الأرقام الرابحة
استلقى على كرسي بجسمه الثقيل. المقهى شبه فارغة.اخرج سيجارة وشرع في التدخين.عيناه تتابعان ذلك السحاب الرمادي الشفاف الى ان يتلاشى.خاطب نفسه قائلا:ان ربحت هذه المرة فسارسل ابني الى كندا..صحيح هناك زمهريروصقيع لكن سيتعود على مناخ امريكا الشمالية فقط بعد شهور.. ثم ماذا؟.. تساءل بعد ومضة قصيرة..نعم سنشتري بيتا يتكون من طابقين وسطح. لقد سئمت السكن مع الجيران واقتسام سلم الدرج عشرات المرات في اليوم بل حتى دورة المياه لم تسلم من وجودهم بها في كل وقت اريد فيه الوضوء.
تابع سلسلسة احلام يقظته بينما المقهى اخذ ت تستقبل روادها المعتادين.مر بائع -كاو كاو- بسلته المتاكلة ولا تفارق شفتيه ابتسامة خفيفة وهو يشهر على الجالسين محتوى –قفته – العتيقة.تلاه صاحب الكلمات المتقاطعة او المسهمة الذي كان يتابط رزمة من الاوراق.انها نسخ لجداول اصلية تنشر بالجرائد اليومية.
بحث عن النادل ليعيره قلم حبر.لقد كان جد مشغول بتعديل قناة فضائية بها بث مباشر ل-الديربي- الاسباني.تحسس ورقة –اللوطو- في جيبه.ثم بدا في تخميناته: 9..6..لا..3..نعم ..3..1...7..8 ام 5.؟..5..واخيرا..4.
انهى ملا ورقته بتلك الارقام وقلبه يرقص فرحا. يبدو انه جد واثق هذه المرة من ان الحظ سيكون حليفه. لم لا.؟ فالمبلغ خياليا ولم يحلم به قط:200مليون سنتيم. الان ينتظر فقط صديقه العربي ليذهبا سويا عند با ئع التبغ حيث توضع جميع التخمينات الرقمية قبل نهاية الا سبوع, موعد الاعلان عن الفائز.لقد تاخر بعض الشئ لكن لاباس سيتابع جزءا من المبارة الذي بدات اطوار شوطها الاول في تلك اللحظة.
المقهى مكتظة ولم يبق اي كرسي شاغر والكل متحمس ويترقب الى من سيؤول هذا-الديربي- .كان بالقرب منه رجل بدين من انصار و مشجعي الفريق ال-كتلوني- بين الفينة و الا خرى يقف ليهتف اويصب غضبه على احد اللا عبين الذي اهد ر فرصة التقدم على الخصم.
قبيل نهاية الشوط الاول, والعربي دائما لم يات,اعلن الحكم عن ركلة جزاء لصالح الفريق-الكتلوني-.جمهور المقهى بين مؤيد ومعا رض لقرار الحكم.لكن ما يهمه هو, هو حضور صديقه.لقد اخذ القلق يعرف طريقه الى مخيلته.و انتابه شعور بالخوف بشان هذا التا خير الغير معتاد.فالعربي يعرفه جيدا ومواعيده كانت دائما في اوانها.
اعلنت صفارة الحكم عن هدف السبق وانتفض الرجل البدين من كرسيه معبرا عن فرحته فانسكب ما تبقى في كاسه من قهوة سوداء على الطاولة ليبلل ورقة –اللوطو- ويمحو ارقاما واحلاما.غادر المقهى بعد شجار مع من كان القرب منه.
في طريق عودته الى البيت توصل برسالة قصيرة على هاتفه النقال.انه العربي الذي يعتذر عن عدم قدومه لان زوجته توفت بالمستشفى قبل ان تضع مولودها الجديد.
بقلم: عبد القدوس أيت عبد الواحد