ كقَوْلِك : بَرَاءَةَ اللهِ " أَي أُبَرِّئُ اللهَ " تعالى " من السُّوءِ بَرَاءَةً " . وقيل : قولُه : سُبحانَك أَي أُنَزِّهُك يا ربّ من كلّ سُوءٍ وأُبرِّئُك . انتهَى . قال شيخنا : ثم نُزِّلَ سُبْحَانَ مَنْزلةَ الفِعْل وسَدَّ مَسدَّه ودَلَّ على التَّنزيه البليغِ من جميع القبائِحِ الّتي يُضِيفُها إِليه المُشْرِكُون تعالى اللهُ عمّا يقوله الظَّالمون عُلوّاً كبيراً . انتهَى . وروَى الأَزهريّ بإِسناده أَن ابنَ الكَوّاءِ سأَل عَليّاً رضي الله عنه عن سبحانَ فقال : كلمةٌ رَضِيَها اللهُ تعالى لنفسِه فأَوْصَى بها " أَو معناه " على ما قال ابن شُمَيل : رأَيتُ في المَنَام كأَنّ إِنساناً فَسَّر لي سُبحانَ اللهِ فقال : أَمَا تَرَى الفَرَسَ يَسْبَح في سُرعته ؟ وقال : سُبْحَان الله : " السُّرْعةُ إِليه والخِفَّةُ في طاعته " . وقال الرّاغِب في المفردات : أَصلُه في المَرِّ السَّرِيع فاستُعير للسُّرْعَة في العَمَل ثم جُعِل للِعبَادات قولاً وفِعْلاً . وقال شيخُنَا نَقلاً عن بعضهم : سُبحَان اللهِ : إِمّا إِخْبارٌ قُصِدَ به إِظهارُ العُبُوديّة واعتقادُ التقدُّسِ والتّقديسِ أَو إِنشاءُ نِسبِة القُدْس إِليه تعالى . فالفعل للنِّسبة أَو لسَلْبِ النَّقائصِ أَو أُقيم المَصْدَرُ مُقامَ الفِعْلِ للدّلالة على أَنّه المطلوب أَو للتَّحَاشِي عن التَّجدُّد وإِظهار الدَّوَام . ولذا قيل : إِنّه للتَّنزيه البليغِ مع قَطْعِ النَّظَر عن التّأْكيد . وفي العجائب للكَرْمانيّ : من الغريب ما ذَكَره المُفضَّل : أَنّ سُبحَانَ : مَصْدرُ سَبَحَ إِذا رفعَ صَوْتَه بالدُّعاءِ والذِّكْر وأَنشد :
قَبَحَ الإِلهُ وُجُوهَ تَغْلبَ كُلَّمَا ... سَبَحَ الحَجيجُ وكَبَّرُوا إِهْلاَلاَ قال شيخُنا : قلت : قد أَوْرَده الجَلالُ في الإِتقان عَقبَ قوله : وهو أَي سُبْحانَ ممّا أُميت فِعْلُه . وذكَر كلاَمَ الكَرْمانيّ متعجِّباً من إِثبات المفضّلِ لبناءِ الفِعْلِ منه . وهو مشهورٌ أَوْرَده أَربابُ الأَفعال وغيرُهم وقالوا : هو من سَبَحَ مُخفّفاً كشَكَرَ شُكْرَاناً . وجَوَّز جَماعَةٌ أَن يكون فِعْلُه سَبَّحَ مشدَّداً إِلاّ أَنّهُم صَرَّحوا بأَنّه بَعيدٌ عن القياسِ لأَنه لا نَظِيرَ له بخلافِ الأَوّلِ فإِنّه كثير وإِن كان غيرَ مَقِيس . وأَشارُوا إِلى اشتقاقه من السَّبْح : العَوْمِ أَو السُّرْعةِ أَو البُعْد أَو غيرِ ذلك . من المجاز : العَرَب تقول : " سُبْحَانَ مِنْ كذا تَعجُّبٌ منه " . وفي الصّحَاح بخطّ الجوهَرِيّ : إِذا تُعُجِّب منه . وفي نُسخَة : إِذا تَعجَّبْت منه . قال الأَعشى :
أَقولُ لمّا جاءَني فَخْرُه ... سُبْحَانَ منْ عَلْقَمَة الفاخر يقول : العَجَب منه إِذ يَفْخَر . وإِنّمَا التّأْنيث . وقال ابن بَرِّيّ : إِنّمَا امتنع صَرْفُه للتّعريف وزيادة الأَلف والنُّون وتَعْرِيفُه كونُه اسماً عَلَماً للبَرَاءَة كما أَنّ نَزالِ اسمٌ عَلَمٌ للنُّزُولِ وشَتَّانَ اسمٌ عَلَمٌ للتَّفرُّق . قال : وقد جاءَ في الشِّعر سُبْحان مُنوّنةً نَكِرَةً قال أُميَّة :سُبْحَانَه ثم سُبحاناً يَعودُ له ... وقَبْلَنَا سَبَّحَ الجُودِيُّ والجُمُدُوقال ابن جِنّي : سُبْحَان : اسمٌُ عَلَمٌ لمعنَى البراءَةِ والتَّنْزِيهِ بمنزلةِ عُثْمَانَ وحُمْرَانَ اجتمع في سُبحَانَ التَّعْرِيفُ والأَلفُ والنونُ وكلاهما عِلَّةٌ تَمْنَعُ من الصَّرْف . قلْتُ : ومِثْلُه في شَرْح شَواهِد الكِتَاب للأَعْلَم . ومال جَماعَةٌ إِلى أَنه معرَّفٌ بالإِضافَة المقدَّرةِ كأَنّه قيل : سُبْحَانَ من علقمةَ الفاخِرِ نُصِبَ سُبْحَانَ على المَصْدَر ولُزومُها النَّصْبَ من أَجلِ قِلَّةِ التَّمَكُّن وحُذِفَ التنوينُ منها لأَنها وُضِعت عَلَماً للكلمة فجَرَت في المَنع من الصَّرف مَجْرَى عُثْمَانَ ونَحْوِه . وقال الرّضيّ : سبحانَ هنا للتّعجُّب والأَصلُ فيه أَنْ يُسبَّحَ اللهُ عند رُؤْيَةِ العَجيب مَن صَنائِعه ثم كَثُرَ حتّى استُعْمَلَ في كلّ متعجَّب منه . يقول : العَجَبُ منه إِذ يَفْخَر . يقال : " أَنتَ أَعلَمُ بما في سُبْحانِك " بالضّمّ " أَي في نَفْسِك " " وسُبْحَانُ بنُ أَحمَدَ : من وَلَدِ " هارُونَ " الرَّشيدِ " العَبّاسيّ . " وَسَبَحَ كمَنَع سُبْحاناً " كشَكَر شُكْرَاناً وهو لُغةٌ ذَكَرها ابنُ سيده وغيرُه . قال شيخُنا فلا اعتدادَ بقول ابن يُعيشَ وغيرِه من شُرَّاحِ المُفصَّل وقول الكَرْمانيّ في العَجائب : إِنه أُمِيتَ الفِعْلُ منه . حكَى ثعلب : " سَبَّحَ تَسْبِييحاً " وسُبْحَاناً . وسَبَّحَ الرَّجُلُ : " قال : سُبْحانَ الله " وفي التَّهذيب : سبَّحْت اللهَ تسبيحاً وسُبْحَاناً : بمعنىً واحدٍ فالمصدرُ تَسبيحٌ والاسْمُ سُبْحَان يقوم مَقَام المَصدر . ونقلَ شيخُنَا عن بعضهم وُرُود التَّسْبيح بمعنَى التَّنْزيه أَيضاً : سَبَّحَه تَسْبيحاً إِذا نَزَّهَه . ولم يَذْكُره المصنّف . " وسُبُّوح قُدُّوسٌ " بالضَّمّ فيهما " ويُفْتَحان " عن كُراع : " من صِفاتِه تعالى لأَنه يُسَبَّحُ ويُقَدَّسُ " كذا في المحكم . وقال أَبو إِسحاق : السُّبُّوحُ : الّذِي يُنَزَّهُ عن كُلّ سُوءٍ والقُدّوسُ : المُبَارَكُ الطاهِرُ . قال اللِّحْيَانيّ : المُجْمَع عليه فيها الضمّ . قال : فإِنْ فَتحتَه فجائزٌ . وقال ثَعْلَب . كلُّ اسمٍ على فعُّول فهو مَفْتُوحُ الأَوّلِ إِلاّ السُّبُّوحَ والقُدُّوسَ فإِنّ الضّمّ فيهما أَكثرُ وكذلك الذُّرُّوحُ ؛ كذا في الصّحاح . وقال الشيخ أَبو حَيّان في ارْتِشَاف الضَّرَب نقلاً عن سيبويه : ليس في الكلام فُعُّول صِفَةً غير سُبُّوح وقُدُّوس . وأَثبتَ فيه بعضُهُم ذُرُّوحاً فيكون اسماً . ومثله قال القَزّازُ في جامِعه . قال شيخنا : ولكنْ حكَى الفِهْريّ عن اللِّحيانيّ في نوادره أَنه يقال : دِرْهَم سَتُّوقٌ وسُتُّوقٌ . وشَبُّوطٌ وشُبُّوطٌ لضَرْب من الحُوتِ وفَرُّوجٌ وفُرُّوجٌ لواحدِ الفَرَارِيج . وحَكَوْا أَيضاً اللُّغَتَيْن في سَفُّود وكَلُّوب . انتهَى . وقال الأَزهريّ : وسائر الأَسماءِ تَجيءُ على فعّول مثل سُفُّود وقفّور وقيّور وما أَشْبَهها والفَتْحُ فيها أَقْيَس والضَّمّ أَكْثَرُ استعمالاً . يقال : " السُّبُحَات بضمّتينِ مَواضِعُ السُّجودِ . وسُبُحاتُ وَجْه الله " تعالى : " أَنْوَارُه " وجُلالُه وعَظَمَتُه . وقال جبيريلُ عليه السلامُ " إِنّ لِلهِ دُونَ العَرْشِ سَبْعِينَ حِجَاباً لو دَنَوْنَا من أَحدهَا لأَحْرَقَتْنَا سُبُحَاتُ وَجْهِ ربِّنَا " رواه صاحبُ العَيْن . قال ابن شُميل : سُبُحاتُ وَجْهِه : نُورُ وَجْهِه . وقيل : سُبُحاتُ الوَجْهِ : مُحاسنُه لأَنّك إِذا رأَيتَ الحَسَنَ الوَجْهِ قلتَ : سبحانَ اللهِ . وقيل : معناه : تَنْزيهاً له أَي سُبحانَ وَجْهِهِ . " والسُّبْحَة " بالضّمّ : " خَرَزَاتٌ " تُنْظَمْنَ في خَيْط " للتَّسْبيح تُعَدّ " وقال الفارابيّ وتَبِعَه الجوهريّ : السُّبْحَةُ : الّتي يُسَبَّحُ بها . وقال شيخنا : إِنها ليستْ من اللُّغَة في شَيْءٍ ولا تَعرِفها العرب وإِنما أُحدِثَتْ في الصَّدْرِ الأَوّل إِعانةً على الذِّكْر وتَذكيراً وتَنشيطاً . السُّبْحَة : " الدُّعَاءُ وصَلاةُ التَّطوُّعِ " والنّافِلة : يقال : فَرَغَ فلانٌ من سُبْحَتِه أَي من صَلاَةِ النَّافلة سُمِّيَت الصلاةُ تَسْبيحاً لأَنّ التّسبيح تَعظيمُ اللهِ وتَنْزيهُه من كُلّ سُوءٍ . وفي الحديث : " اجْعلُوا صَلاتَكم معهم سُبْحَةً " : أَي نافِلةً . وفي آخَرَ : " كنّا إِذا نَزَلْنَا مَنْزِلاً لا نُسبِّح حتَّى نَحُلَّ الرِّحَالَ " أَرادصلاةَ الضُّحَى يعني أَنّهم كانوا مع اهتمامهم بالصّلاة لا يُباشِرُونها حتى يَحُطُّوا الرِّحالَ ويُرِيحوا الجِمَال رِفْقاً وإِحْسَاناً . السَّبْحَة " بالفتح : الثِّيَابُ من جُلودٍ " ومثله في الصّحاح وجَمْعُها سِبَاحٌ . قال مالكُ بنُ خالدٍ الهُذَليّ : ةَ الضُّحَى يعني أَنّهم كانوا مع اهتمامهم بالصّلاة لا يُباشِرُونها حتى يَحُطُّوا الرِّحالَ ويُرِيحوا الجِمَال رِفْقاً وإِحْسَاناً . السَّبْحَة " بالفتح : الثِّيَابُ من جُلودٍ " ومثله في الصّحاح وجَمْعُها سِبَاحٌ . قال مالكُ بنُ خالدٍ الهُذَليّ :
وسَبّاحٌ ومَنَاحٌ ومُعْطٍ ... إِذا عادَ المَسَارِحُ كالسِّباحِ وصَحَّفَ أَبو عُبيدةَ هذه الكلمةَ فرَواهَا بالجيم وضمّ السين وغلطَ في ذلك . وإِنما السُّبْجَةُ كِسَاءٌ أَسْوَدُ . واستشهد أَبو عُبيدةَ على صِحّة قولهِ بقول مالِكٍ الهُذليّ المتقدّم ذِكْرُه فصحَّف البيتَ أَيضاً . قال : وهذا البيتُ مِن قصيدةٍ حائِيَّة مَدحَ بها زُهيرَ بنَ الأَغَرِّ اللِّحْيانيّ وأَولُها :
فتىً ما ابنُ الأَغَرِّ إِذا شَتَوْنَا ... وحُبَّ الزَّادُ في شَهْرَيْ قُمَاحِ والمَسارِح : المَواضِعُ الّتي تَسرحُ إِليها الإِبلُ . فشبَّهها لمّا أَجدبَتْ بالجُلودِالمُلْسِ في عَدمِ النَّبَاتِ . وقد ذكر ابنُ سِيده في ترجمة " سبج " بالجيم ما صورته : والسِّباجُ : ثيابٌ من جُلود واحدُها سُبْجَة وهي بالحاءِ أَعْلَى على أَنه أَيضاً قد قال في هذه الترجمة : إِن أَبا عبيدةَ صَحَّف هذه الكلمة ورواها بالجيم كما ذكَرناه آنقاً . ومن العَجَب وُقُوعُه في ذلك مع حِكايته عن أَبي عبيدةَ أَنه وقع فيه اللّهمّ إِلاّ أَن يكون وَجَدَ نَقْلاً فيه . وكان يَتعيَّنُ عليه أَنه لو وجد نَقْلاً فيه أَنْ يَذكُرَه أَيضاً في هذه التَّرجمةِ عند تخْطِئته لأَبي عُبَيْدَة ونِسْبَتِه من التُّهمَةِ والانتقادِ . وقال شَمرٌ : السِّباحُ بالحاءِ : قُمُصٌ للصِّبيانِ من جُلودٍ وأَنشد :
كأَنّ زَوَائِدَ المُهُراتِ عنها ... جَوَارِي الهِنْدِ مُرْخِيَةَ السِّبَاحِ قال : وأَمّا السُّبْجَة بضمّ السِّين والجيم : فكساءٌ أَسْوَدُ السَّبْجَة : " فَرَسٌ للنّبيّ صلَّى الله " تعالى " عليه وسلّم " معدودٌ من جُمْلةِ خَيْلهِ ذَكَره أَرْبابُ السِّيَرِ فَرَسٌ " آخَرُ لجَعفرٍ بنِ أَبي طالبِ " المُلقَّبِ بالطَّيَّارِ ذي الجَنَاحَيْن فَرَسٌ " آخَرُ لآخَرَ " . وفي حديثِ المِقْدادِ " أَنه كان يومَ بَدْرٍ على فَرَسِ يقال له سَبْحَةُ " . قال ابن الأَثير . هو من قولهم : فَرَسٌ سابِحٌ : إِذا كَان حَسَنَ مَدِّ اليَديْنِ في الجَرْيِ . قال ابن الأَثير : " سُبْحَةُ اللهِ " بالضّمّ : " جَلاَلُه " . " والتَّسْبيحُ " قد يُطْلَق ويُرَاد به " الصَّلاةُ " والذِّكْرُ والتَّحْمِيدُ والتَّمْجِيدُ . وسُمِّيَت الصَّلاةُ تَسبيحاً لأنّ التّسبيحَ تَعْظيمُ اللهِ وتَنزيهُه من كلّ سُوءٍ . وتقول : قَضَيْتُ سُبْحَتي . ورُوِيَ أَن عُمَر رضي الله عنه جَلَدَ رَجُلَيْنِ سَبَّحَا بعد العَصْرِ أَي صَلَّيَا . قال الأَعشى :
وسَبِّحْ على حينِ العَشيَّاتِ والضُّحَى ... ولا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ واللهَ فاعْبُدَايعنِي الصلاة بالصباح والمساءِ . وعليه فُسِّرَ قوله تعالى " فَسُبْحَانَ الله حِينَ تُمْسُونَ وحِين تُصْبِحُون " يأْمرُهم بالصّلاة في هذينِ الوَقْتَيْنِ . وقال الفَرّاءُ : حين تُمْسون : المَغْرِب والعشاءُ وحين تُصْبِحون صلاة الفجْر وعَشيّاً : صلاة العَصْر وحين تُظْهِرُون : الأُولَى . وقوله : " وَسَبِّحْ بِالْعشِيِّ والإِبْكارِ " أَي وصَلِّ . " ومنه " أَيضاً قوله عزّ وجلّ " فَلَوْلاَ أَنّه " كَان مِنَ المُسَبِّحِينَ " " أَراد من المُصَلِّين قبلَ ذلك . وقيل : إِنّما ذلك لأَنه قال في بطن الحوت : " لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنْت سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ " " والسَّبْحُ الفَراغُ " . وقوله تعالى : " إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحاً طَوِيلاً " إِنما يعني به فَراغاً طويلاً وتَصرُّفاً . وقال اللّيث : معناه فراغاً للنَّوْم . وقال أَبو عُبَيْدةَ : مُنْقَلَباً طويلاً . وقال المُؤرِّجُ : هو الفَرَاغُ والجِيئةُ والذَّهابُ . قال أَبو الدُّقَيْش : ويكون السَّبْح أَيضاً فَرَاغاً باللَّيْل . وقال الفَرَّاءُ : يقول : لك في النّهَار ما تَقْضِي حوائجَك . وقال أَبو إِسحاقَ مَنْ قَرَأَ سَبْخاً فمعناه قَريبٌ من السَّبْح . قال ابنُ الأَعْرَابيّ : السَّبْح : الاضطراب و " التَّصرُّف في المَعاش " . فمنْ قرَأَه أَرادَ به ذلك ومن قرأَ سَبْحاً أَرادَ رَاحةً وتَخْفيفاً لِلأَبْدان . السَّبْحُ " الحَفْرُ " . يقال : سَبَحَ اليرْبوعُ " في الأَرْضِ " إِذا حَفَرَ فيها . قيل في قوله تعالى : " إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً " أَي فراغاً للنَّوْم . وقد يكون السَّبْح باللَّيْل . والسَّبْح أَيضاً : " النَّوْمُ " نفْسُه . السَّبْح أَيضاً : " السُّكُون . و " السَّبْحُ : " التَّقلُّبُ والانْتشارُ في الأَرض " والتَّصرُّفُ في المَعَاشِ فكأَنّه " ضِدٌّ . و " السَّبْح : " الإِبْعادُ في السَّيْرِ " . قال ابن الفَرَج : سمعتُ أَبا الجَهْمِ الجَعْفَريَّ يقول : سَبَحْتُ في الأَرْضِ وسَبَخْتُ فيها إِذا تَبَاعَدْت فيها . السَّبْح : " الإِكْثَارُ من الكَلامِ " . وقد سَبَحَ فيه إِذا أَكْثَر . عن أَبي عَمْر : " كِسَاءٌ مُسبَّحٌ كمُعَظَّمٍ : قَوِيٌّ شَديدٌ " . وعنه أَيضاً : كساءٌ مُسَبَّحٌ : أَي مُعرَّضٌ وقد تقدّم في الجيم . السَّبّاحُ " ككَتّانٍ : بَعيرٌ " على التَّشْبِيه . والسَّبّاح : جَوادٌ مَشْهُورٌ . سَبَاحٌ " كسَحَابٍ : أَرْضٌ عند مَعْدِن بني سُلَيمٍ " مَلْسَاءُ ؛ ذكَرَه أَبو عُبَيدٍ البَكريّ في مُعْجَمه . من المجاز : " السَّبُوح " كصَبورٍ " فَرَسُ رَبيعةَ بنِ جُشَمَ " على التَّشبيهِ . وفي شَواهد التَّلْخِيص :
وتُسْعِدني في غَمْرةٍ بعدَ غَمْرةٍ ... سَبُوحٌ لها مِنْها عليها شَواهِدُ " وسَبُوحَةُ " بفتح السِّين مخفَّفة : " مَكّةُ " المشرَّفةُ زِيدت شَرَفاً " أَو وَادٍ بعَرَفات " وقال يَصف نُوقَ الحَجِيجِ :
خَوارِجُ من نَعْمانَ أَو مِن سَبُوحَةٍ ... إِلى البيْتِ أَو يخْرُجْنَ مِن نَجْدِ كَبَكَبِ المُسَبِّح " كمُحَدِّث اسمٌ " وهو المُسَبِّحُ بنُ كعبِ بنِ طَرِيفِ ابن عُصُرٍ الطائي وولده عمرٌو أَدرك النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلّم وكان مِن أَرْمَى العربِ وذَكَرَه امرؤُ القَيْس في شِعْرِه " :
" رُبَّ رامٍ من بنِي ثُعَلٍوبنو مُسَبِّح : قبيلةٌ بواسِطِ زَبِيدَ يُواصِلُون بَنِي النّاشرِيّ ؛ كذا في أَنساب البشر . " والأَمير المُخْتَار " عِزّ المُلْك " محمّد بن عُبيدِ الله " بن أَحمد " المُسبِّحيّ " الحرّانيّ : أَحد الأُمراءِ المِصريّين وكُتّابِهم وفَضلائهم كان على زِيِّ الأَجْنَادِ واتَّصل بخِدْمة الحاكمِ ونال منه سعادةً . و " لهُ تَصَانيفُ " عَديدةٌ في الأَخبارِ والمُحاضرةِ والشُّعراءِ . من ذلك كتابُ التَّلويح والتَّصْريح في الشِّعر مائةُ كُرَّاس ؛ ودَرْك البُغْيةِ في وَصْفِ الأَديانِ والعِبَادَاتِ في ثلاثةِ آلافٍ وخَمْسِمائةِ وَرقَة ؛ وأَصْنافُ الجِمَاع أَلفٌ ومائتا ورقة والقضايا الصّائبة في معاني أَحْكامِ النُّجُوم ثلاثةُ آلافِ وَرَقَة ؛ وكتاب الرّاح والارتياح أَلْفُ وخمسمائةِ وَرَقَةٍ ؛ وكتاب الغَرَقِ والشَّرق فيمن مات غرقاً أَو شرقاً مائتا وَرَقَةٍ ؛ وكتاب الطعام والإِدام أَلْف ورقةٍ ؛ وقِصَص الأَنبياءِ عليهم السلامُ أَلفُ وخمسمائةِ وَرَقَةٍ ؛ وجُونَة المَاشِطة يَتضمَّن غرائبَ الأَخبارِ والأَشعارِ والنَّوادر أَلْفٌ وخَمسمائةِ وَرَقَةٍ ؛ ومُخْتار الأَغاني ومعانيها وغير ذلك . وتولّي المِقْيَاسَ والبَهْنَسا من الصّعيد . ثم تَولَّى دِيوَانَ التَّرْتيب . وله مع الحاكم مَجالسُ ومُحاضرات . وُلد سنة 366 وتوفي سنة 420 . أَبو محمد " بركَةُ بن عَليّ بن السّابِح الشُّرُوطِيّ " الوكيل له مُصَنَّف في الشُّرُوط تُوُفِّي سنة 650 ؛ " وأَحمد بن خلفٍ السَّابِحُ " شيخٌ لابن رِزْقوَيْهِ ؛ " وأَحمد بن خلَفِ بنِ محمّد " أَبو العبّاس روَى عن أَبيه وعن زكَريّا بن يحيى بن يعقوب وغيرهما كَتب عنه عبدُ الغنيّ الأَزديّ ؛ " ومحمد بن سعيد " ويقال : سعد عن الفُضَيل بنِ عِياضٍ ؛ " وعبدُ الرحمن بن مُسْلِمٍ " عن مُؤَمّل ابن إِسماعيل ؛ " ومحمدُ بنُ عُثمانَ البُخَارِيّ " قال الذّهبيّ : هو أَبو طاهر ابن أَبي بَكْرٍ الصّوفيّ الصّابونيّ روَى عنه السّمعانيّ وابنه عبد الرحمن تُوفِّي سنة 555 ، وأَخوه أَبو حَفْص عُمَرُ بنُ عُثْمَانَ حَدَّثَ " السُّبَحِيّون بالضّمّ وفتح الباءِ مُحدِّثون " وضَبط السّمعانيّ في الأَخير بالخَاءِ المعجمة وقال : كأَنّه نُسِبَ إِلى الدّباغ بالسَّبخَةِ . ومما يستدرك عليه : التَّسْبيحُ : بمعنى الاسْتِثْنَاءِ . وبه فُسِّرَ قوله تعالى : " أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلاَ تُسَبِّحُونَ " أَي تَسْتَثْنُون وفي الاستثناء تَعظيمُ اللهِ تعالى والإِقرارُ بأَنّه لا يَشَاءُ أَحدٌ إِلا أَنْ يَشاءَ الله فوضَع تنزيهَ اللهِ مَوْضِعَ الاستثناءِ . وهو في المصباح واللسان . ومن النّهَايَة : " فأَدخَلَ إِصْبَعيْه السبّاحَتَيْنِ في أُذُنيْه " . السَّبّاحة والمُسَبِّحَة : الإِصبعُ الّتي تَلِي الإِبهامَ سُمِّيَت بذلك لأَنها يُشارُ بها عند التَّسْبِيح . وفي الأَساس : ومن المَجَاز : أَشار إِليه بالمُسَبِّحة والسَّبّاحة . وسَبَح ذكْرُك مَسابِحُ الشَّمْسِ والقَمر . وفلانٌ يَسْبَحُ النَّهَارَ كلَّه في طَلَبِ المَعَاشِ . انتهى . والسُّبْحَة بالضّمّ : القِطْعَة من القُطْن