تَبِعَهُ كفَرِحَ يَتْبَعُهُ تَبَعاً مُحَرَّكَةً وَتَبَاعَةً كسَحَابَةٍ : مَشَى خَلْفَهُ أَوْ مَرَّ به فمَضَى مَعَهُ يُقَالُ : تَبعَ الشَّيْءَ تَبَاعاً فِي الأَفْعَالِ . وتَبِعَ الشَّيْءَ تُبُوعاً : سارَ في إِثْرِهِ
والتَّبِعَةُ كَفَرِحَةٍ وكِتَابَةٍ : الشَّيْءُ الَّذِي لك فيه بُغْيَةٌ شِبْهُ ظُلاَمَةٍ ونَحْوِها كما في العُبَابِ والتَّهْذِيب . وفي اللّسَانِ : ما اتَّبَعْتَ به صاحِبَكَ من ظُلامَةٍ ونَحْوِهَا . ويُقَالُ : ما عَلَيْه من اللهِ في هذَا تَبِعَةٌ ولا تِبَاعَةٌ ومِنْهُ الحَدِيثُ : ما المالُ الَّذِي لَيْسَ فِيه تَبِعَةٌ مِنْ طالِبٍ ولا مِنْ ضَيْفٍ يريد بالتَّبِعَةِ ما يَتْبَعُ المالَ مِنْ نَوَائبِ الحُقُوقِ وهو من : تَبِعْتُ الرَّجُلَ بحَقِّي . وقالَ الشاعِرُ :
أَكَلَتْ حَنِيفَةُ رَبَّهَا ... زَمَنَ التَّقَحُّمِ والمَجَاعَهْ
لَمْ يَحْذَرُوا مِن رَبِّهِمْ ... سُوءَ العَوَاقِبِ والتِّبَاعَهْ والتَّبِعَاتُ التِّباعَاتُ : ما فيه إِثْمٌ يُتْبَعُ به قَالَ وَدّاكُ بنُ ثُمَيْلٍ :
هِيمٌ إِلى الموت إِذا خُيِّروا ... بَيْنَ تِبَاعاتٍ وتَقْتَالِ والتَّبَعُ مُحَرَّكَة : التَّابِعُ يَكُونُ وَاحِداً وجَمْعاً ومِنْهُ قُوْلَهُ تَعَالَى : " إِنّا كُنّا لَكُمْ تَبَعاً " يَكُونُ اسْماً لجَمْعِ تابِعٍ ويَكُونُ مَصْدَراً أَي ذَوِي تَبَعٍ . وج : أَتْبَاعٌ . وقالَ كُرَاع : جَمْعُ تابِعٍ . ونَظِيرُهُ : خَادِمٌ وخَدَمٌ وطَالِبٌ وطَلَبٌ وغَائِبٌ وغَيَبٌ وسَالِفٌ وسَلَفٌ ورَاصِدٌ ورَصدٌ ورائِح ورَوَحٌ وفَارِطٌ وفَرَطٌ وحَارِسٌ وحَرَسٌ وعَاسِسٌ وعَسَسٌ وقافِلٌ من سَفره وقَفَلٌ وخَائِلٌ وَخَوَلٌ وخَابِلٌ وخَبَلٌ وهو الشَّيْطَانُ وبَعِيرٌ هامِلٌ وهَمَلٌ وهو الضّالُّ المُهْمَلُ فكُلُّ هؤلاءِ جَمْعٌ . وقالَ سيبَوَيْه : إِنَّهَا أَسْماءٌ لِجَمْعٍ وهو الصَّحِيحُ . والتَّبَعُ أَيْضاً : قَوَائمُ الدَّابَّةِ وأَنْشَدَ سِيبَوَيهِ لأَبِي كاهِلٍ اليْشَكُرِيّ :
يَسْحَبُ اللَّيْلُ نَجُوماً طُلَّعاً ... فتَوَالِيها بَطِيئاتُ التَّبَعْ ويُرْوَى : ظُلَّعاً . وقَالَ أَبو دُوَادٍ يَصِفُ الظَّبْيَةَ :
وقَوَائِمِ تَبَعٌ لَهَا ... مِنْ خَلْفِهَا زَمَعٌ زَوَائِدْ وفي التَّهْذِيب عن اللَّيْثُ : التَّبَعُ : ما تَبِعَ أَثَرَ شَيْءٍ فهو تَبَعُهُ وأَنْشَدَ لَهُ يَصِفُ ظَبْية :
وقَوَائمٌ تَبَعٌ لهَا ... من خَلْفِهَا زَمَعٌ مُعَلَّق قال الصّاغَانِي : الرَّوَايَة :
وقُوَائمٌ خُذُفٌ لَهَا ... مِنْ فَوْقِها . . وخُذُفٌ أَي تَخْذِفُ الحَصَى . وقَوْلُهُ يَصِفُ ظَبْيَةً غَلَطٌ وإِنَّمَا يَصِفُ ثَوْراً
والتُّبُّعُ بضَمَّتَيْن مُشَدَّدة الباءِ وكَذلِكَ التُّبَّع كسُكَّرٍ : الظِّلُّ سُمِّيَ به لأَنَّهُ يَتْبَعُ الشَّمْسَ حَيْثُمَا زَالَتْ وبهما رُوِيَ قَوْلُ سُعْدَى الجُهَنِيَّةِ تَرْثِي أَخاها أَسْعَدَ :
يَرِدُ المِيَاهَ نَفِيضَةً وحَضِيرَةً ... وِرْدَ القَطَاةِ إِذا اسْمَأَلَّ التُّبَّعُ اسْمِئْلالُهُ : بُلُوغُهُ نِصْفَ النَّهَارِ وضُمُورُهُ . قَال أَبُو لَيْلَى : لَيْسَ الظِّلُّ هُنَا ظِلَّ النَّهَار إِنَّمَا هو ظِلُّ اللَّيْلِ . قالَ اللهُ تَعَالَى : " أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ " والظِّلُّ هو اللَّيْلُ في كَلامِ العَرَبِ . أَرَادَتْ أَنّ هذا الرَّجُلَ يَرِدُ المِيَاهَ بالأَسْحَارِ قَبْلَ كُلِّ أَحِدٍ وأَنْشَدَ :
قَدْ صَبَّحَتْ والظِّلُّ غَضُّ مَا زَحَلْ ... وحَاضِرُ الماءِ هُجُودٌ ومُصَلْ قالَ : والتُّبَّع : ظِلُّ النَّهَارِ واشْتُقَّ هذا مِن ظِلِّ اللَّيْلِ
وتَبَعَةٌ مُحَرَّكَة وتَقَدَّمَ أَنَّ أَبا عُبَيْدٍ البَكْرِيّ ضَبَطَهُ بِفَتْحِ الباءِ المُوَحَّدَةِ وسُكُونِ التَّاءِ المُثَنّاةِ الفَوْقِيَة ومِثْلُه في مُعْجَمِ ياقُوتٍ نَقْلاً عن الأَصْمَعِيِّ وقَدْ صَحَّفَهُ الصّاغَانِيّ وقَلَّدَهُ المُصَنِّفُ . قال الأَصِمَعِيُّ : هي هَضْبَةٌ بجِلْذَانَ من أَرْضِ الطّائفِ فيها نُقوبٌ كُلُّ نَقْبٍ قَدْرُ ساعَةٍ كانَتْ تُلْتَقَطُ فِيهَا السُّيُوفُ العَادِيَّةُ والخَرَزُ وساكِنُوها بَنُو نَصْرِ بنِ مُعَاوِيَةَ
والتّابِعُ والتّابِعَةُ : الجِنِّيُّ والجِنِّيَّةُ يَكُونَانِ مع الإِنْسَانِ يَتْبَعَانِهِ حَيْثُ ذَهَبَ . ومنه حَدِيثُ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عنه : أَوَّلُ خَبَرٍ قَدِمَ المَدِينَةَ امْرَأَةٌ لها تَابعٌ فجاءَ في صُورَةِ طائرٍ حَتَّى وَقَعَ فقالَتْ : انْزِلْ قالَ : إِنَّهُ ظَهَرَ بمَكَّةَ نَبِيٌّ حَرَّمَ الزِّنَا ومَنَعَ مِنّا القَرَارَ . والتابِعُ هُنَا : جِنِّيٌّ يَتْبَعُ المَرْأَةَ يُحِبُّهَا . والتّابِعَةُ : تَتْبَعُ الرَّجُلَ تُحِبُّه
وقِيلَ : التّابِعَةُ : الرَّئِيُّ من الجِنِّ وإِنَّمَا أَلْحَقُوا الهاءَ للمُبَالَغَةِ أَوْ لتَشْنِيعِ الأَمْرِ أَو عَلَى إِرادَةِ الدّاهِيَة والجَمْعُ : التَّوَابعُ وهُنَّ القُرَنَاءُ . وتَابِعُ النَّجْمِ : اسْمُ الدَّبَرَانِ وسُمِّيَ به تَفاؤُلاً وفي العُبَابِ : تَطَيُّراً مِنْ لَفْظِهِ قال الأَزْهَرِيّ : وسَمِعْتُ بَعْضَ العَرَبِ يُسَمِّى الدَّبَرانَ تُوَيْبِعاً بالتَّصْغِيرِ . وقَالَ ابنُ بَرِّيّ : ويُقَالُ له : الحادِي والتَّالِي وأَنْشَدَ لِمُهَلْهِلٍ :
كَأَنّ التّابِعَ المِسْكِينَ فيها ... أَجِيرُ في حُدَايَاتِ الوَقِيرِ ويُسَمَّى الدَّبَرانُ أَيْضاً تُبَّعاً كسُكَّرٍ قَالَهُ أَبو سَعِيدٍ الضَّرِيرُ : وبه فُسِّرَ بَيْتُ سُعْدَى الجُهَنِيّة وقالَ : إِنَّما سُمِّىَ به لإتِّباعِه الثُّرَيَّا . قالَ الأَزْهَرِيُّ : وما أَشْبَهَ ما قَالَهُ بالصُّوابِ لأَنَّ القَطَا تَرِدُ المِيَاهَ لَيْلاً وقَلَّمَا تَرِدُ نَهَاراً ولذلِكَ يُقَالُ : أَدَلُّ مِن قَطَاةٍ ويَدُلُّ عَلَى ذلِكَ قَوْلُ لَبِيدٍ :
فوَرَدْنَا قَبْلَ فُرَّاطِ القَطَا ... إِنَّ مِنْ وِرْدِيَ تَغْلِيسَ النَّهَلْ والتَّبِيعُ كأَمِيرٍ : النَّاصِرُ تَقُولُ : وَجَدْتُ علَى فُلانٍ تَبِيعاً أَيْ نَصِيراً مُتَابِعاً . نَقَلَهُ اللَّيْثُ
والتَّبِيعُ : الَّذِي لك عَلَيْهِ مَالٌ وتَتَابِعُهُ أَي تَطَالِبُه به
والتَّبِيعُ أَيْضاً : التَّابِعُ ومنه قَوْلُه تَعالَى : " ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً " قَالَ الفَرّاءُ : أَيْ ثَائراً ولا طَالِباً بالثَّأْرِ . وقالَ الزَّجَّاجُ : مَعْنَاهُ لا تَجِدُوا مَنْ يَتْبَعُنَا بإِنْكَارِ مَا نَزَلَ بِكُمْ ولا يَتْبَعُنَا بِأَنْ يَصْرِفَه عَنْكُمْ وقِيلَ : تَبِيعاً : مُطَالِباً . والتَّبِيعُ : وَلَدُ البَقَرَةِ في الأُولَى ثُمَّ جَذَعٌ ثُمَّ ثَنِيٌّ ثُمَّ رَبَاعٌ ثُمَّ سَدِيسٌ ثم سَالِغٌ قالَهُ أَبُو فَقْعَسٍ الأَسَدِيُّ وهي بِهَاءٍ
وقالَ اللَّيْثُ : التَّبِيعُ : العِجْلُ المُدْرِكُ لأَنَّهُ يَتْبَعُ أُمَّهُ بَعْدُ . قالَ الأَزْهَرِيّ : وهذا وَهَمٌ لأَنَّهُ يُدْرِكُ إِذا أَثْنَى أَي صَارَ ثَنِيّاً . والتَّبِيعُ من البَقَرِ يُسَمَّى تَبِيعاً حِينَ يَسْتَكْمِلُ الحَوْلَ ولا يُسَمَّى تِبِيعاً قَبْلَ ذلِكَ فإِذَا اسْتَكْمَلَ عَامَيْنِ فهو جَذَعٌ . فإِذا اسْتَوْفَى ثَلاَثَةَ أَعْوَامٍ فهو ثَنِيٌّ وحِينَئِذٍ مُسِنٌّ والأُنْثَى مُسِنَّةٌ وهي الَّتِي تَؤْخَذُ في أَرْبَعِينَ مِن البَقَرِ . قُلْتُ : وسَيَأْتِي البَحْثُ في ذلِكَ في س ل غج : تِبَاعٌ وتَبَائعُ كصِحَافٍ وصَحَائفَ . وفي العُبَابِ : مِثْلُ أَفِيلٍ وإِفَالٍ وأَفائِلَ عن أَبي عَمْروٍ والَّذِي في اللِّسَان : جَمْعُ تِبِيعٍ أَتْبِعَةٌ وأَتابِعُ وأَتَابِيعُ كلاهُمَا جَمْعُ الجَمْعِ والأَخِيرَةُ نَادِرَةٌ
والتَّبِيعُ : الَّذِي اسْتَوَى قَرْناهُ وأُذُنَاهُ . قالَهُ الشَّعْبِيُّ قالَ ابنُ فارِسٍ : هذا من طَرِيقَةِ الفُتْيَا لا مِن القِيَاسِ في اللُّغَة . وتَبِيعٌ : وَالِدُ الحَارِثِ الرُّعَيْنِي الصَّحابِيِّ رَضِيَ اللهُ عنهُ هكَذَا ضَبَطَهُ ابنُ مَاكُولاَ كأَمِيرٍ . قالَ الذَّهَبِيّ : لَهُ وِفَادَةٌ وشَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ أَو هو تُبَيْعٌ كزُبَيْرٍ . وقالَ ابنُ حَبِيب : هو الحَارِثُ بن يُثَيْعٍ بضم الياءِ التَّحْتِيَّة وفَتْح الثاءِ المُثَلَّثِةِ مُصغَّراً كتُبَيْعِ بنِ عامِرٍ الحِمْيَرِيّ وهو ابن امرأَةِ كَعْبِ الأَحْبَارِ من المُحَدِّثِينَ وقد سَبَقَ له في ح ب ر أَنَّه لا يُقَالُ كَعْبُ الأَحْبَار وإِنَّمَا يُقَالُ كَعْبُ الحَبْرِ وقد غَفَلَ عَنْ ذلِكَ . وتُبَيْعِ بنِ سُلَيْمَانَ أَبِي العَدَبَّسِ المُحَدِّث وهو المَعْرُوفُ بالأَصْغَرِ سَمَّاهُ أَبُو حاتِمٍ هكَذَا مَرَّةً وقالَ مَرَّةً أُخْرَى : لا يُسَمَّى ويَرْوِي عَن أَبِي مَرْزُوقٍ وعَنْهُ أَبُو العَدَبَّسِ وقد تَقَدَّمَ ذِكْرُه في ع د ب س وهُنَاكَ لَمْ يُذْكَر إِلاَّ أَبا العَدَبَّس الأَكْبَرَ ولَوْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا كانَ أَحْسَنَ . فراجِعْهُ
والتَّبَابِعَةُ هكَذا بِباءَيْنِ مُوَحَّدَتَيْنِ : مُلُوكُ اليَمَنِ ويُوجَدُ في بَعْضِ النُّسَخِ : التَّتابَعَةُ بتاءَيْنِ فَوْقَيِّتَيْن وهو غَلَطٌ الوَاحِدُ تُبَّعٌ كسُكَّرٍ سُمُّوا بذلِكَ لأَنَّهُ يَتْبَعُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً كُلَّمَا هَلَكَ وَاحِدٌ قامَ مَقَامَهُ آخَرُ تَابِعاً له على مِثْلِ سِيرَتِهِ وزَادُوا الهاءَ في التَّبَابِعَةِ لإِرادَةِ النَّسَبِ
وقَوْلُه تَعالَى : " أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمٌ تُبَّعٍ " قالَ الزَّجّاج : جاءَ في التَّفْسِيرِ أَنَّ تُبَّعاً كانَ مَلِكاً من المُلُوكِ وكانَ مُؤْمِناً وأَنَّ قَوْمَهُ كانُوا كافِرِينَ وجاءَ أَيْضاً أَنَّهُ نُظِرَ إِلَى كِتَابٍ عَلَى قَبْرَيْنِ بنَاحِيَةِ حَمْيَرَ : هذا قَبْرُ رَضْوَى وقَبْرُ حُبَّى ابْنَتَيْ تُبَّعٍ لا تُشْرِكان بِاللهِ شَيْئاً . وفي الحَدِيثِ لا تَسُبُّوا تُبَّعاً فإِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ كَسَا الكَعْبَة وقِيلَ : اسْمُه أَسْعَدُ أَبُو كَرِبٍ . وقالَ اللَّيْثُ : التَّبَابِعَةُ في حِمْيَرَ كالأَكاسِرَةِ في الفُرْسِ والقَيَاصِرَةِ في الرُّومِ ولا يُسَمَّى به إِلاَّ إِذا كَانَتْ هكَذَا في النُّسَخ ونَصُّ العَيْنِ : دَانَتْ لَهُ حِمْيَرُ وحَضْرَمَوْتُ وزادَ غَيْرُه : وسَبَأٌ وإِذا لَمْ تَدِنْ لَهُ هاتانِ لَمْ يُسَمَّ تُبَّعاً
ودَارُ التَّبَابِعَةِ بِمَكَّةَ مَعْرُوفَةٌ وهي الَّتِي وُلِدَ فِيها النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْه وسَلَّم كما في العُبَابِ
والتُّبَّعُ كسُكَّرٍ : الظِّلُّ لأَنَّهُ يَتْبَعُ الشَّمْسَ وهذِهِ هي اللُّغَةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي أَشَرْنَا إِلَيْهَا قَرِيباً ولَوْ ذَكَرَهُمَا في مَوْضِعٍ وَاحِدٍ كَانَ أَصْنَعَ وهكَذَا رُوِيَ بَيْتُ سُعْدَى الجُهَنِيَّةِ الَّذِي تَقَدَّم ذِكْرُهُ
ومِنَ المَجَازِ : التُّبَّع : ضَرْبٌ من اليَعَاسِيبِ أَعْظَمُها وأَحْسَنُهَا ج : التَّبَابِيعُ نَقَلَهُ اللَّيْثُ ويُقَالُ مِنْ ذلِكَ : تَبِعَت النَّحْلُ تُبَّعَهَا أَيْ يَعْسُوبَها الأَعْظَم تَشْبِيهاً بِأْولئِكَ المُلُوكِ ووَقَعَ في اللِّسَانِ : والجَمْعُ التَّبَابِعُ . وقالَ ابنُ عبّادٍ : يُقَالُ : ما أَدْرِي أَيُّ تُبَّعٍ هُوَ ؟ أَيْ أَيُّ النّاسِ هووأَبو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيدٍ التُّبَّعِيّ : مُحَدِّثٌ روَى عن القاسِمِ بن الحَكَمِ وعنه زَنْجَوَيْه بنُ مُحَمَّدٍ اللَّبّادُ نَقَلَه الحَافِظُ . وقالَ يُونُسُ : رَجُلٌ تُبَعٌ للكَلامِ كصُرَدٍ وهو مَنْ يُتْبَعُ بَعْضَ كَلامِهِ بَعْضاً . وتَبُّوعُ الشَّمْسِ كتَنُّورٍ : رِيحٌ يُقَال لَهَا : النُّكَيْبَاءُ تهُبُّ الغَدَاةِ مع طُلُوعِهَا مِن نَحْوِ الصَّبا لا نَشَءَ معها فتَدُورُ في مَهَابِّ الرِّيَاحِ حَتَّى تَعُودَ إِلَى مَهَبِّ الصَّبَا حَيْثُ بَدَأَتْ بالغَدَاةِ . قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ : والعَرَبُ تَكْرَهُها . وتِبْعُ المَرْأَةِ بالكَسْرِ : عاشِقُها وتَابِعُهَا حَيْثُ ذَهَبَتْ . وحَكَى اللِّحْيَانِيّ : هو تِبْعُ نِسَاءٍ وهي تِبْعَتُه . وقالَ الأَزْهَرِيّ : تِبْعُ نِسَاءٍ أَيْ يَتْتَبعُهُنَّ وحِدْثُ نِسَاءٍ : يُحَادِثُهُنَّ وزِيرُ نِسَاءٍ : يَزُورُهُنَّ وخِلْبُ نِسَاءٍ : إِذا كَانَ يُخَالِبُهُنَّ
وقالَ ابنُ عَبّادٍ : بَقَرَةٌ تَبْعَى كسَكْرَى أَيْ مُسْتَحْرِمَةٌ . وأَتْبَعْتُهُم مِثْلُ تَبِعْتُهُم وذلِكَ إِذا كَانُوا سَبَقُوكَ فلَحِقْتَهَمْ نَقَلَه أَبُو عُبَيْدٍ . ويُقَالُ : أَتْبَعَهُ : إِذا قَفَاهُ وتَطَلَّبَهُ مُتَتَبِّعاً لهُ وأَتْبَعْتُهُم أَيْضاً غَيْرِي . وقَوْلُه تَعالَى : " فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعُوْنُ بِجُنُودِه " أَراد أَتْبَعَهُمْ إِيّاهُمْ . وقالَ ابنُ عَرَفَةَ : أَيْ لَحِقُهُمْ أَو كادَ ومنهُ قَوْلُه تعالَى : " فأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ " أَي لَحِقَهُ . قالَ الفَرّاء : يُقَالُ : تَبِعَهُ وأَتْبَعَهُ ولَحِقَهُ وأَلْحَقُهُ وكَذلِكَ قَوْلُه : " فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ " وقَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ : " فأَتْبَعَ سَبَباً " وفاتَّبَعَ سَبَباً بتَشْدِيدِ التَّاءِ ومَعْنَاها تَبِعَ وكانَ أَبُو عَمْروِ بنُ العَلاءِ يَقْرَؤُها بالتَّشْدِيدِ وهي قِرَاءَةُ أَهْلِ المَدِينَةِ وكانَ الكِسَائيُّ يَقْرَؤُهَا بقَطْعِ الأَلِفِ أَيْ لَحِقَ وأَدْرَكَ . قَالَ أَبو عَبَيْدٍ : وقِرَاءَةُ أَبِي عَمْروٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِن قَوْلِ الكِسَائيّ
وفي المَثَلِ : أَتْبِعِ الفَرَسَ لِجَامَهَا أَوْ أَتْبِعِ النَّاقَةَ زِمَامَها أَو أَتْبِعِ الدَّلْوَ رِشَاءَهَا كُلُّ ذلِكَ يُضَرَبُ لِلأَمْرَ باسْتِكْمَالِ المَعْرُوفِ واسْتِتْمَامِهِ وعلَى الأَخِيرِ قَوْلُ قَيْسِ ابنِ الخَطِيمِ :
" إِذا ما شَرِبْتُ أَرْبَعاً خَطَّ مِئْزَرِيوأَتْبَعْتُ دَلْوِي في السَّمَاحِ رِشَاءَهَاوقال أَبو عُبَيْدٍ : أَرَى مَعْنَى المَثَلِ الأَوّلِ : إِنَّكَ قَدْ جُدْتَ بالفَرَسِ واللِّجَامُ أَيْسَرُ خَطْباً فَأَتِمَّ الحَاجَةَ لِمَا أَنَّ الفَرْسَ لا غِنَى به عَن اللِّجَام . قالَهُ ضِرارُ بنَ عَمْروٍ الضَّبِّيُّ والَّذِي حَقَّقه المُفَضّل وغَيْرُه أَنَّ المَثَلَ لعَمْرِو بنِ ثَعْلَبَةَ قالُوا : لَمَّا أَغَارَ ضِرارٌ عَلى حَيِّ عَمْرِو بنِ ثَعْلَبَةَ الكَلْبِيِّ فأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ وسَبَى ذَرَارِيَّهم وسارَ بالغَنَائمِ والسَّبْيِ إِلَى أَرْضِ نَجْدٍ ولَمْ يَحْضُرْهُمْ عَمْرو أَي لم يَشْهَدْ غارَةَ ضِرَارٍ عَلَيْهِمْ فحَضَرَ أَيْ قَدِمَ علَى قَوْمِهِ فقيلَ لَهُ : إِنَّ ضِرَارَ بنَ عَمْروٍ أَغارَ على الحَيِّ فَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ وذَرَارِيَّهُمْ فتَبِعَهُ عَمْروٌ فلَحِقَه قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلى أَرْضِهِ فَقَالُ عَمْروُ بنُ ثَعْلَبَةَ لضِرَارٍ : رُدَّ عَلَيَّ أَهْلِي ومَالِي . فرَدَّهُمَا عَلَيْه فَقَالَ : رُدَّ عَلَيَّ قِيَانِي فَرَدَّ عَلَيْه قَيْنَتَه الرائعَةَ وحَبَسَ ابْنَتَهَا سَلْمَى بِنْتَ عَطِيَّة بنِ وائلٍ . فقَالَ له حِينَئذٍ : يا أَبا قَبِيصَةَ أَتْبِعِ الفَرَسَ لِجَامَهَا . وكانَ المُفَضَّلُ يَذْكُرُ أَنّ المَثَلَ لعَمْرِو بنِ ثَعْلَبَةَ الكَلْبِيّ أَخِي عَدِيّ بنِ جَنَابٍ الكَلْبِيّ وكان ضِرارُ بنُ عَمْروٍ الضَّبِّيُّ أِغَارَ عَلَيْهُمْ فَسَبَى يَوْمَئذٍ سَلْمَى بِنْتَ وَائِلٍ وكانَتْ يَوْمَئذٍ أَمَةً لعَمْرِو بن ثَعْلَبَةَ وهي أُمُّ النُّعْمَانِ ابنِ المُنْذِرِ فمَضَى بِها ضِرَارٌ مع ما غَنِمَ فأَدْرَكُهُمْ عَمْرُو بنُ ثَعْلَبَةَ وكَانَ صَدِيقاً له وقال : أُنْشِدُكَ الإِخَاءَ والمَوَدَّةَ إِلاَّ رَدَدْتَ عَلَيَّ أَهْلِي . فجَعَلَ يَرُدُّ شَيْئاً شَيْئاً حَتَّى بَقِيَتْ سَلْمَى وكانَتْ قد أَعْجَبَتْ ضِراراً فأَبَى أَنْ يَرُدَّها فقالَ عَمْروٌ : يا ضِرارُ أَتْبِعِ الفَرَسَ لِجَامَها فَأَرْسَلَها مَثَلاً
وشَاةٌ مُتْبِعٌ وبَقَرَةٌ مُتْبِعٌ وجارِيَةٌ مُتْبِعُ كمُحْسِنٍ في الكُلِّ : يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا ويُقَالُ : بَقَرَةٌ مُتْبِعٌ : ذَاتُ تَبِيعٍ وحَكَى ابنُ بَرِّيّ فيها : مُتْبِعَةٌ أَيْضاً وخَادِمٌ مُتْبِعٌ : يَتْبَعُهَا وَلَدُها حَيْثُما أَقْبَلَتْ وأَدْبَرَتْ وعَمّ بِه اللِّحْيَانِيّ فقال : المُتْبِعُ : الَّتِي مَعَهَا أَوْلاَدٌ . والإِتْبَاعُ في الكَلامِ مِثْلُ : حَسَنْ بَسَنْ وقَبِيح شَقِيح وشَيْطَان لَيْطان ونَحْوِهَا . والتَّتْبِيعُ : التَّتَبُّعُ وقال اللَّيْثُ : أَمّا التَّتْبُّع فهُوَ أَنْ يَتَتَبَّع في مُهْلَةٍ شَيْئاً بَعْدَ شَيْءٍ وفلانٌ يَتَتَبَّع مَسَاوِئَ فُلان وأَثَرَهُ ويَتَتَبَّع مَدَاقَّ الأُمُور ونَحْوَ ذلِك
والإِتْبَاعُ والاتِّباعُ الأَخِيرُ على افْتِعَالٍ كالتَّبَعِ ويُقَالُ : أَتْبَعَهُ أَيْ حَذَا حَذْوَهُ . وقَال أَبُو عُبَيْدٍ : اتَّبَعْتُهُمْ مِثْلُ افْتَعَلْتُ إِذا مَرُّوا بِكَ فمَضَيْتَ وتَبِعْتُهُمْ تَبَعاً مِثْلُه . ويُقَالُ : ما زِلْتُ أَتَّبِعُهُمْ حَتَّى أَتْبَعْتُهُمْ أَيْ حَتَّى أَدْرَكْتُهُم . وقالَ الفَرّاءُ : أَتْبَعَ أَحْسَنُ مِنَ اتَّبَعَ لأَن الإتِّباع أَنْ يَسِيرَ الرَّجُلُ وأَنْتَ تَسِيرُ وَرَاءَهُ فإِذا قُلْتَ : أَتْبَعْتُهُ فكَأَنَّكَ قَفَوْتَهُ . وقالَ اللَّيْثُ : تَبِعْتُ فُلاناً واتَّبَعْتُهُ وأَتْبَعْتُهُ سَوَاءٌ
وأَتْبَعَ فُلانٌ فُلاناً إِذا تَبِعَهُ يُرِيدُ بِهِ شَرّاً كَمَا أَتْبَعَ الشيطانُ الذي انَسَلخَ من آيات اللهِ فكان من الغاوِينَ وكما أَتْبَعَ فِرْعُوْنُ مُوسَى . ووَضَعَ القُطَامِيّ الإتباع مَوْضِعَ التَّتَبُّع مَجَازاً فقال :
وخَيْرُ الأَمْرِ ما اسْتَقْبَلْتَ مِنْهُ ... ولَيْسَ بِأَنْ تَتَبَّعَه إتِّبَاعَاً قال سِيبَوَيْهِ : تَتَبَّعَهُ إتِّبَاعاً لأَنَّ تَتَبَّعْتُ في مَعْنَى اتَّبَعْتُ . والتِّبَاعُ بالكَسْرِ : الوِلاَءُ وقَدْ تابَعَهُ عَلَى كَذا قَالَ القُطَامِيّ :
فَهُمْ يَتَبَيَّنُونَ سَنَا سُيُوفٍ ... شَهَرْنَاهُنَّ أَيّاماً تِبَاعَاًوقَوْلُ أَبِي وَاقِدٍ الحارِثِ بنِ عَوْفِ اللَّيْثيِّ رَضِيَ الله عَنْهُ : تَابَعْنَا الأَعْمَالَ فلَمْ نَجِدْ شَيْئاً أَبْلَغَ في طَلَبِ الآخِرَةِ مِن الزُّهْدِ في الدُّنْيَا أَيْ مَارَسْنَاهَا وأَحْكَمْنا مَعْرِفَتَهَا مِن قَوْلهم : تابَعَ البَارِي القَوْس : إِذا أَحْكَمَ بَرْيَهَا وأَعْطَى كُلَّ عُضْوٍ مِنْهَا حَقَّهُ قالَ أَبُو كَبِيرٍ الهُذَلِيُّ يَصِفُ قَوْساً :
وعُرَاضَةِ السِّيَتَيْنِ تُوبِعَ بَرْيُهَا ... تَأْوِي طَوَائفُهَا بعَجْسٍ عَبْهَرِ وقالَ السُّكَّرِيّ : تُوبِعَ بَرْيُهَا أَيْ جُعِلَ بَعْضُهُ يَتْبَعُ بَعْضاً
قال الصّاغَانِيُّ : ومِنْهُ أَيْضاً الحَدِيثُ : تَابِعُوا بَيْنَ الحَجِّ والعُمْرَةِ فإِنَّ المُتَابَعَةَ بَيْنَهُمَا تَنْفِي الفَقْرَ والذُّنُوبَ كما يَنْفِي الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ . وقال كُراع : قَوْلُ أَبِي وَاقِدٍ المَذْكُورُ مِن قَوْلِهِمْ : تَابَعَ فُلانٌ عَمَلَهُ وكَلاَمَهُ إِذا أَتْقَنَهُ وأَحْكَمَهُ . ويُقَالُ : تَابَعَ المَرْعَى الإِبِلَ وعِبَارَةُ اللِّسَان المَرْتَعُ المَالَ إِذا أَنْعَمَ تَسْمِينَهَا وأَتْقَنَهُ وهو مَجَازٌ : قال أَبُو وَجْزَةَ السَّعْدِيّ :
حَرْفٌ مُلَيكِيَّةٌ كالفَحْلِ تَابَعَهَا ... في خِصْبِ عَامَيْنِ إِفْرَاقٌ وتَهْمِيلُ وكُلُّ مُحْكَمٍ مُبَالغٍ في الإِحْكَامِ مُتَابَعٌ . وتَتَابَعَ : تَوَالَى قال اللَّيْثُ : تَتَابَعَت الأَشْيَاءُ والأَمْطَارُ والأَمُورُ إِذا جاءَ وَاحِدٌ خَلْفَ وَاحِدٍ عَلَى أَثَرِهِ . وفي الحَديِثِ : تَتَابَعَتْ عَلَى قُرَيْشٍ سِنُو جَدْبٍ . وقال النابِغَةُ الذُّبْيَانِيّ :
أَخَذَ العَذَارَى عِقْدَه فنَظَمْنَهُ ... مِنْ لُؤْلُؤٍ مُتَتَابِعٍ مُتَسَرِّدِ ومِنْهُ : صَامَ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ . ومِنَ المَجَازِ : فَرسٌ مُتَتَابِعُ الخَلْقِ أَيْ مُسْتَوِيه زادَ الزّمَخْشَرِيّ : مُعْتَدِلُ الأَعْضَاءِ مُتَتابِعُهَا . وقالَ حُمَيْدُ بنُ ثوْرٍ رِضِيَ اللهُ عَنْهُ :
تَرَى طَرَفَيْهِ يَعْسِلان كِلاَهُمَا ... كَمَا اهْتَزَّ عُودُ السَّأْسَمِ المُتَتابِعُ ومِن المَجَازِ : رَجُلٌ مُتَتَابعُ العِلْمِ إِذا كَانَ يُشَابِهُ عِلْمُهُ بَعْضُهُ بَعْضاً لا تَفاوُتَ فِيه
ومِن المَجَازِ : غُصْنٌ مُتَتابِعٌ إِذا كانَ مُسْتَوياً لا أُبَنَ فيه
وتتَبَّعَه : تَطَلَّبَهُ في مُهْلَةٍ شَيْئاً بَعْدَ شَيْءٍ قالُه اللَّيْثُ وقد تَقَدَّم قَرِيباً ومِنْهُ قَوْلُ زَيْدِ بنِ ثابِتٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ في جَمْعِ القُرْآنِ : فعَلِقْتُ أَتَتَبَّعُهُ من اللِّخَافِ والعُسُبِ أَيْ يَتَطَلَّبُه . ولَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى ما حَفِظَ هو وغَيْرُهُ احْتِيَاطاً لئَلاَّ يَسْقُط مِنْه حَرْفٌ لسُوءِ حِفْظِ حافِظِهِ أَو يَتَبَدَّل حَرْفٌ بغَيْرِه وهذا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الكِتَابَةَ أَضْبَطُ مِن صُدُورِ الرِّجَالِ وأَحْرَى أَلاّ يَسْقُطَ مِنْهُ شَيْءٌ
ومِمّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه : تَبَعْتُ الشَّيْءَ تُبُوعاً : سِرْتُ فِي أَثَرِهِ
وتَابِعْ بَيْنَنَا وبَيْنَهُمْ عَلَى الخَيْرَاتِ أَيْ جعلنا نَتَّبِعُهُم عَلَى ما هم عَلَيْهِ
وأَتْبَعَهُ الشَّيْءَ : جَعَلَهُ له تابِعاً . واسْتَتْبَعَه : طَلبَ إِلَيْه أَنْ يَتْبَعَهُ . والتَّابِعُ : التّالِي والجَمْعُ تُبَّعٌ وتُبَّاعٌ كسُكَّرٍ ورُمَّانٍ . واتَّبَعَ القُرْآنَ : ائْتَمَّ به وعَمِلَ بما فيه . والتَّابِعُ : الخَادِمُ ومِنْهُ قَوْلُه تَعَالَى : " أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِى الإِرْبَةِ " قالَ ثَعْلَبٌ : هُمْ أَتْبَاعُ الزَّوْجِ مِمَّنْ يَخْدُمُهُ مِثْلُ الشَّيْخِ الفانِي والعَجُوزِ الكَبِيرَةِ
والتَّبِيعُ كأَمِيرٍ : الخادِمُ أَيْضاً ومِنْهُ حَدِيثُ الحُدَيْبِيَة : كُنْتُ تَبِيعاً لطَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ
وتَبَعُ كُلِّ شَيْءٍ مُحَرَّكَةً : ما كَانَ عَلَى آخِرِه . وقالَ الأَزْهَرِيُّ : التَّبَعُ : ما تَبِعَ أَثَرَ شَيْءٍ
والمُتَابَعَةُ : التِّبَاعُ . وتابَعَهُ عَلَى الأَمْرِ : أَسْعَدَهُ عَلَيْهِ . والتِّبْع بالكَسْر : تَبِيعُ البَقَرِ والجَمْعُ أَتْبَاعٌويُقَالُ : هو تُبَّعُ نِسَاءٍ كسُكَّرٍ إِذا جَدَّ في طَلَبِهِنّ حَكَاهُ كُرَاع في كِتَابَيْه المُنْجَّدُ والمُجَرَّد
وقالَ غَيْرُهُ : هو تِبْعُ ضِلَّةٍ بالكَسْرِ : إِذا كانَ يتَتَبَّعُ النِّسَاءَ وتِبْعٌ ضِلَّةٌ على النَّعْتِ أَيْ لا خَيْرَ فِيهِ ولا خَيْرَ عِنْدَهُ عَنِ ابْنِ الأَعْرَابِيّ . وقالَ ثَعْلَبٌ : إِنَّمَا هو تِبْعُ ضِلَّةٍ مُضَافٌ
ويُقَال : أُتْبِعَ فُلانٌ بفُلانٍ أَي أُحِيل له عليه . وأَتْبَعَهُ عليه : أَحالَهُ وهو مجازٌ . ومنهُ الحَدِيثُ الظُّلْمُ لَيُّ الوَاجِدِ وإِذا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِئٍ فَلْيَتَّبِعْ معناهُ : إِذا أُحِيلَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِئٍ قادر فَلْيَحْتَلْ مِن الحوَالَةِ هكَذَا ضَبَطَهُ الخَطَّابِيّ قالَ : وأَصْحَابُ الحَدِيثِ يَرْووُنَهُ بالتَّشْدِيدِ
والمُتَابَعَةُ : المُطَالَبَةُ . وإتِّباعٌ بالمَعْرُوفِ في الآيَة هو المُطَالَبَةُ بالدِّيَة أَيْ لِصَاحِبِ الدَّمِ
والتَّبَعُ مُحَرَّكَةً : من أَسْمَاءِ الدِّبَرانِ نقَلَهُ ابنُ بَرِّيّ والزَّمَخْشَرِيّ
والتُّبَّعُ كسُكَّرٍ : ضَرْبٌ من الطَّيْرِ ويُقَالُ : هُوَ يُتَابِعُ الحَدِيثَ إِذا كانَ يَسْرُدُهُ . وقالَ الزَّمَخْشَرِيّ : إِذا كانَ يُحْسِنُ سِيَاقَهُ وهو مَجَازٌ . وتَتَابَعَتِ الإِبِلُ أَيْ سَمِنَتْ وحَسُنَتْ وهو مَجَازٌ
وتَتَابَعَ الفَرَسُ : جَرَى جَرْياً مُسْتَوِياً لا يَرْفَعُ بَعْضَ أَعْضَائهِ وهو مَجازٌ
والتَّبَاعِيُّون بالكَسْرِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ حَدَّثُوا مِنْهُمْ مُظَفَّرُ الدِّينِ عَمْرُو بنُ عَلِيّ السُّحُولِيُّ حَدَّثَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيلَ ابنِ أَبِي الضَّيْفِ اليَمَنِيّ وغَيْرِهِ وعَنْهُ وَلَدُه البُرْهَانُ إِبْرَاهِيمُ بنُ عَمْروٍ وقَدْ وَقَعَ لنا البُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ مُسَلْسَلاً بأَهْلِ اليمَنِ منْ طريق ابنِ أُخْتِهِ مُحَدِّثِ اليَمَنِ الجَمَالِ مُحَمَّد بن عِيسَى بْنِ مُطَيْرٍ الحَكَمِيّ
وكشَدّادٍ لَقَبُ أَبِي الأَمْدَادِ عَبْدَ العَزِيزِ بنِ عَبْدِ الحَقِّ المُرّاكُشِيّ المُتَوَفَّى سنَةَ تِسْعِمِائَةٍ وأَرْبَعَةَ عَشَرَ أَخَذَ عَنِ الجَزُولِيّ صاحِبِ الدّلائلِ . وقَدْ مَرَّ ذِكْرُه أَيضاً في ح ر ر
مَتَعَ النَّهَارُ كمَنَعَ يَمْتَعُ مُتُوعاً بالضَّمِّ : ارْتَفَعَ وطالَ كما في الصِّحاحِ زادَ غيرُه : وامْتَدَّ وتَعَالَى وهُوَ مجازٌ كما صَرَّحَ بهِ الزَّمَخْشَرِيُّ وأنْشَدَ الصّاغَانِيُّ لسُوَيْدٍ اليَشْكُرِيِّ :
يَسْبَحُ الآلُ على أعْلامِهَا ... وعلى البِيدِ إذا اليَوْمث مَتَعْ وهكذا أنْشَدَهُ ابنُ بَرِّيّ أيْضاً وأنْشَدَ اللَّيثُ :
وأدْرَكْنَا بها حَكَمَ بنَ عَمْروٍ ... وقَدْ مَتَعَ النَّهَارُ بِنا فَزَالا وقيلَ : مَتَعَ النَّهارُ مُتَوُعاً : إذا ارْتَفَعَ غايَةَ الارْتِفَاعِ وهو ما قَبْلَ الزَّوالِ كما في الأساسِ
ومن المَجَازِ مَتَعَ الضُّحَى وتَلَعَ : بَلَغ آخِرَ غايتهِ وهوَ عِنْدَ الضُّحَى الأكْبَرِ يُقَالُ جِئْتُه وقْتَ الضُّحَى الماتِعِ وهوَ الأكْبَر أو مَتَعَ الضُّحَى مُتُوعاً : تَرَجَّلَ وبَلَغ الغايَةَ وذلكَ عندَ أوّلِ الضُّحَى ومنه حَديثُ ابنِ عَبّاسٍ : أنّه كانَ يُفْتِي النّاسَ حَتّى إذا مَتَعَ الضُّحَى وسئِمَ... .
ومن المَجَازِ مَتَعَ بفُلانٍ مَتْعاً بالفَتْحِ ويُضَمُّ أي : كاذَبَه
ومن المَجَازِ : مَتَع السّرابُ مُتُوعاً : ارْتَفَعَ في أوّلِ النَّهارِز ومن المَجَازِ : مَتَعَ الحَبْلُ مُتُوعاً أي : أشْتَدَّ وذلك إذا جادَ فَتْلُه
ومن المَجَازِ : مَتَعَ النَّبِيذُ مُتُوعاً : إذا اشْتَدَّتْ حُمْرَتُه يُقَالُ : نَبِيذٌ : ماتِعٌ وكذلكَ خَلٌّ ماتِعٌ أي : شَدِيدانِ في الحُمْرَةِ وذلكَ إذا بَلغَا
ومن المَجَازِ : مَتَعَ الرَّجُلُ مُتُوعاً : جادَ وظَرُفَ وكَمُلَ في خِصالِ الخَيْرِ كمَتُعَ ككَرُمَ
ومن المَجَازِ : مَتَعَ بالشَّيءِ مَتْعاً بالفتْحِ : وعَلَيْهِ اقْتَصر الجَوْهَرِيُّ ومُتْعَةً بالضَّمِّ أي : ذَهَبَ بهِ يُقَالُ : لئن اشتَرَيْتَ هذا الغُلامَ لتَمْتَعَنَّ منْهُ بغُلامٍ صالحٍ أي : لتَذْهَبَنَّ بهِ نَقَله الجَوْهَرِيُّ والزَّمَخْشريُّ والصّاغَانِيُّ إلاّ أن في نصّ الجَوْهَرِيُّ لتُمَتَّعَنَّ بالتَّشْدِيدِ لأنّه أوْرَدَهُ بعدَ قَوْلهِ : والمَتَاعُ أيْضاً : المَنْفَعَةُ وما تُمُتِّعَ بهِ وقد مَتَع بهِ يَمْتَعُ مَتْعاً يُقَالُ : لئن اشْتَرَيْتَ إلى آخرِه وأنْشَدَ للمُشَعَّثِ :
تَمَتَّعْ يا مثشَعَّثُ إنَّ شيئاً ... سَبَقْتَ بهِ المَماتَ هُوَ المَتاعُ قالَ : وبهذا البَيْتِ سُمِّي مُشعَثاً
والماتِعُ : الطَّويلُ منْ كُلِّ شَيءٍ وقد مَتَعَ الشَّيءُ مُتُوعاً كما في الصِّحاحِ يُقال : جَبَلٌ ماتِعٌ أي : طَويلٌ مُرْتَفعٌ ونَخْلَةٌ ماتِعَةٌ وفي حَديثِ كَعبٍ والدَّجَّالِ : يُسَخَّرُ مَعَهُ جَبَلٌ ماتِعٌ خِلاطُه ثَرِيدٌ أي : شاهِقٌ
ومن المَجَازِ الماتِعُ : الجَيِّدُ البالِغُ في الجَوْدَةِ منْ كُلِّ شَيءٍ قالَهُ أبو عَمْروٍ وأنْشَد :
خُذْهُ فَقَدْ أُعْطِيَتَهُ جَيّداً ... قَدْ أُحْكِمَتْ صَنْعَتُه ماتعَا والماتِعُ : الفاضِلُ المُرْتَفعُ منَ المَوَازِين أو الرّاجِحُ الزّائِدُ وفي بَعْضِ النُّسَخِ : والرّاجِحُ ومنْهُ قولُ النّابِغَةِ الذُّبْيانِيِّ :
إلى خَيْرِ دِينٍ نُسْكُه قدْ عَلِمْتُه ... ومِيزانُه في سُورَةِ البِرِّ ماتِعُ قالَ الجَوْهَرِيُّ : أي : راجِحٌ زائِدٌ
قُلْتُ : وبهِ يُفَسَّرُ أيْضاً قَوْلُ حَسّانٍ رضيَ اللهُ عنه :
إنْ سابَقُوا الناسّ يوْماً فازَ سَبْقُهم ... أوْ وازَنُوا أهْلَ مَجْدٍ بالنَّدَى مَتَعُوا أي : فَضُلُوا وارْتَفَعُوا أوْ رَجَحُوا وزادُوا
والماتِعُ : الجَيِّدُ الفَتْلِ منَ الحِبَالِ والماتِعُ : الشّديدُ الحُمَرَةِ منَ النَّبيذِ والخَلِّ وقَدْ مَتَعَ مُتَوعاً في كُلِّ ذلكَ
وماتِعٌ بلا لامٍ : والِدُ كَعْبٍ الحَبْرِ وقدْ تَقَدَّمَ ذِكرهُ في حبر والمَتَاعُ : المَنْفَعَةُ ومنه حَديثُ ابنِ الأكْوَعِ : قالُوا يا رسولَ اللهِ لوْلاَ مَتَّعْتَنَا بهِ أيْ تَرَكْتَنا نَنْتَفِعُ به وبهِ فُسِّرَتِ الآيةُ ليسَ عليْكُمْ جُناح أن تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فيهَا متاعٌ لكُمْ جاءَ في التَفْسيرِ أنَّه عَنَى بها الخَرَاباتِ الّتِي يَدْخُلُها أبْناءُ السَّبيل للانْتِفَاصِ منْ بَوْلٍ أو خَلاءٍ ومَعْنَى قَوْلِه عزَّ وجَلَّ : فيها متَاعٌ لكُمْ أي مَنْفَعَةٌ لَكُمْ تَقْضُونَ فيها حَوائِجَكُمْ مُسْتَتِرينَ عن الأبْصَارِ ورُؤْيَةِ النَّاسِ فذلكَ المَتَاعُ واللهُ أعْلَم بما أرادَ
والمَتَاعُ : السِّلْعَةُ
والمَتَاعُ : الأدَاةُ ومنه الحديثُ : أنَّهُ حَرَّمَ شَجَرَ المَدِينة ورَخَّصَ في الهَشِّ ومَتاعِ النّاضِحِ أرادَ أداةَ البَعِير الّتِي تُؤْخَذُ منَ الشَجَرِ
والمَتاعُ : كُلُّ ما تَمَتَّعْتَ بهِ كذا في الصِّحاحِ زادَ غَيْرُه : منَ الحَوَائِجِ ونَصُّ اللَّيْثِ : المَتَاعُ : ما يَسْتَمْتِعُ بهِ الإْنسَانُ في حَوَائِجِه وقالَ الأزْهَرِيُّ : المَتَاعُ في الأصْلِ : كُلُّ شَيءٍ يُنْتَفَعُ بهِ ويُتَبَلَّغُ بهِ ويُتَزَوَّدُ قالَ اللَّيْثُ : والدُّنْيَا مَتاعُ الغُرُورِ أرادَ : إنَّمَا العَيْشُ مَتاعُ أيّامٍ ثُمَّ يَزُولُ أي : بَقَاءُ أيّامٍ ج : أمْتِعَةٌ كما في العَيْنِ
وقَوْلُهُ تعالَى : ابْتِغَاءِ حِلْيَةٍ أي : ذهَبٍ وفِضَّةٍ أو مَتَاعٍ أيْ : حَديدٍ وصُفْرٍ ونُحَاسٍ ورَصاصٍ كذا في العُبَابِ وتَبِعَهُ المُصَنِّف في البَصائِرِ
والمُتْعَةُ بالضَّمِّ والكَسْرِ اقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ على الضّمِّ والكَسْرِ نَقَله الصّاغَانِيُّ في التَّكْمِلَةِ : اسْمٌ لتَّمْتِيعِ كالمَتَاعِ وفي العُبابِ : المُتْعَةُ والمَتَاعُ : اسْمَانِ يَقُومَانِ مَقامَ المَصْدَرِ الحَقيقيِّ وهُوَ التَّمْتِيعُ وهو في اللِّسانِ أيْضاً هكذا قالَ ومنْهُ قولُه تعالَى : مَتَاعاً إلى الحَوْلِ غَيْرَ إخْرَاجٍ أرادَ : مَتِّعُوهُنَّ تَمْتِيعاً فوَضَعَ مَتاعاً مَوْضِعَ تَمْتِيعٍ ولذلكَ عَدّاهُ بإلى أي : انْفَعُوهُنَّ بما تُوصُونَ بهِ لَهُنَّ منْ صِلَةٍ تَقُوتُهُنَّ إلى الحَوْلِ
ومن المَجَازِ : المُتْعَةُ بالضَّمِّ : أنْ تتَزَوَّجَ امْرَأةً تَتَمَتَّعُ بها أيّاماً ثُمَّ تُخَلِّي سَبيلَها وكان ذلكَ بمَكَّةَ حَرسها الله تعالى ثلاثَةَ أيّامٍ حِينَ حَجُّوا معَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ حَرَّمَهَا اللهُ تعَالى إلى يَوْمِ القِيامَةِ كانَ الرَّجُلُ يُشارِطُ المَرْأَةَ شَرْطاً على شَيءٍ بأجَلٍ مَعْلُومٍ ويُعْطِيهَا شَيْئاً فيَستَحِلُّ بذلكَ فَرْجَها ثُمَّ يُخَلِّ سَبِيلَهَا منْ غَيْرِ تَزْويجٍ ولا طَلاقٍ كما في العُبابِ
وقالَ الزَّجاجُ في قَوْلِه تعالى في سُورَةِ النِّساءِ : فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بهِ مِنْهُنَّ فآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً هذه الآيَةُ قَدْ غَلِطَ فيها قَوْمٌ غَلطاً عَظِيماً لجَهْلِهِم باللُّغَةِ وذلك أنَّهُم ذَهَبُوا إلى قَوْلهِ : فما استَمْتَعْتُمْ بهِ مِنْهُنَّ من المُتْعَةِ الّتِي أجْمَعَ أهْلُ العِلْمِ أنَّهَا حَرامٌ وإنَّما مَعْنَى فمَا اسْتَمتَعْتُم بهِ منْهُنَّ : فما نَكَحْتُم منْهُنَّ على الشَّرِيطَةِ الّتِي جَرَى في الآيَةِ آيَةِ الإحْصَانِ : أنْ تَبْتَغُوا بأمْوالكِمْ مُحْصِنينَ أي : عاقِدينَ التَّزْويجَ أي : فما استمتعْتُم بهِ منهُنَّ على عَقْدِ التَّزْويجِ الّذِي جَرَى ذِكْره آنِفاً : فآتُوهُنَّ أجُورَهُنَّ أي : مُهُورَهُنَّ فَرِيضَةً فإن استَمْعَ بالدُّخُولِ بها آتى المَهْرَ تَامّاً وإن اسْتَمْتَعَ بعَقْدِ النِّكاحِ آتَى نِصْفَ المَهْرِقالَ الأزْهَرِيُّ : فإن احتجَّ مُحْتَجٌ من الرَّوافِضِ بما يُرْوَى عن ابْنِ عباسٍ أنّه كانَ يَرَاها حَلالاً وأنَّه كانَ يَقْرَؤُها : فما اسْتَمْتَعتم بهِ منْهُنَّ إلى أجَلٍ مُسَمَّى فالثّابتُ عِنْدَنا أنَّ ابنَ عبّاسٍ كانَ يرَاها حلالاً ثُمَّ لمّا وقَفَ على نَهْي النبيِّ صلى الله عليه وسلم رَجَع عنْ إحلالِها
ثُمَّ قالَ : وقد صحَ النَّهْيُ عن المُتْعَةِ الشَّرْطِيَّةِ من جِهَاتٍ لو لَمْ يكُنْ فيهِ إلاّ ما رُويَ عن أميرِ المؤمنينَ عليِّ بنِ ابي طالبٍ رضيَ اللهُ عنه ونَهْيهِ ابنَ عبّاسٍ عَنْهَا لكانَ كافياً وقَدْ كانَ مُباحاً في أوَّلِ الإسْلامِ ثمَّ حُرِّمَ وهو الآنَ جائِزٌ عنْدَ الشِّيعَةِ
ومن المَجَازِ أيْضاً : مُتْعَةُ الحَجِّ وهو : أن تَضُمّ عُمْرةً إلى حَجِّكَ وقد تمَتَّعْتَ وصُورَتُه : أنْ يُحْرِمَ بالعُمْرَةِ في أشْهُرِ الحَجِّ فإذا أحْرَمَ بالعُمْرَةِ بَعْدَ إهْلالِهِ شَوّالاً فقَدْ صارَ مُتَمَتِّعاً بالعُمْرَةِ إلى الحَجِّ وسُمِّيَ بهِ لأنَّهُ إذا قَدِمَ مَكَّةَ وطافَ بالبيتِ وسَعَى بينَ الصَّفَا والمَرْوةَ حَلَّ منْ عُمْرَتهِ وحَلَقَ رأسَهُ وذَبحَ نُسُكَه الواجِبَ عليهِ لتَمَتُّعِه وحَلَّ لَهُ كلُّ شَيءٍ كانَ حَرُمَ عليهِ في إحْرامِهِ منَ النِّساءِ والطِّيبِ ثمَّ يُنشئُ بعدَ ذلكَ إحْراماً جَديداً للحَجِّ وقْتَ نُهُوضِه إلى مِنىً أو قَبْلَ ذلكَ منْ غَيْرِ أنْ يجبَ عليهِ الرُّجُوعُ إلى المِيقاتِ الّذِي أنْشَأَ مِنْهُ عُمْرَتَه فذلك تَمَتُّعهُ بالعُمْرة إلى الحجِّ أي : انتْفاعُه وتَبلُّغُه بما انْتَفعَ بهِ منْ حلْقٍ وطِيبٍ وتنَظُّفٍ وقضاءِ تَفثٍ وإلمامٍ بأهلهِ إنْ كانتْ معَهُ كذا في النِّهَايَةِ
والمُتْعَةُ : ما يُتَبَلَّغُ بهِ منَ الزّادِ ويُكْسَرُ فيهما أي : في الزّادِ وعُمْرةِ الحَجِّ ج : مُتَعٌ كصُرَدٍ وعِنَبٍ فيهِ لَفٌّ ونَشْرٌ مُرَتَّبٌ
والمُتْعَةُ : بالضَّمِّ : الدَّلُو والسّقاءُ والرِّشاءُ لأنَّ كُلاً من ذلك يُتَمَتَّعُ بهِ
وقيلَ : المُتْعَةُ الزّادُ القَليلُ والبُلْغَةُ من العَيشِ لا يَخْفَى أنَّ هذا معَ قَوْلِه قَريباً : ما يُتَبَلغُ بهِ تَكرارٌ فتأمَّلْ ويَقُولُ الرَّجُلُ لصاحِبه : ابْغِني مُتْعَةً أعِيشُ بها أي أبغِ لي شَيئاً آكُلُه أو زاداً أتزَوَّدُه أو قُوتاً اقْتاتُه
ومن ذلكَ : المُتْعَةُ : ما يُتَمَتَّعُ بهِ من الصَّيْدِ والطَّعامِ والجَمْعُ : مُتَعٌ ومنْهُ قَوْلُ الأعْشى يَصِفُ مَهاةً :
حتى إذا ذَرَّ قَرْنُ الشَّمْسِ صَبَّحَها ... منْ آلِ نَبْهانَ يَبْغِي صَحْبَهُ المُتَعا أي : صَيْداً يَعِيشُونَ بهِ ويُكْسَرُ في الثَّلاثَةِ الأخِيرَةِ نَقَلَه اللَّيثُ عن بَعْضٍ والجَمْعُ : مِتَعٌ كعِنَبٍ
ومن المَجَازِ : مُتْعَهُ المَرْأةِ : ما وُصِلَتْ بهِ بَعْدَ الطَّلاقِ منْ ثَوْبٍ أو طَعَامٍ أوْ دَرَاهِمَ أو خادِمٍ منْ غَيْرَ أنْ يَكُونَ لهُ لازِماً ولكنْ سُنَّةً وقَدْمَتَّعَها تَمْتِيعاً وقَوْلُه تعالَى : ومَتِّعُوهُنَّ على المُوسِعِ قَدَرُهُ وعلى المُقْتِرِ قَدَرُه أي : أعْطُوهُنَّ ما يَسْتَمْتِعْنَ بهِ ولَيسَ بمَعْنَى زَوِّدُوهُنَّ المُتَعَ قالَه الأزْهَرِيُّ
وأمْتَعَهُ اللهُ بكذا : أبْقَاهُ ليَتَمَتَّعَ بهِ فيما يُحِبُّ منَ الانْتِفَاعِ بهِ والسُّرُورِ بمَكانِهِ وقيلَ : مَتَّعَهُ اللهُ وأمْتَعَهُ : أطالَ لَهُ الانْتِفَاعَ بهِ وهو مجازٌ وقَرَأ ابنُ عامِرٍ فأُمْتِعُهُ قَلِيلاً بالتَّخْفيفِ أي : أُوَّخِّرُهُ وقولهُ تعالى : يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً أي : يُبْقِكُمْ بَقَاءً في عافِيَةٍ إلى وَقْتِ وَفَاتِكُمْ ولا يَسْتَأْصِلْكُمْ بالعَذابِ وأنْشأهُ بالشِّينِ المُعْجَمَةِ وفي بَعْضِ النُّسَخِ بالسِّين المُهْمَلَةِ وهو صَحيحٌ أيْضاً أي : أخَّرَه إلى أنْ يَنْتَهِيَ شَبَابُه كمَتَّعَهُ تَمْتِيعاً
وأمْتَعَ عَنْهُ : اسْتَغْنَى حَكاهُ أبو عَمْروٍ عن النُّمَيْرِيِّ كما في الصِّحاحِ
وأمْتَعَ بمالِهِ : تَمَتَّعَ وهُوَ قَوْلُ أبي زَيْدٍ وأبي عَمْروٍ ونَصُّ الأوّلِ : أمْتَعْتُ بالشَّيءِ : تَمَتَّعْتُ بهِ وأنْشَدَ الرّاعِي :خَلِيطَينِ في شَعْبَيْنِ شَتَّى تَجَاوَرَا ... قَدِيماً وكانَا بالتَّفَرُّقِ أمْتَعَا وأنْشَدَ الثانِي للرّاعِي أيْضاً :
ولكِنّما أجْدَى وأمْتَعَ جَدُّهُ ... بفِرْقٍ يُخَشِّيهِ بهَجْهَجَ ناعِقُهْ أي : تَمَتَّعَ جَدُّه بفِرْقٍ منَ الغَنَمِ وخالَفَهُمَا الأصْمَعِيُّ وروَى البَيْتَ الأوَّلَ : وكانَا للتَّفَرُّقِ باللامِ يَقُول : لَيْسَ أحَدٌ يُفارِقُ صاحِبَه إلاّ أمْتَعَهُ بشَيءٍ يَذْكُرُه بهِ فكانَ ما أمْتَعَ كُلُّ واحِدٍ منْ هذيْنِ صاحِبَه أنْ فارَقَهُ ورَوَى البَيْتَ الثانِي وأمْتَعَ جَدَّهُ بالنَّصْبِ أي : أمْتَعَ اللهُ جَدَّهُ كما في الصِّحاحِ كاسْتَمْتَعَ وقالَ الفَرّاءُ : اسْتَمْتَعُوا يَقُول : رَضُوا بنَصِيبِهمْ في الدُّنْيَا منْ أنْصِبائِهِمْ في الآخِرَةِ قالَهُ في تَفْسَِيرِ قوْلِه تعالى : فاسْتَمْتَعْتُمْ بخَلاقِكُمْ وقالَ الزَّجّاجُ : في قَوْلِه تعالى : فمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بهِ مِنْهُنَّ أي انْتَفَعْتُمْ بهِ منْ وَطْئهِنَّ
ويُقَالُ : أمْتَعَ بالشَّيءِ وتَمَتَعَ بهِ واسْتَمْتَعَ : دامَ لهُ ما يَسْتَمِدُّ مِنْهُ : قالَ أبو ذُؤَيْبٍ :
مَنايَا يُقَرِّبْنَ الحُتُوفَ منَ أهْلِها ... جِهاراً ويَسْتَمْتِعْنَ بالأنَسِ الجَبْلِ وقد تَقَدَّمَ شَرْحُه في أنس
والتَّمْتِيعُ : التَّطْوِيلُ يُقَالُ : مَتُعَ الشَّيءِ : طالَ ومَتَّعَهُ غَيْرُه : طَوَّلَه نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ وأنْشَدَ للَبِيدٍ يَصِفُ نَخْلاً نابِتاً على الماءِ حتى طالَ إلى السَّمَاءِ فقالَ :
سُحُقٌ يُمَتِّعُها الصَّفَا وسَرِيُّهُ ... عُمٌّ نَواعِمُ بَيْنَهُنَّ كُرُومُ والصَّفَا والسَّرِيُّ : نَهْرَانِ بالبَحْرِينِ يَسْقِيانِ نَخِيلَ هَجَرَ
والتَّمْتِيعُ : التَّعْمِيرُ ومنْهُ قوْلُه تعالى : أفَرَأيْتَ إنْ مَتَّعْنَاهُمْ سنِينَ أي : أطَلْنا أعْمَارَهُم قالَهُ ثَعْلَبٌ وكذلك قَوْله تعالى : يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً أي يُعَمِّرْكُمْ وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ : مَتاعُ المَرْأةِ : هَنُها
ومتَعَ النَّبَاتُ : طالَ
والمَطَرُ يُمَتِّعُ الكَلأ والشَّجَرَ
والمَرْأَةُ تُمَتِّعُ صَبِيَّها أي : تَغْذُوهُ بالدَّرِّ
وخَلٌّ ماتِعٌ : بالِغٌ
وهذهِ أمْتِعَةُ فُلانٍ وأماتِعُه : جَمْعُ الجَمْعِ وحَكَى ابنُ الأعْرَابِيّ أماتِيعُ فَهُو منْ بابِ أقاطِيعَ
والمُتْعُ والمَتْعُ بالضَّمِّ والفَتْحِ : الكَيْدُ الأخِيرَةُ عنْ كُراع والأُولَى أعْلَى قالَ رُؤْبَةُ :
" مِنْ مُتْعِ أعْداءٍ وحَوْضٍ تَهْدِمُهْ . وأمْتَعَنِي بفِرَاقِه : جَعَلَ مَتاعِي فِرَاقَه وهو مجازٌ
وقولُ الفَرَزْدَقِ فيما أنْشَدَه المازِنِيُّ :
ومِنّا غَداةَ الرَّوْعِ فِتْيانُ نَجْدَةٍ ... إذا مَتَعَتْ بَعْدَ الأكُفِّ الأشَاجِعُ فَسَّرَه فقالَ : أي احْمَرَّتِ الأكُفُّ والأشَاجِعُ منَ الدَّمِ وقالَ غَيْرُهُ : أي : ارتَفَعَتْ