" غَمَصَه كضَرَبَ " غَمْصاً وهي اللُّغَة الفُصْحَى . غَمِصَ مِثْلُ " سَمِعَ وفَرِح " غَمْصاً وغَمَصاً وعلى الأُوَلى اقْتَصَرَ الجَوْهَرِيّ وغيرُ وَاحِد من اللُّغَويِّين بمَعْنى " احْتَقَرَه " وَاستَصْغَرَه ولم يَرَهُ شَيْئاً " كاغْتَمَصَهُ . و " قِيلَ : غَمَصَ الرَّجُلَ إِذا " عَابَه وتَهَاوَنَ بحَقِّهِ " ؛ ومنه حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عنه أَنَّه قَالَ لِطَلْحَةَ بن عُبَيْدِ الله في عُمَرَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا : " لَئِنْ بَلَغَنِي أَنَّكَ ذَكَرْتَهُ أَو غَمَصْتَهُ بسُوءٍ لأُلْحِقَنَّكَ بِحَمَضاتِ قُنَّةَ " . وفي الصّحاح : غَمَصْتُ عَلَيْهِ قَوْلاً قَالَه أَي عِبْتُه عليه . انْتَهَى . وفي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عنه أَنَّه قال لِقَبيصَةَ بن جابِرٍ : " أَتَغْمِصُ الفُتْيَا وتَقْتُل الصَّيْدَ وأَنْتَ مُحْرِمٌ " أَي تَحْتَقِرُ الفُتْيَا وتَسْتَهِين بها . قال أَبو عُبَيْد : غَمَصَ فُلانٌ الناسَ وغَمَطَهُم وهو الاخْتِقَارُ لَهُمْ والازدِراءُ بِهِم . قال : منه غَمَصَ " النِّعْمَةَ " غَمْصاً إِذا " لَمْ يَشْكُرْها " وتَهاوَنَ بها وكَفَرَها هكذا هو في الصّحاح من حَدِّ ضَرَبَ . وفي التَّهْذِيب وديوان الأَدَب : غَمِصَ النِّعْمَةَ وغَمِطَ كِلاهُمَا بكَسْرِ المِيم وكَذلِك في حَدِيثِ مالِكِ بن مُرَارَةَ الرَّهَاوِيّ " ... إِنَّمَا ذلِكَ مَنْ سَفِه الحَقَّ وغَمَطَ النّاسَ " . وفي روايةٍ : وغَمَصَ النَّاسَ رُوِيَ بالوَجْهَيْن أَي احْتَقَرَهُمْ ولم يَرَهُمْ شَيْئاً . " وهو مَغْمُوصٌ عَلَيْه " ومَغْمُوزٌ أَي " مَطْعُونٌ في دِينِه " أَو حَسَبِه . وفي حَدِيثِ تَوْبَةِ كَعْبٍ : " إِلاَّ مَغْمُوصاً عليه النِّفَاق أَي مَطْعُوناً في دِينه مُتَّهَمَاً بالنِّفَاق . " وهو غَمُوصُ الحَنْجَرِة أَي كَذَّابٌ " عن ابن عَبَّاد . قال أَيضاً : " اليَمِينُ الغَمُوصُ بمَعْنَى " الغَمُوس " بالسّين . " والغَمَصُ " في العَيْن " مُحَرَّكة : ما سالَ مِنَ الرَّمَصِ " هكذَا في نُسَخ الصّحاح . وفي أُخْرَى : ما سالَ والرَّمَصُ : ما جَمَدَ . ورَجُلٌ أَغْمَصُ وقد " غَمِصَتِ العَيْنُ كفَرِحَ " تَغْمَص غَمَصاً " فهُوَ أَغْمَصُ " والجَمْعُ غُمْصٌ . ومنه حَدِيثُ ابن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا : " كَانَ الصِّبْيَانُ يُصْبِحُون غُمْصاً رُمْصاً " وقد تَقَدَّم شَرْحُه في " ر م ص " . وقِيلَ : الغَمَصُ شَيْءٌ تَرْمِي به العَيْنُ مِثْلُ الزَّبَد والقِطْعَةُ منه غَمَصَةٌ . وقال ابنُ شُمَيْلٍ : الغَمَصُ الّذِي يَكُونُ مِثلَ الزَّبَدِ أَبْيَضَ يكونُ في ناحِيَةِ العَيْن والرَّمَصُ الّذِي يَكُون في أُصُولِ الْهُدْبِ . " والغُمَيْصاءُ : إِحدَى الشِّعْرَيَيْنِ " ويُقَال لها أَيْضاً : الرُّمَيْصاءُ كما تَقَدَّم من مَنازِلِ القَمَرِ وهِيَ في الذِّراعِ أَحَدُ الكَوْكَبَيْنِ وأُخْتُهَا الشِّعْرَى العَبُورُ وهي الَّتِي خَلْفَ الجَوْزَاءِ . وإِنَّمَا سُمِّيَت الغُمَيْصَاءُ بهذا الاسْمِ لِصِغَرِها وقِلَّةِ ضَوْئِها مِنْ غَمَصِ العَيْن لأَنَّ العَيْنَ إِذَا غَمِصَتْ صَغُرَتْ . " ومن أَحادِيثِهِم أَنَّ الشِّعْرَى العَبُورَ قَطَعَت المَجَرَّةَ فسُمِّيَت عَبُوراً وبَكَت الأُخْرَى على إِثْرِهَا حتّى غَمِصَت " فسُمِّيَتِ الغُمَيْصاءَ . " ويُقَالُ لهَا الغَموصُ أَيْضاً " . وقال ابنُ الأَثِيرِ : الغُمَيْصاءُ هي الشِّعَرى الشّامِيَّة وأَكبر كَوْكَبَيِ الذِّرَاعِ المَقْبُوضَة . وقال ابنُ دُرَيْد : تَزْعُم العَرَبُ في أَخبارها أَنَّ الشِّعْرَيَيْنِ أُخْتَا سُهَيْلٌ وأَنَّهَا كانَت مُجْتَمِعَةً فانْحَدَرَ سُهَيْلٌ فصار يَمَانِياً وتَبِعَتْه الشِّعْرَى اليَمَانِيِّة فعَبَرَتِ المَجَرَّةَ فسُمِّيَتْ عَبُوراً وأَقامَت الغُمَيْصَاءُ مَكَانَهَا فبَكَتْ لِفَقْدِهِمَا حَتَّى غَمِصَتْ عَيْنُهَا وهي تَصْغِيرُ الغَمْصَاءِ . " والغُمَيْصَاءُ : ع " ذَكَرَه الجَوْهَرِيّ ولم يُعَيِّنْهُ . وفي اللِّسَان : قال ابنُ بَرِّيّ : قال ابْنُ وَلاّدٍ في المَقْصُور والمَمْدُودِ في حَرْف الغَيْنِ : هُوَ المَوْضِعُ الَّذِي " أَوْقَعَ فيه خالِدُ ابنُ الوَلِيدِ رَضِيَ اللهُ تَعالَى عنه ببَنِي جَذِيمَةَ " من بَنِي كِنَانَةَقالت امرأَةٌ مِنْهُم : ت امرأَةٌ مِنْهُم :
" وكائِنْ تَرَى يَوْمَ الغُمِيْصَاءِ مِنْ فَتىًأُصِيبَ وَلَمْ يَجْرَحْ وقَدْ كانَ جَارِحَا وأَنشد غَيْرُه في الغُمَيْصَاءِ أَيْضاً :
وأَصْبَحَ عَنِّي بالغُمَيْصاءِ جالِساً ... فَرِيقانِ مَسْؤُولٌ وآخَرُ يَسْأَلُ قُلْت : هو للشَّنْفَرَى . الغُمَيْصَاءُ : " اسْمُ أُمِّ أَنَسِ ابْنِ مالِكٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْه " هكَذَا في سَائِرِ الأُصُولِ ومِثْلهُ في العُبَاب . وقال شَيْخُنا : هو وَهَمٌ بل الغُمَيْصاءُ : اسمُ أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ . وأَمَّا أُمَّ أَنَسٍ فالرُّمَيْصاء كما قَالَه الحافِظُ ابنُ حَجَرٍ وغَيْرُه . وقِيلَ : هو لَقَبٌ واسْمُهَا سَهْلَةُ أَو رُمَيْلَةُ أَو مُلَيْكَةُ . وكُنْيَتُهَا أُمُّ سُلَيم كما قَالَه جَمَاعَةٌ . انتهى . قُلْتُ : وفي مُعْجَمِ الذَّهَبِيّ وابنِ فَهْدٍ : الرُّمَيْصَاءُ أَو الغُمَيْصَاء أُمُّ سُلَيْمٍ زَوْجَةُ أَبي طَلْحَة وأُمُّ أَنَسٍ كَبِيرَةُ القَدْر . وقال في الغَيْن : الغُمَيْصَاء وقِيلَ الرُّمَيْصَاء : أُمُّ سُلَيْمٍ بنتُ مِلْحَان . وقال ابنُ دُرَيْد بعد ذِكْر الشِّعْرَى الغُمَيْصَاء وبِهِ سُمِّيَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ الغُمَيْصَاء . قال ابنُ عَبَّادٍ : يُقَال : " لاَ تَغْمِص عَلَيَّ " أَي " لا تَكْذِبْ " . هكَذَا في سَائِر الأُصول . وفي العُبَاب أَي لا تَغْضَبْ . وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه : غَمَصَ اللهُ الخَلْقَ : نَقَصَهم من الطُّولِ والعَرْض والقُوَّةِ والبَطْشِ فصَغَّرَهُم وحَقَّرَهُم وقد جَاءَ ذلِكَ في حَدِيث عَليٍّ في قَتْلِ ابْنِ آدَمَ أَخَاهُ . ورَجُلٌ غَمِصٌ كَكَتِفٍ على النَّسَب أَي عَيّابٌ . وأَنا مُتَغَمِّصٌ مِنْ هذا الخَبَرِ ومُتَوَصِّمٌ وذلك إِذا كَانَ خَبَراً يُسِرُّه ويَخَافُ أَلاَّ يَكُونَ حَقّاً أَو يخَافُه ويُسرُّه