رَفَأَ السفينَةَ يَرْفَؤُها رَفْأً كمَنَعَ : أَدْناها من الشَّطِّ وأَرفأْتُها إذا قرَّبْتها إلى الجَدِّ من الأَرضِ وأَرفَأَتِ السفينَةُ نفسُها إِذا ما دنتْ للجَدِّ عن هشامٍ أَخي ذي الرُّمَّة والجَدُّ : ما قَرُبَ من الأَرض وقيل : هو شاطئُ النَّهْرِ وسيأْتي وفي حديث تميمٍ الدَّارِيِّ : أَنَّهم رَكِبوا البحرَ ثمَّ أَرْفَئوا إلى جزيرةٍ . قال : أَرفَأْت السفينَةَ إِذا قرَّبْتَها من الشَّطِّ وبعضهم يقول : أَرفَيْتُ بالياء قال : والأَصل الهمز وفي حديث موسى عليه السلام : حتَّى أَرْفَأَ به عند فُرْضَةِ الماءِ . وفي حديث أبي هريرة في القيامة : فتكونُ الأَرضُ كالسَّفينة المُرْفَأَةِ في البحر تَضْرِبها الأَمواجُ والموضعُ مَرْفَأٌ بالفتح ويُضَمُّ كمُكْرم واختاره الصاغانيُّ . ورَفَأَ الثَّوْبَ مهموزٌ يرفَؤُه رَفْأً : لأَمَ خَرْقَهُ وضمَّ بعضَهُ إلى بعضٍ وأَصلح ما وَهَى منه مُشتقٌّ من رَفْءِ السَّفينَةِ وربما لم يُهمز فيكون معتلاًّ بالواو جوَّزه بعضُهُم وأَغرب في المصباح فقال إنَّه يقال : رَفَيْتُ بالياء أيضاً من باب رَمَى وهو لغةُ بني كَعْبٍ وفي باب تحويل الهمزَةِ : رَفَوْتُ الثوبَ رَفْواً تُحَوَّلُ الهمزَةُ واواً كما ترى وهو رَفَّاءٌ صَنْعَتُهُ الرَّفْءُ قال غَيْلانُ الرَّبَعِيُّ :
" فهُنَّ يَغْبِطْنَ جَديدَ البَيْدَاءْ
" ما لاَ يُسَوَّى عَبْطُهُ بالرَّفَّاءْ أَراد برَفْءِ الرَّفَّاء ويقال : من اغْتابَ خَرَقَ ومن استغفر الله رَفَأ أَي خرقَ دِينَه بالاغتياب ورَفَأه بالاستغفار . ورَفَأ الرجلَ يَرْفَؤُه رَفْأً : سكَّنه من الرُّعْبِ ورَفَقَ به ويقال : رَفَوْتُ بالواو فيه أيضاً وفلانٌ يَرْفوه بأَحسنِ ما يجِدُ من القولِ أَي يُسكِّنه ويَرْفُق به ويدعو له . وفي الحديث أَنَّ رجلاً شكا إليه التَّعَزُّبَ فقال له " عَفِّ شَعْرَك " ففعل فارْفَأَنَّ أَي فسكن ما به والمُرْفَئِنُّ : الساكن . ورَفَأ بينهم : أَصلح كرَقَأَ وسيأتي . وأَرْفَأَ إليه : جَنَحَ قال الفرَّاء : أَرْفَأْتُ إليه وأَرْفَيْتُ لغتان بمعنى جَنَحْت إليه وأَرفَأَ امْتَشَطَ شَعْرَه وهو راجعٌ إلى الإصلاح وأرفا إليه : دَنا وأَدْنى السفينَةَ إلى الشطّ فسقط بهذا قولُ شيخنا والعجب كيف تعرَّض للمكان ولم يتعرَّض لأَصل الرُّباعيّ ؟ نعم لم يَذكره في محلِّه وحَابَى : تقول رَفَأ الرَّجلَ : حاباه ورافَأَني الرجلُ في البَيْعِ مُرافاةً إِذا حاباكَ فيه ورافأْتُه في البيع : حابَيْته وأَرفأَهُ : دارأَه كرَافَأَه عن ابن الأَعْرابِيّ وأَرفأَ إليه : لجأَ . وترافَؤُوا : توافَقوا وتظاهروا وترافأْنا على الأَمر تَرَافُؤاً نحو التَّمالُؤِ إِذا كانَ كَيْدُهم وأَمرُهم واحداً وتَرافأْنا على الأَمرِ : تواطَأْنا وتوافقْنا . ورَفَّأَه أَي المُمْلِكَ تَرْفِئَةً وتَرْفيئاً إِذا قال له : بالرِّفاءِ والبَنينَ أَي بالالتِئَام والاتِّفاق والبَرَكة والنَّماء وجمعِ الشَّمْلِ وحُسْنِ الاجتماع قال ابن السكِّيت : وإن شئت كانَ معناه السُّكون والهُدُوُّ والطُّمأْنينة فيكون أَصله غير الهمز من قولهم رَفَوْت الرجلَ إِذا سكَّنته وعليه قولُ أَبِي خِراشٍ الهُذلي :
رَفَوْني وقالوا يا خُوَيْلِدُ لا تُرَعْ ... فقلتُ وأَنْكرتُ الوُجُوهَ هُمُ هُمُ
يقول سكَّنوني وقال ابنُ هانئٍ يريد رَفَئوني فأَلقى الهمزَ قال : والهمزة لا تُلقى إِلاَّ في الشِّعر وقد أَلقاها في هذا البيت ومعناه أنِّي فَزِعْتُ فطارَ قلبي فضَمُّوا بَعْضي إلى بعضٍ ومنه بالرِّفاءِ والبَنينَ انتهى . وقال في موضعٍ آخر : رَفَأ أَي تزوَّج وأَصلُ الرَّفْوِ الاجتماعُ والتلاؤُمُ ونقل شيخُنا عن كتاب الياقوتة ما نصّه : في رَفَأ لغتان لمعنَيَيْنِ فمن همز كانَ معناه الالتحام والاتِّفاق ومن لم يهمز كانَ معناه الهُدُوُّ والسُّكون انتهى . قلت : واختار هذا التفرقة ابن السكِّيت وقد تقدَّمت الإشارَةُ إليه وفي حديث النبي صلّى الله عليه وسلّم أنَّه نهى أَن يُقالَ : بالرِّفاءِ والبَنينَ وإِنَّما نهى عنه كراهيةَ إحياءِ سُنَنِ الجاهلية . لأنَّه كانَ من عادتهم ولهذا سُنَّ فيه غيرُه وفي حديث شُرَيْحٍ قال له رجلٌ : قد تزوَّجت هذه المرأة قال : بالرِّفاءِ والبَنينَ . وفي حديث بعضهم أنَّه كانَ إِذا رَفَّأَ رجلاً قال : بارَكَ اللهُ عليك وبارك فيكَ وجمع بينَكُما في خَيْرٍ . ويُهمزُ الفِعْلُ ولا يهمز وفي حديث أُمِّ زَرْعٍ : كنتُ لك كأَبي زَرْعٍ لأُمِّ زَرْعٍ في الأُلفَةِ والرِّفاءِ . واليَرْفَئِيُّ كاليَلْمَعِيِّ : المُنْتَزَعُ القلبِ فَزَعاً وخوفاً وهو أيضاً راعي الغَنَم وهو العبد الأَسود الآتي ذكره واليَرْفَئِيُّ في قولِ امرئِ القيسِ الظَّليمُ النَّافِرُ الفَزِعُ قال :
كأَنِّي ورَحْلِي والقِرابَ ونُمْرُقِي ... على يَرْفَئِيٍّ ذي زَوائِدَ نِقْنِقِ واليَرْفَئِيُّ : الظَّبيُ لنشاطه وتدارُكِ عَدْوِه والقَفوز أَي النفورُ المُوَلِّي هَرَباً واسمُ عبدٍ أَسوَدَ سِنْدِيٍّ قال الشاعر :
كأَنَّه يَرْفَئِيٌّ باتَ في غَنَمٍ ... مُسْتَوْهِلٍ في سَوادِ اللَّيْلِ مَذْؤُوب ويَرْفَأُ كيَمْنَعُ : مولى عمر بن الخطَّابِ رضي الله عنه يقال إنَّه أَدركَ الجاهليَّة وحجَّ في عمر في خلافة أَبي بكرٍ رضي الله عنهما وله ذِكرٌ في الصَّحيحين وكان حاجِباً على بابه . والتركيب يدلُّ على مُوافقَةٍ وسُكونٍ ومُلاءَمَةٍ